دور الإعلام في محاربة التطرف.. تصدير رسائل إيجابية تعليمية للتصدي للتطرف
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
لا شك أن الإعلام يلعب دورا محوريا وهاما في التصدي وعلاج مختلف القضايا، لعل أبرزها التطرف الفكري الذي بات يشكل خطرا كبيرا على الإنسان والمجتمع في آن واحد.
وأطلقت «الوطن» حملة لتعزيز الهوية الوطنية تحت شعار «اختر طريقك في الوطن النجاة والأمان»، وفي هذا السياق شددت الدكتورة ليلى عبد المجيد، عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة الأسبق، على أهمية الإعلام في محاربة واحدة من أخطر المشاكل على الإطلاق، وذلك عبر عدة أمور قد يتبناها الإعلام لتحقيق رسالته المرجوة وهو محاولة إعادة تأهيل وبناء إنسان ذو وعي ثقافي واجتماعي قادر على رفض التطرف الفكري بأشكاله، عبر استخدام كافة الوسائل المباشرة وغير المباشرة، التي تدعو بدورها إلى محاربة التطرف.
وأضافت، أنه لعل أبرز الأشكال التي من المفترض تسليط الضوء عليها، هي محاولة تقديم نماذج القدوة الإيجابية أو تجارب بعض الأشخاص في النهوض بالأمم لتحقيق التنمية والتقدم الاقتصادي وغيرها، وذلك من خلال الدراما التي تلعب دورا هاما في ذلك، فيمكن استبدال الأفلام غير المفيدة التي لا تخدم المجتمع بأخرى تعكس النماذج الإيجابية في مختلف المجالات، وذلك عبر تقديم شخصية بكافة إبعادها بداية من التواصل مع الآخرين إلى نجاحها في الأخير في تحقيق ما تطمح إليه.
واستكملت، بدلا من تقديم نموذج البلطجي الذي يعتبر عنصرا للتطرف الفكري، ويرى أن ذلك الخيار الأمثل للتعامل مع المجتمع، من الممكن العمل على تقديم نماذج إيجابية تنبذ التطرف الفكري وتحاول التخلص منه.
وقالت عبدالمجيد، إن البرامج تلعب دورا هاما، عبر استهداف الطفل بشكل أساسي، باعتباره العنصر الأهم في المجتمع، ومحاولة بناءه بتعزيز أفكاره وسلوكياته ومحاربة التطرف الفكري لديه، ليخرج إلى المجتمع مؤهلا للتعامل معه، بالإضافة إلى تقديم برامج لتوعية أولياء الأمور والمعلمين باعتبارهم عناصر أساسية تساعد على محاربة التطرف الفكري عبر تقويم الأجيال والاهتمام بتربيتها ونشأتها.
من جانبها قالت الدكتورة هبة شاهين أستاذ الإعلام في جامعة عين شمس، الإعلام له دور لا يمكن إنكاره يتمثل في المحتوى المقدم، عن طريق التركيز على عرض محتوى جيد يساعد على تنمية الولاء والانتماء وتعزيز الأفكار.
واستكملت هبة شاهين: على سبيل المثال هناك ما يعرف بالتعليم الإعلامي وهو محاولة يقودها الإعلام تهدف إلى جعل مستقبل الرسالة الإعلامية يحلل ويفهم وينتقد ما يقدم له، ولا يقبل أي شيء يقال له، ولهذا فالإعلام له دور هام لا يمكن إنكاره، إلا أنه لابد أن يتكاتف معه مؤسسات أخرى مثل المسرح والفنون والحفلات، التي تساعد على نقل قيم ومعايير جيدة للارتقاء بثقافة الفرد وزيادة وعيه.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: التطرف الفكري محاربة التطرف التطرف الفکری
إقرأ أيضاً:
المشروع الفكري للسيد يسين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في ذكرى المفكر الكبير السيد يسين، من المهم إلقاء نظرة على مدرسته الفكرية والتي تعد واحدة من الاتجاهات التي ساهمت في إثراء الفكر العربي الحديث بخصوصيتها واختلافها، والتي شكلت منهج نوعي يحمل قدر كبير من الملامح الفكرية لمشروع السيد يسين.
إن أبرز خصائص المشروع الفكري للسيد يسين تتمثل في كونه قام على التحليل الاجتماعي والسياسي؛ حيث كان السيد ياسين مهتمًا بشكل خاص بتفسير التغيرات الاجتماعية والسياسية في العالم، وبخاصة في الشرق الأوسط والعالم العربي، وبحث كيف تؤثر هذه التغيرات على بنية المجتمع، علاوة على تعقيدات وتحولات النظام العالمي وموازين القوى المختلفة، كما أنه أولى مساحة كبيرة لضرورة التحديث والتطوير في المجالات المختلفة مثل التعليم، والاقتصاد، والسياسة.
ولقد اعتمد منهج السيد يسين على العقلانية والحداثة؛ حيث كان من المدافعين عن الفكر العقلاني والحديث، وكان ممنًا بأن الفكر العربي يحتاج إلى تحول جوهري من التقليدية إلى التفكير النقدي الذي يعتمد على العقلانية والمنهجية العلمية.
وفي ظل معطيات العولمة والمشروعات المختلفة اقليميًا ودوليًا، من تهديدات الحركات المسلحة وبروز الفاعلين من غير الدول وتراجع دور الدولة، كان اهتمام السيد يسين وحمله هموم التمسك بالهوية الوطنية؛ فعلى الرغم من دعوته للتحديث، لكن السيد ياسين كان مهتمًا بالحفاظ على الهوية الثقافية العربية والإسلامية، وكان يرى في التحديث أنه يجب أن يتم بما يتناسب مع الثقافة العربية، وليس تقليدًا أعمى للغرب.
إن السيد يسين في مشروعه الفكري كان منحازًا أيضًا لقضايا الإصلاح السياسي والاجتماعي في العالم العربي والذي رأى أنه يجب أن يشمل كل جوانب الحياة، من السياسة إلى التعليم والاقتصاد، وكان يدعو إلى ديمقراطية حقيقية لا تقتصر على الشكل، بل تشمل العدالة الاجتماعية والمشاركة الشعبية الفاعلة.
كما أعطى السيد يسين جزءًا كبيرًا من اهتمامه بالمشروع الثقافي، وقدم رؤية ثقافية فريدة للمجتمع المصري والمؤسسات المعنية عالجت جملة من قضايا ومسائل الثقافة والهوية، بما يمكن اعتباره من الذين ساهموا في إحياء الفكر النقدي في الثقافة العربية من خلال اهتمامه بالأدب والفن والفلسفة.
ولقد اهتم السيد يسين أيضًا بضرورة تجديد الفكر الديني في العالم العربي؛ حيث كان يعتقد أن هناك حاجة لإعادة تفسير النصوص الدينية بما يتماشى مع مستجدات العصر، خاصة في مسائل مثل حقوق الإنسان والمساواة، وكان يهدف إلى تحرير الدين من التفسيرات الضيقة والمتعصبة التي قد تشوه معانيه الأصلية.
ولقد رأى السيد يسين أن تحقيق هذا المشروع لا بد وأن يكون قائمًا على دور ملهم للتعليم في عملية الإصلاح الحقيقي، وباعتباره أداة رئيسية للتغيير الاجتماعي؛ وأنه يجب أن يكون معتمدًا على الفكر النقدي والعقلاني، بعيدًا عن التلقين والتقليد.
ولقد اهتم السيد يسين بأهمية المواطنة والهوية الثقافية، لكنه لم يتعارض مع ضبط العلاقة مع الغرب، والتي كانت في رؤيته تحتاج لإعادة تقييم؛ بحيث يجب التعامل مع الغرب بشكل واقعي وبعيد عن العاطفة، بحيث يتم الاستفادة من الإنجازات العلمية والتكنولوجية دون أن يؤدي ذلك إلى التفريط في القيم والمبادئ الثقافية الخاصة بالهوية العربية.
ولقد كان السيد يسين حريصًا طوال الوقت على تحديث مشروعه الفكري من خلال الاطلاع على باكورة الإنتاج البحثي العالمي والاشتباك مع النظريات الكبرى وأطروحات كبار المفكرين، ولقد أتيحت لنا الفرصة في لقاء الثلاثاء من كل أسبوع في المركز العربي للبحوث والدراسات بالقاهرة بمثابة عصف ذهني ونقاش علمي ممتع لتلاميذ السيد يسين الذي كان حريصًا على التواصل مع الأجيال ونقل الخبرات كسبيل للاستمرارية والبناء المعرفي.
من المهم في ذكرى المفكر الكبير السيد يسين، أن نلقي الضوء على مشروعه الفكري ومؤلفاته، ولقد كنت حريصًا بشكل شخصي على مشاركة ابني، رغم صغر سنه، في اختيار أحد مؤلفات الأستاذ السيد يسين للمشاركة في عرضه ضمن عدة إصدارات بمسابقة مشروع "تحدي القراءة العربي" الذي تشرف عليه دولة الإمارات العربية المتحدة، لأن هؤلاء المفكرين هم الطريق وهم المنارة التي يجب أن نتقفى أثرها في هذا الزمن التائه.