سودانايل:
2025-04-17@09:26:01 GMT

وداعاً الأمدرماني الساخر الفاتح جبرا

تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT

الدكتور الفاتح جبرا، الذي رحل عن دنيانا تاركاً خلفه إرثاً أدبياً وصحافياً كبيراً، كان شخصية متعددة الجوانب وموهوبة في تقديم السخرية بأسلوب يجمع بين الفكاهة والوعي الاجتماعي. من خلال عموده الشهير "ساخر سبيل" في صحيفة الجريدة السودانية، استطاع جبرا أن يلامس قضايا الناس اليومية بشكل ساخر، مما جعله من أبرز كتاب الصحافة السودانية خلال العقود الأخيرة.


حياة شخصية فريدة ومؤثرة
وراء الكاتب الساخر كان هناك رجل يعيش قصة حب فريدة من نوعها. الفاتح جبرا كان متزوجاً من السيدة وفاء كامل جرجس، وهي مسيحية قبطية، وقد جمعت بينهما علاقة قوية مبنية على الحب والتفاهم رغم اختلاف الديانة. قصة زواجهما بدأت في عام 1999 بزفاف تم في المسجد والكنيسة، ليكونا أسرة تعيش في وئام وتسامح نادر في المجتمع. وفاء كانت مثالاً للتعايش والتسامح الديني، فهي، ورغم مسيحيتها، كانت تشارك زوجها في طقوسه الإسلامية، من تحضير إفطار رمضان إلى مشاركته في العبادات اليومية.
الخلفية العائلية
وفاء، التي نشأت في بيت مسيحي عريق، تعود إلى عائلة كانت نموذجاً للتعايش الديني في أم درمان. جدها، السيد بولس، كان يدير خلوة لتحفيظ القرآن، ووالدها كامل جرجس حفظ القرآن الكريم كاملاً، مما يعكس التعايش العميق بين المسلمين والمسيحيين في السودان. هذا الانسجام بين الأديان والثقافات انعكس على حياتهما الزوجية، حيث كانت وفاء تشارك جبرا في كل تفاصيل الحياة الدينية.
الأثر الأدبي والفني
كان جبرا يتمتع بحس فني مميز، إلى جانب موهبته في الكتابة، حيث كان يعزف على العود والمندلين، ويحب الاستماع إلى أغاني الحقيبة السودانية القديمة. هذا الجانب الفني أضفى على شخصيته عمقاً آخر، حيث كان يجد في الموسيقى متنفساً للهروب من ضغوط الحياة اليومية.
أما عن كتاباته، فقد ترك جبرا وراءه مجموعة من المؤلفات الساخرة مثل "لبس جماعي" و"واحد في المليون" و"زيادة دخل"، التي تناول فيها قضايا اجتماعية وسياسية واقتصادية بنبرة ساخرة ومباشرة. في هذه الأعمال، كان يوجه نقده للظواهر السلبية في المجتمع بأسلوب يجذب القراء ويجعلهم يعيدون التفكير في واقعهم. أهدي كتابه "لبس جماعي" لزوجته وفاء، وكتب في الإهداء: "إلى التي تقرأني ولا تقرأ لي"، في إشارة إلى علاقتها الخاصة والمميزة معه.
التعايش والتسامح
ما يميز حياة الفاتح جبرا وزوجته وفاء هو التعايش الفريد الذي جسداه بين الإسلام والمسيحية. هذا التعايش لم يكن فقط على مستوى الاحتفالات الدينية المشتركة، بل أيضاً في كل تفاصيل حياتهما اليومية. وفاء كانت تشارك في إعداد الطعام خلال شهر رمضان، وتحتفل مع زوجها بالأعياد الإسلامية، بينما كانت تحظى بحريتها في ممارسة شعائرها المسيحية.
إرث إنساني وأدبي
برحيل الفاتح جبرا، فقد السودان ليس فقط كاتباً ساخراً، بل إنساناً يمثل نموذجاً للتعايش بين الأديان والثقافات المختلفة. ترك وراءه إرثاً غنياً من الكتابات التي جمعت بين النقد الاجتماعي والفكاهة، ليكون قدوة للأجيال القادمة في كيفية معالجة القضايا المجتمعية بروح ساخرة ولكن بناءة.

يبقى اسم الفاتح جبرا خالداً في ذاكرة الصحافة السودانية، وسيظل مثالا للصحفي الذي استطاع أن يجمع بين الفكاهة والجدية في تناول المواضيع التي تهم الشعب السوداني. نرجو من الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهم أسرته ومحبيه الصبر والسلوان.

zuhair.osman@aol.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الفاتح جبرا

إقرأ أيضاً:

شعب الغابون ينتظر وفاء أنغيما بوعده القطيعة مع الفساد والنظام السابق

بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية بنسبة فاقت 90%، قدم الجنرال بريس أوليغي أنغيما عددا من الوعود للشعب الغابوني في مقدمتها تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي ومحاربة الفساد، وهي ملفات كانت سببا في استياء الشعب من حكم عائلة بونغو.

ولن يجد الرئيس المنتخب صعوبة في التعرف على أسرار القصر الذهبي في العاصمة ليبرفيل، إذ عاش في دهاليزه سنوات من الرخاء عندما كان مساعدا عسكريا للرئيس الأسبق الراحل عمر بونغو بين عامي 2005 و2009.

ومن حقبتي بونغو الأب والابن، إلى مرحلة الانقلاب، كان الجنرال أنغيما نافذا في القصر الرئاسي، واليوم أصبح بموجب الدستور صاحب القرار النهائي في كل ما يصدر من داخله من أوامر ومراسيم.

تعهدات

وسيتعين على الرئيس المنتخب الوفاء بالالتزامات التي قطعها على نفسه في الحملة الانتخابية إذ وعد بتنويع الاقتصاد الذي يعتمد في الأساس على النفط، والقضاء على الفساد.

القصر الرئاسي في الغابون (غيتي)

وأمام تنفيذ هذه الوعود، ستواجه الجنرال إكراهات صعبة تتمثل في فك الارتباط مع الإدارات والشخصيات التي عمل معها في فترات سابقة، وكانت سببا في انتشار الفساد وتبديد ثروة الغابون.

وفور صدور نتائج الانتخابات، أظهر أنغيما رغبته في الحرص على العمل من أجل الوفاء بالتزاماته، حيث قال في كلمة الاحتفال بالفوز يوم الأحد الماضي "ليس لدينا وقت.. غدا الاثنين يوم العمل وبلدنا قيد الإنشاء ولا بد من بذل الجهود".

إعلان آمال شعبية

ويأمل مواطنو الغابون أن تشكل هذه الانتخابات مرحلة حاسمة في القطيعة مع الممارسات التي كانت سائدة في الأعوام السابقة التي تفرّدت فيها عائلة بونغو بالحكم طيلة 5 عقود، واستحوذت على كثير من مقدرات البلاد.

وأبدى العديد من المراقبين ارتياحهم للانتخابات الأخيرة التي تميزت بالأمن والهدوء على عكس ما كان سائدا في انتخابات 2016 و2023، حيث انقطع الإنترنت وعاشت البلاد موجات من العنف والاضطرابات وصلت في بعض الأحيان إلى إطلاق الرصاص من قبل قوات الأمن لتفريق المتظاهرين.

ويأمل داعمو الرئيس الجديد استمراره في مكافحة الكسب غير المشروع، والتحقيق مع المفسدين الذين فتح ملفاتهم بعد انقلابه في 30 أغسطس/آب 2023.

ونقلت وكالة رويترز عن أستاذ علم الاجتماع في جامعة عمر بونغو في ليبرفيل الدكتور جوزيف تدوندا قوله "إن المواطنين في الغابون يعتقدون أن شخصا يعمل بهذا الحماس يمكن أن يحدث تغييرا".

مخاوف

ويقول المحللون إن المخاوف الأساسية تكون مطروحة عند الحديث حول قدرة الرئيس على التخلي عن جيل عائلة بونغو، وقطيعته بشكل نهائي مع الماضي وممارساته السلبية.

ويرى الخبير في الشأن الغابوني من كلية لافاييت في الولايات المتحدة روجرز أوروك أن المخاوف من النظام تتجلى بوضوح عندما نلاحظ أنه نظام استبدادي قديم جاء في زجاجة جديدة.

وقد واجه أنغيما انتقادات بشأن ثروته وموارده المالية، إذ اتهمه مشروع الإبلاغ عن الجريمة والفساد بشراء عقارات نقدا في الولايات المتحدة الأميركية عام 2015.

وعندما وجهت له الأسئلة المتعلقة بمصادر ثروته لم ينكر التهم الموجهة إليه، وقال إنه يفضل احترام حياته الخاصة.

وبالنسبة للشركاء الخارجيين، وخاصة فرنسا، فإن رئيس الغابون الجديد يختلف عن قادة المجالس العسكرية في الدول الأفريقية، ولا توجد مخاوف من التعامل معه، إذ وعد بعد مجيئه للحكم بالحفاظ على العلاقات الوثيقة والتاريخية التي تربط بين ليبرفيل وباريس.

إعلان

مقالات مشابهة

  • وفاء عامر تعلق على فصل سلاف فواخرجي من نقابة الممثلين السورين
  • وفاءً له ولجهوده.. واعظات الأزهر ينظِّمن حفل تأبين للدكتور المحرصاوي
  • وفاء حامد تكشف صفات مستنزفي الطاقة وطرق الحماية منهم في "طاقة أمل"
  • وزارة الخارجية تعرب عن إشادة المملكة بالإجراءات التي اتخذتها الجهات الأمنية في الأردن لإحباط مخططات كانت تهدف إلى المساس بأمنه وإثارة الفوضى
  • النائب العام: قريبا محاكمة المتهمين محمد حمدان دقلو، وعبد الرحيم دقلو، وآخرين
  • شعب الغابون ينتظر وفاء أنغيما بوعده القطيعة مع الفساد والنظام السابق
  • رأي.. عمر حرقوص يكتب: وداعاً قصة الحرة
  • وداعا هنادي .. إلى جنات الخلد
  • رجل من طراز فريد
  • رحيل الفاتح عروة: ربطاً لأحزمة الصبر