الشاعر العماني زاهر الغافري في ذمة الله
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
فقدت الساحة الأدبية العُمانية والعربية اليوم السبت أحد أبرز شعرائها، الشاعر زاهر الغافري، الذي وافته المنية في محل إقامته بالسويد بعد معركة طويلة وشاقة مع المرض (تليف الكبد). وكان الراحل قد دخل الأسبوع الماضي العناية المركزة وفق ما تم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي.
وبرحيل الغافري، ينطفئ صوت أدبي اشتهر بكتابة الشعر الحر ليعبر عن أعماق الروح الإنسانية والتأملات الوجودية التي أضاءت فضاءات الشعر العربي لسنوات.
وعُرف عن الراحل (الذي ولد عام 1956) تنقله المستمر بين الدول، بداية من دراسته في بغداد عام 1968 التي مكث فيها قرابة 10 سنوات، ومن ثم انتقل للعيش في المغرب حيث درس الفلسفة في جامعة محمد الخامس بالرباط. ولم تعرف تنقلاته حدود الوطن العربي فحسب، بل انتقل إلى باريس، ونيويورك، ولندن، ليكون مستقره الأخير السويد حيث لفظ أنفاسه الأخيرة فيها.
وخلال حياته وتنقلاته تعرف على الكثير من أدباء العالم العربي والغربي، وكون صداقات كثيرة رسخت اسمه كواحد من الأسماء العمانية في الساحة الأدبية العربية.
وللراحل العديد من الإصدارات الأدبية التي شغلت حيزًا كبيرًا من رفوف المكتبات العربية، بل وحتى الأجنبية حيث تُرجمت العديد من إصداراته إلى مختلف اللغات منها الإنجليزية، والفارسية، والهندية، والإسبانية، والصينية، والألمانية والسويدية.
ومن بين إصدارات الراحل "أظلاف بيضاء" في عام 1983، و"الصمت يأتي إلى الاعتراف" في عام 1991، و"عزلة تفيض عن الليل" عام 1993، ومن بين إصداراته كذلك "أزهار في بئر" صدر عن دار منشورات الجمل عام 2000، و"ظلال بلون الماء" عن دار المدى في عام 2006، و"كلما ظهر ملاك في القلعة" عن مؤسسة الانتشار العربي في عام 2008، و"المجموعات الخمس" عن دار نينوى للدراسات في عام 2013، وعن دار مسعى للنشر والتوزيع صدر له في عام 2017 "حياة واحدة وسلالم كثيرة"، وعن مؤسسة عمان للصحافة والنشر والتوزيع، ومن ضمن مطبوعات مجلة نزوى صدر له "في كل أرض بئر تحلم بالحديقة"، ومن آخر إصداراته "حجرة النوم" عن دار العائدون للنشر.
وقد نال الغافري تقديرًا واسعًا بين الأوساط الأدبية والثقافية سواء في عُمان أو على مستوى العالم العربي والغربي، وامتاز شعره بلغة شاعرية غنية وصور تعبيرية عميقة، مما جعله يحظى بمكانة خاصة بين محبي الأدب، حيث نعاه عدد من الكتاب والأدباء العمانيين والعرب مستذكرين بعض نصوصه الشعرية، إلى جانب عدد من المؤسسات التي نعتْه منها وزارة الثقافة والرياضة والشباب، والجمعية العمانية للكتاب والأدباء، والنادي الثقافي، عبر حساباتهم الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعية إضافة إلى جهات أخرى.
وممن نعاه من الكتاب والشعراء العمانيين والعرب الكاتب محمد اليحيائي في صفحته بمنصة "إكس" حيث قال: " في منتصف تسعينيات القرن الماضي، يوم كانت مسقط ملتقى كبار الشعراء والمثقفين، كتب سعدي يوسف قصيدة (زاهر الغافري) وتركها بين يدي ولم تُنشر كما لم تُنشر الكثير من وثائق ذلك الزمن، رحل زاهر الغافري اليوم في غربته بعيدًا عن أرض (سلالة المحاربين)، كما رحل قبله سعدي يوسف بعيدًا عن العراق".
أما الشاعر الخطاب المزروعي فقد قال: "وداعًا صديقي زاهر!.. بحر عُمان وطيورها المهاجرة تودعك!.. الشاعر الكبير زاهر الغافري في ذمة الله".
واقتبس الروائي أحمد العلوي شيئًا من نصوص الغافري في تغريدة قال فيها: "وداعًا أيها الحبيب زاهر الغافري (على الأرجح أنني كائن مفقود، تحت.. نجمةٍ.. خلف ضوء ستارةٍ ما.. الندمُ ثيابُ من أحببتُ وأغصاني.. لم تزل بيضاء.. لهذا أرفع يديّ لأكتب - زاهر الغافري)".
وكتب الروائي والمترجم اليمني علي المقري حول وفاة الغافري: "(لعلنا سنزداد جمالاً بعد الموت - الشاعر العُماني زاهر الغافري) الذي ملأ أيامنا بهجةً ورقصًا وحياة، غادرنا دون تلويحة وداع أو سهرة أخيرة نتبادل فيها هذياناتنا الأخيرة.. لتنم بسلام يا صديقي".
كما غرَّد الشاعر أحمد الشيزاوي في منصة إكس قائلاً: "توفي في السويد شاعر الترحال والوطن زاهر الغافري، بدأ هجرته الأولى إلى بغداد ثم المغرب وباريس ولندن وصولاً إلى نيويورك إلى أن استقر في السويد، احتك في غربته بشعرائهم واقتحم الأمكنة كمكاتبهم ومسارحهم الثقافية، تشكل في داخله كون لغوي حداثي، عبر رحلة مديدة مع الجغرافيا والناس".
أما ماجد البطاشي فقد كتب: "ارقد بسلام يا صديقي العزيز الشاعر المحلق في سماوات المدن بروح الفيلسوف المترحل في مسارح الحياة ومكتباتها.. رحلت إلى الرقدة الأبدية بلا عودة فكان الوداع مؤلمًا وستبقى ذكراك ومآثرك الثقافية نورًا يُستضاء به.. رحمك الله يا زاهر أغصان الفن والأدب ونقده..".
وكان وقع الخبر كبيرًا على الشاعرة فوز ريا، التي كتبت أكثر من تغريدة تعبيرًا عن جزعها بخبر الوفاة، فقالت في تغريدة: "نحبك حتى وظلك مضى دون أن يلتفت إلينا، نحبك لأنك الدمعة الشفيفة التي ترتجف الآن بالمآقي وبحنجرة الشعر فينا، نحبك لأنك تركت لنا الشعر.. وذهبت دون تلويحة يد يتيمة منا لك".
وفي تغريدة أخرى قالت: "حزينة يا شاعرنا.. قلبي راجف.. كقصيدة هربت حزنًا الآن من بين أوراقك.. وقصائدك.. وأتت تتدثر بقلبي.. الحياة غير عادلة تأخذ أحبتنا بدون لحظة وداع بيننا".
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الفنون الشعبية في "ليالي مسقط" تروي حكايات من التراث العماني وتجذب آلاف الزائرين
الرؤية- ريم الحامدية
انطلقت فعاليات مهرجان ليالي مسقط هذا العام لتقدم لوحة ثقافية متكاملة تسلط الضوء على جماليات الفنون الشعبية العمانية، والتي تمثل جزءا لا يتجزأ من تراث البلاد وهويتها الثقافية.
وشهد المهرجان الذي يحتضن عروضا مميزة لفرق الفنون الشعبية المحلية حضورا جماهيريا واسعا، حيث امتلأت الساحات والمواقع المخصصة للفعاليات بالزوار الذين توافدوا للاستمتاع بالعروض الموسيقية والرقصات التقليدية التي تنقل عبق الماضي بروح عصرية.
تنوع في العروض وحضور لافت
وتتسم الفنون الشعبية العمانية بتنوعها الكبير الذي يعكس ثراء التراث الثقافي في السلطنة، حيث تختلف الألوان الفنية والإيقاعات من محافظة إلى أخرى، مما يجعل كل عرض بمثابة رحلة فريدة إلى جزء مُعين من عُمان.
وفي مهرجان ليالي مسقط، تألقت الفرق الشعبية بتقديم فنون كالرزحة، والعيالة، والبرعة، التي نالت إعجاب الجمهور، كما أبدعت الفرق في إظهار الأزياء التقليدية والمعدات المستخدمة في الأداء، مثل الطبول والدفوف، ما أضفى جوا من الأصالة والتميز على العروض.
تراث غني يعكس الهوية الوطنية
وتعتبر الفنون الشعبية جزءا أساسيا من الثقافة العمانية، فهي تعكس الحياة اليومية للإنسان العماني وارتباطه ببيئته ومجتمعه سواء في المناسبات الاجتماعية أو الاحتفالات الوطنية، حيث تعد الفنون الشعبية بمثابة لغة مشتركة تجمع بين مختلف شرائح المجتمع.
وتشكل المهرجانات الثقافية مثل ليالي مسقط منصة حيوية للحفاظ على الفنون الشعبية ونقلها للأجيال القادمة، وقد أكد عدد من الزوار أنَّ مثل هذه الفعاليات تسهم في تعزيز التفاهم الثقافي وتعريف الزوار من مختلف الجنسيات بجماليات التراث العماني.
ويؤكد مهرجان ليالي مسقط من جديد أنَّ الفنون الشعبية ليست مجرد إرث ثقافي، بل هي جسر يصل بين الماضي والحاضر، ويجمع الناس حول قيم وتقاليد تعزز الانتماء والهوية الوطنية، مع استمرار مثل هذه الفعاليات، يبقى التراث العماني نابضاً بالحياة، قادراً على التكيف مع العصر مع الاحتفاظ بجوهره وأصالته.
وأبدى الحضور إعجابهم بالتنظيم العالي للمهرجان وتنوع الفقرات المقدمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ أعرب أحمد الشعيلي أحد زوار المهرجان عن فخره برؤية الفنون الشعبية تُعرض بهذه الاحترافية، قائلاً: "الفنون الشعبية ليست مجرد ترفيه، بل هي رسالة من الماضي تحكي قصص الأجداد وتنقل عاداتهم وتقاليدهم للأجيال الجديدة، والمهرجان أتاح لنا فرصة التعرف على تراثنا بطريقة ممتعة ومليئة بالحياة".
وأوضح أحد العارضين في المهرجان، أن المشاركة في مثل هذه الفعاليات فرصة ثمينة لتسليط الضوء على أهمية التراث الثقافي العماني، مشيراً إلى أن الجمهور أصبح أكثر اهتماماً بالفنون الشعبية والتعرف على معانيها ودلالاتها. وبيّن: "نحن كأفراد فرق الفنون الشعبية نشعر بمسؤولية كبيرة تجاه الحفاظ على هذه الفنون وتقديمها بأفضل صورة، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها الفنون التقليدية مع تطور الحياة العصرية".
ووسط الأجواء التفاعلية في المهرجان، أتيحت للزوار فرصة المشاركة في بعض العروض وتجربة العزف على الأدوات الموسيقية التقليدية، وهذه التجربة جعلت الزائرين يشعرون بالقرب من التراث ويعيشون لحظات من الانسجام مع الفن الأصيل.
ويستمر مهرجان ليالي مسقط حتى الأول من فبراير 2025، مما يمنح الزوار فرصة لزيارة حديقة الزهور والاستمتاع بأجوائها الفريدة، كما أنه من المتوقع أن يشهد المهرجان مزيدًا من الإقبال خلال الأيام القادمة، مع استمرار الفعاليات والعروض الفنية المصاحبة، حيث استقبل مهرجان ليالي مسقط ما يقارب مليون زائر من مختلف الأعمار والجنسيات الذين توافدوا للاستمتاع بفعالياته المتنوعة.