إسرائيل تلكُم أمريكا
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
الطليعة الشحرية
السُّمعة والثقة قوام أي مُنتج في خضم هذا الحشد الضخم من المنتجات المتشابهة والمقلدة، فماذا يحدث عند انهيار تلك الثقة؟ هل سيشتري المُستهلك منتجًا قادرًا على اغتياله؟
قفزت الحرب الهجينة قفزة نوعية بعد اختراق أجهزة الاتصالات "البيجر" واللاسلكية لعناصر من حزب الله، التي راح ضحيتها العديد من المدنيين.
قد تستخدم الأنظمة في هجماتها الإلكترونية التكتيكات الهجينة كنشر المعلومات الكاذبة والضغط الاقتصادي والدعاية والتخريب وتستعمل في هذه الحروب القوات غير النظامية، مثل الجنود الذين يرتدون زيًا عسكريًا بلا رتب.
أثار اختراق أجهزة الاتصالات اللاسلكية و"البيجر"، التي تحمل علامة تجارية لشركات آسيوية، بحثًا مُكثفًا عن مسار هذه الأجهزة، مما كشف عن سوق غامضة لهذه الأجهزة، وسلطت ردود فعل الشركات التي ارتبطت أسماؤها بالأجهزة المفخخة، الضوء على صعوبة تحديد طريقة وتوقيت تفخيخها وتحويلها إلى أسلحة.
ألقت شركة "جولد أبوللو"- ومقرها تايوان- المسؤولية على شركة في أوروبا استخدمت العلامة التجارية للشركة التايوانية، بينما أفادت شركة "آيكوم" اليابانية أنها لا تستطيع تحديد ما إذا كانت أجهزة الاتصال اللاسلكية التي تحمل اسمها أصلية؛ لأنَّ السوق مليئة بالمنتجات المقلدة.
إنَّ سهولة اختراق سلاسل التوريد وتفخيخ الأجهزة تكشف عن مستوى من الخيانات والاختراقات غير المسبوقة لحزب الله وإيران، ويثير التساؤلات عن الخفايا التي لفت سلسلة من الاغتيالات السابقة لقادة في الحرس الثوري وسقوط طائرة الرئيس الإيراني واغتيال إسماعيل هنية، والغارة الجوية على ضاحية بيروت الجنوبية التي تسببت باغتيال إبراهيم عقيل قائد وحدة الرضوان والذي تخفى طوال 40 عامًا.
هل كل تلك الحوادث ناجمة عن اختراق وتفخيخ سلاسل التوريد لمدة خمسة أشهر؟ وإن فرضنا جدلًا بأن الكيان اللقيط يمكنه العيش في مُحيط لا ولن يتقبله، فكيف لم يستطع معرفة توقيت الطوفان في 7 أكتوبر؟ المسألة أكثر تعقيدًا والخيانات وصلت إلى رأس الهرم.
لم يكن اختراق سلاسل التوريد هو الأول إذ سبقه هجوم سيبراني من عملاء أمريكيا وإسرائيل عُرف بهجوم "ستوكسنت". استهدف الهجوم البرنامج النووي الإيراني، وظنَّ الجواسيس أنهم قادرون على إلحاق أضرار جسيمة بقدرة إيران وإبطاء برنامجها النووي، ولكن سرعان ما عادت إيران إلى تطوير برنامجها النووي لتصبح قدراته أكبر.
قد يُنظر إلى موضوع الهجمات الإلكترونية على أنها سلوك إجرامي وقد تستخدم الهجمات للتجسس على الحكومات والشركات، إلّا أنَّ تفخيخ الأجهزة الإلكترونية بكميات من المواد المتفجرة والتحكم بها عن بعد هو قفزة إرهابية قذرة وبحصانة غربية وأمريكية. وعلى الرغم من استنكار ذوي الضمير أساليب الحرب الهجينة للكيان المحتل إلا أن الأمم المتحدة والولايات المتحدة تدعو الجميع لضبط النفس.
الشرق الأوسط هو أحد أكبر الأسواق الاستهلاكية في العالم، لأننا نستهلك ونستورد كل شيء، بدءا من المتطلبات الضرورية للحياة كالغذاء والتعليم، وانتهاءً بالترفيه، فنحن غير قادرين على إنتاج وسائل ترفيهيه تتناسب مع ثقافتنا ومُعتقدتنا.
تحول الشرق الأوسط إلى أضخم آلة نسخ في العالم لديها القدرة على نسخ القوالب الغربية المُعدة بعناية فائقة مغمسة بالحريات العصرية، الاختراق لم يكن وليد اللحظة لقد تم الاختراق منذ ما يزيد على قرن من الزمن.
كشفت أحداث بيروت سهولة اختراق سلسلة التوريد والتلاعب بها، ناهيك عن أنَّ كل الأجهزة المحمولة من هواتف وكمبيوترات الحديثة تحتوي خاصية تتبع، فيسهل الرصد وتحديد الموقع والاغتيال، دون الحاجة إلى رصاصة أو سلاح.
ألا يجدر بأكبر سوق مستهلك يمتلك مُقدرات تحويل القوة المالية الضخمة لإنشاء شبكات توصيل وخوادم إنترنت وأقمار صناعية خاصة لا يسهل التحكم بها أو التلاعب بها؟ فالحروب القادمة مصدرها وقوتها هي المعلومات.
فيما مضى حاولت أوكرانيا باقتراحها على منظمتي الإنترنت الدوليتين مؤسسة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة المعروفة باختصار (ICANN) ومركز تنسيق شبكة الإنترنت المعروفة بـ (RIPE NCC) إزالة المجالات الروسية من الإنترنت وإزالة خوادم الجذر الخاصة بهما.
لو تمَّ إنشاء منظمة إنترنت وشبكات إنترنت بأقمار صناعية وخوادم جذرية لقارتي آسيا وأفريقيا، سيخلق بذلك قوة وتدفقاً بالمعلومات لا يسهل التلاعب بها بسهولة.
إن عمليات الاختراق والهجوم عبر البرامج الثابتة ليس بجديد؛ حيث يعمل المهاجمون على إدخال برمجية خبيثة على الحاسوب أو الهاتف المحمول، وهذا ما يتطلّب ثواني قليلة وأشهر تلك البرامج "بيجاسوس" الإسرائيلي، والتي ذهب ضحيتها العديد الصحفيين والنشطاء. واليوم تتوسع عمليات الاختراق لتصل إلى سلاسل التوريد واغتال العشرات وفي أماكن متفرقة بنفس التوقيت.
لا يمكن لعاقل أن ينفي أن الحروب القادمة هي حروب إلكترونية وسيبرانية، فماذا نحن صانعون؟
جميعنا يحمل قنبلة موقوتة وجميعنا مخترقون ومكشوفون على شبكات ومنصات التواصل الاجتماعي ويسهل إيجاد موقعنا، فكلنا نحمل جهاز اتصال وجهازا لوحيا محمولا بلد المنشأ أمريكيا أو أوروبا، فماذا إذا ما انفجر في وجه أحدهم هاتفه واقتلعت عينيه، فمن الملام؟ وفي حال تسميم غذائك والتلاعب بشرابك فما العمل؟
كل ما صنعه نتنياهو بمُغامرته الهجينة هو اغتيال لسمعة وثقة المستهلك بالصناعة التكنولوجية العالمية والتي تُهيمن عليها الولايات المتحدة الأمريكية والشركات الغربية، فكل الأجهزة الكهربائية قد يتم التلاعب بها إما بتنصيب تطبيق خبيث أو التلاعب بسلاسل التوريد والتفخيخ.
سددت إسرائيل الضربة القاضية للأسواق الغربية وعلينا اقتناص الفرص وتعزيز وضخ رؤوس أموال في أسواق آسيا التكنولوجية؛ فالتنين الصيني قادم لا محالة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
دلالات ورسائل بيان القوات المسلحة الاخير .. اختراق يمني لكل خطوط العدو
حَيثُ حصلت قواتنا المسلحة على معلومات استخبارية دقيقة جِـدًّا تؤكّـد أن كيان العدوّ في هذه المرحلة يسعى بسرية لإبرام صفقات بيع لأصول شركاته لشركات نقل بحرية تتبع عدة دول،
بالتالي كان البيان على شكل تحذير واضح ومباشر لتلك الشركات التي تنوي عقد الصفقات وشراء الأصول من كيان العدوّ، وهو ما يسد كُـلّ طرق الالتفاف التي كان العدوّ الصهيوني يفكّر بها، لتستمر قبضة الحصار اليمني على كيان العدوّ محكمة للغاية.
3 مسارات
وفي هذا الشأنِ، يقول الخبير العسكري زين العابدين عثمان: إن "لبيان القوات المسلحة رسائل ودلالات كثيرة، حَيثُ عكس ثلاث مسارات هامة:-
الأول إفشال مسبق للمخطّطات والمساعي التي رسمها كيان العدوّ الصهيوني للالتفاف على قرار الحظر اليمني، وهي ما تزال في مهدها،
والثاني توجيه ضربة قاصمة للمنظومة الأمنية لكيان العدوّ، من خلال اختراق بنيته المعلوماتية الحساسة والسرية،
والثالث ردع الدول وشركات النقل البحري التي تسعى للتعاون مع كيان العدوّ في تنفيذ مخطّطاته وشراء أصول شركاته؛ لغرض التمويه والتحايل".
ويضيف عثمان في حديثه: إن "كيان العدوّ الصهيوني في هذه المرحلة، وخُصُوصًا المرحلة الخامسة من التصعيد، لم يعد يستطيع بالفعل تحمل استمرار تداعيات الحظر البحري الذي تطبقه قواتنا المسلحة على ملاحته وسفنه في البحر الأحمر والعربي"، مؤكّـدًا أن "التأثيرات المباشرة لهذا الحظر وصلت إلى مستويات خطيرة باقتصاده وحركته التجارية العامة، وأصبحت الخسائر التي يتلقاها باهظة جِـدًّا، وهناك الآلاف من الشركات الاستثمارية الأجنبية، غادرت بشكل كامل أراضي فلسطين المحتلّة".
اقتصاد متآكل
ويؤكّـد عثمان "أن لجوء كيان العدوّ في هذه الظروف الحساسة إلى بيع أصول شركاته لشركات أُخرى هو خطوة يحاول من خلالها تخفيف كارثية الأزمة الخانقة التي يعيشها ووضعه الاقتصادي المتآكل نتيجة الحظر البحري اليمني على سفنه وشركات الشحن الدولية التي تحاول شحن البضائع إليه".
وفي ختام حديثه يؤكّـد زين العابدين عثمان أن القوات المسلحة ذاهبة للتصعيد أكثر وعلى نحو غير مسبوق ضد السفن التي تحاول إمدَاد كيان العدوّ الإسرائيلي، وخرق قرار الحظر؛ فالجهد سيركز في هذه المرحلة على تطوير القدرات والأساليب التكتيكة والاستراتيجية؛ بما يعزز من قوة العمليات الهجومية وتأثيرها والارتقاء بها لتكون كافية لتدمير السفن وإغراقها بالكامل، سواء في البحر الأحمر أَو العربي والمحيط الهندي.
محاولات فاشلة.. صنعاء قادرة على اختراق كُـلّ الحصون:
وبشأن دلالة البيان الخاص للقوات المسلحة، وتحذير شركات النقل البحري من شراء أصول وممتلكات شركات النقل البحري الإسرائيلية، يتحدث الخبير العسكري العميد مجيب شمسان بقوله: إن "كيان العدوّ الصهيوني يلجأ إلى وسائل أُخرى سبق وأن قام بها وفشل، وما التمويه أَو تغيير البيانات أَو تغيير الملكية لسفن العدوّ أَو شركاته، إلا محاولة فاشلة أمام قدرات اليمن الاستخباراتية التي تخترق كُـلّ حصون العدوّ وجُدُرِه".
ويضيف العميد شمسان في حديث أن "بيان القوات المسلحة الخاص والذي كان مختلفًا إلى حَــدٍّ ما، وتحدث عن عمليات التحايل، ومحاولات نقل الملكية لشركات شحن البحرية تابعة للكيان الصهيوني أَو سفن تابعة للكيان إلى شركات أُخرى، يؤكّـد أن لدى صنعاء معلوماتٍ استخباراتيةً كافيةً بالجهات التي لها علاقة بشراء هذه الشركات أَو تغيير ملكية هذه الشركات أَو السفن التابعة للكيان الصهيوني، وبهذا أرادت صنعاءُ أن ترسل رسالةً واضحة لتلك الأطراف، سواءٌ أكانت قريبة أَو بعيدة أَو من الدول الأجنبية الغربية أَو من الدول العربية التي بات اليوم تخدمُ الكيان الصهيوني بشكل مباشر".
ويزيد شمسان بالقول: "بالتالي رسائل صنعاء كانت واضحة بأننا لم نتهاون في مسألة التعامل مع سفن الكيان الصهيوني أَو الشركات التابعة له، سواء باعها أَو نقل ملكياتها، وسيتم التعامل مع تلك السفن؛ باعتبَارها سفنًا معادية تابعة للكيان وسيتم استهدافها".
وفيما يتعلق بالحديث عن أضرار العمليات اليمنية على النقل البحري الصهيوني، يؤكّـد شمسان أن "هناك الكثير من التحَرّكات التشويهية، فيما يتعلق بالتشويه بالعمليات اليمنية ومحاولة خلط الأورق، خُصُوصًا بعد التصريحات الصادرة عن جهات مصرية، ولكن صنعاء تثبت دائمًا بأنها تسبق العدوّ بخطوات، سواء من حَيثُ العمل الاستخباراتي والمعلومة التي تشكل ركيزة أَسَاسية من حَيثُ العمل لعسكري أَو في تنفيذ العمليات في الميدان".
كسر وسائل التمويه
ويستطرد بالقول: "كما نجحت صنعاء في كسر الوسائل التي حاول العدوّ سابقًا من خلالها التمويهَ وإغلاق أجهزة التعارف، ورفع أعلام دول أُخرى، والوصول إلى حقيقة تلك السفن وملكيتها ووجهتها، فَــإنَّ القوات المسلحة اليوم قادرة على التعامل مع أية وسيلة من الوسائل التي يحاول العدوّ استخدامها، وكذلك قادرة على التعامل مع أية قوة في العالم، وما يؤكّـد ذلك إزاحة السفن الحربية الأمريكية والبريطانية والأُورُوبية، وإصابة اليمن أهدافها بدقة عالية".
ويختتم الخبير العسكري العميد مجيب شمسان، حديثه بالقول: إن "الرسائل العسكرية لقواتنا المسلحة، اليوم مختلفة تمامًا، على اعتبار أن قواتنا المسلحة وصلت إلى مرحلة متقدمة من التصعيد ضد العدوّ، وبالتالي فَــإنَّه بعد هذا البيان لم تكن هناك تحذيرات نارية لسفن تحاول انتهاك الحظر، بل سيكون هناك استهداف مباشر، ويكون أكثر تأثيرًا على تلك السفن التي تحاول انتهاك قرار الحظر الذي تفرضُه صنعاء على العدوّ الصهيوني".
عباس القاعدي| المسيرة نت