التركمان في العراق وسوريا يفتقرون إلى الكتاب
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
سبتمبر 21, 2024آخر تحديث: سبتمبر 21, 2024
مختار فاتح بي ديلي – طبيب تركماني سوري
ديار الهرمزي – كاتب تركماني عراقي
التركمان في العراق وسوريا، رغم كونهم جزءًا من النسيج الاجتماعي والثقافي للبلدين، يعانون من نقص ملحوظ في مجال الكتابة والتأليف وهو ما يؤثر سلبًا على قدرتهم على التعبير عن هويتهم الثقافية والسياسية والدفاع عن حقوقهم
يجب النظر في عدة عوامل
التهميش السياسي والثقافي
التركمان كأثنية عرقية واجهوا تاريخيًا تهميشًا سياسيًا في كل من العراق وسوريا.
هذا التهميش أثر بشكل مباشر على قدرتهم على تطوير بنية ثقافية متكاملة تشمل الكتابة والتأليف والإعلام.
في العراق على الرغم من وجود التركمان في مناطق عديدة مثل كركوك وموصل وصلاح الدين وديالى وأربيل وبغداد فإنهم لم يتمكنوا من لعب دور سياسي بارز يؤهلهم لدعم مجالات الثقافة والإعلام بشكل فعال.
تركز القوى السياسية والمالية بيد مجموعات أخرى مما حدّ من الدعم المالي والمؤسسي للمشاريع الثقافية.
في سوريا تعرض التركمان هناك لظروف سياسية صعبة في ظل الحكم المركزي الذي يسيطر عليه حزب البعث هذا أدى إلى إضعاف الهوية التركمانية ومنع التركمان من الوصول إلى الأدوات اللازمة للتعبير عن ثقافتهم في المشهد الإعلامي حتى لم يسمح لتركمان سوريا بفتح جمعيات اجتماعية وثقافية وفتح مدارس خاصة لتعليم بلغتهم الأم.
غياب الدعم المؤسسي
النقص في الكتاب بين التركمان يرتبط بشكل أساسي بغياب المؤسسات الثقافية والأكاديمية التي تدعم إنتاج المعرفة باللغة التركمانية أو حتى بالعربية سواء في العراق أو سوريا.
فالقلة من المؤسسات الموجودة لا تمتلك القدرة المالية أو التنظيمية لدعم الكتاب الجدد أو حتى نشر أعمال أدبية أو أكاديمية تعكس الهوية التركمانية.
كثير من التركمان يتلقون تعليمهم بلغات أخرى (العربية فقط) بدلاً من التركمانية والعربية معا مما يؤثر سلبًا على تعزيز لغتهم الأم وتطوير محتوى ثقافي وأدبي بها.
قلة المكتبات ودور النشر التي تعنى بتعزيز الثقافة التركمانية تجعل من الصعب على الكتاب التركمان الوصول إلى القراء
الهجرة القسرية التي تعرض لها العديد من التركمان خلال فترات الحروب والنزاعات في العراق وسوريا خاصة منذ عام 2003 في العراق وبعد 2011 في سوريا أدت إلى تشتت المثقفين والكتاب التركمان.
اللجوء والانتقال إلى دول أخرى أثر على استمرارية الإنتاج الأدبي والثقافي.
الكتابة تتطلب تفرغًا ودعمًا ماليًا، خاصة لمن يرغبون في خوض غمار التأليف والنشر.
التركمان يفتقرون إلى مؤسسات داعمة مالياً لمشاريع ثقافية كبيرة
في المجتمعات التي تُهمش فيها الأقليات، غالبًا ما تُوجّه الموارد المالية للأولويات اليومية والمعيشية بدلاً من الثقافية.
عدم توفر الدعم الثقافي الحقيقي وغياب مؤسسات ثقافية قوية تدعم الكتاب والمثقفين التركمان، سواء داخل المجتمعات التركمانية أو على المستوى الحكومي.
على الرغم من وجود إعلام رسمي في العراق إلا أن صوت التركمان نادرًا ما يُسمع عبر هذه القنوات الرسمية المحلية ولم تكن هناك اية وسيلة إعلامية رسمية لتركمان سوريا طوال عقود الماضية لايصال صوتهم إلى المحافل المحلية والدولية.
التركمان لا يمتلكون وسائل إعلام مؤثرة تعزز ثقافتهم وتبرز قضاياهم.
غياب هذه المنصات يجعل من الصعب على الكتاب التركمان الانتشار سواء عبر الصحافة أو الأدب.
الاضطرابات السياسية والحروب
الاضطرابات السياسية في كل من سوريا والعراق أثرت بشكل كبير على المجتمعات التركمانية، مما جعل الكثير من المواهب تهاجر أو تتوقف عن الإبداع نتيجة للظروف الاقتصادية والسياسية القاسية.
اللغة والتعليم التحديات المتعلقة باستخدام اللغة التركمانية في التعليم والإعلام أدت إلى تراجع القدرة على الكتابة والتأليف بها، مما يجعل الكتابة بهذه اللغة أو حتى التوثيق عن قضايا التركمان محدودًا.
هذا النقص يُشكل تحديًا كبيرًا فيما يتعلق بتوثيق التراث والثقافة التركمانية، فضلاً عن إيصال معاناة الشعب التركماني للعالم. تحتاج المجتمعات التركمانية إلى تطوير جيل من الكتاب والمثقفين قادرين على حفظ هويتهم ونقل قصصهم للأجيال القادمة
التحدي الذي يواجه الكتاب التركمان هو إيجاد التوازن بين الهويات الثقافية المختلفة التي يعيشون في ظلها
التركمان موزعون بين دول متعددة وبالتالي تأثروا ثقافيًا باللغات والثقافات السائدة في تلك الدول.
جهود فردية وغياب العمل الجماعي
في المجتمعات التي تواجه تحديات مثل التركمان نجد أن الجهود الثقافية غالبًا ما تكون فردية
يبرز بعض الأفراد ككتّاب أو مثقفين، ولكن غياب العمل الجماعي أو المؤسساتي يجعل تلك الجهود غير مستدامة
الكتاب التركمان قد يجدون أنفسهم منعزلين بدون دعم أو توجيه من مؤسسات أو جماعات تدفع نحو التطور الثقافي المستدامة
لمعالجة هذا الوضع، يمكن التركيز على عدة خطوات:
إنشاء مؤسسات ثقافية مستقلة تدعم الكتابة والنشر باللغة التركمانية.
تشجيع الشباب على الكتابة والتأليف عبر تقديم منح دراسية وورش عمل أدبية.
تعزيز التعاون مع الأقليات الأخرى التي تواجه تحديات مماثلة لبناء تحالفات ثقافية وإعلامية.
تطوير وسائل الإعلام التركمانية لتكون منصة للكتّاب والمثقفين.
دعم الهوية الثقافية من خلال التعليم وتشجيع التدريس باللغة التركمانية في المدارس والمراكز الثقافية.
التركمان بحاجة ماسة إلى نهضة ثقافية شاملة تهدف إلى الحفاظ على هويتهم وتعزيز تراثهم الثقافي واللغوي، وهذا يتطلب جهودًا مؤسساتية وفردية على حد سواء. النهضة الثقافية التي تسعى إليها المجتمعات التركمانية يجب أن تركز على عدة جوانب رئيسية
إنشاء مؤسسات ثقافية وتعليمية**: لا بد من تأسيس مؤسسات ثقافية تعمل على دعم الكتابة والتأليف والبحث العلمي المتعلق بالتراث والثقافة التركمانية. هذه المؤسسات يمكن أن توفر مساحات لتطوير المهارات الأدبية والعلمية للكتاب الشباب وتشجيع الأبحاث التاريخية واللغوية
تعزيز التعليم باللغة التركمانية**: يجب أن يكون التركيز على تعزيز اللغة التركمانية في المناهج الدراسية والمراكز الثقافية، لضمان نقل اللغة للأجيال القادمة والمحافظة عليها كجزء أساسي من الهوية.
دعم الأدباء والمثقفين التركمان**: من الضروري دعم الكتاب والمثقفين التركمان من خلال توفير فرص نشر مؤلفاتهم وتقديم منح أو دعم مالي لتشجيعهم على الكتابة والتأليف في مجالات مختلفة مثل التاريخ، الأدب، والسياسة.
التوثيق التاريخي والاجتماعي**: يحتاج التركمان إلى برامج متخصصة لتوثيق تاريخهم وصراعاتهم وهجراتهم، بالإضافة إلى توثيق التقاليد والعادات التي تميزهم. هذا التوثيق يمكن أن يساعد في الحفاظ على ذاكرتهم الجماعية ومساهمتهم في التاريخ المحلي والإقليمي
التركمانية والمساهمة في نشر تراثهم عبر العالم. مثل هذا التعاون يمكن أن يكون جسرًا لتعريف العالم الخارجي بالثقافة التركمانية وإسهاماتها.
الجهود الفردية**: على الأفراد التركمان المثقفين والمهتمين بالكتابة أن يساهموا بشكل مستمر في تعزيز الهوية التركمانية عبر التأليف والنشر في مواضيع تتعلق بتاريخهم وهويتهم. الدعم الشخصي، بالإضافة إلى الجهود المجتمعية، يمكن أن يكون له تأثير كبير
النهضة الثقافية تتطلب تضافر الجهود بشكل مستمر، ليس فقط من المؤسسات ولكن أيضًا من الأفراد، لأنها عملية طويلة الأمد تهدف إلى الحفاظ على الهوية وصياغة مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: العراق وسوریا مؤسسات ثقافیة على الکتاب دعم الکتاب فی العراق یمکن أن
إقرأ أيضاً:
منصة عين تدشّن أربعة كتب جديدة ضمن مشروع الكتاب الصوتي
تزامنًا مع معرض مسقط الدولي للكتاب الذي يفتح أبوابه اليوم (الخميس)، وفي إطار مشروع "الكتاب الصوتي" الذي أطلقته وزارة الإعلام منذ عام 2021، أعلنت منصة "عين" عن تدشين أربعة كتب صوتية جديدة، لترتفع بذلك حصيلة ما أنتجته المنصة إلى واحدٍ وستين كتابًا صوتيًّا، تتوزع بين أجناس أدبية وفكرية متعددة. ويأتي هذا الإنجاز استمرارًا للجهود المبذولة في توسيع نطاق الوصول إلى المعرفة المقروءة من خلال الصوت، وتوفير محتوى عربي غني يخاطب ذائقة الجمهور بمختلف فئاته.
أدب عالمي بصوت عُماني
الكتاب الأول الذي انضم حديثًا إلى مكتبة "عين" الصوتية هو "الساذجة: قصص من الأدب العالمي"، وهو مختارات قصصية مترجمة لأشهر كتّاب العالم، من أمثال تشيخوف، وماركيز، وكافكا، وأورويل، وكاواباتا، وجيمس جويس، وغيرهم. ترجم الكتاب الصادر عن مؤسسة الانتشار العربي في بيروت عام 2008 عدد من المترجمين ينتمون إلى "مجموعة الترجمة العُمانية" في جامعة السلطان قابوس، وهم أحمد حسن المعيني، وابتهاج الحارثي، وعلياء الشحي، وهلال المعمري، ويونس الحراصي، وشمسة الحوسني، وجهينة الكندي، وأحلام المعمري، وأمل النبهاني، وخليفة الكندي، وفاطمة المعمري، ومي سعيد العبري. تقدم هذه القصص مشاهد إنسانية تعالج قضايا الصراع النفسي، والقلق الوجودي، وتعقيدات العلاقات الاجتماعية، بأسلوب أدبي رفيع. ومن بين ما جاء في إحدى قصص الكتاب: "ذهبتُ إلى الفراش ولكني لم أستطع النوم... بدأتُ أحس أنني مهما فعلت فلن أستطيع أبدًا تحقيق ما أرغب به". وقد قُرئ الكتاب بصوت المذيعَيْن أحمد الكلباني وماجدة المزروعي، وأخرجه تقنيًّا حمد الوردي.
سيرة من الضوء والانتصار
أما الكتاب الثاني فهو السيرة المؤثرة "قصة حياتي" لهيلين كيلر، الأيقونة الأميركية التي تغلبت على إعاقتي السمع والبصر لتصبح أول كفيفة تنال شهادة جامعية. ترجمت الكتاب المترجمة العراقية الدكتورة أنوار يوسف، ونشرته دار الرافدين عام 2021. تنقل كيلر في هذا العمل روحًا متوثبة ومعرفة عميقة بالحياة، وتقول في أحد مقاطع الكتاب: "إن المعرفة سعادة، لأن معناها أن تعرف الأهداف الحقيقية من الزائفة". وقد أُلقِي الكتاب بصوت المذيعة فاطمة إحسان، وأخرجه فنيًّا أيمن الحبسي.
ضحك ودموع تحت القصف
الكتاب الثالث يحمل عنوانًا صادمًا ومركبًا: "ضحك ولعب.. دموع وحرب: يوميات العدوان على غزة"، للكاتبة الفلسطينية سما حسن، والصادر عن الدار العربية للعلوم ناشرون عام 2015، بتقديم من الروائي الفلسطيني إبراهيم نصر الله. يوثق الكتاب تفاصيل العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، والتي لا تختلف كثيرًا عن تفاصيل حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل هذه الأيام، وذلك من منظور يومي حميمي يعايش الخوف والرجاء في بيت صغير تأوي إليه الكاتبة وأولادها الأربعة. تقول سما: "في غزة، أحسد كل من يموت مرة واحدة، لأن الأحياء يموتون كل لحظة". قرأت اليوميات بصوتها المذيعة أمل السعيدي، وأخرجتها صوتيًّا المخرجة فاطمة الرواس.
قصائد من رماد الروح
أما الكتاب الرابع والأخير، فهو الديوان الشعري "لديّ ما أنسى" للشاعر العُماني حسن المطروشي، الصادر ضمن أعماله الشعرية الكاملة الصادرة مؤخرًا عن مؤسسة الانتشار العربي. يضم الديوان خمسًا وعشرين قصيدة، تتأرجح بين شعر التفعيلة والقصيدة العمودية، وتمتاز بلغة مشحونة بالتأمل والقلق والبحث عن الهوية. يقول المطروشي في إحدى قصائده: "أغادرُ من ريحٍ لأخرى تُحيلني رمادًا، وإن بَعْثَرْتِه سَأُضيءُ!". وقد قرأ حسن المطروشي ديوانه بصوته، بينما تولى الإخراج الصوتي جمال الشعيلي.
وتجري حاليًّا الاستعدادات لتدشين مجموعة جديدة من الكتب في الأسابيع المقبلة، في إطار مشروع منصة "عين" الطموح لإثراء الفضاء السمعي العربي، عبر تقديم محتوى أدبي وثقافي متنوع يلبي تطلعات القرّاء المستمعين، ويجعل من الصوت جسرًا حيًّا نحو المعرفة، والتأمل، والانفعال الجمالي.