لجريدة عمان:
2025-02-27@23:28:11 GMT

الشاعر العماني زاهر الغافري في ذمة الله

تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT

الشاعر العماني زاهر الغافري في ذمة الله

فقدت الساحة الأدبية العُمانية والعربية اليوم السبت أحد أبرز شعرائها، الشاعر زاهر الغافري، الذي وافته المنية في محل إقامته بالسويد بعد معركة طويلة وشاقة مع المرض (تليف الكبد). وكان الراحل قد دخل الأسبوع الماضي العناية المركزة وفق ما تم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي.

وبرحيل الغافري، ينطفئ صوت أدبي اشتهر بكتابة الشعر الحر ليعبر عن أعماق الروح الإنسانية والتأملات الوجودية التي أضاءت فضاءات الشعر العربي لسنوات.

وعُرف عن الراحل (الذي ولد عام 1956) تنقله المستمر بين الدول، بداية من دراسته في بغداد عام 1968 التي مكث فيها قرابة 10 سنوات، ومن ثم انتقل للعيش في المغرب حيث درس الفلسفة في جامعة محمد الخامس بالرباط. ولم تعرف تنقلاته حدود الوطن العربي فحسب، بل انتقل إلى باريس، ونيويورك، ولندن، ليكون مستقره الأخير السويد حيث لفظ أنفاسه الأخيرة فيها.

وخلال حياته وتنقلاته تعرف على الكثير من أدباء العالم العربي والغربي، وكون صداقات كثيرة رسخت اسمه كواحد من الأسماء العمانية في الساحة الأدبية العربية.

وللراحل العديد من الإصدارات الأدبية التي شغلت حيزًا كبيرًا من رفوف المكتبات العربية، بل وحتى الأجنبية حيث تُرجمت العديد من إصداراته إلى مختلف اللغات منها الإنجليزية، والفارسية، والهندية، والإسبانية، والصينية، والألمانية والسويدية.

ومن بين إصدارات الراحل "أظلاف بيضاء" في عام 1983، و"الصمت يأتي إلى الاعتراف" في عام 1991، و"عزلة تفيض عن الليل" عام 1993، ومن بين إصداراته كذلك "أزهار في بئر" صدر عن دار منشورات الجمل عام 2000، و"ظلال بلون الماء" عن دار المدى في عام 2006، و"كلما ظهر ملاك في القلعة" عن مؤسسة الانتشار العربي في عام 2008، و"المجموعات الخمس" عن دار نينوى للدراسات في عام 2013، وعن دار مسعى للنشر والتوزيع صدر له في عام 2017 "حياة واحدة وسلالم كثيرة"، وعن مؤسسة عمان للصحافة والنشر والتوزيع، ومن ضمن مطبوعات مجلة نزوى صدر له "في كل أرض بئر تحلم بالحديقة"، ومن آخر إصداراته "حجرة النوم" عن دار العائدون للنشر.

وقد نال الغافري تقديرًا واسعًا بين الأوساط الأدبية والثقافية سواء في عُمان أو على مستوى العالم العربي والغربي، وامتاز شعره بلغة شاعرية غنية وصور تعبيرية عميقة، مما جعله يحظى بمكانة خاصة بين محبي الأدب، حيث نعاه عدد من الكتاب والأدباء العمانيين والعرب مستذكرين بعض نصوصه الشعرية، إلى جانب عدد من المؤسسات التي نعتْه منها وزارة الثقافة والرياضة والشباب، والجمعية العمانية للكتاب والأدباء، والنادي الثقافي، عبر حساباتهم الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعية إضافة إلى جهات أخرى.

وممن نعاه من الكتاب والشعراء العمانيين والعرب الكاتب محمد اليحيائي في صفحته بمنصة "إكس" حيث قال: " في منتصف تسعينيات القرن الماضي، يوم كانت مسقط ملتقى كبار الشعراء والمثقفين، كتب سعدي يوسف قصيدة (زاهر الغافري) وتركها بين يدي ولم تُنشر كما لم تُنشر الكثير من وثائق ذلك الزمن، رحل زاهر الغافري اليوم في غربته بعيدًا عن أرض (سلالة المحاربين)، كما رحل قبله سعدي يوسف بعيدًا عن العراق".

أما الشاعر الخطاب المزروعي فقد قال: "وداعًا صديقي زاهر!.. بحر عُمان وطيورها المهاجرة تودعك!.. الشاعر الكبير زاهر الغافري في ذمة الله".

واقتبس الروائي أحمد العلوي شيئًا من نصوص الغافري في تغريدة قال فيها: "وداعًا أيها الحبيب زاهر الغافري (على الأرجح أنني كائن مفقود، تحت.. نجمةٍ.. خلف ضوء ستارةٍ ما.. الندمُ ثيابُ من أحببتُ وأغصاني.. لم تزل بيضاء.. لهذا أرفع يديّ لأكتب - زاهر الغافري)".

وكتب الروائي والمترجم اليمني علي المقري حول وفاة الغافري: "(لعلنا سنزداد جمالاً بعد الموت - الشاعر العُماني زاهر الغافري) الذي ملأ أيامنا بهجةً ورقصًا وحياة، غادرنا دون تلويحة وداع أو سهرة أخيرة نتبادل فيها هذياناتنا الأخيرة.. لتنم بسلام يا صديقي".

كما غرَّد الشاعر أحمد الشيزاوي في منصة إكس قائلاً: "توفي في السويد شاعر الترحال والوطن زاهر الغافري، بدأ هجرته الأولى إلى بغداد ثم المغرب وباريس ولندن وصولاً إلى نيويورك إلى أن استقر في السويد، احتك في غربته بشعرائهم واقتحم الأمكنة كمكاتبهم ومسارحهم الثقافية، تشكل في داخله كون لغوي حداثي، عبر رحلة مديدة مع الجغرافيا والناس".

أما ماجد البطاشي فقد كتب: "ارقد بسلام يا صديقي العزيز الشاعر المحلق في سماوات المدن بروح الفيلسوف المترحل في مسارح الحياة ومكتباتها.. رحلت إلى الرقدة الأبدية بلا عودة فكان الوداع مؤلمًا وستبقى ذكراك ومآثرك الثقافية نورًا يُستضاء به.. رحمك الله يا زاهر أغصان الفن والأدب ونقده..".

وكان وقع الخبر كبيرًا على الشاعرة فوز ريا، التي كتبت أكثر من تغريدة تعبيرًا عن جزعها بخبر الوفاة، فقالت في تغريدة: "نحبك حتى وظلك مضى دون أن يلتفت إلينا، نحبك لأنك الدمعة الشفيفة التي ترتجف الآن بالمآقي وبحنجرة الشعر فينا، نحبك لأنك تركت لنا الشعر.. وذهبت دون تلويحة يد يتيمة منا لك".

وفي تغريدة أخرى قالت: "حزينة يا شاعرنا.. قلبي راجف.. كقصيدة هربت حزنًا الآن من بين أوراقك.. وقصائدك.. وأتت تتدثر بقلبي.. الحياة غير عادلة تأخذ أحبتنا بدون لحظة وداع بيننا".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: عن دار فی عام

إقرأ أيضاً:

عصام العباسي.. شاعر فلسطيني كتب عن الكثيرين ولم يكتب عنه أحد

عاش فقيراً لكنه كان كريماً، مغموراً لكنه يُشهر غيره، غير مسنود لكنه عزيز.. أتقن فن الحياة ولم يتقن فن العلاقات العامة.. لم يتنازل لأحد، ولم يسعَ إلى الترويج لنفسه، مع أنه عاصر أجيال الشعر في فلسطين، حتى نسبَهُ البعض إلى كبار الشعراء رغم أنه لم يصدر ديوانه الذي بقي مخطوطاً.. وصنفوه ضمن شعراء المقاومة تحت الاحتلال. "عمل طوال حياته من أجل وطنه فلسطين وشعبها ولم يرجُ منها لا مالاً ولا جاهاً ولا شهرة. ولم تُغيّر مواقفه ومبادئه النوائب والعواصف السياسية والفكرية".

هو الشاعر عصام العباسي، الذي تفانى من أجل غيره، وكتب عن كثيرين وعن الكثير لكن لم يُكتب عنه.

حياته وشعره

الشاعر عصام نور الدين العباسي الملقب "أبو جعفر"، ولد في بيروت في شهر حزيران (يونيو) 1924، حيث كانت تسكن عائلة والدته التركية الأصل. وسرعان ما انتقل ليعيش ويترعرع ويدرس في مدينة نابلس، حيث كان يعمل والده الأستاذ نور الدين العباسي في سلك التعليم مفتشاً في دائرة المعارف الفلسطينية.

كتب الشعر والمقال الأدبي والسياسي وعمل في الصحافة، واتصف بالدماثة والطيبة وروح الدعابة والفكاهة ونظافة اليد. كان مأخوذاً بحب الشعر ونظمه، لكنه لم يتخذه وسيلة للشهرة والوصول إلى دور النشر وتسلّق الحركات السياسية أو الجهات السلطوية.. بل كان يعتقد أن الشعر وسيلة كفاح وأداة مقاومة، يجب أن يخدم الفكرة بدلاً من مديح الظلال العالية، وتبوّؤ المناصب المرموقة.

تعلم في مدارس نابلس الابتدائية والثانوية (وقيل إنه درس الابتدائية في بيروت)، ثم انتقل إلى مدينة القدس لإتمام دراسته في مدرسة المطران. وفي أثناء دراسته الابتدئية، بدأ يتذوّق الشعر ويكتبه في موهبة مبكّرة، وكذلك كتب النثر وأجاد اللغة العربية.

انتقل شاعرنا مع عائلته إلى مدينة حيفا سنة 1945، وبدأ في عمر 21 سنة يعمل بالصحافة وكتب الشعر والمقالات السياسية والاجتماعية، وعمل في صحف: فلسطين والمهماز والاتحاد والجديد والغد. ونشر فيها مقالاته وقصائده.



علّم اللغة العربية في مدرسة الفرير ومدرسة ماريوحنا الإنجيلية في حيفا. وعندما انتقل سنة 1977 إلى مدينة القدس عمل في عدد من المجلات والصحف العربية فيها، إلى أن عمل في "جمعية الدراسات العربية"، وتابع نشاطه الأدبي والثقافي في مدن وأقضية الداخل المحتلّ، كالقدس وعكا وحيفا ويافا والناصرة والضفة الغربية والمثلث.

لا تكمن أهمية هذا الشاعر بإنتاجه المطبوع، وهو الذي عانى من دور النشر وشروطها وعدم تبنّيه رغم وجود ديوان جاهز مخطوط لديه. بل تكمُن أهميته في حركته اليومية الأدبية والنقدية وتأثيره الفني والسياسي على مجموعة من شعراء عصره من خلال النقد والنشر ولفت النظر إلى هذا الشاعر وتسليط الضوء على ذاك في الصحف التي كان يعمل بها..

تشِيع في قصائد العباسي النبرة الخطابية والثورية التي تدعو أبناء الوطن وأحرار العالم إلى الكفاح المستمر..

يتنوع شعره ـ حسب معجم البابطين ـ بين الالتزام بالشكل العمودي، والخروج من إطاره عبر الرباعيات، والتنويع في القوافي، وهو شاعر قضية تتمحور معظم قصائده حول قضية فلسطين ونشاطه السياسي من أجلها، يصور في شعره آلام الفلسطينيين والتشتت والتشريد الذي يتعرضون له..

وفاته

توفي الشاعر عصام العباسي في 14/6/1989 في مدينة حيفا قبل أن يتحقق حلمه بصدور ديوانه "لهب القصيد" تحية منه لصديقه الشاعر عبد الكريم الكرمي "أبو سلمى".

أُطلق اسمه على درج في حيّ عباس بمدينة حيفا. وقد مُنح اسمه وسام القدس للثقافة والفنون عام 1990.

نماذج من شعره

قصيدة: زغرد النصر

زغردَ النصر فاحتملْنا أسانا                ..             واحتقرْنا عذابَنا والهوانا
لم ترُعْنا خطوبُنا دامياتٍ                   ..             وليالينا حالكاتٍ حزانى
فمسحنا دموعَنا وكحَلْنا                        ..              من سنا النور بالمنى الأجفانا
واستحال الأسى مع النصر عيداً          ..               ورقصْنا بالبُعْد فيه افتتانا
وتبعْناه زغرداتٍ نشاوى                       ..               عُرْسُ النصر عُرْسُنا حيث كانا
آهِ نيسانُ كلما عُدْتَ عادتْ                 ..               ذكرياتٌ تجدِّد الأشجانا
كيف يُغري الفؤادَ زهرٌ ونَوْرٌ             ..               وحناياه قد ضَوَتْ تَحنانا
في رُواء الزهور يُبصرْ حيفا                ..               يوم راحتْ، وخلَّتِ الجُدْرانا
بينما الناسُ في انتظار صباحٍ           ..              أبصروا الهَوْل داهمًا يتدانى
عاصبَ العين لا يرقُّ لطفلٍ              ..              أو عجوزٍ، ويقصف الأغصانا
ورقُ الزهرِ شتَّتَ الهول قومي      ..              ورماهم في عصفِه الشطآنا
قذفَ الموجُ بالجموع فضاعوا       ..               في خِضَمٍّ مروِّعٍ وحدانا
كالغريبِ الطريد رحتُ لِـحَيٍّ            ..               تاه بالأمس بهجةً وافتنانا
قد غدا بين غمضةٍ وانتباهٍ            ..              غيرَ حيٍّ، مُستضعفًا مُسْتهانا
تهتُ فيه كأنني ما عرفت            ..              الـصَفْوَ يومًا فيه ولا الخلانا


من قصيدة: أمّاه

حملتني تسعة وهنا على وهن                 ..            لولا جميلك لم أخلق ولم أكن
ولا تنفس صدري ولا مشت قدمي           ..            لا رنوت إلى الآفاق والفنن
"ست الحبايب" كم ناديت في محني         ..            فاشتد بي جلدي أقوى من المحن
ما زال شوقك في عينيّ يُشعل بي           ..             شوق الحياة ولم يبرد ولم يهن
ما زال عودك في الآناء يعزف لي               ..             أنشودة البشر في صحوي وفي وسن
يا أجزل الناس في جوعي وفي عطشي     ..             وأرأف الناس في سقمي وفي حزني
يا أول الناس في لغوي وفي كلمي          ..             ومع خطاي إلى بوابة الزمن
نشّأتني في هوى ناسي، هوى وطني       ..             حتى أكون أبر الناس بالوطن
ما زلت تحيين رغم الموت في جسدي         ..              دماً وروحاً وفي إشراقة الذهن

*شاعر وكاتب فلسطيني

مقالات مشابهة

  • زاهر جبارين يوجه رسالة لـ”بن غفير” خلال استقبال المحررين.. “أسرانا اليوم أحرار رغم أنفك”
  • "لو كنت أعلم".. عبارة نصرالله التي كررها أبومرزوق
  • حسن المطروشي يتوج بلقب شاعر المعلقة
  • مشاهد صعبة للحالة الصحية التي خرج عليها أسرى غزة جراء التعذيب (شاهد)
  • بفستان كحلي.. ريم مصطفى تتألق في أحدث ظهور
  • بالفيديو.. مدرسة الوطية للتعليم الأساسي تحتفل بيوم المعلم العماني
  • أدباء فقراء (1)
  • عصام العباسي.. شاعر فلسطيني كتب عن الكثيرين ولم يكتب عنه أحد
  • منة فضالي تكشف كواليس “سيد الناس”.. وتُعبر عن مشاعرها تجاه عمرو سعد
  • أنغام تحتفي بالأمير عبدالرحمن بن مساعد قبل حفل تكريمه