حكم ترك الصلاة خلف إمام بدعوى كونه متصوفا
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية عن حكم إمامة الصوفي الذي يقيم حلق الذكر ويزور الأولياء، بعد انتشر على الساحة مؤخرًا من انتقادات لاذعة للصوفية بعد اتهام الشيخ صلاح التيجاني، وهو أحد مُدعين الصوفية ومُنشئ لطريقة باسم الصلاحية التيجانية بالتحرش وإبراز تصريحاته الشاذة عن الدين الإسلامي.
. شطحات صلاح التيجاني في الدين الإسلامي
قالت دار الإفتاء المصرية أن الإمام في الصلاة أنه إذا كان المتقدِّم للإمامة مؤهَّلًا لها فإمامته للناس جائزةٌ شرعًا، أما عدم الصلاة خلفه بحجة أنه متصوف يزور أضرحة آل البيت والأولياء، ويقيم حِلَقَ الذكر، وأنه بذلك قد دخل في البدعة والشرك: فهو خلطٌ لا يحبه الله ولا يرضاه بين الوسيلة المشروعة والشرك الممنوع؛ فإنَّ الله تعالى قد أمر عباده بابتغاء الوسيلة إليه في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾ [المائدة: 35]، وأثنى سبحانه على مَن يتوسَّلون إليه في دعائهم فقال: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا﴾ [الإسراء: 57].
حكم من جعل التوسل والتبرك شركًامَن جعل التوسُّلَ والتبركَ بالأولياء والصالحين الذي اتفق عليه المسلمون سلفًا وخلفًا ونصَّت عليه المذاهب الإسلامية المتبوعة شركًا بالله تعالى يُدخِل صاحبَه النار مستدلِّينَ عليه جهلًا بقوله تعالى: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى﴾ [الزخرف: 3]، وجعل زيارةَ الأولياء وَصِلةَ آلِ البيت ومَبَرَّتهم التي أمر بها الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم شركًا وبدعة حسب زعمه وافترائه؛ فقد خلط بذلك بين دائرة الوسيلة والشرك، وجعل التعظيم بالله كالتعظيم مع الله، والله تعالى يقول: ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ [القلم: 35-36]، وهذا هو منهج الخوارج الذين يقاتِلون أهل الإسلام ويَدَعون أهلَ الأوثان، ومَنشأُ ضلالتهم كما وصفهم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فيما علَّقه عنه الإمام البخاري في "صحيحه" وَوَصله ابنُ جريرٍ الطبري في "تهذيب الآثار" بسندٍ صحيح أنهم انطلقوا إلى آياتٍ نزلت في الكفار، فجعلوها على المؤمنين.
خطورة الأفكار المتطرفة ولزوم تقديم النصح لهمقد ابتُلِيَ المسلمون بضَلالتِهم في هذا العصر، وهذا الفكر الأعوج الأهوج هو أعظمُ بدعةٍ ظهرت في الأمة الإسلامية؛ لأنها تحارب التوحيد باسم التوحيد، وتتَّهمُ سلفَ الأمة وخلَفَها بالشرك تحت ستار اتِّباعِ السنة، فحسبُنا الله ونعم الوكيل! ويجب على المسلمين أن يَحْذَروا ضلالَتَهم، ويُحَذِّروا من باطِلِهم، وعليكم بنصح هؤلاء الإخوة بلزوم الجماعة وبيان الحق لهم حتى لا تتلاعب بهم الشبهات والدعوات المُضِلَّة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الصوفى إمامة دار الافتاء المصرية الإمام في الصلاة المسلمين الصلاة
إقرأ أيضاً:
خطيب الجامع الأزهر: تقوى الله أمثل طريق للطمأنينة في الدنيا والآخرة
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات بجامعة الأزهر، ودار موضوعها حول "الاستعداد لشهر رمضان"
وقال الدكتور ربيع الغفير، إن تقوى الله أمثل طريق وأقوم سبيل للطمأنينة في الدنيا والسعادة في الأخرة، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾، لذلك يجب على المسلم الاستعداد لشهر رمضان، وأجلُّ ما يستقبل به هذا الشهر: سلامة الصدور، وطهارة القلوب، وتزكية النفوس، والسيرة لا تطيب إلا بصفاء السريرة ونقاء القلوب، لأنه لا يوجد أجلُّ من استقبال مواسم الطاعات بتوبة صادقة نصوح لله جل وعلا، فيستقبل هذه المواسم، وقد أقلع وتخلَّى عن ذنوبه ومعاصيه التي لطالما قيَّدته، وحرمته من كثير من الطاعات والحسنات ومن أبواب الخيرات.
وأوضح خطيب الجامع، أنه يجب على كل مسلم أن يحرص على ألَّا يدخل عليه رمضان إلا وهو طاهرٌ نقيٌّ، فإن رمضان عطر، ولا يعطر الثوب حتى يغسل، وهذا زمن الغسل، فاغتسلوا من درن الذنوب والخطايا، وتوبوا إلى ربكم قبل حلول المنايا، واتقوا الشرك فإنه الذنب الذي لا يغفره الله لأصحابه، واتقوا الظلم فإنه الديوان الذي وكله الله لعباده، واتقوا الآثام، فمن اتقاها فالمغفرة والرحمة أولى به، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾.
وحث خطيب الجامع الأزهر المسلمين على السباق في ميادين الطاعات، ومضمار القربات؛ ليدخل شهر رمضان وقد تهيَّأ العبد تهيئةً إيمانيةً، فيدرك من حلاوة الصيام ولذة القيام ما لا يقدر قدره، فإن قلوب المؤمنين تترقب بلهفةٍ ذاك الشهرَ العظيم، والضيفَ الكريم، الذي يرونه نعمة كبرى، وهبةً عظمى من الرب الكريم، لهذا كان السلفُ -رضي الله عنهم- يجعلون دخول شهر شعبان للاستعداد المبكّر لاستقبال رمضان، حتى لا يدخل عليهم الشهرُ الفضيل إلا وقد روّضوا أنفسَهم على ألوانٍ من الطاعات والقُربات، فشهر شعبان بمثابة الفترة التدريبية التي تسبق دخول مضمار السباق، والبوابةَ الممهِّدة للدخول في السباق الأخروي، فالخيل التي لا تُضمَّر ولا تَتَدرب؛ لا تستطيع مواصلة السباق وقت المنافسة كما ينبغي، بل قد تتفاجأ بتوقّفها أثناء الطريق.
وأضاف أن العاقلُ من عرف شرف زمانه، وقيمة حياته، وعظّم مواسمَ الآخرة، واستعد لهذا الزمن العظيم من الآن، وهيأ قلبَه ليتلقى هبات الله له بقلب سليمٍ، متخفِّف مما ينغّص عليه التلذذ بالطاعات، كأن يجتهد الإنسان في إنهاء ما قد يشغله في رمضان من الآن، وأن يتدرب على بعض أعمال رمضان كصيام ما تيسر من أيام شعبان، وأن يزيد قليلاً على نصيبه المعتاد من صلاة الليل، وأن يزيد قليلاً على وِرده الذي اعتاده من القرآن.
وفي ختام الخطبة أكد الغفير، أهمية التدرب على تلاوة القرآن الكريم في شعبان، كما أن من أعظم ما يعين على تهيئة النفس لرمضان: كثرةُ الدعاء، والإلحاحُ على الله تعالى في أن يبارك له في وقته وعمره، وأن يبارك له في شعبان ورمضان، وأن يجعله في رمضان من أسبق الناس إلى الخير؛ فإن العبد مهما حاول فلا توفيق ولا تسديد إلا بعون الله وتوفيقه، والعبدُ مأمورٌ بفعل الأسباب، واللهُ تعالى كريم، لا يخيّب مَن وقف على بابه، وفعل ما بوسعه من الأسباب.