عبداللطيف السيد.. “راعي النوب” الذي قاد معظم المعارك جنوبي اليمن
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
قُتل “عبداللطيف السيد” بعملية إرهابية تبناها تنظيم القاعدة يوم الخميس 10 أغسطس/آب في محافظة أبين جنوبي اليمن المنطقة التي ارتبط اسمه بها لينهي قرابة عقد ونصف من حضور اسمه في المعارك جنوب وشرقي البلاد.
قُتل السيد بانفجار عبوة ناسفة استهدفت موكبه في مديرية مودية في “أبين” وهو يقود عملية عسكرية ضد تنظيم القاعدة الإرهابي -الذي تبنى الهجوم- منذ خمسة أيام حيث قام المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات بإعادته إلى منصبه كقائد للحزام الأمني بعد أن فشل القائد السابق وقادة ألوية المجلس في أبين في تحقيق اختراق ضد تنظيم القاعدة في “وادي عومران” أو ما يعرف ب”وادي الموت” بأبين وعدم قدرة الحزام الأمني على التفاهم مع القبائل في المحافظة-حسب ما أفادت مصادر لـ”يمن مونيتور” في المحافظة.
كان “السيد” حصيفاً قادراً على التفاهم مع القبائل والمكونات حتى تلك التي تخالفه في التوجه والآراء- كما أشار شيخ قبلي في “أبين” ارتبط عدة مرات بلقاءات مع “السيد” خاصة بين 2012 و2015 تحدث لـ”يمن مونيتور”.
وشيع جثمانه مع ثلاثة من مرافقيه في منطقة “باتيس” في أبين، عقب صلاة مغرب يوم الخميس، لم تقم له جنازة رسمية ولم تطلق الأعيرة النارية لوفاته.
فما هي قصته؟
تنظيم القاعدة الانتماء والمواجهة
في 2011 عندما سيطر تنظيم أنصار الشريعة -الفرع المحلي لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب- على محافظة أبين، برز اسم “عبداللطيف السيد” كقائد في التنظيم في منطقة “جعار” مركز مديرية “خنفر”، سرعان بدأت الخلافات بين “السيد” وقادة التنظيم الأخرين.
وقال مصدر مطلع على تحركاته: اختلف السيد مع التنظيم حول سرقة البنوك، ومحلات الصرافة، وأعمال النهب، شعر عبداللطيف أن ذلك لا يحقق انتقاماً للمظالم من الحكومة اليمنية.
في مقابلة عام 2013 قال السيد إنه أيد تنظيم القاعدة بسبب المظالم التي لحقته من الحكومة “حيث ظل ملاحق ظلماً من السلطات طوال خمس سنوات -2005/2011-” لكن بعد عدة أشهر من تأييد للقاعدة “صعقت من كمية الشر عندهم ومن وتعطشهم لسفك الدماء، واجهتهم ولم يعجبهم كلامي”.
بحلول نهاية عام 2011 كان عبداللطيف السيد خارج تنظيم القاعدة، وانضم للقبائل التي تقاتل التنظيم في “جعار”. في 2012 عينه الرئيس اليمني آنذاك عبدربه منصور هادي “قائداً للجان الشعبية في محافظة أبين لمواجهة تنظيم القاعدة”.
ساندت اللجان الشعبية التي قادها “السيد” القوات العسكرية اليمنية التي قادها القائد العسكري البارز اللواء الركن سالم قطن -قائد المنطقة العسكرية الجنوبية- وتمكن حتى منتصف 2012 من تحرير محافظة أبين من تنظيم القاعدة، ليستشهد “قطن” بتفجير انتحاري حزام ناسف استهدف سيارته صباح يوم 18 يونيو 2012م أثناء مروره في المنصورة بمدينة عدن.
ومع انسحاب تنظيم القاعدة على وقع عمليات الجيش في أبين، تدخلت اللجان الشعبية لإرساء النظام وحماية المصالح العامة في تلك المناطق، على أمل أن يكون هذا ترتيبا مؤقتا حتى تعود الحكومة لاستئناف المسؤولية. لكن ذلك لم يحدث، حيث استمرت اللجان الشعبية بالعمل كمسؤولة عن النظام، واستمر غياب الشرطة والمحاكم أو أنها لم تقم بدورها.
وتقول ندوى الدوسري الباحثة المتخصصة باليمن: فشلت حكومة هادي في دعم اللجان الشعبية وهو ما أدى إلى عودة أنصار الشريعة.
الحوثيون والقاعدة والحزام الأمني
بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء في 2014، امتلك تنظيم القاعدة دعاية مناسبة للوصول إلى القبائل التي تخشى المد الطائفي. قاتل السيد الحوثيين والقاعدة، وعقب تحرير مناطق شاسعة من أبين من جماعة الحوثيين بدأ تنظيم القاعدة في العودة.
بعد فرار الرئيس اليمني إلى عدن في 2015 انتقل عبداللطيف السيد إلى عدن للمساعدة في ردع الحوثيين الذين تمددوا سريعاً، اجتاح الحوثيون المدينة بعد أن غادرت اللجان الشعبية المدينة إلى أبين، شعر “هادي” بالخذلان وفقدان الثقة. خاصة بعد اتهام اللجان الشعبية للحكومة بعدم تقديم الدعم اللازم لمواجهة الحوثيين. اُتهم السيد بتسليم شقيق هادي “القائد العسكري ناصر منصور”.
بقي السيد واللجان في جعار وزنجبار التي لم يدخلها الحوثيون. اُتهم السيد بعقد حلف مع الحوثيين لا يدخل مناطقهم مقابل أن تتجنب اللجان الشعبية الدخول في معارك مع الجماعة المسلحة. ثارت خلافات بين عبداللطيف السيد والرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي. استغلت أبوظبي حالة الجمود في علاقة الرجلين لتقوم بتعيينه قائداً لقوات الحزام الأمني في محافظة أبين. كما جندته إلى جانب قادة اللجان الشعبية الأخرى، وكسبته في إيجاد حضور في أبين مسقط رأس هادي في وقت كانت خلافات أبوظبي مع هادي في بدايتها.
على الرغم من علاقة عبداللطيف السيد مع أبوظبي إلا أنه كان حريصاً على عدم إرسال عائلته وأقاربه إلى الإمارات كما فعل معظم قادة المجلس الانتقالي الجنوبي، على الرغم من مشاركته ضمن قوات المجلس الانتقالي ضد القوات الحكومية اليمنية في شبوة وأبين عام 2019م.
في مقابلة مطلع 2023 قال عبداللطيف السيد إنه حريص على إصلاح أي انتهاك يرتكبه أفراده، حريص على عدم إثارة النزاعات في أبين. لكنه واجه اتهامات بتعذيب معتقلين سياسيين وتصفية جرحى في مستشفى الرازي عام 2019م.
توترت علاقته مع الإمارات كما توترت مع المجلس الانتقالي الجنوبي، جرى تخفيض رتبته إلى قائد للحزام الأمني في واحدة من المديريات في أبين معتمداً على الضرائب والدعم الإماراتي لتسيير قوته حتى استدعائه لقيادة قوات الحزام الأمني قبل مقتله بأسبوع.
محاولات الاغتيال
عقب اغتيال سالم قطن، بدأ تنظيم القاعدة شن هجمات ضد المؤسسات الحكومية وشيوخ القبائل وقادة اللجان الشعبية. كانت أولى محاولات الاغتيال البارزة التي تعرض لها “عبداللطيف السيد” في أغسطس/آب عندما فجر انتحاري نفسه في مخيم عزاء لعائلة “السيد” خلف التفجير قرابة 80 بين قتيل وجريح، وقُتل شقيقه وعدد من أفراد العائلة، وأصيب خلالها السيد بجروح فقد خلالها إحدى عينيه.
وتقول ندوى الدوسري: بحلول عام 2014 ، نجا السيد من 7 محاولات اغتيال وعانى من إصابات منهكة. فقد 3 من أشقائه وعدد من أقاربه في هجمات أنصار الشريعة.
وأضافت الدوسري: كان عبداللطيف السيد رجلاً يتمتع بشجاعة ملحوظة. جلبت قيادته فرصًا ظلت للأسف غير مستغلة. بالنسبة لي، كان صديقًا فقدته وسأفتقده كثيرًا. أشعر بالراحة لأن إرثه سيعيش ويلهم الآخرين لتنفيذ رؤيته.
ظهر عبداللطيف السيد مجدداً في 2017م أمام تنظيم القاعدة، في نوفمبر/تشرين الثاني تعرض السيد لمحاولة اغتيال بزراعة عبوات ناسفة استهدفت موكبه، وتكررت المحاولات بين 2019-2020، كان أخر محاولة اغتيال في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قُتل في الهجوم قائد حراسته- حسب ما أفاد مصدر أمني في أبين.
النهاية
في 2012 عقب محاولة اغتيال ظهر عبداللطيف السيد متوعداً تنظيم القاعدة، وقال إنه إما ينتهي التنظيم أو يُقتل وهو يحاول ذلك.
في 2013 قال السيد في مقابلة صحافية إنه بخروج تنظيم القاعدة وتسلم الحكومة اليمنية عملها في محافظة أبين سيعود إلى قريته ليكون “راعي نوب” كما كان قبل قيادته اللجان الشعبية.
قُتل راعي النوب، وسيبقى ما ارتكبه وقام به محل جدل، بين قائد شعبوي باحث عن المال والشهرة أو قائد قاتل تنظيم القاعدة، أو الأمرين معاً.
يمن مونيتور12 أغسطس، 2023 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام ثلاثية فيرمينو تمنح الأهلي الفوز في افتتاح الدوري السعودي مقالات ذات صلة ثلاثية فيرمينو تمنح الأهلي الفوز في افتتاح الدوري السعودي 11 أغسطس، 2023 واشنطن ترحب بتفريغ خزان “صافر” النفطي قبالة سواحل اليمن 11 أغسطس، 2023 الخطر لم ينتهِ بعد.. الأمم المتحدة تعلن انتهاء أزمة ناقلة النفط المتهالكة “صافر” 11 أغسطس، 2023 إيران تعلن بدء الإفراج عن أموالها المجمدة ضمن الاتفاق مع واشنطن 11 أغسطس، 2023 اترك تعليقاً إلغاء الرد
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
شاهد أيضاً إغلاق أخبار محلية الأمم المتحدة تؤكد إفراج تنظيم القاعدة باليمن عن خمسة من موظفيها 11 أغسطس، 2023 الأخبار الرئيسية عبداللطيف السيد.. “راعي النوب” الذي قاد معظم المعارك جنوبي اليمن 12 أغسطس، 2023 واشنطن ترحب بتفريغ خزان “صافر” النفطي قبالة سواحل اليمن 11 أغسطس، 2023 الخطر لم ينتهِ بعد.. الأمم المتحدة تعلن انتهاء أزمة ناقلة النفط المتهالكة “صافر” 11 أغسطس، 2023 الأمم المتحدة تؤكد إفراج تنظيم القاعدة باليمن عن خمسة من موظفيها 11 أغسطس، 2023 الحكومة اليمنية تعلن اليوم استكمال تفريغ خزان صافر النفطي 11 أغسطس، 2023 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 اخترنا لكم واشنطن ترحب بتفريغ خزان “صافر” النفطي قبالة سواحل اليمن 11 أغسطس، 2023 الخطر لم ينتهِ بعد.. الأمم المتحدة تعلن انتهاء أزمة ناقلة النفط المتهالكة “صافر” 11 أغسطس، 2023 الأمم المتحدة تؤكد إفراج تنظيم القاعدة باليمن عن خمسة من موظفيها 11 أغسطس، 2023 الحكومة اليمنية تعلن اليوم استكمال تفريغ خزان صافر النفطي 11 أغسطس، 2023 بنغلادش تعلن الإفراج عن أحد مواطنيها المختطف لدى القاعدة باليمن 10 أغسطس، 2023 الطقس صنعاء غيوم متفرقة 23 ℃ 28º - 20º 30% 1.29 كيلومتر/ساعة 28℃ السبت 25℃ الأحد 25℃ الأثنين 26℃ الثلاثاء 26℃ الأربعاء تصفح إيضاً عبداللطيف السيد.. “راعي النوب” الذي قاد معظم المعارك جنوبي اليمن 12 أغسطس، 2023 ثلاثية فيرمينو تمنح الأهلي الفوز في افتتاح الدوري السعودي 11 أغسطس، 2023 الأقسام غير مصنف 24٬146 أخبار محلية 24٬029 الأخبار الرئيسية 11٬514 اخترنا لكم 6٬246 عربي ودولي 5٬436 كتابات خاصة 1٬972 رياضة 1٬941 كأس العالم 2022 71 اقتصاد 1٬880 منوعات 1٬743 مجتمع 1٬704 صحافة 1٬431 تراجم وتحليلات 1٬405 آراء ومواقف 1٬380 تقارير 1٬357 حقوق وحريات 1٬154 ميديا 1٬143 فكر وثقافة 805 تفاعل 733 فنون 442 الأرصاد 120 بورتريه 59 صورة وخبر 19 كاريكاتير 15 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل © حقوق النشر 2023، جميع الحقوق محفوظة | يمن مونيتورفيسبوكتويتريوتيوبتيلقرامملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويتريوتيوبتيلقرامملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 أكثر المقالات تعليقاً 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 19 يوليو، 2022 تامر حسني يثير جدل المصريين وسخرية اليمنيين.. هل توجد دور سينما في اليمن! 15 ديسمبر، 2021 الأمم المتحدة: نشعر بخيبة أمل إزاء استمرا الحوثي في اعتقال اثنين من موظفينا 20 ديسمبر، 2020 الحوثيون يرفضون عرضاً لنقل “توأم سيامي” إلى خارج اليمن 30 مايو، 2023 الأرصاد اليمني يدعو المواطنين إلى عدم استخدام الأجهزة الإلكترونية أثناء العواصف الرعدية 5 يوليو، 2021 السعودية تعلق على البيان الإماراتي المندد باتفاق أوبك أخر التعليقات diva
مقال ممتاز موقع ديفا اكسبرت الطبي...
عبدالله منير التميميمش مقتنع بالخبر احسه دعاية على المسلمين هناك خصوصا ان الخبر...
Tarek El Noamanyتحليل رائع موقع ديفا اكسبرت الطبي...
عاصم أبو الخير[أذلة البترول العربى] . . المملكة العربية السعودية قوة عربية...
نصر طه علي شمسانمعي محل عطور. فيـ صنعاٵ...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: المجلس الانتقالی عبداللطیف السید الحکومة الیمنیة فی محافظة أبین تنظیم القاعدة الأمم المتحدة جنوبی الیمن فی الیمن فی أبین
إقرأ أيضاً:
من “غالاكسي ليدر” إلى “لينكولن”: اليمن يثبت قدرته على تغيير معادلات القوة البحرية
يمانيون – متابعات
على مدار عام كامل، فرضت القوات البحرية اليمنية واقعاً جديداً في البحر الأحمر والمناطق المحيطة به، من خلال سلسلة من العمليات البحرية الدقيقة والنوعية التي أثبتت تطوراً لافتاً في قدراتها العسكرية والاستخبارية. من الاستيلاء على السفينة “غالاكسي ليدر”، إلى استهداف حاملة الطائرات الأميركية “إبراهام لينكولن”، شكلت هذه العمليات محوراً رئيساً في الصراع، وأدت إلى تغييرات جوهرية في معادلات القوة البحرية في المنطقة.
البداية مع “غالاكسي ليدر”: خطوة نحو استراتيجية بحرية جديدة
بدأت التحولات الاستراتيجية في العمليات البحرية اليمنية بعملية الاستيلاء على السفينة “الإسرائيلية” “غالاكسي ليدر” في البحر الأحمر (قبل عام تماماً).
لم تكن هذه العملية متوقَّعة كما لم تكن مجرد رد فعل، بل كانت خطوة استباقية من جانب القوات اليمنية، تهدف إلى إسناد غزة وتعطيل حركة السفن المتورطة في دعم العدو “الإسرائيلي”.
نجحت القوات اليمنية في تنفيذ هذه العملية بدقة متناهية، الأمر الذي كشف تطوراً كبيراً في القدرات الاستخبارية والبحرية، وأدى إلى إرباك حسابات العدو، وأثار قلقاً في أوساط القوى الغربية، وعلى رأسها أميركا التي حاولت، عبر إرسال قطع بحرية، مواجهة هذه العمليات وردعها ومنعها، لكن الرد اليمني كان مفاجئاً ومتسارعاً ومتصاعداً وفعالاً.
التصعيد التدريجي: من العمليات الموجّهة إلى الاستهداف الشامل
لم تتوقف العمليات اليمنية عند هذا الحد، بل تصاعدت بالتدريج، لتشمل سفناً أميركية وبريطانية. ومع مرور الوقت، بدأ النشاط العسكري اليمني يتوسع ليشمل استهداف قطع بحرية من التحالف الغربي في البحر الأحمر، خليج عدن، البحر العربي، والمحيط الهندي. وعلى رغم المحاولات الغربية لاحتواء هذا التصعيد عبر إرسال حاملات طائرات وفرقاطات، فإن القوى الغربية لم تتمكن من وقف هذا الزخم العملياتي المساند لغزة.
في المقابل، أظهر التحالف الغربي عجزاً في مواجهة هذه الهجمات، فبدلاً من الحد من العمليات البحرية اليمنية ضد السفن “الإسرائيلية” والمرتبطة بها، بدأ سحب قطع بحرية أميركية وبريطانية وأوروبية، كانت أبرزها حاملتا الطائرات “آيزنهاور” و”روزفلت”، وقد تلحق بهما “لينكولن”، التي تعرضت مؤخراً لضربات غير مسبوقة الأسبوع الماضي.
وعلى رغم تدخل القوى الغربية في حشد عسكري غير مسبوق، وعدوانها الجوي والبحري على اليمن بأكثر من 800 ضربة جوية وبحرية، فإنها لم تتمكن من كسر الحظر البحري المفروض على العدو “الإسرائيلي” من جانب اليمن، بل أُجبرت تلك القطع على الانسحاب التدريجي والعودة أدراجها، وأُجبرت السفن “الإسرائيلية” والمرتبطة بها على تغيير مساراتها وتفادي مناطق الصراع.
عملية “لينكولن”: ضربة معقدة تُظهر تطوراً غير مسبوق
تُعَد عملية استهداف حاملة الطائرات الأميركية، “إبراهام لينكولن”، في أقصى البحر العربي (بعد قرابة نصف عام من التهرب والتخفي) إحدى أبرز محطات هذا التصعيد، ذلك بأن العملية البحرية اليمنية كانت خطوة استباقية معقدة نجحت في تعطيل هجوم جوي كان يخططه التحالف الأميركي. هذا الهجوم جاء في وقت حساس جداً، بحيث كانت حاملة الطائرات “لينكولن” تمثل إحدى أذرع القوة البحرية الأميركية في المنطقة.
نجحت القوات البحرية اليمنية في الوصول إلى الحاملة، واستخدمت أسلحة متطورة استطاعت اختراق الدفاعات الأميركية. هذه الضربة، التي تم تنفيذها في أقصى البحر العربي، كانت بمثابة رسالة قوية من اليمن، تؤكد تطور قدراته العسكرية والاستخبارية، وتؤكد عجز التحالف الغربي عن ردع هذا التصعيد. الحاملة “لينكولن”، التي تعرضت لضربة قوية اضطرت إلى الانسحاب، كما فعلت “آيزنهاور” و”روزفلت” في وقت سابق.
سحب القطع البحرية الغربية: هزيمة استراتيجية
على رغم محاولات القوى الغربية تعزيز وجودها العسكري في البحر الأحمر عبر إرسال قطع بحرية متعددة، بما في ذلك الفرقاطات وحاملات الطائرات، فإن نتائج العمليات البحرية اليمنية أثبتت فشل هذه الاستراتيجيات.
على العكس، فإن الرد اليمني ساهم في سحب عدد من هذه القطع، بما في ذلك الفرقاطة الإيطالية و”لينكولن”، وهو ما يعكس فشل محاولات الغرب كسر الحظر البحري المفروض.
في هذا السياق، لم تقتصر الضغوط على القوات البحرية الأميركية والبريطانية، بل شملت أيضاً الشركات التجارية التي كانت تدير السفن المتورطة في نقل البضائع المرتبطة بالاحتلال “الإسرائيلي”. هذه العمليات البحرية لم تكن مجرد تحركات عسكرية، بل استراتيجية شاملة تهدف إلى تغيير المعادلات الاقتصادية والسياسية في المنطقة.
الأفق والخيارات: مستقبل العمليات البحرية اليمنية
مع استمرار تصعيد العدوان الأميركي و”الإسرائيلي” في المنطقة، تظل الأفق مفتوحة أمام اليمن لتوسيع نطاق عملياته البحرية. القوات المسلحة اليمنية أثبتت قدرتها على تحدي القوى الكبرى في بحر مفتوح، وأظهرت تطوراً عسكرياً واستخبارياً من شأنه تغيير موازين القوى في المنطقة.
من جهة أخرى، يواجه التحالف الغربي تحديات متزايدة في ردع العمليات اليمنية. فكلما تصاعدت الاعتداءات، تصاعدت العمليات اليمنية وتزايدت في المقابل الخسائر الغربية، وازدادت الصعوبة في فرض الهيمنة على الممرات البحرية. مع ذلك، يبقى الخيار مفتوحاً أمام الطرفين: اليمن ماضٍ في تعزيز وجوده البحري وتوسيع نطاق عملياته الإسنادية، بينما قد يلجأ الغرب إلى مزيد من التصعيد العسكري في محاولة لردع اليمن، لكن مع العلم بأن هذا الخيار سيفشل مجدداً وسيصطدم بقدرة اليمن المتزايدة على تنفيذ عمليات بحرية معقدة.
من “غالاكسي ليدر” إلى “لينكولن”، أثبتت القوات البحرية اليمنية قدرتها على تغيير معادلات القوة البحرية في المنطقة. العمليات البحرية الاستباقية والتطور الكبير في القدرات العسكرية والاستخبارية جعلت اليمن قوة بحرية مؤثرة، قادرة على تحدي القوى الكبرى. وعلى رغم محاولات الغرب وقف التصعيد، فإن الواقع الجديد، الذي فرضه اليمن، يثبت أن معادلات الحرب البحرية تغيرت إلى الأبد، الأمر الذي يفتح الباب أمام مزيد من التصعيد والفرص الاستراتيجية في المدى البعيد.
———————————-
-موقع الميادين – علي ظافر