موقع 24:
2024-09-22@06:37:55 GMT

عن أيام لبنان السوداء و"الشماتة" وأمور أخرى

تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT

عن أيام لبنان السوداء و'الشماتة' وأمور أخرى

ترتفع اليوم أصوات لبنانيّة، كانت أكثر خوفاً وتردداً، مطالبةً حزب الله بالتوقّف عن مواصلة الحرب، وبالكفّ عن تعريض المدنيّين لموت مجانيّ. ذاك أن الذرائع كلها تساقطت، ونظريّة "الحزب يحمي لبنان" صار من بالغ الصعوبة الدفاع عنها، حتّى أنّ "لبنان"، بكلّ ما هو عليه من ضعف وإضعاف، بات يملك من القدرة على "حماية الحزب" ما يفوق قدرة الحزب على "حماية" لبنان.

والاعتراف بالواقع دون مكابرة ليس ترويجاً للهزيمة، ولا انحيازاً إلى إسرائيل، بل هو رغبة في وقف الهزيمة عند حدّ، ووقف القتل والموت عند المحطة التي بلغاها. فكلّ ما يحصل يأمر بذلك، ويحض على البحث عن كلّ فرصة سياسيّة لا تزال متوفّرة لمغادرة المأساة التي تتمادى.
فليس من معجزات في الأفق، وهناك توازنات قوى قد لا تعجبنا لكنْ لا بد من التسليم بها، وبأن أحداً لن يهبط من السماء لتعديلها. والحال أن إسرائيل تتصرّف تصرف وحش هائج لا يثنيه أي اعتبار عن ارتكاب المجازر، والتقديرات كلّها تتحدّث عن تصعيد كبير على الجبهة اللبنانية الإسرائيليّة، وهذا فيما بات واضحاً تماماً أن الرد العسكريّ الممكن لا يستطيع وقف ذلك، تماماً كما لا يستطيع وقفه الضغط السياسيّ والدبلوماسيّ، لا في غزّة ولا في لبنان الذي فقد كلّ أوراقه في هذا الميدان. أمّا الماضون في تحميس حزب الله، وحماس، وفي إدانة كلّ دعوة إلى التوقّف عن مواصلة القتال، فلا يفعلون غير التسبّب بمزيد من الدم والضحايا والمضيّ على الطريق التي أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه.
لقد احتلّ تعبير "الشماتة" موقعاً معتبراً في شبكة المشاعر التي أثارتها الأيّام السوداء الأخيرة المستمرّة. والشماتة، دون أدنى شكّ، شعور مريض، خصوصاً حين تطال مدنيّين صدف أنّهم كانوا هناك على مقربة من هذا التفجير أو ذاك. لكن ألسنا جميعاً مرضى بنتيجة هذا الوضع المزمن من تفشّي الكراهية، والحقد في ما بين "الأخوة"، وهو ما فاقمته كثيراً حرب لم تسند غزّة بل صدعت لبنان؟ وهل يمكن، لغير الملائكة، وهم قلّة، والمُداهنين، وهم كثرة، أن يستجيبوا لدعوات التضامن مع حزب الله، غاضّين النظر عن أنّه ساقهم إلى حرب كهذه غصباً عنهم، ولم يكن ذلك للمرّة الأولى، وهذا مع العلم أنهم عارضوا دائماً حروبه ووقفوا ضدّها، واعتبروها أكثر ما يعطّل قيام دولتهم وما يمنع إصلاح سياستهم واجتماعهم. وقد حصل ذلك بعد تاريخ لم يعد قصيراً من العنف والاغتيال اللذين طالا لبنانيين وسوريين كثيرين جداً، ناهيك عن أفعال التشهير والتخوين وسواهما؟
واليوم، في ظل تحريم كلّ مراجعة وكل اعتراف، ما الذي يمكن قوله لرافض الحرب بوصفها حرباً إيرانية إسرائيليّة حين يعلم أنّ السفير الإيراني في بيروت يحمل "البايجر" الذي يحمله الكادر العسكريّ في حزب الله؟ وهل يُفترض باللبناني "الوطني والشريف" أن يتحمس لموته في حرب إيرانية إسرائيلية؟ وما الذي يقال لأهل الضحايا منذ 14 شباط (فبراير) 2005 حتى تفجير مرفأ بيروت وما تلاه، ممن طُمس التحقيق في جرائم موتهم، حين يعلن زعيم حزب الله أنّ التحقيقات بصدد ضحايا وسائل الاتّصال على وشك أن تنتهي؟ وماذا يقال للسوري الذي لا يقرأ سيرة قائد عسكري من الحزب إلا ويكتشف أنه شرب دم أخيه السوريّ؟ وهل يكفي لرأب هذه الصدوع كلّها وقوفنا "في وجه العدوّ الصهيوني" كما لو أنّ هذا الشعار طاقة سحرية تُسلَّط على شعوب مسحورة؟
لكن رغم كلّ شيء، وكلّ ما يحصل، لا تزال حرارة التشهير والتخوين حتّى اليوم تنافس حرارة السلاح. ذاك أنّ المطلوب هو أن يقال ما تقوله الآلة الحربية وتوابعها بحذافيره. فإذا استمرّت الأمور العسكريّة في التدحرج نحو الأسوأ لن يتبقّى لنا سوى أن نودع العقل نهائياً، فنعلن مثلاً أنّنا ننهزم لكثرة ما انتصرنا، وأنّنا نتراجع لشدّة ما تقدّمنا! وبهذا فقط نكون "وطنيّين شرفاء"!
وأغلب الظنّ أنّ عملية قضم العقل هذه يُراد لها أن تتوّج كلّ مسارات القضم التي سبقتها وطالت سائر مستويات الوجودين الخاصّ والعامّ. وهذا إنّما يصدر عن تقليد عريق في ديارنا يمكن تسميته بالسيناريو القياميّ المعكوس. فبحسب الرواية الناصريّة مثلاً، حصلت هزيمة حزيران (يونيو) 1967 فيما كانت تتفجّر الإنجازات والمكاسب التي كان التشكيك بها يرقى إلى خيانة موصوفة، وبعد أن استعرضت سوريّا عبقريّة فذّة عبّر عنها ذكاء حافظ الأسد، إذا بسوريّا نفسها تتفسّخ وتنهار...
لكنْ بغضّ النظر عما تنتهي إليه هذه الكارثة المطنطنة، المغلّفة بالانتصارات المؤزّرة، يبقى شيء واحد: فلربما بدا ذات مرّة أنّ اللبنانيين مرشّحون لأن يغدوا شعباً واحداً، لكن المؤكّد أن هذه الحرب قتلت ما تبقّى من أمل بذلك. ولسوء الحظ بات المرجّح بعدها أنّهم لن يغدوا.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية تفجيرات البيجر في لبنان حزب الله

إقرأ أيضاً:

من هو أحمد وهبي القيادي بـ"حزب الله" الذي استشهد بغارة إسرائيلية؟

بيروت - الوكالات

أكد "حزب الله" اللبناني -في بيان- استشهاد القيادي في صفوفه أحمد محمود وهبي وذلك في الضربة الإسرائيلية التي استهدفت الضاحية الجنوبية في بيروت يوم الجمعة.

وكان حزب الله قد أعلن في وقت سابق أيضا استشهاد القيادي إبراهيم عقيل في الضربة الإسرائيلية والتي أدت إلى استشهاد 14 شخصا وفق وزارة الصحة اللبنانية والتي قالت إن العدد مرشح للزيادة مع عمل فرق الإنقاذ طوال الليل.

وذكر حزب الله -في بيان- معلومات تتعلق بوهبي والمناصب التي تبوأها حتى مقتله يوم الجمعة:

- من مواليد جنوب لبنان 1964.

- التحق بالحزب منذ تأسيسه وشارك في العديد من العمليات العسكرية إبان سيطرة إسرائيل على جنوب لبنان.

- تعرض للأسر من قبل إسرائيل في عام 1984.

- ألقيت على عاتقه العديد من المسؤوليات القيادية في وحدة التدريب المركزي حتى العام 2007.

- تولى مسؤولية التدريب في قوة الرضوان حتى العام 2012.

- كان من القادة الأساسيين في التصدي للهجمات على حدود لبنان الشرقية، وفي مختلف المحافظات السورية.

- قاد عمليات قوة الرضوان العسكرية منذ بداية المعركة بين حماس وإسرائيل في السابع من أكتوبر وحتى مطلع 2024.

- عاد ليتولى مسؤولية الإشراف على وحدة التدريب المركزي بعد مقتل وسام الطويل.

وفي بيان مقتضب نقلته وسائل إعلام إسرائيلية، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن أهداف إسرائيل واضحة وإجراءاتها تتحدث عن نفسها.

من جهة أخرى، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت على منصة إكس: "سيستمر تسلسل الإجراءات في المرحلة الجديدة حتى نحقق هدفنا، وهي العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم".

وتلك هي المرة الثانية في أقل من شهرين التي تستهدف فيها إسرائيل قياديا عسكريا كبيرا في حزب الله في بيروت، ففي يوليو قتلت غارة فؤاد شكر القائد العسكري بالجماعة.

وشكلت الغارة التي قتل فيها عقيل ووهبي ضربة جديدة لحزب الله بعد يومين من تعرض الجماعة لهجوم بتفجير أجهزة اتصال لاسلكي تعرف باسم (البيجر) وأجهزة لاسلكي (الوكي توكي) التي يستخدمها أعضاؤها مما أسفر عن مقتل 37 وإصابة عدد كبير من الأشخاص.

ويعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل نفذت تلك الهجمات رغم أنها لم تنف أو تؤكد ضلوعها فيها.

وقالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت "إن الهجوم الذي وقع يوم الجمعة في منطقة مكتظة بالسكان في الضاحية الجنوبية لبيروت هو امتداد "لدائرة خطيرة للغاية من العنف سيكون لها عواقب مدمرة. لا بد لذلك أن يتوقف فورا".

كذلك حذرت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو الجمعة مجلس الأمن من "أنه إذا استمر العنف بين إسرائيل من جانب وحماس وحزب الله من جانب آخر "فإننا نخاطر برؤية حريق قد يتضاءل أمامه الدمار والمعاناة التي شهدناها حتى الآن".

مقالات مشابهة

  • تعرض للأسر في تل أبيب قبل 20 عاما.. من هو أحمد وهبي القيادي بحزب الله الذي قتل بغارة إسرائيلية في لبنان؟!
  • أحمد وهبي مدرب قوة الرضوان الذي اغتالته إسرائيل
  • بعد الخروقات.. ماذا يجري بين حزب الله وإيران؟
  • أحمد وهبي.. من هو القيادي الذي قتل في الغارة الإسرائيلية على بيروت؟
  • من هو أحمد وهبي القيادي بـ"حزب الله" الذي استشهد بغارة إسرائيلية؟
  • عاجل - قيادة عسكرية رفيعة المستوى.. من هو إبراهيم عقيل الذي تم تصفيته في قلب بيروت أثناء اجتماع سري تحت الأرض؟
  • خبير استراتيجي: الحرب مع حزب الله «عنقودية» والخسائر التي لحقت به غير مؤثرة
  • من هو إبراهيم عقيل من حزب الله التي أعلنت إسرائيل استهدافه في بيروت؟
  • الذي نكب حزب الله.. شاهد من هو المتورط في صفقة أجهزة البيجر في لبنان ولماذا اختفى في يوم التفجير؟