قالت صحيفة نيويورك تايمز إن الطائرات بدون طيار تحلق فوق الصحاري الشاسعة على طول الحدود السودانية، لتوجيه قوافل الأسلحة التي تُهرب إلى المقاتلين المتهمين بارتكاب فظائع واسعة النطاق والتطهير العرقي.

معايير مزدوجة

وأضافت الصحيفة في تقرير لها، إن الإمارات تقدم نفسها باعتبارها بطلة للسلام والدبلوماسية والمساعدات الدولية، وتستخدم أحد أشهر رموز الإغاثة في العالم (الهلال الأحمر) كغطاء لعمليتها السرية لإرسال طائرات بدون طيار إلى السودان وتهريب الأسلحة إلى المقاتلين، كما تُظهر صور الأقمار الصناعية.

ولفتت نيويورك تايمز إلى بناء حظائر للطائرات وتركيب محطة للتحكم في الطائرات بدون طيار، من مطار عبر الحدود في تشاد قامت الإمارات بتوسيعه إلى مطار عسكري مجهز بشكل جيد، مشيرة إلى هبوط العديد من طائرات الشحن في المطار أثناء الحرب ونقلت أسلحة إلى مناطق صراع أخرى، مثل ليبيا، حيث اتُهم الإماراتيون أيضًا بانتهاك حظر الأسلحة، وفقًا للصحيفة.

وأكدت تايمز أن الإماراتيين يعملون على تضخيم حملتهم السرية من خلال طائرات بدون طيار صينية الصنع قوية، وهي الأكبر من نوعها على الإطلاق في حرب السودان، محددة من خلال تحليل صور الأقمار الصناعية.

وأفادت الصحيفة الأمريكية أن نوع الطائرة بدون طيار المستخدمة هي “وينج لونج 2″، وهي نموذج صيني غالبًا ما يُقارن بطائرة “إم كيو-9 ريبر” التابعة للقوات الجوية الأمريكية.

وأشارت صحيفة تايمز إلى أن الإمارات تلعب الدور الأكبر والأهم على الإطلاق؛ حيث تتعهد علنًا بتخفيف معاناة السودان في حين تعمل سرًّا على إشعال فتيلها، وفق ما نقلته الصحيفة عن مسؤولين لم تسمهم.

ونقلت الصحيفة الأمريكية نيويورك تايمز عن مسؤولين، أن الطائرات بدون طيار لا تقوم حاليًا بغارات جوية خاصة بها في السودان، لكنها توفر المراقبة وتحديد الأهداف في ساحات المعارك الفوضوية.

وقالت الصحيفة إن خمسة مسؤولين أميركيين مطلعين على المحادثات أكدوا أن كبار المسؤولين الأميركيين حاولوا إقناع الإمارات بالتخلي عن عملياتها السرية في محادثات خاصة، وقد واجهوا بصراحة المسؤولين الإماراتيين بالمعلومات الاستخبارية الأميركية بشأن ما تفعله الدولة الخليجية داخل السودان، وفق التقرير.

وأضافت الصحيفة أن منظمات الإغاثة تشعر بالغضب من الإمارات بشكل خاص، وتتهمها بإدارة “عملية مساعدة وهمية” لإخفاء دعمها لقوات الدعم السريع، وفقًا لرئيس منظمة اللاجئين الدولية ومسؤول سابق في إدارة أوباما وبايدن، جيريمي كونينديك.

ويقول مسؤولون أمريكيون وشهود عيان في تشاد إن الإمارات ضاعفت دعمها لقوات الدعم السريع في الأشهر الأخيرة فقط، لافتين إلى أن الإماراتيين ركبوا نظام الطائرات بدون طيار في نفس الوقت الذي كانوا يروجون فيه لعمليتهم الإنسانية، وفق ما أظهره تحليل لصور الأقمار الصناعية وسجلات الرحلات الجوية، بحسب الصحيفة.

ونقلت نيويورك تايمز عن رئيس منظمة اللاجئين الدولية “كونينديك”، أن منع منظمة إغاثة مسؤوليها من زيارة مستشفى يُفترض أنه يعالج اللاجئين “أمر غير مسبوق”، مرجحةً أن الإمارات تستغل الهلال الأحمر كغطاء لشحنات الأسلحة إلى مليشيا ترتكب فظائع في دارفور باستمرار.

وقال المتحدث باسم الصليب الأحمر توماسو ديلا لونجا، إنه علم من التقارير الإخبارية فقط أن الهلال الأحمر الإماراتي أنشأ مستشفى في أمجراس، مضيفًا أن الهلال الأحمر الإماراتي، الذي تموله حكومة أبوظبي، لم يبلغ الاتحاد الدولي، كما كان ينبغي له.

وأضاف لونجا أن الدعاية الحكومية الإماراتية أظهرت عمالاً يفرغون منصات الشحن ويعالجون المرضى تحت شعار الهلال الأحمر.
يذكر أن الهلال الأحمر شعار يعود تاريخه إلى سبعينيات القرن التاسع عشر والذي يتمتع بالحماية القانونية بموجب اتفاقيات جنيف، وإساءة استخدام هذا الرمز يعد جريمة حرب محتملة، وفق ما نقلته عنه الصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إماراتيين في يونيو، أنهم عالجوا ما يقرب من 30 ألف مريض، وكانوا يتطلعون إلى توسيع المستشفى، لكنها عقبت على كلامهم بأن الناس في أمجراس يشتكون بإن المستشفى يفتح لمدة أربع ساعات فقط في اليوم.

اتهامات سابقة لحفتر

وفي يونيو الماضي، كشفت صحفية “ميدل إيست آي” عبر مصادر لم تسمها، عن وجود شبكة خطوط إمداد عسكرية لقوات الدعم السريع، تنطلق من الإمارات العربية المتحدة وتنتقل عبر الجماعات والحكومات المتحالفة في ليبيا وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى.

وذكرت “ميدل إيست آي” البريطانية أن هناك “أدلة واضحة ومقنعة” على أن الإمارات العربية المتحدة وليبيا وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى وروسيا متواطئة في الإبادة الجماعية بالسودان.

وفي يونيو الماضي أيضا، اتهم مندوب السودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس قوات حفتر بالضلوع في تقديم الدعم لأحد طرفي النزاع في الخرطوم.

وأوضح إدريس في إحاطة أمام مجلس الأمن أمس أن كتيبة سبل السلام التي تتمركز في مدينة الكفرة جنوبي البلاد قدمت دعما لوجستيا من الذخائر وقذائف الهاون لقوات الدعم السريع التابعة لحميدتي عبر مخازن ذخيرة اللواء 106 الذي يقوده خالد حفتر، كاشفا استخدام “مرتزقة” من تشاد جنوب شرقي ليبيا للتحرك من بلاده نحو السودان.

وفي نوفمبر من العام الماضي، قال رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان إن قوات الدعم السريع استعانت بمرتزقة للقتال ضد الجيش في السودان جاءوا من أكثر من 9 دول من بينها ليبيا.

وفي مايو من العام الماضي، قال موقع “أفريكا إنتيليجنس” إن مليشيا “سبل السلام” المسلحة التي تستقر في الكفرة وتنشط في مناطق جنوب شرق ليبيا، مضيفا أنه شوهدت قوافل من البنزين والأسلحة تتحرك باتجاه الحدود الليبية مع السودان في المنطقة التي يسيطر عليها أفراد “سبل السلام”، وتشير هذه التحركات إلى وجود اتصال بين المليشيا وقوات الدعم السريع التابعة لـ”حميدتي”.

وفي مايو من العام الماضي حذر وفد أمني مصري رفيع المستوى حفتر من انخراطه في دعم قوات الدعم السريع “الجنجويد” بقيادة “حميدتي” خلال زيارة أجراها إلى المنطقة الشرقية، وفق ما نشرته صحيفة العربي الجديد.

وفي أبريل من العام الماضي، قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إن قائد المليشيات خليفة حفتر والجيش المصري أرسلا دعمًا عسكريًّا للأطراف المتحاربة في السودان المجاور لهما، موضحة أن حفتر أرسل طائرة واحدة على الأقل لنقل إمدادات عسكرية لـ”قوات الدعم السريع” بقيادة حميدتي، في حين أرسلت مصر طائرات حربية وطيارين لدعم الجيش السوداني بقيادة برهاني.

وفي أبريل من العام الماضي أيضا، قالت صحيفة الغارديان البريطانية إن حفتر والذي وصفته بأمير الحرب الليبي، ساعد في إعداد قوات الدعم السريع للسيطرة على السودان، مضيفة أن حفتر نقل معلومات استخباراتية مهمة إلى حميدتي واحتجز أعداءه وزاد شحنات الوقود وربما درب فصيلا من مئات المقاتلين من قوات الدعم السريع في حرب المدن بين فبراير ومنتصف أبريل.

كما كشف تحقيق لـ “سي إن إن” الأمريكية في أبريل 3023، عن تورط “حفتر” في دعم قوات الدعم السريع بقيادة “حميدتي” ضد الجيش السوداني.

توسط الدبيبة

يشار إلى أن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة استقبل في فبراير من العام الماضي، رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، لمناقشة ملفات إقليمية ودولية مشتركة.

وجاءت زيارة البرهان بناء على دعوة الدبيبة له ولقائد قوات الدعم السريع بالسودان محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي” لزيارة ليبيا، في إطار تقريب وجهات النظر بين الأطراف السودانية.

واندلعت الحرب في السودان عام 2023، عندما احتدم صراع على السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع – وهي القوة القتالية التي ساعد الجيش في إنشائها – بدأ بإطلاق نار في شوارع العاصمة الخرطوم وسرعان ما اجتاح البلاد.

وقصفت الطائرات العسكرية السودانية المدنيين، بينما تتهم جماعات حقوق الإنسان قوات الدعم السريع بالتطهير العرقي والقصف العشوائي الذي دمر المستشفيات والمنازل ومستودعات المساعدات.

واتُهم كلا الجانبين في الحرب الأهلية في السودان بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك الاعتداءات الوحشية التي صورها المقاتلون أنفسهم.

المصدر: صحيفة نيويورك تايمز + قناة ليبيا الأحرار

الإماراتالسودانحفتر Total 0 مشاركة Share 0 Tweet 0 Pin it 0

المصدر: ليبيا الأحرار

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي يوهان يونيسيف يونيسف يونغ بويز يونسيف الإمارات السودان حفتر

إقرأ أيضاً:

رادار صهيوني في بونتلاند.. الإمارات توسع خطوط دعمها العسكري لقوات الدعم السريع عبر مطارات الصومال

يمانيون../
في تطور خطير يكشف جانباً من الأدوار الخفية التي تمارسها الإمارات في القرن الأفريقي، أكدت مصادر مطلعة أن أبوظبي نصبت راداراً صهيونياً حديثاً في منطقة بونتلاند الصومالية، وأعادت توظيف مطار بوساسو كمحطة لوجستية لتغذية الحرب الدائرة في السودان دعماً لميليشيات قوات الدعم السريع.

موقع “ميدل إيست آي” البريطاني نشر تقريراً، كشف فيه أن صور الأقمار الصناعية التقطت في مارس الماضي، أظهرت بوضوح تركيب رادار “ELM-2084” ثلاثي الأبعاد، المصنع من قبل شركة الصناعات الجوية الصهيونية، بالقرب من مطار بوساسو، وهو ما يعزز حجم التغلغل العسكري الإماراتي الصهيوني في القارة السمراء.

التقرير أشار إلى أن الإمارات تستخدم هذا الرادار عالي التقنية لرصد التهديدات الجوية، بما في ذلك الطائرات بدون طيار والصواريخ، بعد أن شهدت قوات الدعم السريع انتكاسات ميدانية كبيرة مطلع مارس بخسارتها لمواقع استراتيجية في العاصمة الخرطوم. نشر الرادار جاء ضمن مسعى إماراتي لتوفير الإنذار المبكر للميليشيات المتمردة وتمكينها من الصمود ميدانياً.

وتشير بيانات حركة الطيران المدني إلى تزايد واضح في الرحلات الجوية القادمة من الإمارات إلى مطار بوساسو، حيث يتم نقل الأسلحة والذخائر بكثافة إلى السودان. وأفادت المصادر أن الطائرات تصل أحياناً محملة بخمس شحنات دفعة واحدة، في عملية دعم لوجستي مكثفة تجاوزت حدود السرية.

وفيما يتصل بالشق السياسي، اتضح أن هذا التحرك الإماراتي تم بعيداً عن علم الحكومة الفيدرالية في مقديشو، بل وحتى دون استشارة برلمان بونتلاند نفسه، بحسب مصادر صومالية مطلعة أكدت أن الصفقة تمت بسرية مطلقة. رئيس بونتلاند، سعيد عبد الله ديني، المقرب من دوائر القرار الإماراتية، سهل هذه الخطوة مقابل دعم مالي سخي، في تجاوز صارخ للسيادة الصومالية.

وتحدثت تقارير إقليمية أيضاً عن نقل جنود كولومبيين عبر مطار بوساسو تمهيداً لنشرهم في ميادين القتال في السودان، في عملية بدت خارج إطار أي رقابة قانونية أو سياسية، وسط تساؤلات حول الجهة التي سهّلت إصدار تأشيرات الدخول لهؤلاء المرتزقة.

الإمارات، التي عززت منذ سنوات وجودها العسكري والاقتصادي في بونتلاند وأرض الصومال الانفصالية، تواصل تحركاتها مستغلة حالة الانقسام السياسي والضعف المؤسسي في الصومال. ففي الوقت الذي تستثمر فيه أبوظبي بكثافة في أرض الصومال، ما أثار حفيظة الحكومة الفيدرالية، استمرت كذلك في تقديم البروتوكولات الرئاسية لرئيس أرض الصومال، عبد الرحمن سيرو، وكأنه رئيس دولة مستقلة، الأمر الذي دفع وزير الخارجية الصومالي أحمد محمد فقي لمخاطبة الإمارات رسمياً وطالبها بالكف عن هذه التصرفات التي تمس وحدة وسيادة الصومال.

هذه التطورات تعزز حقيقة أن الإمارات باتت تشكل رأس حربة لتنفيذ أجندات خارجية في أفريقيا، مستخدمة أدوات عسكرية صهيونية وغطاءً لوجستياً يمتد من القرن الأفريقي إلى العمق السوداني، وسط صمت دولي وإقليمي مريب.

مقالات مشابهة

  • رادار صهيوني في بونتلاند.. الإمارات توسع خطوط دعمها العسكري لقوات الدعم السريع عبر مطارات الصومال
  • “نيويورك تايمز” تكشف تقنية إسرائيلية في حرب غزة تثير مخاوف من انتشارها عالميا.. تفاصيل تجارب مرعبة
  • الدعم السريع تقصف قاعدة وادي سيدنا الجوية ومقر الكلية الحربية بأم درمان
  • “نيويورك تايمز” تكشف تقنية إسرائيلية في حرب غزة تثير المخاوف .. تفاصيل تجارب مرعبة
  • الدعم السريع تقصف قاعدة جوية والكلية الحربية بأم درمان
  • السودان .. قطع الكهرباء عن ولايتي نهر النيل و البحر الأحمر
  • الأمم المتحدة: مخيم زمزم للنازحين في غرب السودان “شبه خال” بعدما سيطرت عليه قوات الدعم السريع
  • اتهامات للدعم السريع بقتل عشرات المدنيين بكردفان والبرهان يتوعدها
  • مقتل عشرات المدنيين في مجزرة للدعم السريع بغرب كردفان
  • مرغم: يجب تحرير ليبيا من “مشروع حفتر” بقوة السلاح وتشكيل “مجلس الثوار” لقيادة هذه العملية