على خلفية مذكرة بنموسى المثيرة للجدل.. هل يحتاج تلاميذ المدارس المغربية إلى رياضة الغولف!؟
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
بقلم: إسماعيل الحلوتي
بغير قليل من الحكمة والتبصر وبكثير من الاستخفاف بالمسؤولية والضحك على ذقون المواطنين، وبدعوى مواصلة تنزيل خارطة الطريق 2022-2026 ولاسيما في شقها المتعلق بالارتقاء بالرياضة المدرسية، اختار مهندس النموذج التنموي الجديد ووزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، أن يدشن الموسم الدراسي الجديد 2025/2024 بإصدار مذكرة تحت رقم 24/2428 مؤرخة في 4 شتنبر 2024 للسيدات والسادة مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، تحمل موضوع: "تشجيع التلميذات والتلاميذ على ممارسة رياضة الغولف"، مشددا على تعميم فحوى هذه المراسلة على مستوى المديريات الإقليمية والمؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية.
وهي المراسلة التي استفزت عديد الأسر المغربية وأثارت حفيظتها، ولاسيما أن هذه الأسر كانت تنتظر أن تتخذ وزارة التربية الوطنية إجراءات وتدابير عملية تساهم في تيسير مرحلة الدخول المدرسي على مستوى أسعار المقررات واللوازم المدرسية ورسوم التسجيل وغيرها، والحرص على سد الخصاص الذي خلفه غياب عدد من الأساتذة المشاركين في عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى برسم سنة 2024، بدل مواجهة تحديات مطلع السنة الدراسية ب"تشجيع التلاميذ على ممارسة رياضة الغولف"، وهو ما ينطبق عليه المثل القائل "ما قدو فيل زادوه فيلة"، الذي يعد من بين أكثر الأمثال الشعبية المتداولة للتعبير عن ضعف الحكامة الجيدة وسوء التدبير للشأن العام ببلادنا.
لذلك استقبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي هذه المذكرة المثيرة للاستغراب بسخرية واستهجان. إذ كيف يعقل في وقت مازال البحث جاريا عن الوسائل الكفيلة بوضع قطار التعليم على سكته الصحيحة، أن توجه مراسلة لمدراء الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين تدعوهم إلى تشجيع التلميذات والتلاميذ الراغبين في ممارسة رياضة "الغولف" على الالتحاق بالأندية التابعة للجامعة الملكية المغربية للغولف؟ ألم يكن حريا بواضعي هذه المذكرة التفكير في تجديد البرامج والمقررات المتجاوزة، والحد من غلاء أسعارها ومختلف اللوازم المدرسية التي من شأنها شحذ الهمم والعزائم، عوض الحديث عن لعبة رياضة غالبا ما لا يتجه لممارستها عدا كبار القوم وأبنائهم، لما تتطلبه من مصاريف ضخمة، فضلا عن أنها تلعب داخل مساحات كبيرة من العشب في الهواء الطلق، تتخللها مرتفعات وحفر ضيقة ومجاري مائية؟ ثم من أين للوزارة بمعدات هذه اللعبة "البورجوازية" وملاعبها، والأساتذة المكونين أو المدربين وغير ذلك كثير، إذا ما علمنا أن آلاف التلاميذ محرومين من حصص مادة التربية البدنية، جراء افتقار مدارسهم لفضاءات رياضية خاصة، وأن آخرين منهم يضطرون إلى قطع مسافات طويلة للاستفادة منها في ملاعب خارجية؟
ترى لماذا يصر الوزير شكيب بنموسى على اتخاذ مثل هذه القرارات التي لا تعمل سوى على الرفع من منسوب الاحتقان في أوساط الشغيلة التعليمية والأسر المغربية؟ إذ أنه في الوقت الذي مازال فيه آلاف الشباب من حاملي الشهادات يطالبون بالتراجع عن قرار تسقيف سن الترشح لاجتياز مباريات ولوج سلك التعليم الذي حدد في 30 سنة، وما خلفه تعنته من هدر للزمن المدرسي استمر أزيد من ثلاثة شهور حول النظام الأساسي الجديد قبل أن يضطر إلى مراجعته تحت الضغط، يعود اليوم لاستفزاز المغاربة بتشجيع المتعلمين على ممارسة رياضة "الغولف".
فدعوة الوزير التلاميذ إلى الإقبال الكثيف على ممارسة رياضة "الغولف" عوض حثهم على المثابرة والتحصيل، التحلي بالقيم الأخلاقية الفاضلة ونبذ العنف في المدرسة وخارجها وغيره من النصائح القيمة، يجعلنا نستحضر مرة أخرى ذلك المثل الشعبي "أش خصك العريان، خصني خاتم أمولاي" والذي يعني القيام بأشياء لا تعكس احتياجاتنا الضرورية والحقيقية، كما أنها لا تستر عيوبنا.
فهذا المثل على بساطته التعبيرية يشخص لنا بشكل دقيق مدى حاجة المسؤولين إلى ترتيب الأولويات، حيث يرمز "الخاتم" هنا إلى الزينة والكماليات، فيما يجدر ب"العريان" التفكير في ملابس تستر عورته وتحفظ إنسانيته، لذلك لا يجوز تقديم "الخاتم" على الملابس بالنسبة للشخص "العريان"، حيث كان على الوزير بنموسى احترام سلم الأولويات وترتيب الحاجيات، إذا كان يسعى فعلا إلى النهوض بالمنظومة التعليمية وإعادة الإشعاع للمدرسة العمومية بما يضمن الارتقاء بالمستوى التعليمي والمعرفي لتلامذتنا.
إن الارتقاء بالرياضة المدرسية لا يعني البتة تشجيع تلاميذ مؤسساتنا التعليمية في القطاعين العام والخاص على ممارسة "رياضة الغولف"، بقدر ما يتطلب الاهتمام بمادة التربية والرياضة، التي تعتبر من ضمن المواد البيداغوجية المهمة، والانكباب على تطوير الرياضة المدرسية، من خلال تحسين بيئة ومحيط المادة من حيث الحد من اكتظاظ الأقسام وخلق أندية رياضية داخل المؤسسات التعليمية...
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: على ممارسة ریاضة ریاضة الغولف
إقرأ أيضاً:
وزارة التربية والتعليم تكشف عن أرقام صادمة لضحايا الحروب من الطلاب
أكد الدكتور أيمن بهاء الدين، نائب وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، أن تحويل المدارس إلى أهداف عسكرية من أكبر الجرائم ضد الإنسانية.
جاء ذلك خلال كلمته التي ألقاها نيابة عن محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، ضمن فعاليات المؤتمر الدولى السابع، المنعقد الآن، بأحد فنادق مدينة 6 أكتوبر، تحت عنوان: "التعليم في مناطق الصراع - التحديات والحلول- البنية التعليمية في الدول العربية"، والذى تنظمه الدولية للتربية Education International، والتي تضم في عضويتها 180 دولة.
ورحب الدكتور أيمن بهاء الدين - في بداية كلمته - بخلف الزناتي، نقيب المعلمين ورئيس اتحاد المعلمين العرب، وموغوين مالوليكي، رئيس المنظمة الدولية للتربية (جنوب أفريقيا)، وديفيد إدوارد، الأمين العام للمنظمة الدولية للتربية (الولايات المتحدة الأمريكية)، ومنال حديفة، رئيسة البنية عبر الإقليمية بمنظمة الدولية للتربية.
وألقى نائب وزير التربية والتعليم، بعض الأبيات الشعرية المقتبسة عن قصيدة لأمير الشعراء أحمد بك شوقي، والتي تعبر عن مكانة المعلم، قائلاً: "أبدأ كلمتي بأبيات لأمير الشعراء"، وهي:
قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا
كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي
يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا
سُبحانَكَ اللَهُمَّ خَيرَ مُعَلِّمٍ
عَلَّمتَ بِالقَلَمِ القُرونَ الأولى
أَخرَجتَ هَذا العَقلَ مِن ظُلُماتِهِ
وَهَدَيتَهُ النورَ المُبينَ سَبيلا
ضحايا الحرب من الطلابوقال نائب وزير التعليم، إنه “في ظل تزايد الأزمات والحروب في منطقتنا العربية، وخاصة على أرض فلسطين الحبيبة، وازدياد أعداد الأطفال والطلاب المحرومين من التعليم، تبرز الحاجة الملحة إلى تنظيم هذا المؤتمر المهم الذي يناقش عدة قضايا محورية يأتي على رأسها قضية الوصول إلى التعليم في مناطق النزاعات، واستراتيجيات التغلب عليها”.
وتابع: “مما لا شك فيه أن التعليم يُشكل في مناطق الصراع والنزاعات المسلحة أحد أكثر القضايا إلحاحا على الصعيدين الإنساني والتنموي، حيث يتأثر ملايين الأطفال والشباب بعدم قدرتهم على الوصول إلى فرص التعليم الأمن والجيد، حيث يُحرم فيها الطفل من أبسط حقوقه، وهو حقه في التعليم”.
واستطرد: “فالتعليم ليس مجرد وسيلة لاكتساب المعرفة، بل هو ضرورة إنسانية لبناء السلام، وإعادة الإعمار”.
وأضاف نائب وزير التربية والتعليم، أن الأطفال الذين يُحرمون من التعليم اليوم يمثلون الجيل الذي سيقود مستقبل مجتمعاتهم، وهم الأساس لإعادة بنائها، والطريق نحو السلام الدائم.
وأكد: “من أخطر التحديات التي تواجه التعليم في تلك المناطق الانهيار الأمني وتدمير البنية التحتية، وتحول المدارس إلى أهداف عسكرية أو استخدامها كثكنات، ومراكز احتجاز. شنه بحر البقر”.
وأشار إلى أن هناك ملايين الأطفال الذين يدفعون الثمن الأكبر، حيث تُسرق أحلامهم، ويُحرمون من حقهم في التعليم؛ نتيجة إجبارهم على مغادرة منازلهم، ومدارسهم، متنقلين بين المخيمات والملاجئ أو عبورهم حدودا دولية لا تضمن لهم حق التعليم، إما بسبب غياب الأوراق والمستندات اللازمة أو لاختلاف النظم التعليمية، فضلا عن نقص أعداد المعلمين والكوادر التربوية المؤهلة؛ نتيجة قتل بعضهم أو إجبارهم على الفرار.
ولفت إلى أن الأطفال يتعرضون في تلك المناطق لأزمات نفسية لا يمكن إغفال آثارها العميقة؛ نتيجة مشاهدة مظاهر القتل والتدمير، وهدم المنازل، والمدارس والمستشفيات، وتعرضهم الدائم للتوتر والصدمات المتتالية، ونشوء مشاعر الخوف الشديد لديهم؛ ما يؤثر سلبًا على تركيزهم، وتحصيلهم الدراسي.
وشدد نائب وزير التربية والتعليم، على أن مصر كانت ولا تزال عبر تاريخها ملاذا آمنا، ومركزا حضاريا وإنسانيا في محيطها العربي والأفريقي، مردفا: “برزت مصر في ظل ما شهده العالم في العقود الأخيرة من نزاعات مسلحة واضطرابات كإحدى الدول التي فتحت أبوابها للطلاب الوافدين من مناطق النزاع؛ إيمانًا منها بأهمية التعليم كوسيلة لإزالة آثار الحروب، وبناء مستقبل أفضل لهم”.
وذكر أنه انطلاقا من التزام مصر الثابت برعاية جميع الأشقاء، وفي ضوء توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، استقبلت المدارس المصرية عددًا كبيرًا من الطلاب الوافدين من مختلف مناطق الصراع في الشرق الأوسط، والتي تعاني من ويلات الحروب، والدمار، وتم إدماجهم مع الطلاب المصريين، وأتاحت مصر للطلاب القادمين من دول مثل: “سوريا، واليمن، والسودان، وليبيا، وفلسطين، وجنوب السودان، والصومال”، وغيرها فرضا للالتحاق بمختلف المراحل الدراسية، من التعليم الأساسي حتى الجامعي.
وقال: “كما صدرت قرارات بمعاملتهم معاملة الطلاب المصريين في التعليم الحكومي، سواء من حيث المصروفات الدراسية أو فرص القبول، ورغم التحديات، فإن التجربة المصرية أثبتت أن الاستثمار في تعليم هؤلاء الطلاب هو استثمار في السلام، وفي بناء مستقبل مشرق يتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة”.
وأوضح: “تشير تقديرات منظمة اليونيسف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أن عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس من (5 - 18) عاما قد ارتفع إلى (30) مليونا على الأقل؛ ما يعني أن طفلًا واحدًا على الأقل من كل ثلاثة أطفال في هذه البلدان غير ملتحق بالمدارس، ومما لا شك فيه أن الفتيات من الأكثر تضررًا، حيث تزيد نسبة حرمانهن من التعليم على (65%) في مناطق الصراع”.
وأضاف: “لقد ظهرت بعض النماذج الملهمة مثل التعليم الرقمي، فقد استخدمت منظمات محلية منصات افتراضية لتوصيل الدروس إلى الطلاب تحت الحصار، إلى جانب المدارس المتنقلة”، معقبا: "ففي مخيمات النازحين، تحولت الحافلات إلى فصول دراسية، فضلا عن التوسع في التعليم المجتمعي
وإطلاق الشراكات العالمية، التي تظهر كيف يمكن للتضامن الدولي أن يُعيد فرص التعلم".
وأكد نائب الوزير أن هذه الحلول ليست بديلًا عن النظام التعليمي التقليدي، لكنها تثبت أن الإرادة الإنسانية الصلبة قادرة على تجاوز العقبات.
وقال إن "التعليم في زمن الحرب هو استثمار في السلام، ولكي نحميه، فإننا نحتاج إلى ضمان التمويل المستدام لدعم المبادرات المحلية والاستجابة الطارئة، كما نحتاج إلى إعطاء الأولوية للمدارس المستدامة والخضراء، حيث يجب مراعاة أن تكون المدارس التي يُعاد بناؤها بعد النزاعات أو الكوارث مستدامة؛ لتصبح أصولا دائمة للأجيال القادمة، وكذلك تعزيز الحماية القانونية للمدارس والمعلمين، كتطبيق “إعلان المدارس الآمنة الدولي، إضافة إلى دمج الدعم النفسي والاجتماعي في البرامج التعليمية، لمساعدة الأطفال على تجاوز الصدمات”.
وتابع: “كما نحتاج إلى تلبية احتياجات الفئات المهمشة، والمحرومة من الحصول على التعليم، والأسر الأشد فقراء والمناطق الريفية، والفتيات واللاجئين، والأطفال ذوي الإعاقة”.
وأكد أن “كل طفل تعيده إلى المدرسة، وكل معلم ندعمه، وكل منصة تعليمية ننشئها، هي خطوة صغيرة نحو عالم أكثر إشراقا، فلنعمل معا كشركاء في إعادة كتابة مستقبل منطقتنا العربية”.