الهَيئَةُ المَلَكِيّة للجُبيل ويَنبُع ، وما أدْراكَ ما الهَيئةُ المَلكِية ! مَبنَىً فَخمٌ ذو هُندَسةٍ فَرِيدةٍ يَتوَسَّطُ حي " الفَنَاتِير " ولا يَبعُد كثيراً عن الوَاجِهةِ البَحرِية وبينه وبين البَحرٍ تَقَعُ كُليِّةُ الجبيل الصناعية. ومن داخلِ الهيئةِ المَلكِية وإدَارَتِها خَرَجَتْ المَنطِقة السَّكَنِيّة كائِناً لا يُشبِه الآخَرِين جَمالاً وبَهاءاً ونَضَارةً مِثلَ عَرُوسٍ في ليلةِ زَفافِها ولو قُلتَ مِثلَ حُورِيةِ البحرِ لصَدَقْتَ! نَضَارةُ المَنطِقة السَّكنِية تَكمُنُ في أنَّها أُنشِئتْ بعيدةً عن المِنطِقة الصَّناعِية فاحْتَفظَتْ بِنقَائِها خاليةً من تَلَوُّثِ المَصَانِع .

أمّا عن الجَمَالِ والبَهاءِ فَحَدِّثْ ولنْ تَمَلْ! تَتَكَوَّنُ من عِدّةِ أحَياءٍ تَتناثَرُ على مِساحَاتٍ واسِعةٍ يَتزَعَمُها حَي " الفناتير " بواجِهَتِه البَحْرِية الفَاتِنة. وهو الحَيُ الذي يَضُمُّ مُعظَمَ المُؤسَساتِ الخَدَمِيّة والبُنُوك والمُستَشفَياتِ الكَبِيرةِ والشَّهيرَةِ مِثل مُستَشفى المانِع العَام ومُستَشفى الهَيئة المَلكِية ومُستَشفى المُواساة . وتتَوزعُ المدارِسُ سواءاً أكانتْ حُكُومِيةً أو أهْلِيةً على أحْياءِ المنطقة السكنية ، وأشهرُها مَدارِسُ الحُصان العالمية التي يَضُمُّها حي الفناتير . وطبيعةُ المنطقة السكنية طبيعةٌ خَلاَّبةٌ تَلفِتُ الأنْظارَ في كُلِّ الأحْياء فالخُضرَةُ وِشاحُ الشَّوارِع الرَّئيسةِ وعلى جانِبَيها وفي وَسَطِها تَنتظِمُ صُفُوفُ الأشْجارِ الضَّخمةِ والوُرودُ والأزهارُ بألوانِها المُتعَدِدة التي تُسُرُّ النَّفسَ وتُبهِج الخَاطِر .
أمّا المَساكِنُ في هذه المنطقة المُترَامِيةِ الأطرَاف فهي في أغلَبِها عِبارةٌ عن فِلل villas بِأحجامٍ وتَصامِيمَ مُختلفةٍ ومُتعَددةٍ يَغلُبُ عليها الطَّابَعُ الهندسي الحَدِيث ذو التَّصامِيم والواجِهاتِ الجَميلةِ . وتَلفتُ كَثْرةُ الأشْجارِ وخُضرَتُها في كُلِّ الأحياءِ الأنظارَ ، هذا عدا عن المُتنَزهاتِ الفَسِيحةِ والحَدائِق المُنتَشرِة في أحياءِ المنطقة السكنية ومنها على سبيلِ المِثالِ لا الحَصْر " غابةُ الدُّفِّي " . إن أنسى لا أنسى ال " الكورنيش " أو ال " beach " الذي يَمتَدُّ على طُولِ السَّاحلِ الذي يَحتَضنُ المنطقة السكنية ويُغازِلُ سُكّانَّها وزُوَّارَها أنْ هَلُمُّوا فَهُنا البَحرُ " في أحْشائِه الدُّر كامِنُ " وهنا بِساطُ النَّجِيلِ الأخْضَرِ مَفرُوشٌ بِكَثَافةٍ وهنا مَلاعِبُ أطْفالِكُم بِمَراجِيحِها ذاتِ الألوانِ الزَّاهِيةِ ولَكُم في المَطاعِم و" الكافتيريات " والمَقاهي مَأكَلٌ ومَشرَب ، وللدَّرَّاجاتِ مسارٌ كَمَا للمُشاةِ مَسَاراتٌ مُخَصَّصَة . ويأتي الحِفاظُ على مَظاهِر الجَمالِ والنَّظَافةِ ضِمنَ أولَوِياتِ الإدارةِ في الهيئة الملكية، فالشَّوارِعُ نظيفةٌ وخَالِيةٌ من الغُبارِ والمُخَلَّفاتِ ، وحتى في مَوسِم الأمْطارِ لنْ تَجِدَ بِركَةَ ماءٍ أو مُستَنقَعٍ باقٍ على حالِهِ لأكثَرَ من ساعةٍ أو ساعَتَين فًنِظامُ التَّصرِيف يَقومُ بالواجِبِ على أكملِ وَجهٍ مَدعُوماً بِعُمّالِ بعضِ الشَّرِكاتِ التي تعملُ على تَنظِيفِ الشَّوارعٍ وتَجفِيفٍ المِياهِ الرَّاكِدة التي لمْ يَجرِفها التَّصرِيفُ إلى باطِنِ الأرْضِ .

-------------------------

محمد عمر الشريف عبد الوهاب

m.omeralshrif114@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المنطقة السکنیة

إقرأ أيضاً:

سوريا التي وقعت في الكمين

في الساحل السوري وقعت سوريا كلها بكمين مدبّر أطاح بطموحات بناء سوريا على أسس جديدة، كمين تم تصميمه من قبل فاعلين إقليميين ودوليين، عبر أدوات سورية، انتهى بجراح عميقة طالت جميع السوريين والعرب المتعاطفين معهم، ولم ينته عند صورة الأم المذهولة في الساحل على مقتل أبنائها، فيما القتلة ينكلون بروحها وروح سوريا ومستقبلها.

ليس سرا أن ما حصل كان ثورة مضادة، تبدأ بسلخ الساحل السوري، وتحويله في مرحلة لاحقة إلى قاعدة ومنطلق للانقضاض على سوريا. القائمون المحليون على هذا المخطّط شرحوا بما فيه الكفاية وكشفوا عن آلياتهم التنفيذية "المجلس العسكري" وأهدافهم من وراء ذلك" تحرير سوريا"، وإعادة الزمن السوري إلى الوراء.

وخلف هذه اللعبة وقفت أطراف خارجية كثيرة، بعضها أعلن عن نفسه، وبعضه الآخر انتظر نجاح الخطة، ليعلن بصراحة وقوفه مع الطرف المنتصر، لكن فشل المخطط وهشاشة وضعف الروافع المحلية له دفع إلى تراجع المشغلين الخارجيين وطي بياناتهم التي جهزوها لإعلان مرحلة جديدة في سوريا.

خلف هذه اللعبة وقفت أطراف خارجية كثيرة، بعضها أعلن عن نفسه، وبعضه الآخر انتظر نجاح الخطة، ليعلن بصراحة وقوفه مع الطرف المنتصر، لكن فشل المخطط وهشاشة وضعف الروافع المحلية له دفع إلى تراجع المشغلين الخارجيين وطي بياناتهم التي جهزوها لإعلان مرحلة جديدة في سوريا
لكن، هل تجاوزت سوريا الكمين؟ وهل انتهت المخاطر؟ حتى بعد أن أجرت إدارة دمشق تفاهمات مع الهياكل والأطر في شمال سوريا وجنوبها، ما زالت سوريا في عين الاستهداف لأكثر من سبب:

أولا: ما زالت سوريا هدفا للتقسيم، فإسرائيل تعلنها صراحة وجهارا، عن عزمها استقطاع جنوب البلاد، وقد بدأت بالفعل التأسيس لوجود طويل الأمد يشمل أربع محافظات سورية، درعا والقنيطرة والسويداء وريف دمشق، ولن تتراجع إسرائيل عن هدفها ما دامت لم تتشكّل مقاومة ضدها تستنزفها وتدفع حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة والمنتشية بانتصاراتها في المنطقة إلى إعادة حساباتها.

ثانيا: النوايا الإيرانية والروسية غير مطمئنة وستبقى عامل خطورة مرتفعة في المديين القريب والمتوسط؛ فإيران ترى أن هناك إمكانية لإعادة سيطرتها على سوريا، ويمكنها بعد التقاط أنفاسها على إثر الحرب الإسرائيلية على لبنان، إعادة تنظيم صفوف فلول الأسد وتدعيمهم بقوى مليشياوية عراقية ولبنانية، في ظل حالة الفوضى التي تعيشها القوات السورية والتأخر في عملية تنظيمها وهيكلتها.

ثالثا: الإشكالية السورية المتمثلة بموت الوطنية السورية وإعادة إحياء الهويات الماقبل دولتية لدى جميع الأطراف، والحاصل في سوريا أن الأطراف السورية تنظر للواقع السوري من منطلق وجود أطراف منتصرة وأخرى مهزومة، بل ترى أن هذا وضعا طبيعيا سائدا في المشرق العربي كله وقد تعايشت معه مختلف المكونات؛ فالمنتصر المنتعش بانتصاره يحق له تقرير ما يشاء، والمغلوب لا يملك إلا التخريب وانتظار لحظة تغير المعادلات وانقلاب موازين القوى، ولن تكون سوريا استثناء عن هذا الواقع.

رابعا: الإدارة الخاطئة للصراع والتنوع الإثني والطائفي واختيار السياسات المناسبة لذلك والأدوات التي يمكنها بالفعل تسيير هذا الواقع المعقّد، هذه الإدارة لا تتماشى مع وضع بلد مثل سوريا خارج لتوه من أتون حرب مديدة ويسعى إلى كسب ثقة العالم الخارجي الذي يضع سوريا تحت المجهر، ويحاول بعض الفاعلين الدوليين مقايضة السلطة الجديدة وابتزازها، تحت عناوين وشعارات عديدة.

قد تكون المواجهة الساخنة انتهت، وفشلت الكمائن التي قام بها الفلول لبداية ثورة مضادة، لكن ما من شيء يؤشر الى احتمالية تراجع الخطر، والأصح أن الخطر يتجمع في غرف العمليات التي جرى إنشاؤها في العراق ولبنان وحتى في قاعدة حميميم وتل أبيب
قد تكون المواجهة الساخنة انتهت، وفشلت الكمائن التي قام بها الفلول لبداية ثورة مضادة، لكن ما من شيء يؤشر الى احتمالية تراجع الخطر، والأصح أن الخطر يتجمع في غرف العمليات التي جرى إنشاؤها في العراق ولبنان وحتى في قاعدة حميميم وتل أبيب. لدى هذه الأطراف الكثير لتخسره إن استقر الوضع في سوريا، سينتهي حلم السيطرة على هذه البلاد والأحلام التي جرى بناؤها طيلة السنوات الماضية؛ فلن تكون هناك إيران الكبرى التي يمتد نفوذها من قزوين إلى المتوسط، وستظهر روسيا بعد نهاية الحرب الأوكرانية وبرود جروحها دبا جريحا لن يطول الوقت قبل أن يخسر قواعده في أفريقيا التي بناها على صدى سمعة جبروته في سوريا، كما لن تكون هناك إسرائيل الكبرى، التي يجب عليها أن تتحضر لواقع مختلف بدأت مؤشراته في الظهور على شكل صراعات سياسية ومجتمعية هائلة داخل الكيان.

بالطبع، لا يمكن مواجهة كل هذه المخاطر وإفشالها بدون ترتيب البيت الداخلي السوري، والذي يبدأ من إعادة تنظيم قوى الجيش والأمن على أسس حديثة وليس على أسس أيديولوجية ولائية، وإيجاد صيغ سياسية مقبولة ومنطقية، عبر توسيع قواعد المشاركة وإشراك جميع السوريين، بأطيافهم وطوائفهم وعرقياتهم، في إدارة البلاد، والمحافظة على مؤسسات الدولة وتطويرها لتستطيع رفع البلد من القاع الذي وصلت له، باستثناء ذلك ستبقى سوريا عرضة لفخاخ كثيرة وستفقد الأمهات أبناءها في صراعات عبثية لا فائز فيها.

x.com/ghazidahman1

مقالات مشابهة

  • الاستثناءات السكنية في بسماية.. فساد مقنّن و خلل إداري
  • أصالة: صحن الفول من الأكلات التي تأخذني إلى طفولتي بالشام ..فيديو
  • ارتفاع أسعار المنتجات الأميركية بسبب الحرب التجارية التي أطلقها ترمب
  • أمير الشرقية يدشن حملة “جسر الأمل” التي أطلقتها لجنة “تراحم”
  • متحدث الوزراء: زيادة كبيرة فى أعداد المتقدمين للوحدات السكنية
  • متحدث الوزراء: زيادة كبيرة في أعداد المتقدمين للوحدات السكنية
  • اليمن: القصف الأمريكي يستهدف الأحياء السكنية ويوقع ضحايا من الأطفال والنساء
  • محافظ الحديدة يتفقد القرى السكنية في المنطقة الصناعية تمهيدًا لتوطين العمالة وتأهيلها
  • كيكل: الوحدة التي حدثت بسبب هذه الحرب لن تندثر – فيديو
  • سوريا التي وقعت في الكمين