في كل الأحوال لا يمكن النظر إلى ثورة 21 سبتمبر كفائض حراك شعبي هدف إلى زيادة مستوى الرفاهية، أو تأكيد الحضور الدولي للبلد، أو تثبيت المسار العملي لقيم العدالة وتكافؤ الفرص، وإنما جاءت كحاجة طبيعية كشف عنها اتساع الهوّة بين الواقع ومثل هذه الطموحات.
سنوات طويلة ظلت الطموحات الوطنية حبيسة السطور والنقاشات، بعد أن تعرضت أهداف ثورة السادس والعشرين من سبتمبر – الثورة الأم لكل الثورات – لكثير من التحبيط والتثبيط، لذلك بقي واقع الشعب اليمني لا يبرح مكانه وظل الشعب يعيش حالة الحاجة لسد متطلبات الحياة الآمنة المستقرة، رغم ما كان يتدفق على خزينة الدولة من أموال ورغم توفر الخدمات.
لأجل ذلك تشكّلت الحاجة الملحة لفعل ثوري يعيد الاعتبار للحركات الوطنية التي وضعت نصب عينها عزة وكرامة ورفاهية الوطن لكنها كانت تفقد ظروف وبيئة العمل على هذا الهدف مع بروز التحديات الخارجية في ظل افتقاد الداخل لعوامل القوة التي تؤهله لمواجهة هذه التحديات وتجاوزها، لذلك كان من الطبيعي أن تبرز الحاجة إلى الاستقلال بالقرار الوطني وامتلاك أدوات حمايته من أي تأثيرات خارجية.
من هنا وضعت ثورة 21 سبتمبر الحرية والاستقلال على رأس قائمة أهدافها، للتمكن من العمل على الطموحات العليا للبلد وللمجتمع وعندما تتوفر الحرية والاستقلال فإنه تبعا لذلك سيكون بإمكان البلد أن يحلم وأن يطمح وأن يعمل على تحقيق هذا الحلم وهذا الطموح.
ثورة 21 سبتمبر قامت في أول أهدافها على هذا الهدف، الحرية والاستقلال، وبعد عشرة أعوام من عمرها برزت عياناً بياناً مظاهر دور هذا الهدف، فكان من أبرز هذه المظاهر، التوجه إلى بناء جيش قوي مدعوم بالتصنيع العسكري النوعي للسلاح المحلي، باعتبار أن بناء الجيش يعني التأمين لكل البلد وطموحاته من أية مخاطر، وكان من مظاهر ذلك أيضا الاستقلال في اتخاذ القرارات، كالقرار الجريء بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ليشهد العالم هذه العمليات العسكرية المتواصلة والتي أثرت على الأمريكي والإسرائيلي بشكل مباشر، والبحر الأحمر والعربي والمتوسط والمحيط الهندي تشهد على ذلك، من المظاهر كذلك التوجه إلى البدء بالمعالجة الجادة لكل ذلك الإفساد الذي نفذته أمريكا ضد الشعب اليمني في كل شؤون حياته، فأحيت الأرض الميتة بالزراعة وبدأت تصدر فائض الإنتاح، وجففت منابع الفساد وإن لم يتم التخلص من هذه المعضلة التنموية بعد، كما انطلقت في مرحلة بناء وإنماء بدأته بتشكيل حكومة التغيير والبناء في إطار مرحلة التغيير الجذري الهادفة لإحداث التحولات في حياة المجتمع على الصعيد الاقتصادي والتنموي، ومثل هذه التوجهات دائما ما كانت مقيدة بفعل التدخلات الخارجية الهادفة لإبقاء المنطقة العربية كلها عبارة عن سوق استهلاكية لمنتجات الغرب.
وفي هذا المقام – ونحن نحتفل بثورة 21 سبتمبر – من الظلم الفادح عمل المقارنة بين واقع المجتمع اليوم والأمس، من حيث الوضع المعيشي فحالة الاستهداف التي تمر بها البلاد تنفي موضوعية هذه المقارنة وإلا لكان وضع إخواننا في المحافظات المحتلة أفضل حالا مما هو في المحافظات الحرة، فكل اليمن يعيش اليوم تداعيات المؤامرة الهادفة إلى إخضاع البلد وإعادته للإملاءات والتوجيهات الخارجية، ولذلك تم شرذمته على النحو القائم، قسم منه تحت الاحتلال وقسم آخر تحت القصف والحصار لأنه رفض الإذعان والرضوخ لأن يكون مسلوب الإرادة والقرار، ولأن تنهب ثرواته.
مع اندلاع ثورة الشباب في 2011م التي أحيت مخاوف الغرب من صحوة يمنية تسير بسفينة الوطن في مسارات لا تتوافق مع مخططاتهم ومصالحهم، التفّت أمريكا على هذه الثورة ثم صادرتها القوى الأنانية، ليشهد الواقع بعد ذلك انزلاقا كبيرا جدا للوطن حد توصيفه بالبلد الرخوة، مع انعدام الأمن وانتشار الفساد بشكل مكشوف، فضلا عن التدخلات الخارجية السافرة في رسم سياسة البلد على كافة الأصعدة، وقتها كان لا بد من فعل ثوري حقيقي يوقف هذه الحالة من الاستباحة.
وعلى إثر هذا الوضع المختل، هبت رياح ثورة 21 سبتمبر، لتتعطّل الوصاية على اليمن، ولتتحول مخاوف الغرب إلى حقيقة وواقع، حينها كان من الطبيعي أن يخرج الصهاينة والأمريكان ويقولوها بشكل علني، صريح، أن نجاحَ هذه الثورة يشكّل ضربةً قاضيةً لمصالحهم في اليمن والمنطقة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
لجنة التنسيق اللبنانية - الكندية في ذكرى الاستقلال: على المعارضة الاتحاد وإطلاق ثورة جديدة
عبرت لجنة التنسيق اللبنانية الكندية عن اسفها بان "يمر عيد الاستقلال هذا العام في اجواء حزينة والتشاؤم سيد الموقف، ذلك أن المفاوضات الجارية تحت النار بين لبنان وإسرائيل تشوبها الكثير من المغالطات شكلًا ومضمونًا".
وإذ رأت ان "رئيس مجلس النواب نبيه بري يجري المفاوضات باسم لبنان مع المبعوث الأميركي آموس هوكستين ممثلا لحزب الله فقط"، حملته مسؤولية "منع انتخاب رئيسٍ للجمهورية الذي يفترض بحسب الدستور، أن يكون راعي أي مفاوضات". وأكدت أن "أي اتفاق لا يطبق القرار 1701 كاملاً، المتضمّن في نصوصه تطبيق القرارين 1559 و 1680، وحصر السّلاح بيد الدّولة، وتسليمه من قبل كلّ حامليه للجيش اللّبناني، هو اتّفاق قد يعطي إسرائيل السّلام على حدودها الشماليّة، ويُضْحي مشروع فتنة أهليّة شمال اللّيطاني".
وجاء في بيان اصدرته اللجنة اليوم في أوتاوا وبيروت في توقيت موحد:
"يمرّ عيد الاستقلال هذه السّنة ولبنان يرزح تحت الاحتلال، وثلث شعبه مُهجّر، ومدن وقرى الجنوب والبقاع مُهدّمة، لا بلّ بعضها ممسوح عن الخارطة، وأعداد الشهداء والمصابين إلى تصاعد، فالمناسبة الوطنيّة تمرّ حزينة، والتشاؤم سيِّد الموقف، وعليه، فإنَّ المفاوضات الجاريّة تحت النار بين لبنان وإسرائيل تشوبها الكثير من المغالطات، شكلًا ومضمونًا، ولا بدّ من تفنيدها".
وقال: "في المفاوضات، إنّ رئيس المجلس النّيابي، نبيه بري، والذي يجري المفاوضات بإسم لبنان مع المبعوث الأمريكي عاموس هوكستين، يمثّل حزب الله فقط في هذه المفاوضات، يقبل ما تقبله إيران، ويرفض ما ترفضه، وهو الذي أقفل المجلس النّيابي لمدّة سنتين بضغطٍ من الذّراع هذا لمنع انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة، والذي يفترض، وبحسب الدّستور، أن يكون راعي أي مفاوضات، وأن تكون للحكومة اللّبنانيّة وحدها قرار الحرب والسّلم، كما حصل في حرب 2006 مع حكومة الرّئيس فؤاد السنيورة. إنَّ رفض الرّئيس بري حتّى فتح أبواب مجلس النوّاب لنقاش موضوع الحرب التي بدأها حزب الله في ٨ تشرين الأول سنة 2024، ورفضه إشراك نواب الأمّة بتفاصيل المفاوضات الجارية، إنما ينم عن إذعانٍ لإيران مهين للبنان وشعبه. إنَّ أيَّ اتفاقٍ لا يطبق القرار 1701 كاملاً، والمتضمّن في نصوصه تطبيق القرارين 1559 و 1680، وحصر السّلاح بيد الدّولة، وتسليمه من قبل كلّ حامليه للجيش اللّبناني، هو اتّفاق قد يعطي إسرائيل السّلام على حدودها الشماليّة، ويُضْحي مشروع فتنة أهليّة شمال اللّيطاني، فاللّبنانيّون سيقاومون أيَّ اتّفاق بين إيران وإسرائيل على حساب لبنان".
تابع: "نحن نعتبر أنّ أيّ اتفاقٍ لا يوقّع عليه رئيس جمهوريّةٍ منتخب، وحكومة لبنانيّة جديدة منبثقة عن مجلس النواب، هو اتّفاقٌ ملغىً قانونيًّا ودستوريًّا، ولبنان وشعبه في حَلٍّ منه. ندعو أطياف المعارضة اللّبنانية كافّةً، أحزابها، جمعيّاتها السّياسيّة والمدنيّة، شخصيّاتها السّياسيّة والفكريّة والإعلاميّة، وهي معارضة على امتداد الطّوائف، إلى الوحدة، وإلى إطلاق ثورة استقلالٍ جديدة، شبيهة بانتفاضة اللّبنانيّين سنة 2005، مستفيدين من روح تلك الثورة، وعاملين على تلافي أخطاء الماضي".
اضاف: "في اليوم التّالي، ندعو المجتمع الدّولي كي يعمل على رفع يد إيران عن لبنان فيصبح استقلالنا ناجزاً. إنَّ إيران، كونها وراء كلّ قرارات حزب الله الذي فتح الحرب دون الرجوع للدّولة اللّبنانيّة، هي المسؤولة عن إعادة الإعمار وتعويض الخسائر البشريّة والماديّة، ونحن هنا نطالب كندا، بالتعاون مع أصدقائها في العالم، بدءًا بالولايات المتحدة، وانتهاءً باليابان والاتّحاد الأوروبي، كي تُحتسب إعادة الإعمار والتّعويضات للبنان واللّبنانيّين من العقوبات المفروضة على النّظام الإيراني".
ختم: "نحن إذ نتطلّع إلى استقلال ناجز، مؤمنون بأن اللبنانيين، مقيمين ومغتربين، قادرون على بناء وطن سلام يحرسه جيشه الباسل فقط، مؤمنٍ بثقافة الحياة، جديرٍ بحريته المُمَيزة، عزيزٍ ببناته وأبنائه، وبانتمائه لعالمٍ عربيٍّ جديدٍ ومُتطوِّر، ومُستعيدٍ لدورهِ التّاريخي في العالم".