د. عبدالله الأشعل **

تُصنِّفُ إسرائيل أي عمل يُعطِّل تنفيذ مشروعها الصهيوني ومُقاومته بأنه "إرهاب" و"الإرهابيون" يستحقون الإبادة وفقًا للنظرية الأمريكية الحديثة والمشروع الصهيوني!

والأهم أنَّ إسرائيل بدأت حملة الإبادة وزعمت أنها تدافع عن نفسها وتجاهلت أنَّ المقاومة في القانون الدولي حقٌ للشعوب المحتلة، وأن الاحتلال يعتبر جريمة مستمرة وعدوانًا دائمًا يستحق المقاومة.

وزعمت إسرائيل أنها ترد على هجوم حركة "حماس" على غلاف غزة يوم 7 أكتوبر 2023؛ وكأن المقاومة هي السبب فيما جلبته إسرائيل من تدمير وإبادة للشجر والحجر، وكأنَّ إسرائيل تنتقم لهجوم المقاومة في ذلك التاريخ. ورتبت إسرائيل على ذلك أن المقاومة هي السبب في شقاء الشعب الفلسطينى وليس إسرائيل نفسها، وأن المقاومة تستطيع أن تُجنِّب الشعب هذا الهوان إذا هي أعلنت استسلامها لإسرائيل أو سلّمت سلاحها. وقد أعلنت إسرائيل رسميًا أنَّ حرب الإبادة لها هدف واحد وهو القضاء على حماس، لكي تتمكن إسرائيل من إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، دون أن تُبرم أي صفقة مع حماس تطلق فيها- في المقابل- سراح الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

الثابتُ أنَّ نتنياهو يُردِّدُ كل يوم بأن الجيش لن يُوقف عملياته إلّا بعد تحقيق هدفه وهو القضاء على حماس، ووافقته واشنطن عبر تصريحات رسمية من الرئيس ووزيري الدفاع والخارجية. فما هو تكييف هذا الموقف في القانون الدولي؟

هذا الموقف في القانون الدولي يُعد جريمة مُكتمِلة الأركان، وفيها الركن المادي والمعنوي؛ وذلك استنادًا إلى الأسس القانونية الآتية:

أولًا: إنكار حق الشعب الفلسطينى في المقاومة وأداتها حماس والجهاد وكل فصائل المقاومة الفلسطينية.

ثانيًا: إنكار حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

ثالثًا: أن المجاهرة بهذا الهدف تعد تعزيزًا للركن المعنوي ولو رُفِعت دعوى ضد إسرائيل أمام القضاء الدولي لكان من السهل إثبات النية المُسبقة لارتكاب هذه الجريمة.

رابعًا: سكوت المحيط العربي والإسلامي وتردُّده في منع الجريمة، فضلًا عن استخفاف إسرائيل بقرارات محكمة العدل الدولية، وكذلك استماتة واشنطن لحماية إسرائيل من العقاب، والمساهمة المباشرة مع إسرائيل في هذه الجريمة.

خامسًا: تأليب الغرب ضد المقاومة وتشجيع إدانة المقاومة.

سادسًا: إن وصم إسرائيل للمقاومة بأنها "إرهاب" لتبرير إبادتها، يُعد جريمة فرعية مُتعمَّدة لتبرير إبادة الشعب وانتهاك جميع المحرمات وإلصاق التهمة بالمقاومة.

تلك أهم الأسس القانونية التي يستند إليها وصفنا القانوني للشعار الإسرائيلي، وما دامت إسرائيل الصهيونية تسعى إلى إبادة صاحب الحق، فكأن اللص يسرق ويقتل صاحب الحق، وهي جريمة مُركَّبة تُوجِب العقاب المُشدد في كافة النظم القانونية حول العالم، يُضاف إلى ذلك أن وزير المالية الإسرائيلي هدَّد عدة مرات بمسح غزة من الأرض بالقنابل النووية، علمًا بأنَّ غزة أُلقِيَت عليها أطنان من المتفجرات والصواريخ تُعادل ألف مرة ما ألقي لتدمير هيروشيما ونجازاكي في اليابان بالقنابل الذرية إبان الحرب العالمية الثانية. ولا تزال إسرائيل تسعى إلى تدمير المقاومة؛ ولذلك وضعت تصورًا لإدارة غزة بعد الحرب يخلو من المقاومة، وربما تلجأ إسرائيل وواشنطن إلى المحيط العربي حتى يمكن أن يتدخل مباشرة لنزع سلاح المقاومة الفلسطينية، فتوجِد إسرائيل معركةً أخرى بين الفلسطينيين والجيوش العربية على نحو ما فعلت في السودان.

الحق أن مقاومة العدوان من حقوق الإنسان، لكن في الحالة الفلسطينية تتعدد مصادر مشروعية المقاومة؛ لأن إسرائيل لا تريد احتلال فلسطين فقط، وإنما الانفراد بها وإبادة سكانها، وهذا هو جوهر المشروع الصهيوني؛ ولذلك أحاط القانون الدولي المقاومة بحصانة خاصة، ولا يجوز لإسرائيل أن تحاكم الفلسطينيين أمام محاكمها وتطبيق قانونها، وإلّا كانت خصمًا وحكمًا في نفس الوقت، ويجب على المحاكم الإسرائيلية أن تُطبِّق القانون الدولي لا القانون الإسرائيلى. يُضاف إلى ذلك أن المقاومة يُسمح لها ياستخدام جميع الوسائل المتاحة لها؛ وهي مشروعة بنص صريح في اتفاقية نيويورك سنة 1979 الخاصة بخطف الرهائن، ولذلك أجازت المعاهدة للمقاومة ما لم تسمح به لسُلطة الاحتلال، كما إن المقاومة تتمتع بحق الدفاع الشرعي عن النفس، ولو سمحنا بهذا الحق لإسرائيل لكان معناه تحصين المُجرِم وتشجيعه على الإجرام.

يبدو أنَّ العالم كله يعرف إسرائيل الصهيونية، ويعرف يقينًا أن اتباع الصهيونية لا يمكن أن يكونوا شعبًا لدولة حديثة، كما إن إسرائيل ليست دولة عادية؛ بل دولة وظيفية هدفها تفريغ فلسطين من أهلها؛ تمهيدًا لجلب صهاينة العالم للحلول محل الفلسطينيين. أما تفريغ فلسطين، فيتم بطريقتين: إبادة السكان أو ترحيلهم إلى خارج فلسطين؛ سواءً إلى مصر أو الأردن، حسب المخطط الصهيوني.

** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

حماس تنفي رفض المقاومة الفلسطينية “صفقة شاملة” توقف الحرب على غزة

يمانيون../
نفت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” ، ادعاءات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول رفض المقاومة الفلسطينية لـ “صفقة شاملة” توقف الحرب على قطاع غزة.

وقال القيادي في الحركة محمود مرداوي في تغريدات عبر صفحته الشخصية على “تيليغرام”، مساء اليوم الأحد، إن “نتنياهو يكذب كما يتنفس”؛ عندما يدّعي أن المقاومة لا تريد صفقة تؤدي إلى إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين.

وأكمل: “حركة حماس أكدت موقفها الواضح بالاستعداد لعقد صفقة شاملة تؤدي إلى إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين، مقابل وقف إطلاق النار، وانسحاب الاحتلال من غزة، وبدء إعادة الإعمار، وإطلاق سراح من يتم الاتفاق عليهم من الأسرى الفلسطينيين”.

مقالات مشابهة

  • مسؤول أممي ينتقد استهانة العالم بتعديات “إسرائيل” على القانون الدولي بغزة
  • المجتمع الدولي يعرّي إسرائيل ويفضح جريمة التجويع والحصار
  • «مصر» تطلق صرخة الحق أمام العدل الدولية: لماذا الصمت عن حقوق الشعب الفلسطيني؟
  • حماس: “الحرب الشاملة محاولة إسرائيلية يائسة لكسر المقاومة الفلسطينية
  • حماس: الاحتلال يُحاول يائسا كسر المقاومة الفلسطينية
  • القضاء العراقي يبرىء (الحلبوسي)من جريمة التطبيع مع إسرائيل و”التلاعب والتزوير”
  • بأس “الحوانين” يواصل كسر “السيف” الصهيوني.. ملاحم انتصار أجــدّ في غزة
  • حماس تنفي رفض المقاومة الفلسطينية “صفقة شاملة” توقف الحرب على غزة
  • الدويري: كمائن غزة ترجمة لتحذيرات الاحتلال من تصعيد ضد قواته
  • نتنياهو يواصل خطابه التصعيدي .. ويزعم: غيرنا وجه الشرق الأوسط