فلسطيني يستبدل الخيمة بكوخ من الطين.. صامدون ولن ننكسر
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
الثورة /وكالات
اختار الفلسطيني معتز يحيى برزق، بناء كوخ من الطين، بدلاً من الخيمة لتخفيف ضغوط معاناة النزوح بعد قرابة عام على حرب الإسرائيلية الجماعية على قطاع غزة.
على شاطئ بحر دير البلح، أقام المسن برزق كوخه بمئات الأكياس التي ملأها بالرمال واصطفها فوق بعضها كأنها حجارة قبل أن يمسدها بطبقة من الطين ويسقفها بألواح من الأسبست.
كوخ من الطين
برزق الذي يعيش حرب الإبادة المستمرة منذ 11 شهرًا، خرج من عنق الزجاجة، وكسر حلقة من حلقات المعاناة الخاصة به، بعد أن ضاقت به الأرض بما رحبت، حيث أسعار الشقق المرتفعة، وواقع الخيام البائس، فقرر إنشاء كوخ من الطين، عله يواجه قسوة الشتاء المقبل.
يقول برزق: تبادرت إليّ فكرة إنشاء شيء من ردم القصف الإسرائيلي، إلا أني تراجعت عنها، كون الأمر سيئ، وبعدها بدأت بإنشاء كوخ من الطين، مستخدمًا 700 كيس من أكياس الدقيق الفارغة.
وأضاف أنه شرع رفقة أحد أقربائه بملء الأكياس بالرمال، وثم وضعها فوق بعضها البعض بطريقة مدروسة، وبعد الانتهاء، غطى الجدران الخارجية بالطين، لإعطائها القوة والمتانة.
وأوضح أنه وبعد الانتهاء من تجهيز الكوخ، وجد أن سمك الجدار الخاص بالكوخ نصف متر، مشيرًا إلى أنه يعطي الكوخ قوة، وقال: أسكن فيه منذ أكثر من شهر.
فخر
وأشار إلى أنه لم يعان في الكوخ، بل يشعر بالفخر، أنه استطاع إنجاز مأوى خاص به وبذويه، رغم أنف الاحتلال الذي أراد تشريد الفلسطيني، وتدميره ماديًّا ومعنويًّا.
وأكد أن الكوخ يشابه إلى حد كبير، المنازل القديمة، فهو بارد في الصيف، ودافئ في الشتاء.
وأوضح كذلك أنه أنشأ جدارًا قصيرًا، بالطريقة ذاتها، أمام الكوخ، لصد أي مد لموج البحر مع اقتراب فصل الشتاء.
وأكد أن الاحتلال لن يستطيع كسر إرادة الفلسطيني، فطالما هناك قلب في صدر فلسطيني ينبض، فالنصر حليفنا، مهما كانت التضحيات.
الفلسطيني معتز يحيى يأمل انتهاء حرب الإبادة، وعودة الحياة إلى طبيعتها، مع نيل الشعب الفلسطيني حريته، وكنس الاحتلال عن أرضه المقدسة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الإبادة المستمرة خلف القضبان.. قراءة في يوم الأسير الفلسطيني 2025م
في السابع عشر من أبريل من كل عام، يقف الشعب الفلسطيني وأحرار العالم لإحياء “يوم الأسير الفلسطيني”، باعتباره محطة كفاحية تمثل نضال الأسرى وصمودهم داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، ويعد هذا اليوم أيضًا مناسبة لتسليط الضوء على واحدة من أبشع الجرائم المستمرة في العصر الحديث والمتمثلة في جريمة الاعتقال السياسي الممنهج والإبادة الصامتة خلف القضبان. ولكن في عام 2025، يأتي هذا اليوم وسط واقع مأسوي يتجاوز الوصف، حيث تحوّلت الزنازين إلى مسالخ بشرية، وغرف التحقيق إلى ساحات للإعدام غير المعلن، بينما تواصل العدالة الدولية غيابها تحت ركام الصمت والتواطؤ.
منذ بدء العدوان على غزة في السابع من أكتوبر 2023م، استُشهد 63 أسيرًا داخل المعتقلات، بينهم 40 من قطاع غزة، في ظل تعتيم إعلامي كامل ورفض سلطات الاحتلال الكشف عن هوياتهم أو تسليم جثامينهم. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل هي دليل قاطع على اعتماد الاحتلال سياسة القتل البطيء، خارج ساحة المعركة، داخل جدران يُفترض أن تحكمها القوانين الدولية التي تحوّلت إلى مسارح للموت الممنهج.
الجرائم التي تُرتكب بحق الأسرى ليست مجرد تجاوزات فردية، بل هي جزء من منظومة تعذيب متكاملة: ضرب وحشي، صعق بالكهرباء، تجويع متعمد، حرمان من المياه والعلاج، اعتداءات على النساء، الأطفال، المرضى، وكبار السن، وإذلال مستمر، لم تقتصر منظومة الاحتلال الإسرائيلي على سجونها المعروفة فحسب، بل أعادت تفعيل معسكرات سرية مثل “سديه تيمان” و”عناتوت” و”عوفر” كمراكز تعذيب بعيدة عن أي رقابة، حيث تُمارس فيها أبشع انتهاكات حقوق الإنسان.
اليوم، ووفقًا لمؤسسات الأسرى، يتجاوز عدد الأسرى 9900، ولا يشمل ذلك المئات من معتقلي غزة الذين تعرضوا للاختفاء القسري. من بينهم 29 أسيرة، من ضمنهن طفلة، وحوالي 400 طفل دون 18 عامًا، كما ارتفع عدد المعتقلين الإداريين إلى أكثر من 3498، اذين يُحتجزون دون تهمة أو محاكمة، استنادًا إلى ما يُسمّى “الملفات السرية”، في تحدٍ سافر لقواعد العدالة. بالإضافة إلى ذلك، تم تصنيف 1747 أسيرًا كـ”مقاتلين غير شرعيين”، وهو ما يسقط عنهم الحماية القانونية.
وفي ذات الوقت، تصاعدت أعداد الأسرى المرضى والجرحى، حيث تُستخدم الأمراض كأداة للتعذيب الجماعي، بعد أن تحوّلت السجون إلى بؤر للأوبئة نتيجة الإهمال في النظافة، ومنع الاستحمام، والتكدس، وغياب الرعاية الطبية. الجرب والجلديات ما هي إلا أمثلة صارخة على هذه الجرائم.
رغم هذه الظروف المأساوية، تبقى مقاومة الأسرى الفلسطينيين رمزًا حيًا للإرادة والكرامة، فبالرغم من قسوة المعاناة والتعذيب، لا يزال الأسرى يشعلون جذوة الأمل والمقاومة، متحولين إلى مشاعل للحرية، إنهم يعيشون يوميًا في مواجهة الموت، ويثبتون أن العدالة ستحقق في النهاية.
إن العالم اليوم يتفرج على هذه المعاناة، متخيلين أن صمتهم قد يحميهم من تبعات الحقائق المؤلمة التي تحدث خلف القضبان، ولكن، في الواقع، يصبح هذا الصمت مشاركة في الجريمة، وجزءًا من التحمل غير المبرر للعذابات المستمرة.
إن استمرار معاناة الأسرى الفلسطينيين ليس مسألة محلية أو إقليمية فحسب، بل يمثل قضية إنسانية تتطلب من المجتمع الدولي أن يتجاوز حدود الصمت والتواطؤ. على المؤسسات الدولية أن تتحرك ليس فقط عبر البيانات والشجب، بل بفرض عقوبات حقيقية على الاحتلال، ومحاكمة مسؤولي الاحتلال على جرائمهم ضد الإنسانية.
إن الصمت عن هذا الوضع يعني التواطؤ في إبادة شعب بأسره، واستمرار مأساته في ظل الاحتلال. لكن الأسرى الفلسطينيين ليسوا مجرد أرقام أو أسماء في قوائم، بل هم رموز للكرامة والنضال، هم المعركة الحية من أجل الحرية في وجه الظلم. وعليه، يبقى يوم الأسير الفلسطيني، في عام 2025م وما بعده، دعوة لإعادة إحياء الأمل بأن العدالة ستُنتصر، وأن صوت الأسرى سيظل مدويًا حتى تتحقق الحرية.