تقرير يعري العلاقات الوطيدة بين صناعة الأسلحة وصناع القرار ببريطانيا
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
لندن- تتمتع شركات تصنيع الأسلحة البريطانية بنفوذ وتأثير واسعين على القرار السياسي، هذا ما توصل له تقرير مطول أنجزته مؤسستا "الحملة ضد تجارة الأسلحة" و"السلام العالمي" بشأن العلاقة التي يمكن وصفها بالمشبوهة بين شركات الأسلحة والمستوى السياسي البريطاني.
كما تناول كيف تحولت هذه العلاقة -مع مرور السنوات- "من الباب الدوار إلى الباب المفتوح"، وهو عنوان التقرير الذي يشير إلى قدرة هذه الشركات على الوصول إلى أرفع المسؤولين في الحكومة البريطانية وبشكل مستمر ودائم.
وزاد الاهتمام بهذه العلاقة بعد رفض الحكومة ضغوطا قانونية وحقوقية وسياسية كثيرة من أجل وقف صفقات الأسلحة المتجهة إلى إسرائيل، ليظهر أن هناك لوبيا قويا يمارس الضغط لمصلحة شركات الأسلحة ويقيد أي قرار سياسي يضر بمصالحها، وفي مقدمتها شركة "بي إيه إي سيستمز" التي تعد أكبر شركة تصنيع أسلحة في بريطانيا.
يشير التقرير إلى أن 40% من كبار مسؤولي وزارة الدفاع البريطانية انتقلوا للعمل في صناعة الأسلحة بعد مغادرتهم الخدمة العامة، علما أن نسبة كبيرة منهم شغلوا مناصب في مجال الصفقات داخل الوزارة، مما يزيد من المخاوف بشأن تضارب المصالح.
هذه الظاهرة يصفها التقرير بـ"الباب الدوار"، أي أن المسؤول يخرج من الوزارة ثم يعود لها، ولكن بجبة ممثل عن شركة للأسلحة، وتسهّل الحركة غير الخاضعة للرقابة بين الحكومة والصناعة، مما يمكّن الشركات من التأثير على القرارات السياسية حتى بعد خروج المسؤولين من القطاع العام.
وأحد أبرز نتائج التقرير هو المستوى غير المسبوق من الوصول لصناعة القرار السياسي الذي تمتعت به صناعة الأسلحة. فخلال 10 سنوات، من 2009 إلى 2019، التقى الوزراء وكبار المسؤولين المدنيين ممثلي صناعة الأسلحة بمعدل 1.64 مرة يوميا.
هذا المستوى من التواصل لا يماثله أي قطاع آخر، وتبرز شركة "بي إيه إي" بوصفها أكثر الشركات التي عقدت اجتماعات مع المسؤولين الحكوميين، بما في ذلك رؤساء الوزراء. وتستفيد بشكل كبير من هذه العلاقة الوثيقة، إذ تحصل على نحو 90% من إيراداتها من وزارة الدفاع من خلال عقود غير تنافسية.
وقد وصفت لجنتا الدفاع والحسابات العامة في البرلمان البريطاني هذا الهيكل التعاقدي بأنه "منهار"، إذ يسمح لشركة "بي إيه إي" بالحفاظ على هوامش أرباح قوية رغم التأخيرات المتكررة في المشارع وتجاوز التكاليف المتفق عليها في بداية المشاريع.
إدانةأحد أكثر الجوانب التي تدين شركات الأسلحة في التقرير هو كيفية ترسيخ صناعة الأسلحة نفسها داخل الهيئات الحكومية المعنية باتخاذ القرارات الرئيسية في صفقات الأسلحة. وتشارك في مجموعات استشارية مشتركة بين الحكومة والصناعة، مما يسمح لها بالتأثير على تطوير السياسات الدفاعية بطريقة "تعزز مصالحها المالية على حساب الاعتبارات الأخلاقية"، حسب التقرير.
يكشف التقرير عن إخفاق الحكومات المتعاقبة في إصلاح نظام الصفقات في وزارة الدفاع، إذ أدى نقص المنافسة إلى منح العقود لشركات مثل "بي إيه إي" و"رولز رويس" و"بابكوك" رغم ارتفاع تكاليفها مقارنة مع شركات أسلحة أخرى، في حين بقي الجيش البريطاني "غير مجهز بشكل كافٍ ويعاني نقصا في الموارد"، وفق ما ينقله التقرير عن مسؤولين عسكريين.
ورغم هذه الإخفاقات، فإن شركة "بي إيه إي" تستمر في مراكمة الأرباح، فلقد حققت إيرادات بلغت نحو 23 مليار جنيه إسترليني عام 2022، مسجلة ارتفاعا من 21.4 مليارا في العام السابق، مما يجعلها المستفيد الرئيسي من هذا النظام "المنهار". وقال التقرير إن هذه الشركة أصبحت -تقريبا- امتدادا خاصا للحكومة، مما يزيد من ضبابية الحدود بين الخدمة العامة والأرباح التجارية.
بالإضافة إلى الصفقات الداخلية، يسلط التقرير الضوء على جهود الحكومة البريطانية لتعزيز صادرات الأسلحة من خلال وكالة تصدير مخصصة تابعة لوزارة الأعمال والتجارة، وتُدعّم بنشاط شركات الأسلحة في تأمين الصفقات في الخارج، مما يعمق نفوذ الصناعة داخل هيكل الحكومة.
هيمنةويصل التقرير إلى نتيجة مفادها أن شركة "بي إيه إي" باتت تعرف اندماجا فعليا مع الدولة، مستفيدة من نظام صفقات غير مراقب ووصول غير مسبوق إلى الحكومة. ومع ربط جزء كبير من أعمالها بوزارة الدفاع، فإن غياب المنافسة في منح العقود يسمح للشركة بالحفاظ على هيمنتها.
كما ينبه إلى دور صادرات الأسلحة في تأجيج الصراعات العالمية. وتستمر المملكة المتحدة في تصدير الأسلحة إلى دول متورطة في حروب وانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك إسرائيل التي تخوض عدوانا على قطاع غزة.
وغالبا ما يتم تبرير هذه المبيعات من قبل الحكومة بأسباب اقتصادية، "إلا أنها تساهم بشكل مباشر في تدمير حياة المدنيين في مناطق الصراع"، يقول التقرير.
ويوضح أن خلاصاته هي "تذكير مؤلم" بالمخاطر التي تنطوي عليها العلاقات الوثيقة بين صناعة الأسلحة والحكومة. ويدعو إلى إصلاحات عاجلة لإنهاء هذه العلاقة الوثيقة وضمان أن تكون المصلحة العامة والأخلاق والشفافية في صدارة عمليات صنع القرار البريطاني.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات شرکات الأسلحة صناعة الأسلحة هذه العلاقة بی إیه إی
إقرأ أيضاً:
توطين صناعة الدواء .. نواب يطالبون الحكومة بمنح حوافز لإقامة مصانع للمواد الخام لتحقيق الاكتفاء الذاتي
رئيس صحة النواب: 91% من الأدوية سواء كانت من شركات دولية أو محلية تنتج في مصر
رئيس أفريقية النواب: صادراتنا الدوائية إلى إفريقيا تتسع.. ونطمح في 10% من السوق
برلماني: مصر لها تاريخ بصناعة الدواء.. وآن الأوان لصناعة أدوية الأورام والسكر محليًا
أكد عدد من النواب أن مصر دولة ذات تاريخ كبير في صناعة الدواء يمتد لأكثر من 100 عام، وتُعد من الدول الرائدة في صناعة الأدوية في الشرق الأوسط ، وطالبوا بضرورة منح حوافز لإقامة مصانع للمواد الخام للأدوية، مثلما حدث فى الهند والصين، وهذا هو الهدف الأساسي من إنشاء مدينة الدواء، والتي ننتظر أن نصنع لنا المواد الخام للأدوية، خاصة وأن 9 % من الأدوية الغير موجودة فى السوق المصري، بسبب نقص توافر المواد الخام.
في البداية قال النائب أشرف حاتم، رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب ووزير الصحة الأسبق إن 91 % من الأدوية فى السوق المصري سواء كانت صناعة من شركات دولية أو محلية كلها تصنع فى مصر.
وأشار حاتم في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد" إلى أن المشكلة الموجودة لدينا في مصر، تتمثل فى أننا ليس لدينا مصانع لتصنيع المواد الخام للأدوية ولأدوية الأورام والمواد البيولوجية، وذلك بسبب نقص الدولار.
وطالب رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب ووزير الصحة الأسبق الدولة المصرية بضرورة منح حوافز لإقامة مصانع للمواد الخام للأدوية، مثلما حدث فى الهند والصين، وهذا هو الهدف الأساسي من إنشاء مدينة الدواء، والتي ننتظر أن نصنع لنا المواد الخام للأدوية، خاصة وأن 9 % من الأدوية الغير موجودة فى السوق المصري، بسبب نقص توافر المواد الخام.
وقال النائب شريف الجبلي، رئيس لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب، إن سوق الدواء في إفريقيا معقد جدًا، إذ حاولت مصر على مدار سنوات الدخول إليه، لكنها واجهت مقاومة شديدة من بعض الدول، دون ذكر أسمائها، وهي الدول التي تسيطر على هذا السوق الحيوي.
وأشار الجبلي، في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد"، إلى أن سوق الدواء في إفريقيا يُقدّر بنحو 60 مليار دولار، بينما لم تتجاوز حصة مصر منه 1%، وهو رقم لا يتناسب مع قدرات صناعة الدواء المصرية. وأضاف أن المشكلة الأساسية التي كانت تواجه مصر هي مشكلة التسجيل، حيث كانت بعض الدول ترى أن مصر غير مسجلة دوليًا في منظمة الصحة العالمية أو غيرها من الهيئات الدولية المعتمدة، وكانت تلك هي العقبة الأساسية.
وتابع: "لكن بعد إنشاء مدينة الدواء وهيئة الدواء المصرية، تمكنت مصر من الحصول على شهادة الاعتماد الدولية لدوائها، وهو ما يمهّد الطريق أمام دخول قوي للسوق الإفريقية".
وقال رئيس لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب: "نحن نؤيد وندعم هيئة الدواء في تواجدها داخل السوق الإفريقية، وبدأنا بالفعل تصدير الدواء إلى بعض الدول مثل زيمبابوي وزامبيا، وأعتقد أنه خلال الأشهر المقبلة سيشهد السوق الإفريقي تواجدًا أوسع للدواء المصري، على أن نصل إلى حصة لا تقل عن 10% من هذا السوق، أي ما يعادل نحو 6 مليارات دولار سنويًا، خاصة بعد زوال العقبات".
واختتم بقوله: "كلجنة الشئون الإفريقية في مجلس النواب، سنقدّم كل أشكال الدعم السياسي اللازم، وسنتعاون مع الهيئات المناظرة لهيئة الدواء في إفريقيا، فيما تبقى الأمور الفنية من اختصاص هيئة الدواء المصرية".
وقال النائب مكرم رضوان، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، إن مصر دولة ذات تاريخ كبير في صناعة الدواء يمتد لأكثر من 100 عام، وتُعد من الدول الرائدة في صناعة الأدوية في الشرق الأوسط.
وأشار "رضوان" في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد"، إلى أنه للأسف، لم نُطوّر أنفسنا في صناعة الدواء منذ فترة طويلة، وهناك دول سبقتنا في هذا المجال، مؤكدًا أننا اقتصرنا على شركات تصنيع الأدوية ومثيلاتها.
وأوضح عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، أن هناك أدوية حديثة غير متوفرة لدينا، مثل أدوية الأورام والسكر، بسبب عدم توافر الدولار.
وطالب بضرورة تركيز الحكومة خلال الفترة المقبلة على تصنيع الأدوية التي نستوردها من الخارج، والتي تكلّفنا عملةً صعبة، مثل أدوية السكر والأنسولين، بالإضافة إلى أدوية الأورام التي يمكن أن توفر لنا دولارات كثيرة.
واختتم قائلًا: عندما تحصل دولة أو هيئة على براءة اختراع لدواء، يكون مقصورًا عليها لمدة 10 سنوات، وتستطيع من خلال ذلك التحكم في سعره، مشيرًا إلى أنه إذا توفرت لدينا أبحاث علمية لإنتاج دواء، فيمكننا تصنيعه محليًا بسعر منخفض، والاستفادة منه داخل البلاد، ثم تصديره لجلب العملة الصعبة.
وكان قد استقبل الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، الرئيس الأنجولي جواو لورونسو وقرينته والوفد المرافق له، وذلك في مدينة الدواء المصرية "چبتو فارما" ضمن برنامج زيارته الرسمية إلى جمهورية مصر العربية.
وفي مستهل الزيارة رحب الدكتور خالد عبدالغفار بزيارة الرئيس الأنجولي جواو لورونسو إلى مدينة الدواء المصرية "چبتو فارما"، مشيراً إلى أن مدينة الدواء المصرية تمثل أحد الركائز الأساسية لتحقيق الأمن الدوائي في مصر والمنطقة.
وأوضح أن مصر تولي اهتمامًا بالغًا بتعزيز التعاون مع الدول الأفريقية الشقيقة، ويعتبر هذا التعاون محوراً أساسياً في جهودها لرفع مستوى الرعاية الصحية بالقارة الافريقية.
وأشار إلى أن تبادل الخبرات والشراكات مع الدول الأفريقية يسهم في بناء منظومة صحية قوية ومستدامة تخدم مصالح شعوبنا، مؤكدا أن الدولة المصرية تولى اهتماما كبير بتعزيز التعاون مع جمهورية أنجولا في هذا القطاع الحيوي.
مدينة الدواء "چبتو فارما"وأكد الدكتور خالد عبدالغفار، أن مدينة الدواء "چبتو فارما" تجسد رؤية الدولة المصرية في توطين الصناعات الحيوية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأدوية، وتطوير ودعم الابتكار في مجال الرعاية الصحية.
واشار الدكتور خالد عبدالغفار، إلى أن هذه الزيارة تعكس الثقة في قدرات الصناعات الدوائية المصرية وما حققته "چبتو فارما" من إنجازات من خلال تطبيق أحدث التقنيات العالمية في التصنيع والبحث والتطوير، موضحا أنه يتم إنتاج 91٪ من المستحضرات الدوائية المسجلة محليا وفقا للمعايير الدولية، كما أن مصر أكبر دولة مصدرة للدواء في الشرق الأوسط وأفريقيا.
وقال الدكتور حسام عبد الغفار المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، إن الزيارة شهدت استعراضاً تفصيليا لأحدث التقنيات المستخدمة في الصناعات الدوائية المحلية داخل المدينة، والتي تضاهي المعايير العالمية، حيث اطلع الرئيس الأنجولي والوفد المرافق على مراحل البحث والتطوير والإنتاج التي تتم وفقا لأعلى معايير الجودة العالمية.
واوضح «عبدالغفار» أن الزيارة تضمنت التباحث حول سُبل التعاون المشترك في مجال التصدير الدوائي إلى أنجولا وإمكانية إنشاء مصانع مصرية متخصصة بدولة أنجولا، بما يساهم في توفير الدواء بأسعار مناسبة للمواطنين، كما تضمنت الزيارة جولة تفقدية شاملة داخل منشآت المدينة، وخطوط الانتاج المختلفة، وتم الاطلاع على مراحل تصنيع جميع المستحضرات الدوائية.
من جانبه اشار الدكتور علي الغمراوي، رئيس هيئة الدواء المصرية، إلى أن هيئة الدواء المصرية تولي اهتماما كبير بتعزيز أطر التعاون مع الدول الأفريقية الشقيقة في قطاع المستحضرات الدوائية، مضيفاً إن زيارة الرئيس الأنجولي إلى صرح طبي وعلمي مثل مدينة الدواء "چبتو فارما" تؤكد على الإمكانيات الكبيرة التي تتمتع بها المدينة، وذلك لتطبيق أحدث التقنيات التصنيعية والالتزام بمعايير الجودة والسلامة العالمية، وهو ما يتماشى مع رؤية الهيئة لضمان توفير دواء عالي الجودة وآمن وفعال لجميع المرضى.
من جانبه، أعرب الدكتور عمرو ممدوح، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمدينة الدواء "چبتو فارما"، عن سعادته بهذه الزيارة المهمة، في خطوة تعكس عمق العلاقات بين مصر وأنجولا، وتؤكد على أهمية التعاون في قطاع الصناعات الدوائية بين البلدين وتبادل الخبرات بين الشركات المصرية والأنجولية.
وأكد أن المدينة تمضي بثبات لتكون مركزًا إقليميًا رائدًا في صناعة الدواء، عبر التعاون البناء مع الشركاء الأفارقة.