موازين القوى تتغير بعد الهجمات على حزب الله
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
بين هجمات أجهزة الاتصالات والغارات في لبنان، استطاعت إسرائيل استهداف قادة في حزب الله وإصابة العديد منهم، فيما توعد الحزب بالانتقام وأطلق صواريخ على شمال إسرائيل.
منذ الحرب الأخيرة المدمرة، في عام 2006، بين إسرائيل وحزب الله، يستعد الطرفان للمواجهة، وكانت المناوشات على الحدود قائمة بشكل متقطع، فيما يخشى الجميع من "الانزلاق لحرب كبيرة" في المنطقة.
ووفق تحليل نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" فالهجمات على حزب الله "تغير موازين القوى في القتال طويل الأمد"، إذ لم يعد "الردع المتبادل" قائما، وفرص التحول لحرب كبرى أصبحت أكبر.
الإسرائيليون يخشون من أن الصراع الجديد يمكن أن يشمل استهداف حزب الله للبنية التحتية في إسرائيل، وأن يهاجم مسلحو الحزب المجتمعات الإسرائيلية، فيما يعلم حزب الله أن القوات الجوية الإسرائيلية يمكنها أن تتسبب في إحداث دمار واسع النطاق في لبنان.
ومع هذا، غيرت التطورات التي وقعت خلال الأيام الأخيرة المعادلة، وقالت لينا الخطيب، باحثة في تشاتام هاوس ومقرها لندن، للصحيفة الأميركية إن "18 عاما من الردع المتبادل، أفسحت (التطورات الجديدة) لمرحلة جديدة من التفوق الأحادي من جانب إسرائيل".
وأضافت للصحيفة أن "الواجهة التي كان حزب الله يقدمها للعالم باعتباره منظمة لا يمكن اختراقها تحطمت، فيما أظهرت إسرائيل ببراعة تفوقها في مواجهته".
ويشير التحليل إلى أن هجوم حماس في السابع من أكتوبر على إسرائيل، أضر بشعور قادة إسرائيل بالأمن، وغير من طريقة تفكيرهم بشأن التهديدات على الحدود.
وترى الخطيب أن "حزب الله وضعته إسرائيل في الزاوية"، وحتى لو بقيت ترسانته العسكرية سليمة "تم تقليص قدرتهم على نشرها".
وأفاد مصدر مقرب من حزب الله فرانس برس، السبت، أن الغارة استهدفت اجتماعا لقوة الرضوان في طابق تحت الأرض، وأدت إلى مقتل 16 عنصرا من بينهم قائد وحدة النخبة هذه إبراهيم عقيل، وقيادي ثانٍ هو أحمد محمود وهبي.
وأقام الحزب مراسم تشييع، السبت، لعدد من القتلى. وأعلن الجيش الإسرائيلي في اليوم ذاته أنه تمكن من "القضاء على معظم الهيكلية القيادية لقوة الرضوان في حزب الله".
وعقيل الذي كان مطلوبا من الولايات المتحدة، هو ثاني قائد عسكري بارز في حزب الله تقتله إسرائيل في الضاحية الجنوبية منذ بدء التصعيد، بعد فؤاد شكر، الذي اغتيل أواخر يوليو.
بول سالم، نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن، قال لنيويورك تايمز إنه منذ الأشهر الأولى للحرب، عبرت إسرائيل عن عدم قدرتها على "التعايش" مع التهديد الذي عاشته لـ 18 عاما ماضية، وأنه لا يمكن الإبقاء على وجود "قوة هائلة على الحدود الشمالية".
وتابع أن "التهديد البسيط من حزب الله" لم يعد له التأثير ذاته على إسرائيل الذي كان قبل السابع من أكتوبر.
وقال آرام نرغيزيان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية لفرانس برس إن الاستخبارات الإسرائيلية تمكنت من "اختراق" و"ضعضعة" حزب الله الذي كان يقدم نفسه على أنه "قوة موحدة ومنضبطة مع قدرة على مكافحة التجسس داخل صفوفه من الطراز الأول".
ويتبادل حزب الله وإسرائيل القصف عبر الحدود منذ أكتوبر 2023، بعدما فتح الحزب "جبهة إسناد" لحماس وغزة إثر اندلاع الحرب بين الحركة وإسرائيل.
وفي استمرار للتصعيد العسكري الإسرائيلي ضد حزب الله، أعلن جيشها السبت في بيان أنه قصف "آلافا من قاذفات الصواريخ كانت جاهزة لاستخدامها فورا لإطلاق نيرانها في اتجاه الأراضي الإسرائيلية"، مضيفا أنه أصاب "180 هدفا" بحسب فرانس برس.
كما أعلن الجيش في وقت لاحق أن "عشرات" الطائرات الحربية تشنّ "غارات واسعة" في جنوب لبنان "بعد رصد استعدادات حزب الله لإطلاق قذائف صاروخية نحو الأراضي الإسرائيلية".
وفي ظل الغارات الكثيفة، أفاد الجيش الإسرائيلي بأن حزب الله أطلق "نحو تسعين صاروخا" باتجاه شمال إسرائيل.
وأعلن الحزب تنفيذ سلسلة عمليات ضد مواقع عسكرية إسرائيلية، منها قصف ثكنتين "بصواريخ الكاتيوشا". وأكد في بيان أن ذلك يأتي ردا على "الاعتداءات... على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل المدنية".
ويأتي التصعيد هذا الأسبوع بعيد إعلان إسرائيل أنها توسع أهدافها الحربية إلى الجبهة الشمالية، للسماح لعشرات الآلاف من السكان الذين نزحوا بسبب القصف بالعودة إلى ديارهم.
وكانت الأهداف الرئيسية المعلنة حتى ذلك الحين هي تدمير حماس التي تتولى السلطة في غزة منذ العام 2007، وإعادة الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
أين هو موقف الحكومة من الخروقات الإسرائيلية بكل أشكالها؟
يكون ساذجًا من يعتقد أن كل خطوة جديدة تقوم بها إسرائيل، سواء أكانت عسكرية أو سياسية أو ديبلوماسية أو حتى شعبية، غير مرتبطة بما سبقها من خطوات يمكن اعتبارها تراكمية في مسرى الأحداث والتطورات المتنقلة من قطاع غزة إلى الضفة الغربية فلبنان وسوريا. وهذا ما يُعرف بالخطوات التسلسلية في المكان والزمان المناسبين وفق أجندتها الخاصة المحدّدة مواقيتها والمضبوطة على التوقيت الأميركي من دون الأخذ في الاعتبار إن كانت هذه الساعة "جمهورية" أو "ديمقراطية"، وإن بدا بعض التباين في عقاربهما غير المتشابهة ظاهريًا. أن تسمح حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة لعدد من المتدينين اليهود المتطرفين (حريديم) باستباحة الحدود الجنوبية وتركهم يمارسون شعائرهم الدينية داخل الأراضي اللبنانية، التي لا تزال محتلة، وهي شعائر تستفز جميع اللبنانيين من دون استثناء لما فيها من تحّد فاضح لهم ولسلطتهم السياسية والعسكرية والديبلوماسية. وكأن بحكومة العدو أرادت أن توجّه من خلال سماحها لهؤلاء المتطرفين دينيًا أكثر من رسالة إلى لبنان أولًا، وإلى المجتمع العربي غداة انعقاد القمة العربية الطارئة في القاهرة ثانيًا، وإلى المجتمع الدولي أولًا، وثانيًا، وثالثًا، وأخيرًا. ومفاد هذه الرسائل الموقّعة بخاتم استمرار قيام إسرائيل بشن غاراتها على لبنان، والتي بلغ عددها قبل يومين 26 غارة ادّعت أنها استهدفت مخازن أسلحة لـ "حزب الله" في أكثر من منطقة شمال الليطاني، أن حكومة الحرب في إسرائيل ماضية في انتهاج سياسة عدائية واحدة متواصلة الحلقات في فلسطين بقطاعها الغزاوي وضفتها الغربية، وفي الجنوب اللبناني والجنوب السوري. وبهذه السياسة التي تنتهجها حكومة العدو يُمكن فهم إصرارها المستميت على إبقاء احتلالها لأكثر من موقع استراتيجي داخل الأراضي اللبنانية، والتي يُقال إنها أكثر من خمس تلال فقط. أن تسمح حكومة إسرائيل لمئات المتشددين اليهود بانتهاك الحدود اللبنانية تحت حجة ممارسة شعائر دينية مستفزّة ليس حدثًا عاديًا وعابرًا في الحسابات الإسرائيلية. وهذا ما يجب أن يكون عليه الموقف اللبناني الرسمي. لأن ما يهدف إليه العدو يثير مخاوف كثيرين من اللبنانيين من أن تكون إسرائيل ماضية في مخططها التهجيري عبر فرض أمر واقع احتلالي يُضاف إلى الاحتلالات السابقة للتلال، التي رفضت الانسحاب منها. وهو أمر في غاية الخطورة، وهو موجّه إلى العهد والحكومة في بداية مسيرتهما "الإصلاحية والانقاذية"، ويشكّل ضغطًا متزايدًا على لبنان غير الموحدّة رؤاه، أقله في كيفية التعاطي مع الخروقات الإسرائيلية الاستفزازية المتمادية للسيادة اللبنانية، وإن كان موقف رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، الذي أعلنه في قمة القاهرة، واضحًا من حيث التوجهات العامة للسياسة الخارجية الجديدة للبنان. وهذه الخروقات من شأنها أن تحرج إدارة الرئيس ترامب، الذي اتهم الرئيس الاوكراني فلاديمير زيلينسكي بأنه يقامر في تهديد السلام العالمي، غاضًا النظر عمّا يقوم به نتنياهو. والغريب في هذا "المشهد التلمودي" الاستباحي للسيادة اللبنانية وللشعور العام أنه يترافق مع منع أهالي حولا، الذي يقع موقع العباد في تلة قريبة من بلدتهم، من الوصول إلى منازلهم منذ أن أعلن وقف إطلاق النار، إذ تبلغت لجنة الإشراف على تطبيق هذا الاتفاق، الذي لم تطبقه إسرائيل منذ اليوم الأول لإعلانه، بأن تلة العباد الواقعة على ارتفاع أكثر من 900 متر باتت منطقة عازلة يُمنع على الأهالي الوصول إليها، بعدما دمّرت كل المنازل المحيطة وجرفت الحقول المحاذية للعباد. وفيما غاب الموقف الرسمي للحكومة اللبنانية من هذه الخروقات الإسرائيلية المتمادية صدر بيان عن قيادة الجيش- مديرية التوجيه، جاء فيه: "في سياق مواصلة العدو الإسرائيلي اعتداءاته وخروقاته لسيادة لبنان، عمد عناصر من قوات الجيش الإسرائيلي إلى إدخال مستوطنين لزيارة مقام ديني مزعوم في منطقة العباد- حولا في الجنوب، ما يمثل انتهاكاً سافراً للسيادة الوطنية اللبنانية". وأضاف البيان: "إن دخول مستوطنين من الكيان الإسرائيلي إلى الأراضي اللبنانية هو أحد وجوه تمادي العدو في خرق القوانين والقرارات الدولية والاتفاقيات ذات الصلة، ولا سيما القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار". تُتابع قيادة الجيش الموضوع بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان- اليونيفيل".يذكر في هذا المجال أنه لم تُعرف حتى الساعة الأسباب التي حالت دون عقد الاجتماع الذي كان مقررًا في السراي الحكومي بين رئيس الحكومة نواف سلام ولجنة الاشراف على وقف إطلاق النار.كما كان مستغربا الا يصدر اي موقف عن الحكومة ازاءما حصل ، رغم خطورته، كما لم يتم الاعلان عن اي اتصالات حكومية مع الدول المؤثرة في هذا الملف.
المصدر: خاص "لبنان 24"