موقع 24:
2025-01-28@02:03:26 GMT

عن أيام لبنان السوداء و"الشماتة" وأمور أخرى

تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT

عن أيام لبنان السوداء و'الشماتة' وأمور أخرى

ترتفع اليوم أصوات لبنانيّة، كانت أكثر خوفاً وتردداً، مطالبةً حزب الله بالتوقّف عن مواصلة الحرب، وبالكفّ عن تعريض المدنيّين لموت مجانيّ. ذاك أن الذرائع كلها تساقطت، ونظريّة "الحزب يحمي لبنان" صار من بالغ الصعوبة الدفاع عنها، حتّى أنّ "لبنان"، بكلّ ما هو عليه من ضعف وإضعاف، بات يملك من القدرة على "حماية الحزب" ما يفوق قدرة الحزب على "حماية" لبنان.

والاعتراف بالواقع دون مكابرة ليس ترويجاً للهزيمة، ولا انحيازاً إلى إسرائيل، بل هو رغبة في وقف الهزيمة عند حدّ، ووقف القتل والموت عند المحطة التي بلغاها. فكلّ ما يحصل يأمر بذلك، ويحض على البحث عن كلّ فرصة سياسيّة لا تزال متوفّرة لمغادرة المأساة التي تتمادى.
فليس من معجزات في الأفق، وهناك توازنات قوى قد لا تعجبنا لكنْ لا بد من التسليم بها، وبأن أحداً لن يهبط من السماء لتعديلها. والحال أن إسرائيل تتصرّف تصرف وحش هائج لا يثنيه أي اعتبار عن ارتكاب المجازر، والتقديرات كلّها تتحدّث عن تصعيد كبير على الجبهة اللبنانية الإسرائيليّة، وهذا فيما بات واضحاً تماماً أن الرد العسكريّ الممكن لا يستطيع وقف ذلك، تماماً كما لا يستطيع وقفه الضغط السياسيّ والدبلوماسيّ، لا في غزّة ولا في لبنان الذي فقد كلّ أوراقه في هذا الميدان. أمّا الماضون في تحميس حزب الله، وحماس، وفي إدانة كلّ دعوة إلى التوقّف عن مواصلة القتال، فلا يفعلون غير التسبّب بمزيد من الدم والضحايا والمضيّ على الطريق التي أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه.
لقد احتلّ تعبير "الشماتة" موقعاً معتبراً في شبكة المشاعر التي أثارتها الأيّام السوداء الأخيرة المستمرّة. والشماتة، دون أدنى شكّ، شعور مريض، خصوصاً حين تطال مدنيّين صدف أنّهم كانوا هناك على مقربة من هذا التفجير أو ذاك. لكن ألسنا جميعاً مرضى بنتيجة هذا الوضع المزمن من تفشّي الكراهية، والحقد في ما بين "الأخوة"، وهو ما فاقمته كثيراً حرب لم تسند غزّة بل صدعت لبنان؟ وهل يمكن، لغير الملائكة، وهم قلّة، والمُداهنين، وهم كثرة، أن يستجيبوا لدعوات التضامن مع حزب الله، غاضّين النظر عن أنّه ساقهم إلى حرب كهذه غصباً عنهم، ولم يكن ذلك للمرّة الأولى، وهذا مع العلم أنهم عارضوا دائماً حروبه ووقفوا ضدّها، واعتبروها أكثر ما يعطّل قيام دولتهم وما يمنع إصلاح سياستهم واجتماعهم. وقد حصل ذلك بعد تاريخ لم يعد قصيراً من العنف والاغتيال اللذين طالا لبنانيين وسوريين كثيرين جداً، ناهيك عن أفعال التشهير والتخوين وسواهما؟
واليوم، في ظل تحريم كلّ مراجعة وكل اعتراف، ما الذي يمكن قوله لرافض الحرب بوصفها حرباً إيرانية إسرائيليّة حين يعلم أنّ السفير الإيراني في بيروت يحمل "البايجر" الذي يحمله الكادر العسكريّ في حزب الله؟ وهل يُفترض باللبناني "الوطني والشريف" أن يتحمس لموته في حرب إيرانية إسرائيلية؟ وما الذي يقال لأهل الضحايا منذ 14 شباط (فبراير) 2005 حتى تفجير مرفأ بيروت وما تلاه، ممن طُمس التحقيق في جرائم موتهم، حين يعلن زعيم حزب الله أنّ التحقيقات بصدد ضحايا وسائل الاتّصال على وشك أن تنتهي؟ وماذا يقال للسوري الذي لا يقرأ سيرة قائد عسكري من الحزب إلا ويكتشف أنه شرب دم أخيه السوريّ؟ وهل يكفي لرأب هذه الصدوع كلّها وقوفنا "في وجه العدوّ الصهيوني" كما لو أنّ هذا الشعار طاقة سحرية تُسلَّط على شعوب مسحورة؟
لكن رغم كلّ شيء، وكلّ ما يحصل، لا تزال حرارة التشهير والتخوين حتّى اليوم تنافس حرارة السلاح. ذاك أنّ المطلوب هو أن يقال ما تقوله الآلة الحربية وتوابعها بحذافيره. فإذا استمرّت الأمور العسكريّة في التدحرج نحو الأسوأ لن يتبقّى لنا سوى أن نودع العقل نهائياً، فنعلن مثلاً أنّنا ننهزم لكثرة ما انتصرنا، وأنّنا نتراجع لشدّة ما تقدّمنا! وبهذا فقط نكون "وطنيّين شرفاء"!
وأغلب الظنّ أنّ عملية قضم العقل هذه يُراد لها أن تتوّج كلّ مسارات القضم التي سبقتها وطالت سائر مستويات الوجودين الخاصّ والعامّ. وهذا إنّما يصدر عن تقليد عريق في ديارنا يمكن تسميته بالسيناريو القياميّ المعكوس. فبحسب الرواية الناصريّة مثلاً، حصلت هزيمة حزيران (يونيو) 1967 فيما كانت تتفجّر الإنجازات والمكاسب التي كان التشكيك بها يرقى إلى خيانة موصوفة، وبعد أن استعرضت سوريّا عبقريّة فذّة عبّر عنها ذكاء حافظ الأسد، إذا بسوريّا نفسها تتفسّخ وتنهار...
لكنْ بغضّ النظر عما تنتهي إليه هذه الكارثة المطنطنة، المغلّفة بالانتصارات المؤزّرة، يبقى شيء واحد: فلربما بدا ذات مرّة أنّ اللبنانيين مرشّحون لأن يغدوا شعباً واحداً، لكن المؤكّد أن هذه الحرب قتلت ما تبقّى من أمل بذلك. ولسوء الحظ بات المرجّح بعدها أنّهم لن يغدوا.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية تفجيرات البيجر في لبنان حزب الله

إقرأ أيضاً:

مكتب فضل الله يعلن موعد أول أيام شهر شعبان

 أصدر المكتب الشّرعي في مؤسّسة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله، بيانا أعلن فيه "أن يوم الخميس الواقع فيه 30 كانون الأول هو أول أيام شهر شعبان المعظم  ما عدا البلدان الواقعة في شرق الأقصى فيكون بداية شهر شعبان لديها يوم الجمعة وذلك طبقا للمبنى الفقهي لسماحته بالاعتماد على الحسابات العلمية الفلكية الدقيقة..  

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله شهراً مباركاً، عامراً بالعبادات والطاعات والأعمال الصالحة، والحفظ والفرج لجميع المؤمنين، إنه سميع مجيب".

مقالات مشابهة

  • "ولا ليوم واحد".. نعيم قاسم يُعلن رفض حزب الله تمديد انسحاب إسرائيل من لبنان رفضاً قاطعاً
  • الأمين العام لحزب الله: نشكر العراق على الدعم الذي قدمه إلى لبنان
  • مكتب فضل الله يعلن موعد أول أيام شهر شعبان
  • مليون و170 ألف زائر في معرض الكتاب خلال الـ3 أيام الأولى
  • حزب الله يدعو لإلزام إسرائيل بالانسحاب من لبنان
  • حزب الله: الجيش والشعب والمقاومة صمام أمان لبنان
  • محاسنُ الشَّريعة العِلمُ الذي سَكَت لما نَطَق
  • التموين: توريد المستهدف لمصنع سكر أبو قرقاص وتشغيل 3 مصانع أخرى خلال أيام
  • نقاط ضعفٍ.. هكذا يتحضّر حزب الله للمعركة المُقبلة مع إسرائيل
  • هل يتنازل حزب الله قبل الذهاب إلى الاستقرار؟