مصير البنادق المتعددة بعد الحرب
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
يفكر كثير من السودانيين في أوضاع الحرب الحالية، وفي كيفية تجاوزها، وتعمل مجموعات سياسية ومدنية وعسكرية مهتمة على بحث ومناقشة سبل وقف الحرب. بالمقابل، فإن من الضروري التفكير في أوضاع ما بعد الحرب، والتجهيز لمواجهة كثير من القضايا المعقدة، ومنها مصير البنادق المتعددة من حركات مسلحة وميليشيات متعددة وكتائب جهادية.
خريطة حملة البنادق في السودان معقدة ومتحركة، وتحتاج لتحديث مستمر لمعرفتها ودراسة أوضاعها وتوجهاتها، ومن ثم وضع تصورات لكيفية التعامل معها بعد نهاية الحرب.
هناك الجيش الرسمي، القوات المسلحة السودانية، وهناك اتفاق عام على أنه يجب أن يكون المؤسسة العسكرية الوحيدة في البلاد، وهو الجيش القومي الموحد. الخلاف الوحيد هنا هو أن بعض القوى المدنية تقول إن المؤسسة العسكرية تحتاج لعملية إصلاح شاملة وجذرية تعيد تأسيس عقيدتها الوطنية، وتعيد لها قوميتها وتبعد عنها العناصر الفاسدة وذات الانتماء السياسي والآيديولوجي.
ثم هناك الطرف الآخر في الحرب، «قوات الدعم السريع»، وهي ليست كتلة متماسكة كما يبدو للبعض، فمع بداية الحرب انضمت لها مجموعات قبلية مسلحة لم تكن جزءاً منها قبل الحرب، مثل مجموعة «كيكل»، ولديها أجندتها الخاصة، ولا يعلم أحد مدى التزامها بقرارات القيادة، خاصة لو تم التوصل لوقف إطلاق النار أو وقف العدائيات تمهيداً لاتفاق السلام الشامل.
في التحالف العريض مع الجيش هناك بنادق متعددة وذات أجندة مختلفة، هناك أولاً الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا، ومعظمها من دارفور. هناك «حركة تحرير السودان»/ مناوي، و«حركة العدل والمساواة»/ جبريل إبراهيم، و«حركة تحرير السودان»/ مصطفى طمبور، وانشقاقات من المجلس الانتقالي الذي يقوده دكتور الهادي إدريس، و«تجمع قوى تحرير السودان» بقيادة الطاهر حجر، وما تبقى من قوات «الحركة الشعبية» بقيادة مالك عقار.
ويضم التحالف أيضاً المجموعات التابعة للحركة الإسلامية، بمسميات متعددة، منها كتائب البراء بن مالك والزبير بن العوام وغيرها، ومجموعات الاستنفار الشعبي في الولايات التي يقودها المنتمون للحركة الإسلامية. ولهؤلاء علاقة معقدة مع قيادة الجيش، لديهم في الوقت الحالي مصلحة مشتركة في مواجهة «قوات الدعم السريع»، العدو المشترك، وإزاحة القوى المدنية من الصورة، وقفل الطريق أمام عودتها. لكن في الوقت نفسه هناك اختلاف في الأجندة وفي تصورات ما بعد الحرب. ولا يصدق أحد أن تستسلم كتائب الحركة الإسلامية بسهولة لأي اتفاق يتوصل إليه الجيش مع «الدعم السريع»، ويلقي أفرادها السلاح ويعودوا لمنازلهم دون أن يضمنوا النصيب الأكبر في السلطة.
وهناك حركات مسلحة في دارفور وجنوب كردفان لم تدخل في الحرب بوصفها طرفاً رئيسياً، لكنها تتحرك على هوامشها، مثل «حركة تحرير السودان»/ عبد الواحد، والمجلس الانتقالي، و«تجمع قوى تحرير السودان»، ثم «الحركة الشعبية شمال» بقيادة الحلو في جبال النوبة.
الوجود المسلح الأكثر تعقيداً هو ذلك الموجود في شرق السودان. هناك وجود لمجموعات تنتمي لحركات مناوي وجبريل وطمبور في معسكرات بمنطقة القضارف، ومناطق أخرى، لكن الجديد هو المجموعات المسلحة التي تتبع لمكونات اجتماعية من شرق السودان، ومعظم معسكرات هذه القوات موجود داخل الأراضي الإريترية، وتجد دعماً من الحكومة الإريترية.
أولى الجماعات «مؤتمر البجا» بقيادة موسى محمد أحمد الذي أعلن قبل أشهر تخريج ثلاثة آلاف مقاتل يعتقد أن معظمهم ينتمي لقبيلة الهدندوة التي يتزعمها الناظر محمد الأمين ترك. بعدها أعلنت «الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة» بقيادة الأمين داؤود تخريج دفعة من المقاتلين قُدرت بستة آلاف مقاتل، وينتمي داؤود ومجموعته لقبيلة البني عامر. ثم تناسلت بعد ذلك الحركات المسلحة؛ فقد أعلنت «حركة تحرير شرق السودان» بقيادة إبراهيم عبد الله دنيا تخريج دفعة من المقاتلين ينتمون أيضاً لقبيلة البني عامر، ثم جاء الدور على الهدندوة الجميلاب الذين أعلنوا ميلاد الحركة الوطنية للعدالة والتنمية بقيادة الشيخ محمد طاهر بيتاي، وهم على خلاف قديم مع الناظر ترك. وظهرت أخيراً مجموعة مقاتلة تتبع لقبيلة الرشايدة.
لم تنخرط المجموعات المسلحة في شرق السودان في الحرب الحالية، ولم تشارك فيها، لذلك هناك تخوفات من أن تكون هذه المجموعات تستعد لجولات مقبلة فيما بينها، خاصة أن هذه المنطقة شهدت توترات ونزاعات قبلية. وقد يكون مفهوماً بالطبع في ظل سيادة ثقافة الحرب والعسكرة أن تظهر حركات مسلحة في مناطق كثيرة، لكن قيام هذه الحركات على أساس إثني وبخطاب قبلي واضح يعطي مؤشرات تنذر بالخطر، وتحتاج لاتخاذ احتياطات لمواجهة هذا الخطر ومعالجة قضايا الشرق بعقلانية وواقعية شجاعة.
* نقلاً عن (الشرق الأوسط)
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: تحریر السودان شرق السودان حرکة تحریر
إقرأ أيضاً:
جريمة مطلوقة
مازلت اذكر الجدل الذي أثارته قضية القضار ف ونحن صبيان عندما تزوج رجل من رجل إذ كان الرأى العام يطالب بالإعدام والرجم والتردي من جبل ولكن القاضي قال إن قانون العقوبات السوداني (وقتها) ليس فيه جريمة بهذا المعنى وبالتالي ليس لها عقوبة محددة. فيما بعد علمنا أن هذا هو خط الدفاع الذي تبناه محامي الشواذ فحكم عليهما القاضي حكما مخففا ربما كان أسس حكمه على الخروج عن الذوق العام أو أصول الاحكام القضائية أو سابقة قضائية.. الشغلانة البعرفوها ناس القانون ديل
ثم كبرنا وكبرت أحزاننا ودرسنا القانون وان لم نعمل به فعلمنا أن قاعدة ( لا جريمة بدون نص) قاعدة مقدسة في كل قوانين الدنيا … من المؤكد أن باب الجريمة فاتح (نحن في السودان نقول باب الجرح فاتح) فابن آدم اب كراعين دا لن يتوقف عن الإنتاج في كل شي بما في ذلك الجرائم ثم يأتي القانون لاحقا فيكيف الجريمة اي يحددها نصا ثم يضع لها العقوبة (أن شاء الله بعد خراب سوبا) لأنه إذا ترك للقضاء أن يحكم في أي قضية بدون نص فسوف يتحول القاضي إلى مشرع وساعتها سوف يختلط الحابل بالنابل..
الرمية أعلاه قصدنا التوسل بها لأمر يجري في حرب السودان الحالية وهو الأعداد المهولة التى رمي بها الدعم السريع في محرقة الحرب من مرتزقة ومن رعايا.ففي منطقتنا مثلا جاءت كتيبة من أبناء النوير تابعة للدعم السريع وبدأت في ممارسة الابتزاز فاشتبكت القوة الجنوبية بقوة من الرزيقات كانت سابقة لهم في احتلال المنطقة مات نفر قليل من الأخيرين ولكن ماهي إلا ساعات الا جاءت فزعة من جهة الخرطوم فابادت تلك الكتيبة الجنوبية لامن شاف ولا من درى… ولعل ذات الابادات حصلت عند أسوار المدرعات والان يحدث عند أبواب الفاشر… تحشيد الدعم السريع أثناء الحرب اخذ يقوم على التعاقد وذلك بالدفع المقدم أو المؤجل مع أي صاحب عدد من المقاتلين وبالتالي لم تعد للدعم اي مسؤلية تجاه الهلكي أن شاء الله يستخدموا في تفجير الألغام.. لاشك أن كثرة وجود الفاقد البشري في المنطقة عامة وكثرة الفلوس في يد الممولين ساعد في تفاقم هذة الظاهرة وبالتالي سوف يساعد في إطالة أمد هذة الحرب ولو أودت بهلاك الملايين لأن داعميها يدهم في الماء فلا الأرض أرضهم ولا الناس ناسهم
بحثنا وسالنا أهل الشأن أليس في القانون الدولي ما يحاسب على هذة الجريمة مكتملة الأركان؟ قيل لنا الجرائم في القانون الدولي مثل الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب لا تدخل فيها مثل هذة الجريمة اي لا يوجد نص يحددها وبالتالي ليس لها عقوبة محددة.. اها يا جماعة الخير هذة إشكالية تجعل من حرب السودان الحالية تفردا غير مسبوق فكيف الدبارة؟
عبد اللطيف البوني
إنضم لقناة النيلين على واتساب