اقرع: “مافي فرق في الوقت الراهن بين واشنطوم والخرطوم”
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
جيه دي فانس الترمبى السوداني:
“مافي فرق في الوقت الراهن بين واشنطوم والخرطوم.”
جيه دي فانس، الذي إختاره ترمب نائبا له، شاب مثقف وعصامى، نشأ في فقر في أقاليم أمريكا الأشد بؤسا في ظروف عائلية صعبة ولكنه بفضل تفاني جدته نجح في المدارس والجامعات الحكومية إلى أن إلتحق بجامعة ييل العريقة حيث درس القانون. ثم دخل بعدها إلي عالم الإستثمار في مجال لتكولجيا وحصد عشرات الملايين.
وفي بداية ثلاثينياته اضاف السيد فانس إلي سجله إصدار كتاب كان محل إشادة واسعة من كبريات الصحف والمعلقين وتصدر قائمة المبيعات في صحيفة نيويورك تايمز. أتي الكتاب بعنوان “مرثية هيلبيلي: مذكرات عائلة وثقافة في أزمة” – وهيلبيلي هم أهل العوض في العامية السودانية. يدور الكتاب حول المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في مسقط رأسه بولاية أوهايو كعينة ممثلة لتفكك مجتمعات في أمريكا بسبب إنهيار القطاع الصناعي مع هروب المصانع إلي دول العمالة الأرخص. وتم إصدار فلم من سردية الكتاب.
كل هذه الإنجازات والسيد فانس في عمر الأربعين فهو من مواليد 1984 .
ورغم أن السيد فانس في عام 2016 وصف ترمب بانه أحمق، وسخ وشبهه بهتلر إلا أن ترمب أختاره لخوض المعركة الإنتخابي نائبا له. وكان إجماع المعلقين المناصرين والمعادين أن تلك كانت ضربة معلم من ترمب أضاف فيها إلي حملته حيوية الشباب والثقافة والفقر والثراء (والأقليات العرقية هوادة بالكاري).
في سياق الحملة لجذب أصوات العنصريين لدعمه في الإنتخابات، في الأسابيع السابقة قاد السيد فانس حملة شرسة ضد المهاجرين الهايتيين واتهمهم بسرقة قطط الشعب الأمريكي الطيب وسلخها واكلها.
كما تنمر السيد فانس مرارا وتكرارا علي النساء ألسناغل، متوسطات العمر وكرر وصفهن بانهن “سيدات قطط” – من فرط وحدتهن يربين القطط كتعويض عن غياب الأسرة والشريك.
تتجلي الوقاحة والعنصرية وكراهية المراة في أبشع صورها في هراء السيد فانس، لكن أود هنا أن أركز علي الغباء المطلق فيما قال الرجل.
فماذا حدث لشاب من أصول فقيرة، عصامي ناجح، ذكي، مؤلف، مستثمر شاطر، تزوج هندية ليست بيضاء وأنجز الكثير وهو ما زال في ريعان الشباب؟
يمكن تفسير تحول السيد فانس الحاد بمرض السلطة. إذ هبط عليه كل هذا الغباء الوقح فقط بعد أن إختاره ترمب كنائب للرئيس المحتمل. فقد أوضح رودولف روكر كيف أن الغباء ركن متين من أركان السلطة لانه في طبيعة حمضها النووي محاولة قولبة كل شيء فكري أو مادي في قالبها قسرا أو طوعا. إذن من طبيعة السلطة أن تجعل ممارسها غبيا كما تذهب بعقل ضحاياها المقولبين واقعا وفكرا.
لكن ما حدث لفانس حدث لكثير من السودانيين الذين يكتبون أو يظهرون علي شاشات التفلزيون. ورغم أن ما يقولون قد لا يبلغ درجة وقاحة أكل الكديس إلا إنها لا تختلف في منحي أكروبات الغباء الطوعي والتهافت الفكري والتدليس والكذب وتغليب العقل الإنتقائي.
وقد أصاب الصديق محمد جلال هاشم في إضافة مصطلح الغباء الأيديلوجى الذي أصاب سودانيين هم ليسوا أغبياء خارج لعبة السلطة القذرة فمنهم كثيرون لا يختلفون عن الشقي فانس في الذكاء والثقافة وحسن التعليم رغم جذور الفقر. هؤلاء وصفهم محمد منير “غفير وخالتو داية/ لو لبسوهو عباية/ وحطوه عا المرايا/ ها يشوف اتخن أمير/ ملعون أبو الفقير/ وتسال عن الأصول/ يقول ما شفتهاش”.
ويقال أن السلطة تجذب أسوأ البشر وتفسد أحسنهم. ويقول ثاقبون أن أعداء الشعب ليسوا أغبياء وإنما هم أذكياء فاسدون. الغباء الذي يكللهم مجرد عرض من أعراض مرض السلطة الذي أصابهم. أو قل هو غباء أيديلوجى طوعي. لذلك ينسب للمتصوفة القول بان حب السلطة هو آخر ما ينزع الرب من قلب عبد أحبه.
عودة إلي سودانيين أذكياء إختاروا الغباء الأيديولوجي الطوعي، نقول لهم “مافي فرق في الوقت الراهن بين واشنطن والخرطوم.”
معتصم اقرع
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
حافظ إبراهيم.. شاعر النيل.. أحدث إصدارات هيئة الكتاب بسلسلة عقول
أصدرت وزارة الثقافة، من خلال الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، كتاب «حافظ إبراهيم.. شاعر النيل»، للكاتب عبد السلام فاروق، ضمن إصدارات سلسلة عقول.
الكتاب يتناول قصة اليتيم الذي تحدي ظروفه ليصنع مجده وحده، إنه شاعر النيل حافظ إبراهيم، شاء القدر أن يولد على شاطئ النهر الخالد في مدينة ديروط، ثم يغادر أبوه هذه الدنيا فيغادر حافظ الصعيد إلى القاهرة بصحبة أمه وشقيقته إلى بيت خاله في المغربلين وهو في الرابعة، ثم لا يلبث أن ينتقل إلى طنطا تموج به الحياة موجاً، وهو يتقلب فيها تقلب المكافح الذي يصارع الغرق، ويصبح ملاذه في أشعار يقرأها أو يصيغها، ينفس بها شيئاً مما يعتمل في صدره.
أطلق عليه طه حسين لقب "شاعر الشعب": لأنه عانى معاناتهم، وكابد آلامهم، ثم كتم همومه في صدره وبات يتقن الدعابة والفكاهة والمزاح في أحلك الظروف، وكما تكلم عن البؤس والكفاح بلسان المتألم، عرف المزاح في مسامراته وقصائده، عملاً بقول القائل: «إذا لم يكن في جيبك مال، فليكن في لسانك سكر».
إنها قصة موحية خصبة الأحداث، عميقة العبرة، مثيرة للدهشة في كثير من مواطنها عن سيرة شاعر رائد من شعراء مصر الغنية بمبدعيها.
إن قصة حافظ إبراهيم هي قصة شاعر من عامة الناس، استطاع التعبير عن همومهم الخاصة والعامة؛ فرفعوه لمكانة عالية عندما شعروا أنه يتحدث بلسانهم، فلقبوه بشاعر الشعب، وشاعر الاجتماعيات، وشاعر الوطنية، وشاعر النيل.
أكثر حافظ من أشعار المواساة والرثاء حتى لقبه العقاد بشاعر المحافل، لكنه استطاع أن يجعل من أشعار المناسبات أشعارًا عاطفية ذات تأثير عميق على نفوس السامعين. وقد ترجم حافظ رواية البؤساء، كما ألف كتابا شبيها بحديث عيسى بن هشام للمويلحي، وأسماه «ليالي سطيح» فأبدع في النثر إبداعه في الشعر.