تلغراف: إسرائيل المنهكة من الحرب تواجه هجرة الأدمغة
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
قالت صحيفة تلغراف إن انخفاض معدلات البطالة والديون يخفيان الضغوط المتزايدة في إسرائيل بعد مرور عام على أحد أكثر الصراعات دموية في تاريخ البلاد، مشيرة إلى أن العديد من العمال المتعلمين والمهرة يغادرون، ويقررون تربية أطفالهم بعيدا عن أجهزة الإنذار الصاروخية، مما يثير مخاوف جمة على الاقتصاد.
واتخذت الصحيفة بيورت كراجستين وشريكها الإسرائيلي مثالا، في تقرير بقلم إير نولسو، وقالت إنهما يقومان بتعبئة متعلقاتهما في صناديق لأنهما سيغادران خلال الأسبوع المقبل إلى ستوكهولم حيث ستتولى باحثة علم الوراثة الجزيئية دور أستاذة مساعدة هناك.
وتقول كراجستين (37 عاما) "لا أريد أن أعيش هنا مرة أخرى. هذا شيء غيرته الحرب بالنسبة لي"، وتضيف "لقد قمت بالعديد من الجولات مع روث إلى الملجأ. أنا دائما في حالة تأهب. إنه أمر مرهق تماما".
وتؤكد هذه الباحثة أن الخوف الناجم عن الحرب هو المحفز للعديد من الأصدقاء للانتقال عن إسرائيل، "لديهم جميعا أطفال صغار ويريدون بناء مستقبل أكثر إشراقا في أوروبا. بعض الأصدقاء ليست لديهم جوازات سفر الاتحاد الأوروبي، ويشعرون بالضياع قليلا، ويبحثون عن طرق أخرى للمغادرة".
سيخانوفر: معظم الأطباء الكبار يغادرون المستشفيات، والجامعات تجد صعوبات في تجنيد أعضاء هيئة التدريس في المجالات المهمة. هذا المجتمع ضيق للغاية وبمجرد رحيل 30 ألفا من هؤلاء الأشخاص لن تكون لدينا دولة هنا
انكماش اقتصاديورأت الصحيفة أن ما يزيد هذه المشكلة تعقيدا هو أن جذب المواهب الجديدة إلى بلد في حالة حرب أمر صعب، وقد حذر العالم الحائز على جائزة نوبل آرون سيخانوفر من "موجة ضخمة من المغادرين"، وقال "معظم الأطباء الكبار يغادرون المستشفيات، والجامعات تجد صعوبات في تجنيد أعضاء هيئة التدريس في المجالات المهمة. هذا المجتمع ضيق للغاية وبمجرد رحيل 30 ألفا من هؤلاء الأشخاص، لن تكون لدينا دولة هنا".
ويقول أستاذ الاقتصاد بالجامعة العبرية في القدس ومستشار بنك إسرائيل ألون إيزنبرغ إن خروج العمال الموهوبين أمر مثير للقلق بشكل خاص بالنسبة لقطاع التكنولوجيا المربح في إسرائيل.
وأضاف إيزنبرغ "ستكون هجرة الأدمغة وفقدان رأس المال البشري أمران لا مفر منهما. لقد حدث ذلك بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول في السبعينيات، وكانت تجربة مدمرة لها تأثير مزعزع للاستقرار على الناس، ولا شك في أنه عندما تمر دولة بشيء مثل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي فإن بعض الناس سيغادرون، ربما مؤقتا، وربما للأبد".
وقالت الصحيفة إن اقتصاد إسرائيل من منظور مالي انكمش بنسبة 5.7% في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023، مما يعكس تأثير هجمات حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ولكنه تعافى قليلا ونما بنسبة 3.4% في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، ثم حدث تباطؤ بنسبة 0.2% في الربع التالي.
كراجستين: الناس منهكون عموما. وحتى الجيل الأكبر سنا يشعر بعدم اليقين بشأن مستقبله هنا. جاءت والدة شريكي من طرابلس عام 1967 وعايشت كل الانتفاضات. هذه هي المرة الأولى التي ترغب فيها في المغادرة. يبدو المستقبل غير مؤكد هنا
وتقول كراجستين إن "بعض الأماكن في تل أبيب أغلقت، لكننا لا نلاحظ ذلك كثيرا"، مشيرة إلى أن الشيكل ضعف مقابل اليورو، كما تسببت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر في تعطيل الشحنات، مما يعني أن تأمين المواد من الخارج أصبح أكثر تكلفة وصعوبة.
ورأت شركة أبحاث إسرائيلية أن ما يبلغ 60 ألف شركة قد تغلق أبوابها في عام 2024، لأنه "تم استدعاء جزء كبير من القوى العاملة كصاحب العمل أو معظم القوى العاملة لديه للخدمة الاحتياطية، وأحيانا لعدة أشهر".
وأشارت الصحيفة إلى معاناة الصناعة الزراعية بعد إجلاء الناس في كل من الشمال والجنوب، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الحرب، الأمر الذي أدى بمحافظ بنك إسرائيل إلى التحذير من أن البلاد ستنفق حوالي 67 مليار دولار على التكاليف الدفاعية والمدنية بين عامي 2023 و2025.
مرحلة جديدة من الحرب
وأشارت الصحيفة إلى أن كل هذا يحدث مع أنه لا نهاية في الأفق، حيث تتزايد المخاوف من تصعيد أوسع نطاقا بعد أن فجرت إسرائيل أجهزة اتصال يستخدمها أعضاء حزب الله في لبنان، يقول إيزنبرغ إن تصعيد الحرب في الأشهر المقبلة قد يؤدي إلى زيادة التكاليف بشكل أكبر، مما يزيد من حالة عدم اليقين بشأن الاقتصاد.
ويقول إيتاي أتير من جامعة تل أبيب، الذي يرأس منتدى لكبار خبراء الاقتصاد الإسرائيليين، إنه قلق للغاية بشأن الوضع المالي وما قد يعنيه المزيد من التصعيد، خاصة أن وكالات التصنيف الائتماني الرئيسية الثلاث، فيتش وموديز وستاندرد آند بورز، خفضت تصنيف إسرائيل منذ بداية الحرب.
ويقول أتير إن الحكومة "عاجزة تماما"، محذرا من أنها "لا تستطيع الاستمرار في زيادة الإنفاق بهذا القدر من دون اتخاذ خطوات جادة"، مؤكدا أن هذه الحكومة "لا ترقى إلى مستوى التحدي. ولا نراهم يتخذون القرارات الصعبة اللازمة. وإذا حدث تصعيد في الشمال أيضا، فسوف يكون ذلك بمثابة ضربة قوية للاقتصاد".
وختمت الصحيفة بقول كراجستين إن "الناس منهكون عموما. وحتى الجيل الأكبر سنا يشعر بعدم اليقين بشأن مستقبله هنا. جاءت والدة شريكي من طرابلس عام 1967 وعايشت كل الانتفاضات. هذه هي المرة الأولى التي ترغب فيها في المغادرة. يبدو المستقبل غير مؤكد هنا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات
إقرأ أيضاً:
حماس تبدي مرونة في المفاوضات وتنتظر نتائج الوسطاء مع إسرائيل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكدت حركة "حماس"، في بيانها الصادر يوم الاثنين، أنها تعاملت بمرونة مع جهود الوسطاء الدوليين، وعلى رأسهم مصر وقطر والولايات المتحدة، في إطار المباحثات الجارية مع إسرائيل. وترى الحركة أن هذه المفاوضات تتمحور حول ثلاثة محاور رئيسية: إنهاء الحرب، انسحاب القوات الإسرائيلية، وإعادة إعمار قطاع غزة.
ومع ذلك، حذّرت حماس من أن الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة، مثل التهديد باستئناف القتال وقطع الكهرباء عن غزة، هي محاولات فاشلة تهدف إلى الضغط على الحركة، وقد تشكل تهديدًا مباشرًا للأسرى المحتجزين لدى المقاومة.
جولة جديدة من المفاوضات
بالتزامن مع موقف حماس، توجه وفد إسرائيلي إلى العاصمة القطرية، الدوحة، لإجراء جولة جديدة من المفاوضات بشأن مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
ويأتي هذا التحرك بعد إعلان إسرائيل قطع إمدادات الكهرباء عن القطاع، في خطوة تهدف إلى تكثيف الضغوط على الحركة الفلسطينية.
اتفاق الهدنة
تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في 19 ديسمبر 2023، بعد أكثر من عام من الحرب التي اندلعت إثر هجوم "حماس" على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. لعبت كل من الولايات المتحدة ومصر وقطر دورًا رئيسيًا في التوسط لإنجاح الاتفاق، الذي تم تقسيمه إلى مراحل:
المرحلة الأولى: امتدت ستة أسابيع وانتهت في مطلع مارس 2024.
المرحلة الثانية: تمثل نقطة الخلاف الأساسية، حيث تطالب "حماس" ببدء المفاوضات لإنهاء الحرب بشكل نهائي، في حين تسعى إسرائيل إلى تمديد المرحلة الأولى حتى منتصف أبريل، بناءً على مقترح أمريكي.
أدوات الضغط السياسي والعسكري
في ظل استمرار المفاوضات، لجأت إسرائيل إلى تعليق دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة في بداية الشهر، قبل أن تعلن يوم الأحد عن قطع إمدادات الكهرباء للقطاع. وقد صرّح وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، بأن تل أبيب "ستستخدم كل الأدوات المتاحة لاستعادة الرهائن وضمان عدم وجود حماس في غزة في اليوم التالي".
هل تتحرك المفاوضات نحو حل أم تصعيد؟
تعكس هذه التطورات حالة الجمود التي تواجهها المفاوضات، حيث تحاول إسرائيل فرض شروطها عبر الضغط الاقتصادي والعسكري، بينما تصر "حماس" على ضمان اتفاق نهائي ينهي الحرب ويضمن إعادة الإعمار.
في المقابل، تستمر جهود الوسطاء في محاولة تضييق الفجوة بين مطالب الطرفين. ومع استمرار الضغوط الإسرائيلية، قد تلجأ حماس إلى تصعيد ميداني إذا لم يتم تحقيق تقدم ملموس في المفاوضات، مما يهدد بانهيار الهدنة وعودة المواجهات المسلحة، بينما يبقى السؤال الأهم: هل تنجح الدبلوماسية في تحقيق تقدم حقيقي، أم أن سيناريو التصعيد يظل الأكثر احتمالًا في المرحلة المقبلة؟.