إعداد: راشد النعيمي
في زيارته الأولى للولايات المتحدة الأمريكية منذ توليه الحكم، تتجه الأنظار إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة - حفظه الله – مترقبة دفعة جديدة ومهمة في التعامل مع التحديات وتعزيز التضامن الدولي والتعاون الاقتصادي والاستثماري والتكنولوجي، إضافة إلى تعزيز مسارات الذكاء الاصطناعي والفضاء وتغير المناخ ضمن لقاءات بالرئيس الأمريكي جو بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس، إضافة إلى عدد من القادة البارزين في الكونغرس الأمريكي.

 
وينظر العالم اليوم إلى رئيس الدولة كصانع ومُلهم لقيم السلام والتعايش المشترك حول العالم وكقائد لتجربة الإمارات المتميزة في كافة القطاعات والمجالات وترسيخ دورها الرائد عالمياً كشريك فاعل في صنع المستقبل، بدعم كل جهد يسهم في دفع مسيرة التقدم الإنساني والتنمية المستدامة ومنح الإنسان غداً أفضل وإرساء مبادئ الأخوّة الإنسانية بالعالم ما عزز مكانة الإمارات كعاصمة عالمية للسلام والتعايش الإنساني.
وتواصل دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، العمل لترسيخ دورها المؤثر في صنع مستقبل أفضل للعالم، انطلاقاً من إيمانها العميق بأهمية المشاركة الإيجابية والتعاون البنّاء في إيجاد حلول للتحديات العالمية العابرة للحدود، وتوسيع دائرة الشراكة في معالجة الملفات المرتبطة بمستقبل العالم وفي مقدمتها ملف الاستدامة.
وفي هذا الإطار فإن الواقع المتميز الذي تشهده العلاقات الإماراتية – الأمريكية يستند إلى مجموعة من الأسس والثوابت التي تضمن تطور هذه العلاقات باستمرار لعل أبرزها هنا الميراث التاريخي، حيث تعود علاقات الصداقة بين الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية إلى عام 1971.
وكانت الولايات المتحدة الدولة الثالثة التي تقيم علاقات دبلوماسية رسمية مع الإمارات العربية المتحدة ولها سفارة فيها منذ عام 1974 وطوال هذه الفترة شهدت العلاقات نقلة نوعية في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والعسكرية، ولذلك تستند إلى إرادة سياسية قوية لقيادتي الدولتين نحو تطوير هذه العلاقات فعلى مدار السنوات الماضية تعززت العلاقات الثنائية بين الدولتين.

الصورة


أهمية خاصة
تحظى دولة الإمارات العربية المتحدة بأهمية خاصة في الاستراتيجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط، ليس فقط لأنها تلعب دوراً في إرساء عوامل الأمن والاستقرار في المنطقة، وإنما أيضاً لما تمثله من نموذج تنموي ناجح في المنطقة، حيث تنظر الولايات المتحدة بنوع من الإعجاب والتقدير إلى تجربة دولة الإمارات في بناء مجتمع مزدهر ومستقر وتعتبرها نموذجاً يحتذى به في المنطقة ككل.
ولطالما كانت العلاقات بين الإمارات والولايات المتحدة دائماً قوية وديناميكية، إلا أنها في المرحلة الحالية تعد الأقوى منذ تأسيس دولة الإمارات في 1971 ووصلت لدرجة التحالف الاستراتيجي والعمل لحماية القيم والمصالح المشتركة وتحقيق المزيد من السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، فيما تمثل الشراكة الاقتصادية والتجارية القوية حجر الزاوية في هذه العلاقة الوطيدة.
واستناداً إلى هذا التاريخ الطويل من علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين تمثل الولايات المتحدة الأمريكية ضلعاً مهمّاً في أي ترتيبات للأمن الإقليمي في منطقة الخليج العربي، وفي ظل ما تشهده المنطقة من تطورات ومتغيرات وما تموج به من تحديات وتهديدات يصبح فتح قنوات الحوار معها بصفة مستمرة مسألة بالغة الحيوية بالنسبة للشركاء والحلفاء الخليجيين وفي مقدمتهم دولة الإمارات.
كما تعكس العلاقات الاستراتيجية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية الرؤى المشتركة لقيادتي البلدين في الانتقال نحو آفاق أوسع من الشراكات وتعزيز التعاون والتنسيق في مختلف المجالات، بما يخدم أهداف التنمية في البلدين الصديقين، ويدعم بناء اقتصاد رقمي مستدام يسهم في بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة
احتواء مشترك
ولعبت الدبلوماسية الإماراتية خلال الفترة الماضية دوراً محورياً في العمل على احتواء العديد من حالات التوتر والأزمات والخلافات على صعيد المنطقة أو خارجها، وسعت بشكل دؤوب ومستمر لتعزيز برامج مساعداتها الإنسانية والإغاثية والإنمائية والاقتصادية المباشرة وغير المباشرة للعديد من الدول النامية، خاصة تلك التي تشهد حالات نزاع أو كوارث طبيعية.
وأسهمت الإمارات بفاعلية في العديد من عمليات حفظ السلام وحماية السكان المدنيين وإعادة الإعمار في المناطق المنكوبة بعد انتهاء الصراعات، وهو ما يجسد شراكتها المتميزة مع أطراف عدة وفي مقدمتها الولايات المتحدة وتفانيها من أجل تحقيق الأهداف النبيلة في صيانة واستقرار السلم والأمن الدوليين، ولهذا فإن الولايات المتحدة الأمريكية تعول دوماً على الدور الإماراتي الفاعل والبنّاء في مختلف القضايا الإقليمية والدولية وتحرص على الاستماع لرؤيتها وتقديراتها لهذه القضايا وكيفية التعامل معها.
وتشترك دولة الإمارات والولايات المتحدة في نظرتهما المستقبلية للتسامح، والمساواة بين الجنسين، والتنوع، وتقدم التعليم، والأسواق الحرة، وتعزيز الفنون والثقافة. يعمل عشرات الآلاف من الأمريكيين في الإمارات ويزورونها كل عام.
كما يدرس الآلاف من الشباب الإماراتي في الجامعات الأمريكية، وتربط مئات من الشراكات والتبادلات في مجالات الرعاية الصحية والثقافية والعلمية والتعليمية بين شعبي البلدين.
وتقوم العلاقة بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات على أساس الالتزام المشترك بتعزيز السلام والأمن في الخليج العربي، ومكافحة التطرف، وردع التهديدات التي تواجه الاستقرار الإقليمي.
ويتدرب رجال ونساء قواتنا المسلحة معاً بالتنسيق المستمر فيما بينهم، ما يؤدي بدوره إلى وجود تناغم فعّال للغاية على مستوى تخطيط وتنفيذ العمليات. بعيداً عن ساحة المعركة، وتشارك الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة في منع تدفق الأموال والمقاتلين الأجانب إلى الجماعات الإرهابية ومكافحة الإيديولوجيات المتطرفة.
وتُعد الإمارات الدولة العربية الوحيدة التي شاركت مع الولايات المتحدة في ست عمليات عسكرية للتحالف على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، ومن بين ذلك النضال الحالي ضد داعش، كما تُعد أكبر دولة متبرعة بالمساعدات الخارجية من حيث النسبة المئوية من الدخل القومي الإجمالي، وتقدم الدعم لمجتمعات الولايات المتحدة التي تتعافى من الكوارث أو التي لديها احتياجات أخرى.

الصورة


الطاقة النظيفة
وسبق أن وقّعت الإمارات في 2022 شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية لاستثمار 100 مليار دولار في تنفيذ مشروعات للطاقة النظيفة التي تبلغ طاقتها الإنتاجية 100 غيغاواط في كل من دولة الإمارات والولايات المتحدة ومختلف أنحاء العالم بحلول عام 2035، وذلك بهدف تعزيز أمن الطاقة ونشر تطبيقات التكنولوجيا النظيفة ودعم العمل المناخي.
وتجسّد هذه الشراكة التزام دولة الإمارات والولايات المتحدة المشترك بتعزيز التقدم في جهود العمل المناخي ورفع سقف الطموح في هذا المجال من خلال تضافر الجهود، بما ينسجم مع أهدافهما للوصول إلى الحياد المناخي بحلول 2050.
وتعمل دولة الإمارات والولايات المتحدة في إطار الركائز الأربع الأساسية لهذه الشراكة على تطوير مشروعات الطاقة النظيفة في دولة الإمارات والولايات المتحدة والدول الأخرى وتمويلها ونشرها، والاستثمار في تعزيز مرونة وموثوقية سلاسل الإمداد وتحفيز الاستثمار في التعدين الأخضر لإنتاج ومعالجة المعادن والمواد الأخرى اللازمة لتمكين الانتقال في قطاع الطاقة.
كما تعملان على تسريع وتيرة الاستثمار في حلول خفض الانبعاثات في مجال الوقود التقليدي، والتوسع في تطوير تقنيات التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه، وتحقيق التقدم في قياس وإدارة انبعاثات غاز الميثان، بما يشمل تعزيز أثر البرامج المحلية الهادفة إلى خفض انبعاثات الميثان والارتقاء بمنظومة الأمن والسلامة في مجال الطاقة النووية بما يشمل أمن سلاسل الإمداد المرتبطة بها وتشجيع الاستفادة من الطاقة النووية بكونها مصدراً مستداماً للطاقة النظيفة ومحركاً أساسياً في تقليل الانبعاثات الكربونية.
كما تستهدفان تشجيع الاستثمار والتعاون لتحقيق نتائج ملموسة في خفض الانبعاثات الكربونية في جميع القطاعات الصناعية بحلول 2030، وتوسيع نطاق استخدام الوقود النظيف في قطاعات النقل لمسافات طويلة، مثل قطاع الطيران وقطاع الشحن البحري، وتحفيز التحوّل إلى الطاقة الكهربائية ورفع كفاءة استهلاك الطاقة بكونها مُحركّات أساسية لخفض الانبعاثات.
وتستمر دولة الإمارات في جهودها لدعم تنفيذ مشروعات الطاقة النظيفة في ست قارات حول العالم، تشمل 31 دولة من الدول الجزرية النامية الصغيرة في منطقة البحر الكاريبي والمحيط الهادئ.
وأسهمت دولة الإمارات في دعم وتطوير ثمانية مشروعات للطاقة النظيفة في الولايات المتحدة، بقدرة إجمالية تبلغ 1.6 غيغاواط في ولايات كاليفورنيا وتكساس ونيومكسيكو ونبراسكا، وشملت هذه المشروعات استثمارات في محطتين لطاقة الرياح، هما محطة «روكسبرينغز» بقدرة إنتاجية تبلغ 149 ميغاواط في مقاطعة «فال فيرد» في ولاية تكساس، ومحطة «سترلينغ» بقدرة إنتاجية تبلغ 29.9 ميغاواط في مقاطعة «ليا» في ولاية نيومكسيكو.
طاقة المستقبل
وتنشط شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» في سوق الطاقة المتجددة الأمريكي من خلال محفظة متنوعة من مشاريع الطاقة المتجددة تشمل طاقة الشمس والرياح ونظم بطاريات تخزين الطاقة بإجمالي قدرة إنتاجية تبلغ 1.8 جيجاواط.
وتتشارك «مصدر» و«إي دي إف رينوبلز أمريكا الشمالية» في ثمانية مشاريع للطاقة المتجددة تشمل ثلاث محطات لطاقة الرياح على نطاق المرافق الخدمية في ولايتي نبراسكا وتكساس تصل قدرتها الإجمالية إلى 815 ميجاواط وخمسة مشاريع للطاقة الشمسية الكهروضوئية في ولاية كاليفورنيا، تم تزويد اثنين منها بنظام بطارية لتخزين الطاقة ويصل إجمالي طاقتها الإنتاجية إلى 689 ميجاواط من الطاقة الشمسية و75 ميجاواط من الطاقة التي يتم تخزينها ضمن نظام بطارية «ليثيوم أيون».
وتمثل شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» منذ تأسيسها في عام 2006 نموذجاً حياً ومساهماً أساسياً في الحد من آثار التغير المناخي وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتستثمر «مصدر» حالياً في مشاريع مستدامة بقيمة إجمالية تزيد على 20 مليار دولار أمريكي وتشمل هذه الاستثمارات التسويق الناجح للتقنيات الجديدة التي تسهم في دعم تحقيق أهداف الاستدامة لدولة الإمارات والعالم.
وتمكنت «مصدر» الشركة الرائدة عالمياً في مجال الطاقة المتجددة بكافة أنواعها من إقامة وتشغيل عدد كبير من مشروعات الطاقة المتجددة حول العالم حيث تنتشر محفظة مشاريعها في أكثر من 40 دولة حول العالم وتهدف إلى توريد مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول نهاية هذا العقد، مما يعزز مكانتها في طليعة الداعمين لهذا القطاع الواعد وبالتالي المساهمة في ترسيخ مكانة أبوظبي مركزاً عالمياً لإنتاج وتصدير الهيدروجين.

الصورة


نبذ الإرهاب والتطرف
دولة الإمارات تشجب وبأشد العبارات الإرهاب بجميع صوره وأشكاله، وتجدد التزامها على الدوام ليس بمواجهة والتصدي للإرهاب فحسب، بل بمحاربة الأيديولوجيات المتطرفة التي تغذي العنف الذي تمارسه الجماعات الإرهابية بمنتهى الوحشية ومنها تنظيم داعش والقاعدة الإرهابيين.
وترى الإمارات أن خطر الإرهاب والتطرف تحدى يومي يستهدف استقرار دولنا وأمن مواطينينا والمقيمين فيها ويهدد نظامنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي وهو ظاهرة عالمية تتجاوز الحدود والثقافات والديانات، وإن محاربته تستدعي تضافر كافة الجهود من مختلف الأطراف، إلا أن حربنا مع الإرهاب ليست حرباً عسكرية فقط، لأن الإرهاب ظاهرة معقدة ومتعددة الأوجه، ويتطلب كل وجه أسلوباً خاصاً لمواجهته.
وأصدرت دولة الإمارات قوانين وتشريعات لتجريم أي عناصر ترتبط بالتنظيمات وفي مجال مكافحة تمويل الإرهاب بذلت الدولة جهوداً كبيرة لتعزيز نظام مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وذلك من خلال القوانين التي أصدرتها والخطوات التي تتخذها، حيث تقوم الدولة بالتواصل على المستوى الدولي لرصد شبكات تمويل الإرهاب وإيقافها، وذلك من خلال التعاون مع وحدات الاستخبارات المالية الأخرى ومن خلال المنظمات الدولية كمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط والبرامج الخاصة بجمع وتحليل المعلومات المالية.
لقد أدركت دولة الإمارات العربية المتحدة خطورة الفكر المتطرف مبكراً، فانتهجت في ذلك أسلوب الوقاية منه، حيث تم ضبط الخطاب الديني في مؤسساتها الرسمية، ومنابرها الدينية والإعلامية، ومناهج تعليمها الديني، وخطت في صدد التعليم الديني برامج متعددة على مختلف الصعد وكافة المستويات، سواء كان ذلك على مستوى مناهج التربية الإسلامية في التعليم النظامي، أو المناهج الموحدة في مراكز تحفيظ القرآن الكريم التابعة للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف.
وقامت دولة الإمارات في عام 2012 بتأسيس مركز هداية بالشراكة مع المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، وهو مركز دولي معني بالتدريب والحوار والأبحاث والتعاون في مجال مكافحة التطرف العنيف، وتعتبر دولة الإمارات عضواً مؤسساً في «المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب»، ورئيساً مشاركاً ل«مجموعة عمل مكافحة التطرف العنيف» التابعة للمنتدى مع المملكة المتحدة من عام 2011 إلى عام 2017، حيث يتم مع شركائنا الدوليين استحداث الطرق الجديدة التي تسهم بمنع انتشار التطرف ولاسيما من خلال الحرص على مشاركة المجتمعات، ونبذ الراديكالية، والاستفادة من مجال التربية والتعليم.
مركز صواب
وفي إطار جهودها المستمرة لمكافحة التطرف وخصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد عملت دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية على تأسيس مركز «صواب» الذي انطلقت أعماله في مارس 2015، وهي مبادرة تفاعلية للتراسل الإلكتروني، تهدف الى دعم جهود التحالف الدولي في حربه ضد التطرف والإرهاب، ويتطلع المركز الى إيصال أصوات الملايين من المسلمين وغير المسلمين في جميع أنحاء العالم ممن يرفضون ويقفون ضد الممارسات الإرهابية والأفكار الكاذبة والمضللة التي يروجها أفراد التنظيم، كما يعمل مركز صواب على تسخير وسائل الاتصال والإعلام الاجتماعي على شبكة الانترنت من أجل تصويب الأفكار الخاطئة ووضعها في منظورها الصحيح.
وتقوم الدولة بجهود كثيرة لتعزيز التسامح لمعالجة الأسباب الجذرية للتطرف وعلى الرسائل التي تؤدي إلى التطرف، حيث قامت الدولة بتعيين وزير للتسامح لنشر قيم التسامح والتعايش السلمي في البلاد وخارجها، وأنشأت المعهد الدولي للتسامح في إمارة دبي وذلك لبث روح التسامح في المجتمع ولترسيخ ثقافة الانفتاح والحوار الحضاري ونبذ التعصب والتطرف والانغلاق الفكري وكل مظاهر التمييز بين الناس. في فبراير 2019، قامت الدولة باستضافة مؤتمر الأخوّة الإنسانية بهدف تفعيل الحوار حول التعايش والتآخي بين مختلف الديانات والثقافات وسبل تعزيز هذه القيم عالمياً، والتصدي للتطرف وسلبياته وتعزيز العلاقات الإنسانية بحيث تقوم على احترام الاختلاف. وصدر عن المؤتمر «وثيقة الأخوّة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك».
فضاء وتكنولوجيا
تتبنّى دولة الإمارات وأمريكا التزاماً مشتركاً بتوسيع التعاون العلمي والتقني في مجالات استكشاف الإنسان للفضاء وأبحاث الطيران وتعزيزها ويعمل البلدان معاً لدعم المحطة القمرية، وهي أول محطة فضائية قمرية للإنسانية حيث أشاد بيل نيلسون رئيس وكالة ناسا بهذه الشراكة العميقة بين البلدين مؤكداً أن الشراكة بين دولة الإمارات والولايات المتحدة قوية وفي نمو متزايد حيث نحقق معاً قفزات عملاقة في مجالات العلوم والتقنية، الأمر الذي من شأنه تعزيز حملة أرتميس ومستقبل استكشاف الإنسان للفضاء.
وتمكنت دولة الإمارات من خلال التعاون مع وكالة ناسا والمؤسسات البحثية الامريكية وصناعة الطيران من تطوير برنامج فضائي متميز حقق انجازات ملحوظة في إطار زمني قصير نسبياً، ففي عام 2021 انطلق مسبار الأمل المريخي الإماراتي بنجاح Emirates Mars Mission وتمكن من الدوران حول الكوكب الأحمر، وأسهم في تقديم تصور للغلاف الجوي لكوكب المريخ بصورة تعد الأكثر تفصيلاً على الاطلاق.
كما أن هناك تعاوناً بين مركز محمد بن راشد للفضاء ووكالة ناسا في برامج رحلات الإنسان للفضاء، ففي عام 2019 أصبح هزاع المنصوري أول رائد فضاء إماراتي يشارك في مهمة فضائية قصيرة إلى محطة الفضاء الدولية (ISS) وتعاون خلالها مع وكالة ناسا لإجراء تجارب تعليمية وتوعوية
وشارك رائد فضاء إماراتي ثانٍ وهو الدكتور سلطان بن سيف النيادي في الرحلة التي انطلقت عام 2023م إلى محطة الفضاء الدولية كجزء من مهمة Space X Crew-6 التابعة لوكالة ناسا التي تقود البحث العلمي لتعزيز المعرفة الإنسانية وتحسين الحياة على كوكب الأرض وقد امتدت فترة عمل الدكتور النيادي إلى ستة أشهر قضاها على متن محطة الفضاء الدولية، وكانت بمثابة أول مهمة فضائية طويلة الأمد في العالم العربي، وهو أول رائد فضاء عربي يقوم بمهام السير خارج المحطة الفضائية.
وتعكف دولة الإمارات بالتعاون مع مركز جونسون للفضاء التابع لوكالة ناسا في مدينة هيوستن على برنامج لتدريب مرشحين اثنين إضافيين لكي يصبحا رائدي فضاء وهما نورا المطروشي ومحمد الملا.
شراكة اقتصادية
ارتفع حجم التبادل التجاري غير النفطي بين دولة الإمارات والولايات المتحدة الأميركية إلى 39.9 مليار دولار في العام الماضي 2023 بزيادة بنسبة 20% ومن المتوقع أن يواصل النمو بالوتيرة نفسها عام 2024 وتحتضن الإمارات أكثر من 1500 شركة أمريكية، بالإضافة إلى أكثر من 4.3 مليار دولار من الاستثمارات الأمريكية المباشرة.
وزادت صادرات الإمارات للولايات المتحدة 3.9 مليار دولارمن 3.2 مليار في 2022 فيما ارتفعت إعادة صادرات الامارات إلى أمريكا بنسبة 17% لتصل إلى 9.6 مليار دولار خلال ننفس الفترة وبقت الإمارات وجهة التصدير الأمريكية الأولى في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا للعام الخامس على التوالي وتدعم الصادرات الأمريكية إلى الإمارات تدعم نحو 125 ألف وظيفة في الولايات المتحدة.
وتركز استثمارات دولة الإمارات في السوق الأمريكية المتنامية على قطاعات متنوعة تشمل العقارات، والتصنيع والرعاية الصحية والتكنولوجيا مشيراً إلى ثلاثة مجالات لها إمكانية أكبر لمزيد من التعاون بين البلدين في العام 2024 وهي الرعاية الصحية وعلوم الحياة، والخدمات المالية والأسهم الخاصة، والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
وتعد دولة الإمارات أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة الأمريكية في العالم العربي، بحصة تبلغ 27% من تجارتها مع المنطقة وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية ثالث أكبر شريك تجاري لدولة الإمارات على مستوى العالم بعد الصين والهند، بحصة تبلغ 5.6% من إجمالي التجارة غير النفطية لدولة الإمارات مع العالم.
ذكاء اصطناعي
في إبريل الماضي أعلنت G42، الشركة القابضة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بدولة الإمارات، ومايكروسوفت استثمار استراتيجي قدره 1.5 مليار دولار من مايكروسوفت في G42، ويهدف هذا الاستثمار إلى تعزيز التعاون بين الشركتين لإدخال أحدث تقنيات مايكروسوفت الخاصة بالذكاء الاصطناعي ومبادرات تطوير المهارات إلى دولة الإمارات وبقية دول العالم. وكجزء من هذه الشراكة الموسعة، سينضم براد سميث، نائب رئيس مجلس الإدارة رئيس شركة مايكروسوفت، إلى مجلس إدارة G42..
وسيمكن هذا التعاون الموسع المؤسسات من جميع الأحجام في الأسواق الجديدة من استغلال فوائد الذكاء الاصطناعي والتقنيات السحابية، مع التأكيد على التزامها بالمعايير العالمية الرائدة للسلامة والأمن كما ستُسهم الشراكة في تطوير قوى عاملة ماهرة ومتنوعة في مجال الذكاء الاصطناعي وتكوين حوض مواهب يعزز من الابتكار والقدرة التنافسية للإمارات والمنطقة بأسرها، وذلك من خلال استثمار مليار دولار في صندوق خاص للمطورين.
واستناداً إلى التعاون طويل الأمد بين الشركتين، يعمق استثمار مايكروسوفت الالتزام المتبادل بهذه الشراكة الاستراتيجية. ستستخدم G42 منصة مايكروسوفت أزور لتشغيل تطبيقات وخدمات الذكاء الاصطناعي، وستتعاون مع مايكروسوفت لتقديم حلول الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
الملكية الفكرية
تمثل الملكية الفكرية مرتكزاً أساسياً لتعزيز التنمية المستدامة للدولة، في ضوء مستهدفات رؤية (نحن الإمارات 2031) وفي مايو الماضي وقَّعت دولة الإمارات مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة الأمريكية اليوم، لتعزيز التعاون في تطبيقات حماية حقوق الملكية الفكرية، وتوفير إطار عام وتقنية مرنة لاستكشاف وتعزيز الأنشطة الإبداعية والابتكارية وتطوير سياسات جديدة للملكية الفكرية وأنظمتها وحمايتها، بما يسهم في تعزيز نمو واستدامة اقتصاد البلدين الصديقين.
وبموجب مذكرة التفاهم سيطلق الجانبان برنامجاً للتعاون يمتد ل 5 سنوات في مرحلته الأولى، ويهدف إلى تمكين المخترعين والمبتكرين الأمريكيين الحاصلين على براءات اختراع أمريكية من الحصول على براءات اختراع بدولة الإمارات بشرط استيفاء المعايير المطلوبة.
ويعد توقيع مذكرة التفاهم مع مكتب الولايات المتحدة لبراءات الاختراع والعلامات التجارية محطة مهمة نحو تعزيز ممكنات مجتمع الأعمال الإماراتي، وجذب أصحاب الأفكار والمبتكرين والمبدعين، وتشجيعهم على بدء أعمالهم واستبقائهم، والاستفادة من المميزات التي توفرها بيئة الابتكار والإبداع في الدولة، حيث سيتمكن أصحاب المواهب الحاصلون على براءات اختراع من الولايات المتحدة الأمريكية من الحصول على براءات اختراع من وزارة الاقتصاد بطريقة سهلة وسريعة، وضمان حمايتها ضد أي انتهاك.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات سمو الشيخ محمد بن زايد أمريكا دولة الإمارات والولایات المتحدة الولایات المتحدة الأمریکیة الإمارات العربیة المتحدة الولایات المتحدة فی منطقة الشرق الأوسط على براءات اختراع الذکاء الاصطناعی دولة الإمارات فی الطاقة المتجددة ملیار دولار هذه الشراکة حول العالم من الطاقة فی منطقة محمد بن من خلال فی مجال فی عام

إقرأ أيضاً:

الإمارات تؤكد صون حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق

تشارك دولة الإمارات، العالم الاحتفاء ب«اليوم الدولي للسلام»، الذي يصادف 21 سبتمبر من كل عام، وسط سجل حافل ومساعٍ حثيثة لدعم جهود تحقيق السلام والاستقرار العالمي، ودور محوري في إطلاق المبادرات التنموية التي تعزز من تقدم الشعوب وازدهارها.
وتحل المناسبة هذا العام، تزامناً مع تقدم الإمارات 31 مركزاً على مؤشر السلام العالمي، الذي صدر في يونيو الماضي عن معهد الاقتصاد والسلام في سيدني، وواصلت دولة الإمارات في عام 2024 انتهاج دبلوماسيّة السلام، وتوظيف إمكاناتها في تقريب وجهات النّظر وتخفيف حدّة الصّراعات التي يشهدها العالم، ومد يد العون لضحايا الأزمات في مختلف المناطق.
وأكدت دولة الإمارات التزامها الثابت بتعزيز السلام والعدالة وصون حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، وتحقيق حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات ذات الصلة القاضية بإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وشددت الإمارات على أن إحلال الاستقرار والأمن في الأرض الفلسطينية وعموم المنطقة يبدأ من وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح جميع الأسرى والرهائن، في ما رحبت باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة الأربعاء الماضي، قراراً بالأغلبية يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية خلال عام، وقدمت الإمارات في شهر مايو الماضي، مشروع قرار بأهلية دولة فلسطين لنيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة خلال جلسة استثنائية طارئة للجمعية العامة، وقد حاز القرار على تصويت الجمعية العامة بغالبية كبيرة لصالح قبول القرار، في خطوة تاريخية على طريق السلام وتحقيق حل الدولتين.
ودعمت الإمارات كافة الجهود الهادفة إلى دفع مبادرات السلام الخاصة بالسودان قدماً، وتعهدت في 17 أبريل الماضي بتقديم 100 مليون دولار أمريكي دعماً للجهود الإنسانية في السودان ودول الجوار، وذلك خلال مشاركتها في اجتماعات المؤتمر الدولي الإنساني بشأن السودان التي جرت في العاصمة الفرنسية باريس.
ودعت الإمارات في يونيو الماضي، في بيان تضمن رسالة الدولة إلى مجلس الأمن الدولي، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة من أجل تجنب حدوث مجاعة وشيكة في السودان، وأكدت دعمها لجميع المبادرات الرامية إلى تحقيق وقف إطلاق النار، والعودة إلى حكومة شرعية تمثل كافة أفراد الشعب السوداني.
وأعلنت دولة الإمارات في سبتمبر الجاري، عن إطلاق مبادرات إنسانية جديدة في تشاد، وتقديم مساهمة بقيمة 10.25 مليون دولار أمريكي للأمم المتحدة لدعم اللاجئات السودانيات المتضررات من الأزمة المستمرة في السودان.
وفي سياق متصل، رحّبت دولة الإمارات في 25 يوليو الماضي، ببيان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، بشأن التوصل إلى اتفاق بين الأطراف اليمنية حول الخطوط الجوية والقطاع المصرفي، واعتبرت أن الاتفاق خطوة إيجابية على طريق الحل السياسي بما يحقق تطلعات شعبه الشقيق في الأمن والنماء والاستقرار.
إلى ذلك، أثمرت جهود الوساطة التي قامت بها الإمارات، خلال العام الجاري، بين جمهوريتي روسيا الاتحادية وأوكرانيا، في إنجاز 8 عمليات لتبادل أسرى الحرب، إذ وصل العدد الإجمالي للأسرى الذين تمّ تبادلهم بين البلدين في هذه الوساطات إلى 1994 أسيراً.
وأكدت الإمارات على موقفها المتمثل في الدعوة إلى الدبلوماسية والحوار وخفض التصعيد، حيث تسعى الدولة إلى دعم جميع المبادرات التي من شأنها التخفيف من التداعيات الإنسانية الناجمة عن الأزمة كاللاجئين والأسرى.
في سياق آخر، أطلق الاتحاد النسائي العام، في يونيو الماضي، الدفعة الرابعة من مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن بالتعاون مع وزارة الدفاع وبالتنسيق مع مكتب الاتصال لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في أبوظبي.
ويركز البرنامج التدريبي للمبادرة على بناء وتطوير قدرات المرأة في مجال السلام والأمن، وإنشاء شبكات تواصل بين النساء المعنيات بالعمل في المجال العسكري وحفظ السلام، وزيادة تمثيل المرأة في القطاع العسكري وقوات حفظ السلام، وتعزيز الفعالية التشغيلية لقوات حفظ السلام. (وام)

مقالات مشابهة

  • الإمارات تؤكد صون حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق
  • المستقبل.. عنوان زيارة محمد بن زايد إلى أمريكا
  • الإمارات.. سجل حافل في نشر السلام والأمن والاستقرار
  • قرقاش: زيارة محمد بن زايد إلى الولايات المتحدة عنوانها المستقبل
  • محمد بن زايد يطلق عنان العلاقات مع أمريكا بالتكنولوجيا المتقدمة
  • فيديو| جون كيربي: زيارة محمد بن زايد إلى أمريكا تاريخية
  • جون كيربي: زيارة محمد بن زايد إلى أمريكا تاريخية
  • العتيبة: زيارة محمد بن زايد إلى الولايات المتحدة تشكل مرحلة مهمة في علاقات البلدين
  • ماذا سيبحث مع بايدن؟.. بن زايد في أول زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة منذ توليه رئاسة الإمارات