قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن الغارات الإسرائيلية العنيفة على لبنان، التي شهدت تصعيدًا ملحوظا في الأيام الأخيرة، تأتي في إطار إستراتيجية جديدة تبناها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأوضح حنا، في تحليل للمشهد العسكري، أن هذه الإستراتيجية تهدف إلى "شرعنة" التصعيد العسكري في الشمال، وإضعاف قدرات حزب الله اللبناني.

ونفذ الجيش الإسرائيلي أكثر من 100 غارة على لبنان اليوم السبت، في تصعيد هو الأعنف منذ بدء المواجهات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وقد استهدفت هذه الغارات مناطق واسعة في جنوبي لبنان، بما في ذلك أعالي البقاع الغربي ومناطق في مجرى الليطاني والعيشية والنبطية وميس الجبل ومحيطها.

عدم التقدم

وأوضح حنا أن هذا التصعيد يأتي في وقت يسعى فيه نتنياهو إلى كسر حالة "نقطة عدم التقدم" في الساحة العسكرية، في حين يحاول حزب الله الحفاظ على الوضع الراهن والاستمرار في إستراتيجية الاستنزاف لمدة طويلة، مع ربط الموقف بالأوضاع في قطاع غزة.

وحول اتساع نطاق الغارات الإسرائيلية لتصل إلى مناطق شمال نهر الليطاني، أوضح حنا أن ذلك يهدف لخدمة إستراتيجية نتنياهو، التي تشمل شرعنة التحرك العسكري شمالاً، وتهيئة الظروف لعودة النازحين الإسرائيليين، بالإضافة إلى محاولة تقليص قدرات حزب الله العسكرية.

وأضاف حنا أن إسرائيل تسعى من خلال هذه الإستراتيجية إلى تحضير الأرضية لسيناريو عسكري أوسع في لبنان، مشيرًا إلى أن هذا النهج يتبع الأساليب الغربية والإسرائيلية التقليدية في التمهيد للعمليات العسكرية الكبرى عبر القصف الجوي المكثف.

وفيما يتعلق برد حزب الله على الغارات الإسرائيلية، والذي تمثل في إطلاق عشرات صواريخ الكاتيوشا على مواقع عسكرية في الجليل والجولان المحتل، أكد حنا أن الحزب لا يزال يحتفظ بقدراته العسكرية رغم محاولات إضعافه.

وأشار إلى أن الحزب يركز حتى الآن على استهداف المواقع العسكرية الإسرائيلية دون المساس بالأهداف المدنية أو البنى التحتية غير العسكرية.

رسالة حزب الله

وأوضح الخبير العسكري أن استهداف حزب الله للطرق السريعة، مثل الطريق 89 بالقرب من عين زيتيم في الجليل الأعلى، يحمل رسالة مفادها أن الحزب قادر على ضرب طرق المواصلات الإسرائيلية إذا قررت إسرائيل التحرك للمناورة أو الهجوم، وهو أمر يعتبره حنا "مهمًا جدا للمرحلة القادمة".

وتطرق حنا إلى أهمية بعض المواقع التي استهدفها حزب الله مثل منطقة نفح، موضحًا أنها تضم قواعد تنصت إسرائيلية على حزب الله، بالإضافة إلى وجود سرية جديدة أرسلها جيش الاحتلال للاستطلاع وجمع المعلومات الاستخباراتية عن تحركات الحزب.

وحول فعالية الدفاعات الإسرائيلية في مواجهة صواريخ حزب الله، أشار حنا إلى أن نجاح العديد من الرشقات الصاروخية في الوصول إلى أهدافها، رغم وجود منظومة القبة الحديدية، يدل على أن الحزب قد تعلم من التجارب السابقة وتمكن من تحديد نقاط الضعف في المنظومة الدفاعية الإسرائيلية.

وأوضح الخبير العسكري أن حزب الله يتبنى إستراتيجية الدفاع الإستراتيجي مستفيدًا من تحضيراته الميدانية والبيئية، في حين تفضل إسرائيل الهجوم الإستراتيجي.

ويرى حنا أن عودة سكان شمال إسرائيل إلى منازلهم يبقى أمرا صعب التحقيق في ظل استمرار قدرة حزب الله على إطلاق الصواريخ لمسافات تلبغ 300 كيلومتر، حتى لو نجحت إسرائيل في التوغل لمسافة 10 أو 20 كيلومترًا داخل الأراضي اللبنانية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حزب الله أن الحزب حنا أن

إقرأ أيضاً:

أيّ أوراق قوّة يملكها لبنان لدفع إسرائيل إلى الانسحاب؟

كتبت سابين عويس في" النهار": إن كان الزخم العربي والدولي نجح في إنتاج سلطة جديدة، فإن التحدي الأبرز، الاستثمار في هذا الزخم لاستكمال تنفيذ القرار الدولي. وعند هذه النقطة، يصبح السؤال مبرراً حول أوراق القوة التي يمتلكها لبنان للمضيّ في هذا القرار، الذي يشترط أولاً إلزام إسرائيل باستكمال انسحابها، لكي يصبح في الإمكان بعدها الالتفات إلى الداخل وسحب ذريعة السلاح من يد الحزب. 

في أولى الخطوات التي أراد فيها العهد إظهار التضامن السياسي بين مكوّنات الدولة، جاء اجتماع الرؤساء الثلاثة في قصر بعبدا، وإرفاقه ببيان ليعكس الحرص على ترجمة موقف رسمي موحّد، خصوصاً أن الحكومة لم تنل بعد ثقة المجلس لتنطق بالموقف الرسمي. وأهم ما فيه أن لبنان قرر السير بالطرق الديبلوماسية للضغط على إسرائيل لاستكمال انسحابها، وذلك عبر التوجّه إلى مجلس الأمن للمطالبة بوقف الخروق، وعبر اللجنة التقنية العسكرية للبنان و"الآلية الثلاثية" اللتين نصّ عليهما إعلان ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢٤. ولم يغفل المجتمعون ربط هذه التوجهات بما يشبه التهديد المبطن وذلك من خلال التذكير بحق لبنان باعتماد كل الوسائل لانسحاب العدو الإسرائيلي. 

ترافق البيان مع ما كان أعلنه الرئيس أمام نقابة المحررين "أننا سنعمل بالطرق الديبلوماسية، لأن خيار الحرب لا يفيد ولبنان لم يعد يحتمل حرباً جديدة، وسلاح الحزب سيأتي ضمن حلول يتفق عليها اللبنانيون". فعن أي خيارات سيلجأ إليها لبنان؟

الأكيد أن لبنان لا يملك الكثير من أوراق الضغط والقوة وهو الخارج من حرب مدمّرة ومنهك اقتصادياً واجتماعياً ومالياً. لكنه حتماً يملك القرار السياسي بمراقبة حدوده ومنع إعادة تسليح الحزب، كما يتمتع بامتياز استثناء الجيش من وقف برامج المساعدات الأميركية، ما يستدعي العمل للحصول على الدعم الذي يؤهّل الجيش لاستكمال انتشاره وضمان حدوده شمالاً وجنوباً. 
في المقابل، يواجه لبنان تحدياً داخلياً يتمثل بالمخاوف الكامنة في تحويل الاستفتاء الشعبي المنتظر في تشييع الأمين العام السابق للحزب إلى استفتاء على دور المقاومة واستمرار الحاجة إليها لتحرير النقاط المحتلة، ما يمكن أن يعيد الأمور إلى مربعها الأول!
 

مقالات مشابهة

  • غارات إسرائيلية على 14 موقعا في لبنان
  • مئات الآلاف في وداع أمين عام حزب الله حسن نصر الله على وقع غارات إسرائيلية على شرق وجنوب لبنان
  • لبنان.. إصابة فتاة في غارات إسرائيلية على الجنوب
  • شاهد| إسرائيل تودع حسن نصرالله بسلسلة غارات على لبنان
  • قبيل تشييع نصر الله: غارات إسرائيلية على لبنان
  • غارات إسرائيلية تستهدف عدة بلدات جنوبي لبنان
  • سلامة: الفائدة العسكريّة لبقاء إسرائيل في النقاط الـ5 غير موجودة
  • حابس الشروف: انفجارات تل أبيب تخدم أهداف نتنياهو السياسية في الضفة الغربية
  • غارات على الحدود اللبنانية السورية ليلا.. وإسرائيل تتهم الحزب بخرق الاتفاق
  • أيّ أوراق قوّة يملكها لبنان لدفع إسرائيل إلى الانسحاب؟