سودانايل:
2025-02-16@13:20:32 GMT

وداعاً الأمدرماني الساخر الفاتح جبرا

تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT

الدكتور الفاتح جبرا، الذي رحل عن دنيانا تاركاً خلفه إرثاً أدبياً وصحافياً كبيراً، كان شخصية متعددة الجوانب وموهوبة في تقديم السخرية بأسلوب يجمع بين الفكاهة والوعي الاجتماعي. من خلال عموده الشهير "ساخر سبيل" في صحيفة الجريدة السودانية، استطاع جبرا أن يلامس قضايا الناس اليومية بشكل ساخر، مما جعله من أبرز كتاب الصحافة السودانية خلال العقود الأخيرة.


حياة شخصية فريدة ومؤثرة
وراء الكاتب الساخر كان هناك رجل يعيش قصة حب فريدة من نوعها. الفاتح جبرا كان متزوجاً من السيدة وفاء كامل جرجس، وهي مسيحية قبطية، وقد جمعت بينهما علاقة قوية مبنية على الحب والتفاهم رغم اختلاف الديانة. قصة زواجهما بدأت في عام 1999 بزفاف تم في المسجد والكنيسة، ليكونا أسرة تعيش في وئام وتسامح نادر في المجتمع. وفاء كانت مثالاً للتعايش والتسامح الديني، فهي، ورغم مسيحيتها، كانت تشارك زوجها في طقوسه الإسلامية، من تحضير إفطار رمضان إلى مشاركته في العبادات اليومية.
الخلفية العائلية
وفاء، التي نشأت في بيت مسيحي عريق، تعود إلى عائلة كانت نموذجاً للتعايش الديني في أم درمان. جدها، السيد بولس، كان يدير خلوة لتحفيظ القرآن، ووالدها كامل جرجس حفظ القرآن الكريم كاملاً، مما يعكس التعايش العميق بين المسلمين والمسيحيين في السودان. هذا الانسجام بين الأديان والثقافات انعكس على حياتهما الزوجية، حيث كانت وفاء تشارك جبرا في كل تفاصيل الحياة الدينية.
الأثر الأدبي والفني
كان جبرا يتمتع بحس فني مميز، إلى جانب موهبته في الكتابة، حيث كان يعزف على العود والمندلين، ويحب الاستماع إلى أغاني الحقيبة السودانية القديمة. هذا الجانب الفني أضفى على شخصيته عمقاً آخر، حيث كان يجد في الموسيقى متنفساً للهروب من ضغوط الحياة اليومية.
أما عن كتاباته، فقد ترك جبرا وراءه مجموعة من المؤلفات الساخرة مثل "لبس جماعي" و"واحد في المليون" و"زيادة دخل"، التي تناول فيها قضايا اجتماعية وسياسية واقتصادية بنبرة ساخرة ومباشرة. في هذه الأعمال، كان يوجه نقده للظواهر السلبية في المجتمع بأسلوب يجذب القراء ويجعلهم يعيدون التفكير في واقعهم. أهدي كتابه "لبس جماعي" لزوجته وفاء، وكتب في الإهداء: "إلى التي تقرأني ولا تقرأ لي"، في إشارة إلى علاقتها الخاصة والمميزة معه.
التعايش والتسامح
ما يميز حياة الفاتح جبرا وزوجته وفاء هو التعايش الفريد الذي جسداه بين الإسلام والمسيحية. هذا التعايش لم يكن فقط على مستوى الاحتفالات الدينية المشتركة، بل أيضاً في كل تفاصيل حياتهما اليومية. وفاء كانت تشارك في إعداد الطعام خلال شهر رمضان، وتحتفل مع زوجها بالأعياد الإسلامية، بينما كانت تحظى بحريتها في ممارسة شعائرها المسيحية.
إرث إنساني وأدبي
برحيل الفاتح جبرا، فقد السودان ليس فقط كاتباً ساخراً، بل إنساناً يمثل نموذجاً للتعايش بين الأديان والثقافات المختلفة. ترك وراءه إرثاً غنياً من الكتابات التي جمعت بين النقد الاجتماعي والفكاهة، ليكون قدوة للأجيال القادمة في كيفية معالجة القضايا المجتمعية بروح ساخرة ولكن بناءة.

يبقى اسم الفاتح جبرا خالداً في ذاكرة الصحافة السودانية، وسيظل مثالا للصحفي الذي استطاع أن يجمع بين الفكاهة والجدية في تناول المواضيع التي تهم الشعب السوداني. نرجو من الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهم أسرته ومحبيه الصبر والسلوان.

zuhair.osman@aol.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الفاتح جبرا

إقرأ أيضاً:

«سيد» يقضي عيد الحب بجوار قبر زوجته: «كانت عيني اللي بشوف بيها»

بينما تمتلئ الشوارع بالورود الحمراء، وتتزين المحال التجارية بالقلوب والهدايا، وتعج المقاهي والمطاعم بضحكات العشاق، كان «عم سيد» يقضي عيد الحب الأول بدون زوجته، جالسًا بجوار قبرها، يرتل لها آيات من الذكر الحكيم التي كانت تحبها.

في أبريل 2024، رحلت «الحاجة كريمة»، تاركةً وراءها قلب سيد حمادة، البالغ من العمر 69 عامًا، نابضًا بالحب والوفاء، بعد زواج دام 35 عامًا، عاشا خلالها أجمل أيام حياتهما، رغم أنهما كانا كفيفين ولم يريا بعضهما يومًا، لكن أعين قلوبهما كانت دائمًا مفتوحة على الحب.

ساعة بجانب زوجته في عيد الحب

يحكي «سيد» لـ«الوطن»، تفاصيل 60 دقيقة، قضاها بجانب زوجته في عيد الحب، موضحًا أنه جلس بجانب قبرها، واضعًا كف يده على بابه، وقرأ لها سورة الفاتحة، ثم بعض الآيات التي كانت تحب أن تسمعها منه، مضيفًا: «ده أول عيد حب ماتكونش موجودة معايا فيه، قرأتلها قرآن، وبكيت على فقدانها وقولتلها سامحيني لو كنت قصرت معاكي في يوم، لأنه تعبت معايا جدا وعافرت علشان نبني بيتنا».

مشاعر مختلطة داخل قلب «سيد»، إذ اختلطت الراحة مع الحنين والحزن، ويحاول الرجل الذي يقطن في مدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية، أن يتأقلم على الحياة بدونها، لكنه فشل حتى الآن.

سيد: كانت عيني اللي مش بشوف بيها

«عايش في دوامة، ولو أطول أنزلها القبر هعمل كده، لو ينفع أعيش جنب قبرها هعمل ده، كانت الأمل في حياتي وعيني اللي بشوف بيها، وزواجنا استمر 35 سنة، كانت نتيجته إننا خلفنا ابننا الوحيد أحمد».. هكذا وصف «سيد» شعوره خلال حديثه مع «الوطن»، مؤكدًا أنها كانت تتمنى أداء العمرة قبل وفاتها، لكنها لم يقدر على تحقيق حلمها، وبات أمل زوجها هو قيامها بأداء العمرة له ولزوجته الراحلة.

اعتاد «سيد» على زيارة قبل زوجته في الأسبوع مرتين، ليقرأ لها الفاتحة ويجلس بجوارها ساعات طوال: «أمل حياتي دلوقتي إن أحقق اللي كانت نفسها تعمله، وأعملها عمرة».

مقالات مشابهة

  • وداعاً للعقاقير المنوّمة.. سماعات "خفية" تواجه الأرق بالذكاء الاصطناعي
  • الشيباني: أي مجهود أو حديث عن المصالحة الوطنية يجب أن ندعمه مهما كانت أهدافه
  • وداعا لانقطاع الإنترنت.. كيفية تشغيل الراوتر بدون كهرباء؟
  • وداعا صديق العمر ..
  • وداعا للون الأخضر التقليدي.. واتساب تطلق ميزة سمات الدردشة
  • المرداسي : كل قرارات كانت صحيحة
  • «سيد» يقضي عيد الحب بجوار قبر زوجته: «كانت عيني اللي بشوف بيها»
  • وسائل إعلام مصرية: مصر وقطر نجحتا في تذليل العقبات التي كانت تواجه استكمال تنفيذ وقف إطلاق النار
  • وداعاً لانتفاخ الوجه: أداة تجميل تضمن بشرة مشدودة ومتوهجة
  • تجاهل كولر.. كهربا يوجه رسالة لمجلس الأهلي: ليس وداعا