لجريدة عمان:
2025-03-12@23:35:17 GMT

الحوار والتفاهم في مواجهة التطرف والتعصب

تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT

الحوار والتفاهم في مواجهة التطرف والتعصب

عُرفت عُمان عبر التاريخ بقوة مجتمعها وصلابته ورصانة نسيجها الاجتماعي، كما عرفت بقيمها النبيلة ورفضها لكافة أشكال التشدد والتعصب والتحزب. يقول رسول الهدى عليه الصلاة والسلام: «لو أن أهل عُمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك». ومن يعود إلى صفحات التاريخ يجد أن كل هذه القيم وهذه الصفات التي شكلها العمانيون عبر تاريخهم الطويل وعبر تفاعلهم الإيجابي مع الآخر تحولت مع الوقت إلى أحد أهم أسباب قوتهم ومنعتهم؛ فحافظوا عليها وتمثلوها في كل مكان ذهبوا إليه مسافرين أو فاتحين.

. فعرفهم العالم أجمع بهذه الصفات المستمدة من دينهم الإسلامي ومن بيئتهم العربية فأحبوها فيهم؛ بل إن الكثيرين، عبر الزمان والمكان، تأثروا بها أيّما تأثر.

لكنّ العالم يتغير كثيرا عبر دورة الزمن الحتمية، وعبر مصالح القوى الكبرى الغارقة في الماديات، ما جعل الاهتمام بالقيم والمبادئ يتراجع كثيرا على مستوى العالم، بل إن بعض القوى «الحضارية»، مع الأسف الشديد، تحاول تغيير قيم ومبادئ العالم بالقوة: قوة السلاح وقوة الاقتصاد والإعلام من أجل تسويق قيم جديدة لا تنتمي إلى الفطرة الإنسانية ولا على قيمة «الاجتماع» التي شكلتها قرون طويلة من المسيرة الإنسانية.. الأمر الذي أدخل العالم أجمع في أزمة قيم ومبادئ، وقد صاحب ذلك تحولات كبرى أسست للتشدد والتعصب والتحزب وكذلك لخطابات الكراهية والتحريض الذي اجتاح العالم في ظل شعور، شبه عام، بأن النظام العالمي نظام يؤسس للظلم ويغيّب العدل وينتهك حقوق الإنسان.

وإزاء هذا التحول الممنهج المدعوم بالقوى السياسية والاقتصادية والآلة الإعلامية الكبرى في العالم فإن الدول التي تعتمد في أحد مظاهر قوتها على صلابة القيم وثبات المبادئ، وتعتبر ذلك أساسا من أسس عقيدتها كما هو الحال في سلطنة عمان، نجدها اليوم معنية كثيرا بموضوع القيم وأزمتها العالمية، ومهتمة جدا بتفعيل الدور التاريخي للأسرة في بناء المجتمعات القوية وعدم إضعافها تحت أي سبب من الأسباب؛ فرغم التوجه العالمي نحو إعلاء قيم الفردية إلا أن عُمان، قيادة وشعبا، يؤكدون في كل مناسبة على أهمية الأسرة وبالتالي المجتمع، وتراهن عُمان على أن الكثير من المشاكل والتحديات التي يعيشها العالم يكمن جزء أساسي من حلها في تفعيل دور الأسرة واهتمامها بترسيخ القيم الإنسانية التي يشترك فيها وحولها الجميع. وكان تأكيد مجلس الوزراء في اجتماعه يوم الخميس الماضي على أهمية تحصين المجتمع من كل هذه المتغيرات القيمية التي تحدث في العالم، وتعزيز دور الأسرة لتقوم بتنشئة أبنائها على المبادئ السمحة واجتناب الأفكار الضالة والتأثر بها تأكيد جديد ضمن سياق ممتد في فكر السياسة العمانية، تلك السياسة المعنية بشكل كبير بالبناء الحضاري المتكامل.

إن أهم نقطة لا بدّ أن ينطلق منها العالم اليوم في تهذيب خطابات التطرف هي بناء الصورة الحقيقية «للآخر»؛ فالآخر ليس هو «الشيطان»، ولا هو «الجحيم» بالضرورة كما يقول سارتر في «الأبواب المغلقة»، فالأمم أو حتى المجتمعات تتدمر عندما يتحول أعضاؤها ليكونوا ضد بعضهم البعض كما يقول ابن خلدون؛ وهذا النوع من التفكك الاجتماعي الذي يشير إليه هو بالضبط ما يحدث في المجتمعات عندما تتجذر الأيديولوجيات المتطرفة، وفي العالم الحديث الكثير من النماذج التي لا تخفى على أحد. ولا يمكن أن تبني صورة عن «الآخر» في أمم أخرى وأنت تنظر إلى «الآخر» في مجتمعك بصورة مشوهة على أقل تقدير.

نحتاج في العالم، المؤسسات الثقافية والأكاديمية والنخب المثقفة على أقل تقدير، إلى العودة إلى تبني الحوار الحقيقي، وإلى تبني الاختلاف القائم على الأسس الإنسانية المشتركة وأن يقف الجميع سد منيعا أمام خطابات التطرف والإقصاء وإلى الظلم الحضاري وغياب العدل.

عندما تعمل الأسر والمدارس والجامعات وعلماء الدين، والنخب الثقافية، والحكومات معا يمكن تعزيز ثقافة الحوار والتسامح والتفاهم داخل المجتمعات الواحدة أو بين مختلف الأمم والشعوب في العالم.. وهذا الحوار يفتح آفاقا للتفاهم ويبدد فكرة أن الآخر هو الجحيم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی العالم

إقرأ أيضاً:

مجلس شباب «تمكين المجتمع» يضيء على القيم الاجتماعية

دبي: «الخليج»
ينظم مجلس شباب وزارة تمكين المجتمع ثلاث جلسات رمضانية، ضمن مبادرة «حوار المجتمع» في أبوظبي ودبي والشارقة، تزامناً مع إعلان القيادة الرشيدة عام (2025) عام المجتمع وبالتعاون مع مجالس أبوظبي بديوان الرئاسة ومجلس أبوظبي للشباب وشركة موانئ دبي العالمية ومؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة في دبي ومجموعة أرادا للتطوير العقاري بالشارقة.
وتتناول الجلسات عدداً من المحاور النقاشية، التي تعزز القيم الاجتماعية والتلاحم المجتمعي والعادات الإماراتية الأصيلة.
ونظم المجلس جلسته الأولى بعنوان «منظومة تمكين المُجتمع وصِناعة الأثر المُستدام»، التي استضافها مجلس الدانة بأبوظبي، بحضور الشيخ طحنون بن سعيد آل نهيان عضو مجلس شباب الإمارات للعمل الإنساني وعائشة يوسف وكيل وزارة تمكين المجتمع والدكتور حمد المسافري وكيل الوزارة المساعد لقطاع تنظيم المؤسسات الاجتماعية ونور أبو الهول وكيل الوزارة المساعد لقطاع الدعم والتمكين الاجتماعي، محمد الشامسي رئيس مجلس شباب الإمارات للعمل الإنساني، وعدد من المسؤولين ومختلف فئات المجتمع.
واستعرضت الجلسة أهمية مبادرة عام المجتمع ودورها في تعزيز الروابط الأسرية والتلاحم المجتمعي وترسيخ ثقافة المسؤولية المشتركة وجهود الوزارة في إدارة منظومة الدعم والتمكين الاجتماعي.
وسينظم المجلس بالتعاون مع مجموعة أرادا للتطوير العقاري، الجلسة الثانية تحت عنوان «تمكين المجتمع وتكامل الأدوار الإيجابي مع القطاع الخاص تعزيزاً لجودة الحياة» يوم 13 مارس الجاري في منطقة الجادة بالشارقة، حيث تتناول الجلسة التعرف إلى الجهود التي يبذلها القطاع الخاص بالتعاون مع الجهات الحكومية، بهدف تعزيز دورهم وشراكتهم ومسؤوليتهم المجتمعية، لبناء مجتمع مزدهر ومستدام، يتميز بالتلاحم والتكافل بين مختلف فئاته.
وسيختتم المجلس جلساته الرمضانية يوم 19 مارس، تزامناً مع الاحتفاء بيوم زايد للعمل الإنساني وتحت عنوان «استدامة نهج التمكين المجتمعي والعمل الخيري واستمرارية العطاء»، بالتعاون مع موانئ دبي العالمية والتي ستتطرق ضمن محاورها إلى مآثر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، والتي جعلت دولة الإمارات منصة عالمية للعمل الإنساني، تُسهم بدور مهم في تنمية المجتمعات البشرية وبما يعكس قِيَمنا الأصيلة في التسامح والعطاء والخير ومد يد العون للمحتاجين.

مقالات مشابهة

  • مجلس الشباب المصري يطلق مبادرة لبناء كوادر تنويرية لمكافحة التطرف والاستقطاب الفكري
  • أستاذ علاج نفسي: الحب من طرف واحد مرض واسمه التعلق
  • الأمم المتحدة: الإمارات حليف نشط في الاستجابة الإنسانية عالمياً
  •  الإجرام التكفيري في الساحل السوري.. الوجه الآخر للصهيونية
  • مي عمر ترد على الانتقادات: “إش إش” لا يهدم القيم!
  • الأمم المتحدة: الإمارات حليف نشط وفعال في الاستجابة الإنسانية العالمية
  • طهران: معادلة الحرب أو المفاوضات تثبت عدم جدية الطرف الآخر
  • «تريندز» يُطلق «مجلس تريندز البحثي»
  • مجلس شباب «تمكين المجتمع» يضيء على القيم الاجتماعية
  • مواجهة مصرية محتملة في كأس العالم للأندية 2025.. كيف سيحدث ذلك؟