صحيفة الاتحاد:
2025-03-17@16:20:59 GMT

المنح الثقافية.. تعزيز للذاكرة الحضارية

تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT

محمد عبدالسميع
أكّد كُتَّاب وأكاديميون أهمية المنح البحثية في مجال الثقافة بدولة الإمارات العربية المتحدة، معددين المزايا الكبيرة لها، من خلال وزارة الثقافة ومؤسسات الدولة ومتاحفها الوطنية، وكل الجهات العاملة في هذا الاتجاه، قائلين، إنّ الإمارات تُعدّ نموذجاً مهماً في هذا المجال، مركزين على مواضيع حيويّة، منها: الهوية الثقافية، والدراسات النقدية والأدبية والفنية، وموضوع الذكاء الاصطناعي وإعادة قراءته محلياً وعربياً، ودور الثقافة في بناء السلام والتنمية المستدامة، كذلك استراتيجيات الإدارة الثقافية، وإبداعات الشباب، وموضوع الدبلوماسية الثقافية، وقراءة المناهج المدرسية، واللغة العربية وتكنولوجيا المعلومات، والتراث المعماري الإماراتي، ودمج التكنولوجيا الحديثة في مجال الثقافة، وقراءة جانب الحراك الثقافي الإنساني، والاهتمام بالبحث العلمي والتاريخ والفلسفة، والذاكرة الإماراتية والتراث، وحركة النشر، وغيرها من الموضوعات.


تؤمن الإمارات بأهمية الثقافة والتراث، باعتبارهما قوة ناعمة ومؤثرةً في رقيّ المجتمعات، وفي الوقت ذاته بوصفهما عاملاً مهمّاً من عوامل التنمية الشاملة في الدولة، والتي تدخل في كلّ قطاعات الحياة، وهذا الإيمان لم يكن تنظيراً فحسب، وإنما انسحب على إجراءات فاعلة وخطط استراتيجية معروفة للجميع عربياً وعالمياً، وباتت محلّ قدوة فيما يعرف بالإدارة الثقافية، أو إدارة المؤسسة الثقافية في الدولة. هذه المرة، نحن أمام جزءٍ مهم من هذه الاستراتيجية هو موضوع المِنَح البحثيّة الموجهة للثقافة وما يتصل بها من أعمال وخطط وأهداف، باعتبار الثقافة هي وجه الدولة الناصع، وتعطي صورةً عن فكرها ورؤيتها المستقبلية.
بدايةً، علينا أن ندرك أنّ معنى أن تَدْخل الدولة عبر مؤسساتها الثقافية شريكاً فاعلاً مع المؤسسات والأفراد وكلّ من له علاقة بالعمل الثقافي والبحث التنظيري والتطبيقي، هو تدَخّلٌ إيجابي، ومعناه أنّ التحدي المالي أو التكلفة التي يستصعبها العاملون في هذا القطاع هو تحدٍّ يزول أو في طريقه إلى الزوال، طالما أنّ هناك صناديق موجهة لدعم الثقافة والقضاء على ما يعترضها من عراقيل، بسبب أهمية شرط التمويل الذي دائماً ما يأخذه الباحث ومنفّذ المشروع الثقافي والإبداعي بعين الاعتبار عند القيام بأيّ مشروع بحثي له أثره في بنيان المجتمع الثقافي للدولة.
وقد فتح العديد من المؤسسات في الإمارات الأبواب لتقديم المنح الثقافية وفق بنود معينة وشروط وأحكام تراعي حالة المشروع وأهميته واستدامة أثره، بما يتماشى مع خطة الدولة ورؤيتها في هذا المجال.
وفي الطليعة من ذلك، كان «البرنامج الوطني لمِنَح الثقافة والإبداع»، و«متحف زايد الوطني» الذي أطلق صندوق تمويل الأبحاث في مجال ثقافة الإمارات وتراثها وتاريخها، وكذلك منحة صندوق معرض الشارقة الدولي للكتاب للترجمة والحقوق، وهي نماذج ناجحة في هذا الموضوع، وتؤكد أهمية التمويل في العمل الثقافي واستدامته وترسيخه في أكثر من حقل وموضوع. 

أخبار ذات صلة النباتات.. مرويات بصرية إبراهيم ملحم: الاعتراف بشعر الشباب ضرورة نقدية

محور أساسي
ينطلق الدكتور محمد حمدان بن جرش السويدي، المستشار الثقافي لجمعية الإمارات للإبداع، من أنّ المنح البحثية الثقافية محور أساسي لدعم وتطوير المشهد الثقافي، فلم تعد مجرد أدوات تمويل، بل أصبحت شرايين حيوية تغذي الفكر والإبداع، وتفتح آفاقاً جديدة للأبحاث والدراسات الثقافية.
وطرح ابن جرش مجموعة من المواضيع البحثية والدراسات المقترحة التي يمكن الاستفادة منها لتطوير مواضيع بحثية جديدة: ومنها: متحف الأدب الإماراتي، ومعجم أدباء الإمارات، والدراسات النقدية والأدب الإماراتي، والتمكين الثقافي في استراتيجيات تعزيز دور الثقافة في المجتمع الإماراتي، واستراتيجيات رعاية المواهب الإبداعية من التكوين إلى التمكين، ودور الفنون في التعليم والتعلم، والتبادل الثقافي عبر الحدود، والتكنولوجيا والإبداع ودراسة الذكاء الاصطناعي ودوره في تشكيل المشهد الفني في العالم العربي.
وأضاف ابن جرش إلى ذلك موضوع الاقتصاد الثقافي وتقييم تأثير الثقافة على الاقتصاد المحلي، وكذلك دراسة أثر الفعاليات والمهرجانات الثقافية الكبرى على المشهد الثقافي المحلي، وقراءة موضوع الحوكمة الثقافية وإدارة الثقافة وتأثير المنح البحثية على تطوير سياسات واستراتيجيات الإدارة الثقافية، واستراتيجيات التنمية الثقافية المستدامة، والتمكين الثقافي للشباب وجودة الحياة الثقافية، وكذلك موضوع القيادة الثقافية الرائدة في أساليب الإدارة الحديثة لتعزيز الإبداع والتنوع.
الذكاء الاصطناعي
من جانبها، اقترحت الهنوف محمد، أمين السر العام لمسرح دبي الوطني، مواضيع بحثية عدة بحاجة إلى توسع بحثي لإيجاد حلول وفرضيات وتوصيات لها، مثل: تراجع دور الأديب في ظل الذكاء الاصطناعي، وموضوع هل الصياغة الأدبية الحالية تتماشى مع عقول الشباب والأطفال، أم أننا بحاجة إلى تجديد نمط الصياغة الأدبية لتكون أكثر ملاءمة لعقلية الجيل الجديد؟ وكيف يكون بإمكان المؤسسات الثقافية في الدولة تصدير مواهب شعرية أو أدبية جديدة؟ وكذلك موضوع إشكالية المزج بين العامية والفصحى في بعض الكتابات الأدبية، خاصة الرواية والمسرح، وتأثير الإلقاء الشعري على المتلقي، في ظل إشكالية ضعف بعض الشعراء في إيصال المعنى المراد به إلى متذوق الشعر، والتركيز على خلق جيل ثانٍ من كتاب المسرح، وموضوع ضعف الإقبال على كتابة السيناريو، وتسليط الضوء بشكل مكثف على الدبلوماسية الثقافية.
وتحدث الناقد والأكاديمي السوري بجامعة أم القيوين، د. أحمد العقيلي عن الدور الريادي لدولة الإمارات العربية المتحدة في مجال المنح الثقافية البحثية، في العديد من الموضوعات، ذاكراً أنّ من مواضيع المنح الثقافية التي ينبغي الحديث فيها، موضوعات بحثية تتناول المعجم العربي، وكذلك المناهج الدراسية وما يخص العملية التعليمية على الصعيد المحلي والعربي والعالمي، وموضوعات بحثية تتناول قضايا النقد والأدب، وقضايا اللسانيات وعلوم اللغة وسيميائية النص، وقضايا اللغة العربية وتعليمها للناطقين بغيرها، وقضايا التقانة الحديثة وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي.
قفزات عالية
أكّد الكاتب والشاعر د. عبد الرزاق الدّرباس، دور الإمارات في موضوع المنح الثقافية في العديد من المجالات، وما حققته من قفزات عالية في مجال البعثات وتفريغ الباحثين في مجال الثقافة والتراث والتاريخ والمنح الثقافية، ذاكراً أنّ الحاجة ملحّة لتسليط الاهتمام بموضوعات مهمة، منها: التراث المعماري في البيئة الجبلية والبحرية لدولة الإمارات، والعلاقات التجارية بين الإمارات والإقليم المحيط بها قبل قيام الاتحاد.. وغيرها.
وترى الكاتبة حنان النعيمي أنّ المنح البحثية الثقافية تمثل فرصة جوهرية لدعم الدراسات التي تسهم في تطوير المشهد الثقافي المحلي، وقالت إنّ من أبرز الموضوعات التي يمكن تسليط الضوء عليها موضوع توظيف التكنولوجيا والابتكار للحفاظ على التراث الثقافي وتعزيزه، ودراسة تأثير الفن الرقمي والفنون التفاعلية على المجتمع، وكيفية فتح آفاق جديدة للتفاعل الثقافي، والبحث في تعزيز الهوية الثقافية الإماراتية وسط الانفتاح العالمي، وهو ما يتطلب بحوثاً معمقة في مجالات اللغة والتراث والتقاليد.
أما الكاتب والإعلامي وليد المرزوقي، فيقول إنّ التحدي الأبرز الذي تواجهه المؤسسات الثقافية اليوم هو كيفية دمج التكنولوجيا الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي والابتكارات التكنولوجية، في مجال الثقافة، والانتقال من الطرق التقليدية، كالاعتماد على الكتب الورقية، إلى استخدام تقنيات حديثة تعزز الاستفادة من هذا التقدم التكنولوجي، إذ يجب أن تركز الأبحاث والدراسات على كيفية تطويع هذه الأدوات لخدمة الثقافة، وتقديمها بطرق تفاعلية وجذابة، ذاكراً من أبرز الأمثلة على ذلك مكتبة محمد بن راشد في دبي، كنموذج متكامل للاستفادة من التكنولوجيا لتقديم تجربة ثقافية متطورة ومختلفة.
وتؤكد الناقدة والأديبة د. مريم الهاشمي، أنّ للمنح الثقافية دوراً كبيراً في حفز العلم والعلماء وأصحاب المشاريع الرائدة والتي تخدم الإنسانية، وتسهم في تكوين الحضارات، حيث أدركت دولة الإمارات العربية المتحدة أنّ المنح الثقافية هي إحدى الطرق والمبادرات الناجعة من أجل الوصول إلى أهدافها الثقافية باتزان وحكمة، ولذا تتنافس المؤسسات الثقافية المختلفة في تقديم منح تختلف مسمياتها، إلا أنها في ذاتها تحمل معنى العطاء والتقدير والتحفيز العلمي والبحثي والفني والأكاديمي والفكري بما يعزز الحراك الإنساني. وتحدثت الهاشمي عن أهميّة مثل هذه المبادرات، كالمنح العلمية والبحثية والتشجيع على الكتابة العلمية والبحثية الموضوعية، وإعطاء الحق للأقلام الجادة في سبيل الحراك الثقافي في عصر باتت الممارسة الحياتية فيه أكثر قلقاً وتعقيداً، لتأتي المبادرات الواعية كالمنارات أمام التغيرات المجتمعية في سبيل إرساء القيم الإنسانية والعلمية الجادة التي أصبحنا بحاجة ملحة لها أكثر من أي وقت مضى، وكذلك الاهتمام بالبحث العلمي، باعتباره ذاكرة كتابية لحفظ الهوية الإنسانية، حيث العلوم هي السلاح للوصول إلى التكيف المادي والأخلاقي والاجتماعي مع ما نواجهه مع الذاكرة أمام التكنولوجيا المتسارعة، إذ تلعب المنح الثقافية دورها في حفظ الذاكرة الحضارية التي هي بمثابة قاعدة للفكر والوعي، وأمام كل النتاج الأدبي والثقافي لا بد أن نلتفت إلى علوم اللسان والمنطق والنقد والفلسفة التي يحصل بها تحسين ملكتين أساسيتين في الإنسان وهما الكلام والتفكير، وكلاهما يعتمد على الذاكرة.
وأكد الإعلامي أسامة طالب مرة، أهمية إجراء بحوث علمية حول واقع القراءة، والنهضة الإبداعية وأثر الثقافة على التنمية، وأهمية المتاحف، والآثار الإيجابية للنهضة الأكاديمية على الثقافة، وحركة النشر والترجمة، وغير ذلك من المواضيع التي تستوجب إنشاء مؤسسة متخصصة بالبحث الثقافي.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الثقافة الإمارات وزارة الثقافة الذكاء الاصطناعي التنمية المستدامة اللغة العربية تكنولوجيا المعلومات التكنولوجيا التراث الذکاء الاصطناعی فی مجال الثقافة المنح البحثیة فی هذا

إقرأ أيضاً:

الهوية الوطنية والهوية العربية: جدلية التداخل ومسارات المشروع الثقافي الأردني

#سواليف

#الهوية_الوطنية و #الهوية_العربية: جدلية التداخل ومسارات #المشروع_الثقافي_الأردني
الشاعر #أحمد_طناش_شطناوي
رئيس فرع رابطة الكتاب الأردنيين/ إربد
لطالما كانت الهوية الوطنية والهوية العربية في علاقة جدلية قائمة على التداخل والتكامل، فلا يمكن تصور هوية وطنية مغلقة دون امتدادها العربي، كما لا يمكن للهوية العربية أن تحقق حضورها دون انصهار مكوناتها الوطنية في مشروع ثقافي جامع، وفي السياق الأردني تتجلى هذه العلاقة بوضوح، حيث لم يكن الأردن يومًا منعزلًا عن قضايا الأمة، بل كان حاضرًا فكريًا وثقافيًا وسياسيًا في مشهدها، وخاصة في القضية الفلسطينية التي شكلت جزءًا من الوجدان الجمعي الأردني، وأسهمت في صياغة مسار الثقافة الوطنية.
وعليه، فإن أي سعي لبناء مشروع ثقافي وطني أردني لا يمكن أن يكون بمنأى عن الفضاء العربي، بل يجب أن يكون امتدادًا له في إطار الخصوصية المحلية، بحيث تتكامل الهوية الأردنية مع الهوية العربية في مشروع ثقافي يعيد الاعتبار للمشتركات الفكرية والتاريخية، ويواجه تحديات العصر بأدوات حديثة تضمن استمرارية الثقافة وتأثيرها في المجال العام.

فقد شكّل الأردن عبر تاريخه نقطة تفاعل بين حضارات متعددة، ما جعله بيئة خصبة للإنتاج الفكري والتبادل الثقافي، فمنذ نشأة الإمارة لعب الأردن دورًا محوريًا في المشهد الثقافي العربي، سواء من خلال حراكه الأدبي، أو عبر مواقفه السياسية والثقافية التي كرّست التزامه بقضايا الأمة، وقد أسهمت مؤسساته الثقافية، مثل وزارة الثقافة ورابطة الكتاب الأردنيين، في دعم الفعل الثقافي، إلا أن هذا الدور لا يزال بحاجة إلى مشروع متكامل يواكب التحديات الراهنة.

وهنا يبرز السؤال المحوري: كيف يمكن تحويل هذه الهوية الثقافية إلى مشروع استراتيجي يحقق حضورًا وتأثيرًا في المشهد العربي؟
للإجابة عن هذا السؤال فإننا بحاجة إلى محاور أساسية للبدء في مشروع ثقافي متكامل، وذلك من خلال:
أولًا: تعزيز الإنتاج الثقافي المرتبط بالهوية الجامعة
إذ لا يمكن الحديث عن مشروع ثقافي دون توفير بيئة حاضنة للإبداع، تدعم الأدباء والمفكرين، وتربط الإنتاج الثقافي بالهوية الجامعة، بحيث لا يكون مجرد انعكاس لحالة محلية معزولة، بل رافدًا للمشروع الثقافي العربي ككل، وهنا لا بد من تطوير سياسات ثقافية تحفّز الإنتاج الأدبي والفني، وتضمن له الانتشار والتأثير في المجالين المحلي والعربي.

مقالات ذات صلة استئناف فعاليات رمضان ٢٠٢٥ في مركز اربد الثقافي 2025/03/15

ثانيًا: ربط الثقافة بالسياسات العامة لتعزيز الوحدة الوطنية
إن الثقافة ليست مجرد نشاط فكري أو فني، بل عنصر رئيس في تشكيل السياسات العامة، سواء من خلال تعزيز الانتماء الوطني، أو دعم الاستقرار الاجتماعي، أو المساهمة في الدبلوماسية الثقافية، لذا فإن بناء مشروع ثقافي وطني يتطلب رؤية حكومية تدرك دور الثقافة في التنمية، عبر دمجها في المناهج التعليمية، ودعم الصناعات الثقافية، وتوسيع دائرة التفاعل بين المثقف وصانع القرار.

ثالثًا: إعادة الاعتبار للموروث الثقافي المشترك بأساليب حديثة
إن الثقافة العربية ليست مجرد تراث جامد، بل مشروع متجدد يجب إعادة قراءته وتقديمه بأساليب حديثة، ويشمل ذلك الاهتمام بترجمة الأعمال الفكرية العربية إلى لغات أجنبية، وتطوير الدراما والسينما والمسرح لتعكس القيم الثقافية العربية، واستثمار التقنيات الحديثة في تقديم التراث بصيغة معاصرة تجعل منه عنصرًا جاذبًا للأجيال الجديدة.

رابعًا: استثمار الإعلام والتكنولوجيا في نشر الثقافة
لم يعد بالإمكان الحديث عن مشروع ثقافي ناجح دون استثمار الإعلام الرقمي والتكنولوجيا الحديثة، إذ يمكن للأردن أن يكون مركزًا لإنتاج محتوى ثقافي عربي قادر على الوصول إلى شرائح أوسع، سواء عبر المنصات الرقمية، أو من خلال المبادرات الثقافية التفاعلية التي تربط الثقافة بجيل الشباب.

خامسًا: تعزيز الحوارات الثقافية العربية عبر منصات تفاعلية
إن المشروع الثقافي لا يمكن أن يكتمل دون خلق فضاءات للحوار بين المثقفين العرب، تتيح تبادل الأفكار والخبرات، وتساعد في بلورة رؤية ثقافية جامعة، وهنا يمكن للأردن أن يلعب دورًا رياديًا في إطلاق مبادرات ثقافية عربية مشتركة، وإنشاء منتديات ومنصات حوارية تجمع المفكرين والمثقفين في نقاشات معمقة حول قضايا الهوية والتحديث والتحديات الثقافية.

وعلى الرغم من أهمية المشروع الثقافي، إلا أنه يواجه تحديات كبرى تتطلب معالجتها، ومن أبرزها:
ضعف التمويل الثقافي: حيث تعاني المؤسسات الثقافية من نقص الدعم المالي، مما يؤثر على قدرتها في تنفيذ مشاريعها.
تهميش الثقافة لصالح الأولويات السياسية والاقتصادية: حيث لا تزال الثقافة في العديد من الدول العربية تُعامل كعنصر ثانوي في التخطيط الاستراتيجي.
تراجع القراءة والتفاعل مع الإنتاج الثقافي: بسبب انتشار الوسائط الرقمية والترفيه السريع الذي يزاحم المحتوى الثقافي العميق.
التحديات السياسية: حيث تواجه الثقافة العربية ضغوطًا سياسية تحدّ من حرية التعبير وتعيق المبادرات الثقافية المستقلة.

وعلى الرغم من ذلك، فإن بناء مشروع ثقافي وطني أردني قادر على تحقيق تأثير في المشهد العربي يتطلب إجراءات ملموسة، تتلخص في بعض المقترحات العملية التي يمكن لها ان تتجاوز هذه التحديات إلى حد بعيد:

إنشاء مركز أبحاث ثقافي أردني بالتعاون من الجامعات، يعنى بدراسة التحولات الثقافية العربية، ويقدم توصيات لصانعي القرار حول سياسات الثقافة ودورها في التنمية الوطنية والإقليمية. إطلاق منصات رقمية تفاعلية تهدف إلى تعزيز التفاعل بين المثقفين والجمهور، وتقديم محتوى ثقافي معاصر قادر على جذب الأجيال الجديد، من خلال استثمار المؤثرين وتأهيلهم ليكونوا رافدا أساسيا للمشروع الوطني. إعادة هيكلة الدعم الثقافي من خلال تخصيص ميزانيات أكبر للقطاع الثقافي، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في الصناعات الثقافية. دعم مشاريع الترجمة والتبادل الثقافي بين الدول العربية، مما يسهم في تعزيز التواصل الثقافي وتبادل الخبرات بين المثقفين العرب. تنظيم مهرجانات ومنتديات ثقافية عربية في الأردن تستقطب المفكرين والكتاب من مختلف الدول العربية، لتعزيز الحوار الثقافي وتقديم الأردن كنموذج لدمج الهوية الوطنية بالهوية العربية في مشروع ثقافي متكامل.
إن الأردن بحكم موقعه الجغرافي وتاريخه الثقافي، مؤهل ليكون نموذجًا لاندماج الهوية الوطنية في الإطار العربي، بحيث يتحول مشروعه الثقافي من مجرد استجابة للمتغيرات إلى رؤية استباقية تصنع المستقبل، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال تكامل الجهود بين المؤسسات الثقافية، وصانعي القرار، والمثقفين، والجمهور، في إطار استراتيجية واضحة تستثمر في الثقافة كقوة ناعمة قادرة على إحداث تغيير حقيقي في المجتمع.

مقالات مشابهة

  • تعرف على فعاليات الليلة الثامنة من ليالي رمضان الثقافية على المركز القومي لثقافة الطفل
  • باقة من الاستعراضات.. المركز الثقافي بطنطا يختتم ليالي رمضان الفنية
  • إقبال جماهيري.. معرض فيصل الثالث عشر للكتاب يواصل فعالياته الثقافية والفنية
  • بباقة من الاستعراضات.. المركز الثقافي بطنطا يختتم ليالي رمضان الثقافية والفنية
  • الهوية الوطنية والهوية العربية: جدلية التداخل ومسارات المشروع الثقافي الأردني
  • في ليالي رمضان.. إقبال كبير على أنشطة قصور الثقافة بالحديقة الثقافية بالسيدة زينب
  • وزير الثقافة يبحث مع القائم بأعمال سفير الهند بالقاهرة سبل تعزيز التعاون الثقافي المشترك
  • منح دراسية لطلبة فلسطين في عدد من الدول
  • ليالي رمضان.. التراث والموسيقى والأدب في أمسيات صندوق التنمية الثقافية
  • إقبال كبير.. أسيوط تتلألأ بالفنون والتراث في ليالي رمضان الثقافية