البوابة نيوز:
2024-12-23@10:36:23 GMT

لماذا لا يمنع الله الشر ويقضي عليه؟

تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ينتابنا قدر كبيرمن الغضب والحنق تجاه الحكَّام – سواء داخل منطقتنا العربية أوخارجها – الذين يشاهدون ما يحدث من مجازر مفزعة وإبادة بشعة للحجر والشجر والبشر داخل قطاع غزة؛ ولا يحركوا ساكنً، هذا المشهد الذي يُدمي القلب يجعلنا نتساءل:

لماذا يقف الحكَّام – هنا وهناك – موقفًا متخاذلًا دون ردع إسرائيل، ومعاقبتها على جرائمها؛ وإجبارها على التوقف عن ارتكاب تلك الجرائم؟!

لماذا يقف من بيدهم الحل والعقد – في بلادنا وسائر بلاد الدنيا – موقف المتفرج رغم امتلاك بعضهم وسائل القوة والردع، ويكتفون بمشاهدة ما يحدث؛ وهم جلوس على مقاعدهم الوَثِيرَة؛ داخل قصورهم الفخمة؟!

حين نتأمل تلك المواقف السلبية والمتخاذلة تجاه ما يحدث في قطاع غزة والضفة الغربية؛ تنتابنا دهشة بالغة تصل إلى حد الصدمة، ويذهب بنا الظن إلى درجة الاعتقاد بتآمر بعض هؤلاء الحكَّام مع إسرائيل وتواطؤهم معها؛ كما تفعل الولايات المتحدة مثلًا.

تقرع الرأس مجموعة من علامات الاستفهام الكبيرة التي تحتاج إجابات دقيقة؛ علامات استفهام وتساؤلات تصيب العقل بالدوار!!.. من أمثلة هذه التساؤلات:

إن كثيرًا من البشر – أو بعضهم على الأقل – يقف موقف المتفرج العاجز عن فعل شيء لإيقاف الجرائم الوحشية التي يقترفها جيش الاحتلال الصهيوني ضد شعب غزة الأعزل.. لكن الله سبحانه وتعالي الذي يمتلك قدرة مطلقة وخيرًا مجردًا، الله القادر الرحيم؛ الذي في وسعه أن يقول للشيء كن فيكون، والذي تسع رحمته السموات والأرض.. لماذا لا يمنع هذا الكم الهائل من الشرور والجرائم التي تُرْتَكب في فلسطين؟! هل هو رحيم؛ ولكنه غير قادر على منع هذه الجرائم ومعاقبة مرتكبيها؟!.. أم أنه قادر ولكنه لا يأبه بما يحدث؟! أم أنه أقرب ما يكون لإله أرسطو الذي وُصِفَ بأنه «المحرك الأول الذي لا يتحرك»؟!.. أم أنه يتحلى بتلك الصفات التي وصف بها بعض الفلاسفة الوجوديين الإله؟!.. إذ قالوا إن الإله هو كالنسر الضخم الذي قذف أفراخه من وراء ظهره، ثم انطلق لا يلوي على شيء!!.. إن بعض الوجوديين ذهب إلى أن الإله ألقى بالإنسان في هذا الكون الشاسع؛ وتركه يواجه مصيره بنفسه في هذا العالَم الذي تسوده لا مبالاة عمياء غليظة القلب.

ويتساءل المرء لماذا لم يرسل المولى سبحانه وتعالي على هؤلاء الصهاينة المجرمين الظلمة طيرًا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل؟!

هذه التساؤلات وغيرها تندرج في مجال البحث الفلسفي تحت اسم «مشكلة الشر». إن هذه المشكلة هى واحدة من أكثر المشكلات خلودًا في الفلسفة.

إن الإيمان بوجود إله قوي وقادر ورحيم؛ هوالأساس الذي تستند إليه «مشكلة الشر»، ولذلك تتعلق هذه المشكلة بالأديان السماوية، أما الأديان الوضعية كالبوذية والزرادشتية وغيرهما، فلا وجود لهذه المشكلة هناك، لأن تلك الأديان قالت بوجود إلهين: إله للخير وإله للشر؛ وبذلك انتفت المشكلة. إن «مشكلة الشر» تنطوي على «مفارقة» Paradox، أي تنطوي على الشيء ونقيضه. إذ تضعنا أمام أمرين أحلاهما مُرٌ:

إما أن الله باستطاعته منع الشر والقضاء عليه؛ لكنه لا يريد أن يفعل ذلك. وإما أنه أراد منع الشر والقضاء عليه؛ لكنه لا يستطع ذلك.

في الحالة الأولى: هل يمكننا القول بأنه رحيم؟

وفي الحالة الثانية: هل يمكننا القول بأنه قادر؟

إذا كان قادرًا ورحيمًا؛ إذا كان ذلك كذلك؛ فلماذا إذن يوجد الشر في العالَم؟

هنا تكمن المفارقة، وتتضح المشكلة، وهى مشكلة لها تاريخ طويل في مجال الفلسفة، فقد حاول كثير من الفلاسفة وضع أساس منطقي لمشكلة الشر. وكان «أبيقور» هو أول من أثار هذه المسألة في القرن الرابع قبل الميلاد، وصاغها على النحو الآتي:

إما أن الإله يريد القضاء على الشر، ولكنه لا يستطيع، وإما أنه يستطيع لكنه لا يريد، وإما أنه لا يريد ولا يستطيع، وإما أنه يريد ويستطيع. وهذا الاحتمال الأخير هو الوحيد – في رأي «أبيقور» – الذي يتناسب مع طبيعة الآلهة. كما سخَّر القديس «أوغسطين» كثيرًا من جهده الفلسفي قبل ما يزيد على ألف وخمسمائة عام لحل هذه المشكلة.

وفي القرون التي تلت «أوغسطين» بذل كل مفكر من المفكرين البارزين بعض جهده لصياغة هذه المشكلة ومحاولة حلها.

علامات استفهام كبيرة وكثيرة إذن يحتاج تأملها لقدر أكبر من الروية والتدبر، ذلك لأن التأمل العميق للشر والكم المروع من الآلام والأوجاع الناجمة عن وجوده؛ لا تقتضي بالضرورة عدم الإيمان بوجود إله عادل ورحيم وقادر على كل شئ.

لقد حاول بعض المفكرين فض «مشكلة الشر» وحلها بالقول: إن رفع الشر عن الدنيا يقتضي إلغاء حرية الإنسان في الاختيار، لأن رفع الشر عن العالَم يتعارض مع وجود «الحرية الإنسانية». منح الله الإنسان إرادة حرة تمكنه من أن يفعل خيرًا أو شرًّا؛ وفقًا لما يتخذه من قرارات، ومن ثمَّ فإن رفع الشر يعني نزع حرية الإنسان في ارتكاب الشرور؛ ويصير ملاكًا. إننا إذا أردنا أن نعقد مقارنةً بين عالَم يخلو من الشر، ويُحْرَم الإنسان فيه من ممارسة حريته؛ وعالَم يمتلك الإنسان فيه إرادة حرة، فلا ريب أن العالَم الذي تعلو فيه قيمة الحرية سيكون هو الأفضل. إن وجود الشر في العالَم؛ على الرغم من أنه أمر مزعج وكريه فإنه أفضل من عالَم خالي من الشر وتغيب فيه حرية الإرادة الإنسانية، عالَم لا يُسْمَح فيه للإنسان إلا بالسير في إتجاه واحد لا يملك له تغييرًا.

عالمنا إذن هو الأفضل من بين كل العوالم الممكنة – على حد تعبير الفيلسوف الألماني ليبنتس – ليس لأنه خاليًا من المعاناة، بل لتواصل الحرية الإنسانية فيه. وإذا عدنا للحديث عن العدوان الصهيوني الوحشي على الشعب الفلسطيني، والذي يمثل ذروة الشر، فإن حرية الإنسان الفلسطيني في مقاومة هذا العدوان والصمود في وجهه – رغم فداحة الخسائر وفظاعة المجازر – وتكبيد ذلك العدو خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وتعرية وجهه القبيح بوصفه كيانًا دخيلًا وغاصبًا؛ فإن هذه الإرادة الحرة للشعب الفلسطيني في التصدي والصمود في وجه العدوان تمثل قمة الخير. هذه هى الإرادة الحرة للشعوب المناضلة التي تتجسد إرادة الله الخيرة من خلالها.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الخير الشر الشجر البشر حریة الإنسان هذه المشکلة الإنسان فی وإما أنه العال م ما یحدث

إقرأ أيضاً:

حزب الله يكشف عن المعادلة الوحيدة التي تحمي لبنان

أعلن "حزب الله" اللبناني، اليوم الأحد، أن السلاح الشرعي المشترك بين الجيش والمقاومة بدعم من الشعب "حتمي وضروري"، معتبر أن "هذه المعادلة الوحيدة التي تحمي لبنان".

وقال نائب رئيس المجلس السياسي في "حزب الله" محمود قماطي،  الاحتفال التكريمي الذي أقامه “حزب الله” لمجموعة من شهداء المقاومة ، وقال قماطي: “إذا كنّا شركاء حقيقيون في الوطن، علينا أن نبني استراتيجية دفاعية تدافع عن هذا الوطن، فالجيش وحده لا يستطيع أن يواجه العدو، وكُلنا يعلم ذلك، وليته يستطيع، فنحن لسنا ضد أن يكون قادراً على المواجهة وحده، ولذلك هناك شراكة ضرورية حتمية وطنية لا بُد منها بين المقاومة والجيش لندافع عن وطننا، وما حصل وما يحصل اليوم في كل المحيط حولنا، دليل على ذلك، ونحن لا نقبل أن يصبح لبنان في مهب الرياح الإقليمية والدولية”.

«كاتس» يتوعد حزب الله إذا انتهك وقف إطلاق النارحزب الله : الاحتلال الإسرائيلي سرطان يهدّد الأمة بأسرهاسويسرا تقر حظر حزب الله اللبناني .. تفاصيل


وشدد على أن “الحلم والتمنيات الخبيثة من البعض بأن لبنان يجب أن يبقى بدون سلاح المقاومة وليس لديه ضرورة، لن يتحقق، ونحن نقول، إن السلاح الشرعي المشترك بين الجيش والمقاومة وبدعم من الشعب حتمي وضروري، فهذه المعادلة الوحيدة التي تحمي لبنان، ونحن لا نتخلّى عن وطننا وعن قوته وقوة الحماية الوطنية فيه لأجل عيون بعض المرتبطين بالخارج، أو من أجل ألسنة بعض سيئي الخطاب والفجور الإعلامي، فلن يحصل ذلك”.

وأكد قماطي على أن "حزب الله" سيكون "في أقصى درجات التعاون والانفتاح سياسيا"، مضيفا: "فنحن كنّا منفتحين، وما زلنا وسنبقى كذلك، لأننا نعتبر أن هذا الوطن بحاجة إلى التفاهم والحوار السياسي والتعاون بين كل الأطراف اللبنانيين للوصول إلى نتائج، ونحن نقول إن كل الأمور خاضعة للحوار، ونحن حاضرون لنتحاور حولها، لنبني هذا البلد لبنان ما بعد العدوان الإسرائيلي، ولذلك سوف نأتي إلى الاستحقاق الرئاسي بكل تفاهم، وسيكون الثنائي الوطني اللبناني على موقف واحد في الاستحقاق الرئاسي وفي كل الاستحقاقات الأخرى لإنعاش وبناء هذا البلد”.

مقالات مشابهة

  • عطوان: لماذا سيدخل الصاروخ الفرط صوتي اليمني الذي قصف قلب يافا اليوم التاريخ من أوسع أبوابه؟
  • التقوى.. سر مفتاح الخير ومغاليق الشر
  • حزب الله يكشف عن المعادلة الوحيدة التي تحمي لبنان
  • أصرت عليه حماس..الخلاف على مروان البرغوثي يمنع تقدم المفاوضات على الهدنة في غزة
  • من هو النبي الذي قتل جالوت؟.. تعرف على القصة كاملة
  • هل تكرار الذنب يمنع استجابة الدعاء .. دار الإفتاء توضح
  • علي جمعة: الصدق الذي نستهين به هو أمر عظيم
  • ما حكم القنوت في صلاة الفجر؟.. اختلفت عليه المذاهب الأربعة
  • في بطن الحوت: كيف قلب يونس عليه السلام المحنة إلى منحة؟
  • لماذا لا يردّ حزب الله على الخروقات الإسرائيليّة؟