مراكش- تعيش عديد من مناطق المغرب حالة من الترقب والحذر بسبب الأمطار الطوفانية التي تشمل بعض أنحاء البلاد، خاصة مناطق الجنوب التي عاشت أمس الجمعة حالة من الرعب بعد فيضان عدد من الوديان، مما أسفر عن سقوط ضحايا وخسائر مادية كبيرة.

ولا يكاد يخلو حديث بين اثنين من مستجدات الأمطار وأخبار مديرية الأرصاد الجوية المغربية التي أصدرت أيضا اليوم السبت نشرة إنذارية حذرت فيها من سقوط أمطار رعدية قوية مصحوبة برياح وزخات من البرَد، خاصة في مناطق الوسط والجنوب، ودعت إلى اتخاذ كل سبل الحيطة والحذر لتفادي سقوط ضحايا.

وأوضحت المديرية، في نشرة تحذيرية من مستوى يقظة برتقالي، أنه من المتوقع أن تتراوح مستويات التساقطات المطرية ما بين 30 و60 ملم من منتصف نهار اليوم السبت وحتى منتصف الليل تقريبا.

ليلة رعب

وأمس الجمعة، عاشت مدينة طاطا (نحو 800 كيلومتر جنوبي العاصمة الرباط) والقرى التابعة لها ليلة مرعبة، إذ خلفت التساقطات المطرية القوية -في حصيلة أولية- مصرع مواطنين اثنين على الأقل، في حين أُنقذ 13 آخرون، بينما لا يزال 14 من ركاب حافلة مفقودين.

وأكد بعض أبناء المنطقة أن ارتفاع نسبة الخسائر في الأرواح سببه مخاطرة سائق حافلة للركاب -تزامن وجودها بفيضان وادي طاطا عند مدخل المدينة- بمحاولة تجاوز الجسر، غير أن قوة اندفاع السيول بالوادي جرفت الحافلة ثم ما لبثت أن جعلتها تنقلب.

ونجحت نداءات الاستغاثة والاتصالات التي أجراها بعض الركاب بالسلطات المحلية في إنقاذ أرواح بعضهم، بعد أن وصلت مختلفة الأجهزة المختصة، بينما جرفت المياه القوية نحو 14 راكبا لا يزالون حتى الآن في عداد المفقودين، حسب توضيحات رسمية.

وبخصوص الوضع في قرى ودواوير طاطا، ذكرت السلطات أن سيدة واحدة لقيت حتفها، بينما نقلت وسائل إعلام محلية أن الخسائر كانت مادية أساسا، حيث هدمت الأمطار الطوفانية عددا من المنازل والممتلكات.

وقالت المصادر الإعلامية إن الكارثة التي وقعت قبل نحو أسبوعين وتسببت في مقتل 18 شخصا على الأقل، بينهم 3 أجانب، جعلت سكان المناطق القروية يتيقظون لمخاطر فيضان الأودية، ودفعت بعضهم أمس للجوء إلى الجبال للنجاة من الانجراف، خاصة بعدما وصل منسوب مياه سيولها القوية لمستويات غير مسبوقة.

واضطلعت صفحات محلية على منصات التواصل الاجتماعي بدور كبير في نقل مستجدات التساقطات المطرية العنيفة، ونشر التحذيرات الرسمية من مخاطر فيضانات الأودية والشعاب المحلية، وتوعية السكان بضرورة اتخاذ كل وسائل الحيطة والحذر، وهو ما ساعد على تفادي وقوع خسائر أكبر في الأرواح.

فيضان الأودية تسبب في تدمير محاور طرقية بإقليم طاطا (مواقع التواصل) أمطار استثنائية

وأكدت السلطات المحلية بإقليم طاطا أن التساقطات الرعدية الاستثنائية تسببت في ارتفاع كبير لمنسوب مياه عديد من الأودية بدرجات غير مسبوقة، حيث بلغت حمولة وادي طاطا مثلا أكثر من 2300 متر مكعب في الثانية، وكذا وادي زكيد بالمنطقة نفسها بـ1900 متر مكعب في الثانية.

وبخصوص الخسائر المادية، أكدت السلطات أنها سجلت -في حصيلة مؤقتة- انهيار بعض المنازل التي أُجلي قاطنوها في وقت سابق، إلى جانب انهيار مؤسسات عمومية بالإقليم، وتضرر كبير بعدة محاور طرقية، مما تسبب في انقطاع حركة المرور، وعزلة عدد من القرى والدواوير.

فيضان الأودية بمدينة طاطا تسبب في خسائر مادية جسيمة بحسب السلطات (مواقع التواصل)

وحسب وسائل إعلام محلية، فقد نجح تدخل جهات الإنقاذ والأمن وعناصر من الجيش في تفادي وقوع خسائر بشرية كبيرة، إذ أُنقذ العشرات بعدما كان يتهددهم خطر الانجراف من الوديان والشعاب المائية التي امتلأت بسيول لم تشهد لها المنطقة مثيلا على الأقل في التاريخ القريب.

ولا تزال جهود السلطات المعنية مستمرة من أجل البحث عن المفقودين والعثور عليهم وإعادة تشغيل شبكات الربط الطرقي وشبكات الخدمات بالإقليم، في وقت حذرت فيه وزارة الداخلية المواطنين من استمرار الطقس المتقلب، ودعت للابتعاد عن الوديان والشعاب المائية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

ألمانيا ترحِّل مواطني أوروبا المؤيدين لفلسطين في خطوة جديدة مرعبة

ترجمة: أحمد شافعي -

تشهد ألمانيا الآن حملة قمع واسعة للمعارضة السياسية. فعلى مدار العامين الماضيين، ألغت المؤسسات والسلطات فعاليات ومعارض وجوائز بسبب تصريحات حول فلسطين أو إسرائيل. وثمة أمثلة عديدة منها تأجيل معرض فرانكفورت للكتاب حفل توزيع جوائز عدنية شبلي لأجل غير مسمى، وسحب مؤسسة هاينريش بول جائزة حنة أرنت من ماشا جيسن، وإلغاء جامعة كولونيا منصب الأستاذية لنانسي فريزر، وتعرض باسل عدرا ويوفال أبراهام مديرا منظمة «لا أرض أخرى» للتشهير من وزراء ألمان. وفي الآونة الأخيرة، إلغاء دعوة الفيلسوف عمري بوم لإلقاء كلمة في ذكرى تحرير بوخنفالد هذا الشهر.

في جميع هذه الحالات تقريبا، لاحت اتهامات معاداة السامية في الأفق برغم أن يهودا في الغالب كانوا بين المستهدفين. وفي أغلب الأحيان، ليبراليون هم الذين يدفعون أو يقبلون ضمنيا هذه الإلغاءات، في حين يتراجع محافظون ومنتمون إلى اليمين المتطرف للتهليل والتشجيع. وفي حين أنه لا شك أن التنبه لتصاعد معاداة السامية أمر له ما يبرره ـ وبخاصة في ألمانيا ـ يتزايد استغلال هذا القلق بوصفه أداة سياسية لإسكات اليسار.

وقد اتخذت ألمانيا في الآونة الأخيرة خطوة جديدة مثيرة للقلق، تنم عن استعدادها لاستخدام الآراء السياسية ذريعة لكبح الهجرة. حيث تتحرك السلطات الآن لترحيل الرعايا الأجانب بسبب مشاركتهم في أنشطة مؤيدة لفلسطين. وكما ذكرت هذا الأسبوع في «ذا إنترسبت»، فإنه من المقرر أن يتم ترحيل أربعة أشخاص في برلين ـ ثلاثة من مواطني الاتحاد الأوروبي ومواطن أمريكي ـ بسبب مشاركتهم في مظاهرات ضد حرب إسرائيل على غزة. وليس من أولئك الأربعة من أدين بارتكاب أي جريمة، ومع ذلك تسعى السلطات ببساطة إلى طردهم من البلد. تتضمن الاتهامات الموجهة إليهم الإخلال الجسيم بالسلم العام وعرقلة الاعتقال الشرطي. وتشير تقارير من العام الماضي إلى أن أحد الأفعال المزعوم تورطهم فيها تضمن اقتحام مبنى جامعي وتهديد الناس بأشياء كان من الممكن استخدامها كأسلحة محتملة.

لكن أوامر الترحيل تمضي إلى أبعد من ذلك. إذ تشير إلى قائمة أوسع من السلوكيات المزعومة، منها ترديد شعارات مثل «حرِّروا غزة» و«من النهر إلى البحر، فلسطين سوف تتحرر»، والمشاركة في قطع طرق (وهو تكتيك يستخدمه نشطاء المناخ بكثرة)، ووصف ضابط شرطة بالـ«فاشي». وعند التمعن في الأمر، يبدو أن التهمة الحقيقية هي أمر أكثر جوهرية: فعل الاحتجاج نفسه.

والأربعة متهمون أيضا ـ دونما أدلة ـ بدعم حماس وترديد شعارات معادية للسامية أو معادية لإسرائيل. وتشير ثلاثة من أوامر الترحيل صراحة إلى التزام ألمانيا الوطني بالدفاع عن إسرائيل، أو ما يسمى «Staatsräson» أو منطق الدولة، باعتباره مبررا للترحيل.

وقد قال لي خبراء قانونيون أن الاستناد إلى منطق الدولة في إجراءات الترحيل أمر مشكوك فيه من الناحية القانونية. وقد توصلت مراجعة برلمانية حديثة إلى نتيجة مماثلة، مشيرة إلى أن منطق الدولة ـ الذي كثيرا ما يستند إليه في تبرير السياسة الخارجية الألمانية تجاه إسرائيل، ومن ذلك خطة المستشار الجديد فريدريش ميرز لتوجيه دعوة إلى بنيامين نتنياهو برغم صدور مذكرة توقيف سارية من المحكمة الجنائية الدولية ـ يفتقر إلى أي ثقل قانوني قابل للتنفيذ.

وليس هذا النوع من القمع بجديد في ألمانيا. أخبرني المحامي ألكسندر جورسكي أنه تعامل مع قضايا مماثلة استخدم فيها قانون الهجرة ضد أشخاص من أصل عربي أو فلسطيني، وغالبا ما يكون ذلك نتيجة منشور أو تعليق على وسائل التواصل الاجتماعي أو حتى الضغط بـ«إعجاب».

اليوم، يلجأ السياسيون من مختلف الأطياف السياسية في ألمانيا بشكل روتيني إلى تاريخ بلدهم لإسكات الانتقادات الموجهة للسياسة الإسرائيلية ـ أي دعم دولة متهمة بتطبيق نظام الأبارتيد في الضفة الغربية، وبارتكاب إبادة جماعية في غزة، كما يؤكد إجماع متزايد بين خبراء حقوق الإنسان.

واستخدام قانون الهجرة لمراقبة الاحتجاج السياسي يبعث برسالة واضحة إلى غير المواطنين في ألمانيا مفادها هو عبِّروا عن آرائكم مخاطرين بفقدان وضعكم القانوني أو بالترحيل. ويبدو أن مدى استفادة حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) اليميني المتطرف من هذا الأمر يغيب عن أذهان الكثيرين ممن يسمون بسياسيي الوسط في ألمانيا. فقد أصبح «منطق الدولة» بالنسبة لحزب البديل من أجل ألمانيا درعا مناسبا أي وسيلة لتأجيج الاستياء من المهاجرين بزعم أنهم «يستوردون» معاداة السامية، ويتصدون لثقافة أوسع وأشمل وأكثر إحياء للذاكرة الوطنية، وغالبا ما توصف بأنها ثقافة «ما بعد الاستعمار». وكل هذا يتسربل بلغة الدعم الثابت لإسرائيل.

لقد حصل حزب البديل لألمانيا مؤخرا على حوالي 20% من الأصوات في الانتخابات الفيدرالية الألمانية. وقبل أسابيع قليلة من الانتخابات، أعرب إيلون ماسك عن دعمه للحزب خلال نقاش مباشر مع زعيمته، أليس فايدل. ولقد وصفت فايدل، في إحدى المرات، أدولف هتلر، وصفا عبثيا فقالت إنه «شيوعي»، وزعمت أن «الفلسطينيين اليساريين» في ألمانيا معادون للسامية. وبرغم شناعة هذه التصريحات، فهي تعكس اتجاها أوسع نطاقا أسهم الوسط الليبرالي في ترويجه رغم أنفه - وهو اتجاه يستغل المشاعر المعادية للفلسطينيين لتأجيج نزعة المراجعة التي يتبناها اليمين المتطرف.

وفي حين أن الأحزاب الألمانية الراسخة لا تزال ترفض رسميا التعاون مع حزب البديل لألمانيا، فإن قبولها المتزايد لخطاب حزب البديل لألمانيا - وبخاصة في ما يتعلق بالهجرة ـ يطرح قصة مختلفة. ففي الفترة السابقة على الانتخابات، تحدثت أحزاب من مختلف الأطياف السياسية، بدءا من حزب الخضر إلى حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، عن الهجرة بوصفها تهديدا أمنيا، ووعدت بالترحيل وتشديد الضوابط. وفي هذا المناخ، تحولت فلسطين إلى اختبار حقيقي لسياسة اللجوء.

في العام الماضي، أعلن ميرز أن ألمانيا لن تقبل لاجئين من غزة، قائلا: «إن لدينا بالفعل ما يكفي من الشباب المعادين للسامية في البلد». وبعد ظهور النائب المنتخب حديثا عن حزب اليسار، جانسين كوكتورك، في البرلمان مرتديا وشاحا يشبه الكوفية، ضغط أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ لحظر هذه الرموز في البرلمان. ولم يثر أي اعتراض من هذا القبيل عندما ارتدى نائب حزب البديل من أجل ألمانيا، توربن براجا، زهرة ذرة زرقاء ـ وهي رمز استخدمه النازيون النمساويون في ثلاثينيات القرن الماضي ـ في القاعة نفسها. قال براجا إنها ليست زهرة ذرة، ووصف الاتهام بأنه «سخيف».

ومع تولي حكومة محافظة جديدة السلطة، من المتوقع أن تتصاعد حملة القمع ضد الفلسطينيين والمهاجرين ـ التي بدأت بالفعل مع ما يسمى بائتلاف إشارات المرور ـ بشكل أكبر. فألمانيا تقف الآن عند مفترق طرق: إما أن تختار التمسك بالمبادئ التي تدعي الدفاع عنها، أو الاستمرار في مسار الاستبداد. في الوقت الحالي، يبدو الاتجاه واضحا لا لبس فيه.

هانو هاونشتاين صحفي ومؤلف مقيم في برلين. عمل كبيرا للمحررين في قسم الثقافة بصحيفة برلينر تسايتونج، متخصصا في الفن المعاصر والسياسة.

عن صحيفة ذي جارديان البريطانية

مقالات مشابهة

  • من هي الموظفة المغربية الشجاعة التي كشفت تواطؤ الشركة التي تعمل بها ''مايكروسوفت'' مع الإحتلال الإسرائيلي؟ وماذا عملت؟
  • أمريكا.. انتشار واسع لمرض «الحصبة» والسلطات تستنفر
  • مواطنة بريطانية تحذر من السفر إلى أمريكا بعد احتجازها 19 يوماً بسبب تأشيرة
  • بسبب أصولها اليمنية.. الاحتلال يمنع “نائبة بريطانية” من دخول “أراضيه “
  • الصحة بغزة تحذر من منع إسرائيل إدخال لقاحات شلل الأطفال
  • طبيبة تحذر:العطش المتكرر ليلاً قد يكشف أمراضاً خطيرة
  • فرنسا تحذر من ازمة اقتصادية عالمية بسبب رسوم ترامب
  • ألمانيا ترحِّل مواطني أوروبا المؤيدين لفلسطين في خطوة جديدة مرعبة
  • متحدث باسم الدفاع المدني في غزة: كل تفاصيل ما جرى في رفح "مرعبة"
  • تركيا تواجه أزمة غذائية.. 648 حالة تسمم بسبب وجبة شعبية