عودة لاستراتيجيات الحرب الباردة.. روسيا تستخدم المكسيك كمركز للتجسس على أميركا
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
قال مسؤولون أميركيون وضباط استخبارات سابقون في تصريحات لشبكة "إن بي سي نيوز" الأميركية، إن أجهزة الاستخبارات الروسية "تعمل على تعزيز وجودها في المكسيك، بغرض القيام بعمليات تجسس تستهدف الولايات المتحدة"، مما يمثل "عودة إلى تكتيكات الحرب الباردة" التي كانت سائدة قبل انهيار الاتحاد السوفيتي.
وأضافت روسيا عشرات الأفراد إلى طاقم سفارتها في العاصمة مكسيكو سيتي، في السنوات القليلة الماضية، على الرغم من أن موسكو لديها علاقات تجارية محدودة مع المكسيك، وفق الشبكة.
وأوضح مسؤولون أميركيون، أن هذا الاتجاه "مثير للقلق"، لافتين إلى أن تلك الزيادة في أعداد الموظفين الروس "تهدف إلى تعزيز العمليات الاستخباراتية للكرملين، التي تستهدف الولايات المتحدة، فضلاً عن جهوده الدعائية الرامية إلى تقويض واشنطن وكييف".
وأثارت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، القضية مع الحكومة المكسيكية، وفقًا لمسؤول تحدث إلى "إن بي سي نيوز"، مضيفا: "لقد استثمرت روسيا حقًا في المكسيك، من حيث السعي إلى توسيع وجودها".
ولم ترد السفارة المكسيكية والسفارة الروسية بواشنطن على طلبات للتعليق أرسلتها "إن بي سي نيوز".
وفي وقت سابق هذا الشهر، قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، إن وكالته والحكومة الأميركية "تركزان بشدة" على توسع نفوذ موسكو في المكسيك، معتبرا أنه كان ناجما جزئيا عن "طرد الجواسيس الروس من العديد من العواصم الأوروبية" بعد غزو قوات الكرملين لأوكرانيا في أواخر فبراير 2022.
وقال بيرنز خلال وجوده في لندن هذا الشهر، عندما سئل عن التجسس الروسي المشتبه به من المكسيك: "جزء من هذا يرجع إلى حقيقة أن العديد من ضباط الاستخبارات الروس طردوا من أوروبا.. لذا فهم يبحثون عن أماكن للذهاب إليها ويمكنهم العمل فيها".
وقال مسؤولون استخباراتيون سابقون، وفق الشبكة الأميركية، إن تصرفات روسيا في المكسيك "تعكس موقفا أكثر عدوانية من جانب أجهزتها الاستخباراتية عبر جبهات متعددة، حيث يسعى الكرملين إلى إسكات المنتقدين في الخارج وتقويض الدعم الدولي لأوكرانيا وإضعاف الديمقراطيات الغربية".
وشمل هذا النهج، "التخريب ومحاولة التخريب في أوروبا، ومخططات اغتيال، وهجمات إلكترونية متواصلة، وحملات تضليل عالمية واسعة النطاق"، حسب مسؤولين أميركيين وأوروبيين.
وفي هذا الصدد، قال بول كولبي، الذي عمل لمدة 25 عامًا كضابط عمليات في وكالة الاستخبارات الأميركية "سي آي إيه"، في روسيا والبلقان وأماكن أخرى: "إنهم على استعداد لتحمل أخطار أعلى بكثير الآن من تلك التي كانت في فترة ما بعد الحرب الباردة مباشرة".
وفي نفس السياق، كان رئيس القيادة الشمالية الأميركية، الجنرال غلين فان هيرك، قد أخبر لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ في مارس 2022، أن جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي "له وجود ضخم في المكسيك".
وبعد تعليقات فان هيرك، التي جاءت عقب وقت قصير من إطلاق موسكو لغزوها لأوكرانيا، واصلت روسيا توسيع وجودها في السفارة في مكسيكو سيتي، وحصلت على اعتماد من السلطات المكسيكية.
وعندما سُئل عن تعليقات فان هيرك في ذلك الوقت، قال الرئيس المكسيكي، أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، إنه لا يملك معلومات عنها وإن بلاده "دولة حرة ومستقلة وذات سيادة".
ورغم أن المكسيك بنت علاقات تجارية واسعة النطاق مع الولايات المتحدة على مدى عقود من الزمان، فإنها حاولت "الابتعاد عن الانحياز الكامل للسياسة الخارجية لأميركا، وحافظت على علاقات ودية مع روسيا وكوبا".
"بيئة مناسبة"من جانبه، رأى جون سيفر، الذي عمل في الخدمة السرية لـ"سي آي إيه" لمدة 28 عامًا، أن روسيا "كانت دائمًا تخبر الأميركيين الذين يعرضون التجسس لصالح موسكو بالتوجه إلى المكسيك".
وقال سيفر: "لعقود من الزمان، إذا تواصل أميركيون وتطوعوا للتجسس لصالح موسكو، كان يُطلب منهم السفر إلى مكسيكو سيتي، لأن البيئة التي تعمل فيها الاستخبارات الروسية في الولايات المتحدة صعبة".
وعلى عكس الولايات المتحدة، حيث تخضع الاستخبارات الروسية لتدقيق مكثف من مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي"، فإن المكسيك "تقدم بيئة ملائمة وأقل خطورة لروسيا، للإشراف على العملاء في الولايات المتحدة وتنفيذ عمليات أخرى"، وفقً ما نقلت "إن بي سي نيوز" عن ضباط استخبارات سابقين.
وفي هذا المجال، قال دوغلاس لندن، ضابط العمليات المتقاعد في "سي آي إيه: "هذا منطقي للغاية، وهذا هو سبب وجود الروس هناك بأعداد كبيرة".
وأضاف أن الروس "ربما يرغبون في استخدام قرب المكسيك من الولايات المتحدة، واستغلال عامل الأمان النسبي بعيدًا عن متناول سلطات إنفاذ القانون"، مشيرا إلى أن "العميل الأميركي الذي يعمل لصالح المخابرات الروسية قد يسافر ذهابًا وإيابًا عبر الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، ويلتقي بمشغلين روس للحصول على أجره وتقديم المعلومات وتلقي التدريب على أساليب الاتصال أو غيرها من طرق التجسس".
"أعمال تخريب"وذكر ضباط مخابرات سابقون أن المخابرات الروسية "قد تستغل أيضًا قرب المكسيك لاستهداف أعداء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، السياسيين داخل الولايات المتحدة".
وأوضحوا أن جزءًا من تفويض جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي هو "إعداد عمليات تخريب محتملة في حالة نشوب حرب مع الولايات المتحدة، حيث تكون المكسيك قاعدة عملية لمثل هذه الخطط الطارئة".
وقال كولبي إن "تصور وجود معقل تجسس روسي كبير في المكسيك يفيد روسيا كأداة دعائية، لتضخيم قدراتها".
وذكرت "إن بي سي نيوز" إن المسؤولين الأميركيين "يشعرون بالقلق إزاء جهود روسيا للتلاعب بالمشهد الإعلامي في المكسيك"، حيث وسعت موسكو من انتشار قنواتها هناك وسط حملة دعائية ضخمة.
ولفتت الشبكة إلى أنه في أبريل الماضي، "نشر السفير الروسي في المكسيك تقريرًا كاذبًا لوسائل الإعلام الروسية الرسمية، يزعم فيه أن الولايات المتحدة، كانت تجند أعضاء من عصابات المخدرات من المكسيك وكولومبيا لإرسالهم للقتال في أوكرانيا".
وأوضحت أن بعض المؤسسات الإخبارية المكسيكية سارعت إلى نشر ذلك التقرير، دون أن تتأكد من صحته.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الاستخبارات الروس الولایات المتحدة إن بی سی نیوز فی المکسیک
إقرأ أيضاً:
رئيس الاستخبارات البريطانية السابق يدعو لإعادة التسلّح ويحذر من تهديد روسي
حذر الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات البريطانية "MI6"، أليكس يانغر، من أن بريطانيا تواجه تهديدا حقيقيا من روسيا، داعيا إلى "إعادة التسلح" ودمج شكل من أشكال "الخدمة الوطنية" في الحياة العامة استعدادا لأي مواجهة محتملة، وذلك على وقع تقارب الولايات المتحدة مع روسيا.
وأكد يانغر في مقابلة مصورة مع صحيفة "إندبندنت" البريطانية، السبت، أن على الناس في المملكة المتحدة أن "يدركوا أن التهديد القادم من روسيا - وقربها من الولايات المتحدة - حقيقي"، مشيرا إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي دونالد ترامب "بذلا معا قصارى جهدهما لإقناعنا بأن القواعد قد تغيرت".
وأضاف يانغر "لقد فككنا قاعدتنا العسكرية والصناعية إلى حد كبير، وهذه مشكلة كبيرة"، مضيفا "أشعر بالقلق، لقد نزعنا سلاحنا عسكريا، وهذا بديهي".
وأشار المسؤول البريطاني السابق، إلى أن بلاده "أطلقت بشكل لا يغتفر سلسلة من الحروب الاختيارية التي فرضت تضحيات لا داعي لها على الشباب"، معتبرا أن "هناك سخرية كبيرة من فكرة الجهد الجماعي للدفاع عن البلاد".
وحول مسألة الخدمة الوطنية، أوضح يانغر أنه "ليس لدي أدنى فكرة عن الفعالية الفعلية لأشياء مثل التجنيد الإجباري... أعلم أنه يجب أن يكون جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية"، ولفت إلى أنه يعتقد أن ذلك "سيجلب فوائد أوسع”.
وأضاف "أعتقد أننا نشعر براحة أكبر عندما نفكر في الجيش على أنه مثل فريق كرة القدم الإنجليزي، فهم يذهبون ويمارسون أنشطتهم هناك ونحن نشاهدها على التلفاز، وهذا لا يمكن أن يحدث بعد الآن".
وعند سؤاله عمّا إذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعمل لصالح روسيا، أجاب يانغر "أنا شخصيا لا أعتقد أنه عميل روسيا، لكن المهم هو أنه يتفق مع فلاديمير بوتين"، وتابع أن ترامب "يوافق على أن الدول الكبرى تحصل على حقوق إضافية على الدول الصغيرة، وخاصة في ساحتها الخلفية".
وأشار يانغر إلى أن دولا أوروبية مثل فنلندا باتت أكثر استعدادا للدفاع عن نفسها، مضيفا: "أعتقد أن المملكة المتحدة متضاربة. لدينا تاريخ عريق، لكن هناك قلقا حقيقيا بشأن مطالبتنا بالقيام بأشياء فعلية".
يأتي ذلك على وقع تقارب في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة بعدما بدأ ترامب مفاوضات مباشرة مع الجانب الروسي من أجل إعادة ترميم العلاقات بين البلدين والتوصل إلى هدنة في الحرب الروسية الأوكرانية.