جريمة القضاء على المقاومة والجهر بها في القانون الدولي
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
د. عبدالله الأشعل **
تُصنِّفُ إسرائيل أي عمل يُعطِّل تنفيذ مشروعها الصهيوني ومُقاومته بأنه "إرهاب" و"الإرهابيون" يستحقون الإبادة وفقًا للنظرية الأمريكية الحديثة والمشروع الصهيوني!
والأهم أنَّ إسرائيل بدأت حملة الإبادة وزعمت أنها تدافع عن نفسها وتجاهلت أنَّ المقاومة في القانون الدولي حقٌ للشعوب المحتلة، وأن الاحتلال يعتبر جريمة مستمرة وعدوانًا دائمًا يستحق المقاومة.
الثابتُ أنَّ نتنياهو يُردِّدُ كل يوم بأن الجيش لن يُوقف عملياته إلّا بعد تحقيق هدفه وهو القضاء على حماس، ووافقته واشنطن عبر تصريحات رسمية من الرئيس ووزيري الدفاع والخارجية. فما هو تكييف هذا الموقف في القانون الدولي؟
هذا الموقف في القانون الدولي يُعد جريمة مُكتمِلة الأركان، وفيها الركن المادي والمعنوي؛ وذلك استنادًا إلى الأسس القانونية الآتية:
أولًا: إنكار حق الشعب الفلسطينى في المقاومة وأداتها حماس والجهاد وكل فصائل المقاومة الفلسطينية.
ثانيًا: إنكار حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
ثالثًا: أن المجاهرة بهذا الهدف تعد تعزيزًا للركن المعنوي ولو رُفِعت دعوى ضد إسرائيل أمام القضاء الدولي لكان من السهل إثبات النية المُسبقة لارتكاب هذه الجريمة.
رابعًا: سكوت المحيط العربي والإسلامي وتردُّده في منع الجريمة، فضلًا عن استخفاف إسرائيل بقرارات محكمة العدل الدولية، وكذلك استماتة واشنطن لحماية إسرائيل من العقاب، والمساهمة المباشرة مع إسرائيل في هذه الجريمة.
خامسًا: تأليب الغرب ضد المقاومة وتشجيع إدانة المقاومة.
سادسًا: إن وصم إسرائيل للمقاومة بأنها "إرهاب" لتبرير إبادتها، يُعد جريمة فرعية مُتعمَّدة لتبرير إبادة الشعب وانتهاك جميع المحرمات وإلصاق التهمة بالمقاومة.
تلك أهم الأسس القانونية التي يستند إليها وصفنا القانوني للشعار الإسرائيلي، وما دامت إسرائيل الصهيونية تسعى إلى إبادة صاحب الحق، فكأن اللص يسرق ويقتل صاحب الحق، وهي جريمة مُركَّبة تُوجِب العقاب المُشدد في كافة النظم القانونية حول العالم، يُضاف إلى ذلك أن وزير المالية الإسرائيلي هدَّد عدة مرات بمسح غزة من الأرض بالقنابل النووية، علمًا بأنَّ غزة أُلقِيَت عليها أطنان من المتفجرات والصواريخ تُعادل ألف مرة ما ألقي لتدمير هيروشيما ونجازاكي في اليابان بالقنابل الذرية إبان الحرب العالمية الثانية. ولا تزال إسرائيل تسعى إلى تدمير المقاومة؛ ولذلك وضعت تصورًا لإدارة غزة بعد الحرب يخلو من المقاومة، وربما تلجأ إسرائيل وواشنطن إلى المحيط العربي حتى يمكن أن يتدخل مباشرة لنزع سلاح المقاومة الفلسطينية، فتوجِد إسرائيل معركةً أخرى بين الفلسطينيين والجيوش العربية على نحو ما فعلت في السودان.
الحق أن مقاومة العدوان من حقوق الإنسان، لكن في الحالة الفلسطينية تتعدد مصادر مشروعية المقاومة؛ لأن إسرائيل لا تريد احتلال فلسطين فقط، وإنما الانفراد بها وإبادة سكانها، وهذا هو جوهر المشروع الصهيوني؛ ولذلك أحاط القانون الدولي المقاومة بحصانة خاصة، ولا يجوز لإسرائيل أن تحاكم الفلسطينيين أمام محاكمها وتطبيق قانونها، وإلّا كانت خصمًا وحكمًا في نفس الوقت، ويجب على المحاكم الإسرائيلية أن تُطبِّق القانون الدولي لا القانون الإسرائيلى. يُضاف إلى ذلك أن المقاومة يُسمح لها ياستخدام جميع الوسائل المتاحة لها؛ وهي مشروعة بنص صريح في اتفاقية نيويورك سنة 1979 الخاصة بخطف الرهائن، ولذلك أجازت المعاهدة للمقاومة ما لم تسمح به لسُلطة الاحتلال، كما إن المقاومة تتمتع بحق الدفاع الشرعي عن النفس، ولو سمحنا بهذا الحق لإسرائيل لكان معناه تحصين المُجرِم وتشجيعه على الإجرام.
يبدو أنَّ العالم كله يعرف إسرائيل الصهيونية، ويعرف يقينًا أن اتباع الصهيونية لا يمكن أن يكونوا شعبًا لدولة حديثة، كما إن إسرائيل ليست دولة عادية؛ بل دولة وظيفية هدفها تفريغ فلسطين من أهلها؛ تمهيدًا لجلب صهاينة العالم للحلول محل الفلسطينيين. أما تفريغ فلسطين، فيتم بطريقتين: إبادة السكان أو ترحيلهم إلى خارج فلسطين؛ سواءً إلى مصر أو الأردن، حسب المخطط الصهيوني.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
حماس: هدم الاحتلال للمنازل في مخيم نور الشمس جريمة حرب موثقة
وقالت الحركة، في بيان صحفي اليوم السبت، إن هذه الجرائم تتزامن مع إجراءات خطيرة يسعى جيش الاحتلال إلى فرضها على الأرض، مشيرة إلى تصريحات موثقة لقادة الاحتلال، من رئيس الحكومة إلى وزير الحرب، تؤكد نية الاحتلال المسبقة لتهجير الفلسطينيين من مخيمات شمال الضفة الغربية، وفق رؤية عدوانية ممنهجة.
وحذرت "حماس" من تداعيات الصمت الدولي المستمر تجاه هذه الجرائم، مؤكدة أن التغاضي عن سياسات الاحتلال القمعية، بما في ذلك النزوح القسري وهدم المنازل، يشجع الاحتلال على مواصلة انتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني.
ودعت الحركة الأمم المتحدة ومؤسساتها إلى تحرّك فوري وفاعل لوقف هذه الاعتداءات المتصاعدة التي تنتهك القوانين والمواثيق الدولية.
وأكدت "حماس" أن "إرهاب الاحتلال المنهجي في الضفة الغربية، وعمليات القمع والتنكيل اليومية، لن تنجح في كسر إرادة المقاومة، بل ستزيد الشعب الفلسطيني إصرارًا على التمسك بأرضه والتصدي لكل محاولات تهجيره أو تغييب قضيته".
وهدم جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، عددا من المنازل والمباني السكنية في مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم شمالي الضفة الغربية.
وقالت مصادر محلية إن جيش الاحتلال دفع بجرافاته الثقيلة من نوع (D10) إلى المخيم، وشرع بعملية هدم المنازل وتدمير ما يحيطها، بدءا من محيط مسجد أبو بكر الصديق، وسط تحليق مكثف لطيران الاستطلاع على ارتفاع منخفض.
فيسبوك