موقع 24:
2025-02-04@17:17:11 GMT

"تجربة حبيب الصايغ الشعرية" ليست عصية على الفهم

تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT

'تجربة حبيب الصايغ الشعرية' ليست عصية على الفهم

 الشاعر الإماراتي الراحل حبيب الصايغ قامة وقيمة أدبية وفكرية، يستحق الوقوف طويلاً أمام تجربته الشعرية، من قبل النقاد والباحثين في الأدب العربي المعاصر.

وممن كتب عن تجربة الصايغ الشاعر والناقد محمد عبد الله نور الدين، في كتابه "تجربة حبيب الصايغ الشعرية"، الذي أهداه "إلى كل من لا يقرأ الشاعر الإماراتي القدير حبيب الصايغ"، حيث أن بعض الأصوات في زمن صدور الكتاب عام 2013، كانت تتهم قصائد الصايغ بأنها عصية على الفهم وغارقة في الغموض.

يشتمل الكتاب على 4 فصول، حملت العناوين التالية "المكان، الزمان، الموت، عوالم الشاعر"، قدَم للكتاب الناقد والإعلامي العراقي سلمان كاصد بكلمة عنونها بـ"تحية للنقد".
يقول فيها: "يقر محمد نور الدين أن أسلوبه في تناول هذا الديوان يقترب من التفسير والكشف الجمالي للنص الشعري، في محاولة منه لتأسيس طريقة تستوعب مستويات معرفية متعددة، لكونه يرى أنه يقرأ نصاً إنسانياً قدمه الصايغ، من دون أن تتعقّد فيه تلك اللغة الإنسانية، التي قد تغيب عن كثير من النصوص الشعرية، التي تتداخل عوالمها حتى على الناقد المتمرس، ولهذا يرى نور الدين أن استقبال النص الشعري الإنساني يحتاج إلى لغة نقدية إنسانية لتقديمه إلى المتلقي بمختلف مستوياته، لهذا ألزم محمد نور الدين نفسه بعدد من الشروط، أهمها عدم تضييع المتلقي في متاهة المصطلح النقدي والأدوات النقدية الصارمة التي أوجدتها المدارس والمناهج النقدية، وهو بذلك يبتغي القصيدة ذاتها، جمالياتها، عوالمها، في ظل فرشة تبسيطية للنص الشعري".
وفي تمهيده للكتاب يقول محمد نور الدين: "أننا في ضيافة شاعر شهد له كبار النقاد وكبار الشعراء منذ مجموعته الشعرية الأولى إلى يومنا هذا، ويكفي ذلك دليلاً على جودة هذه النصوص التي نتناولها وبراعة شاعرها، ولكني ألمس شخصياً عدم تذوق فئة كبيرة من المتلقين تجربة حبيب الصايغ لذا فإن هذه الدراسة تتوجه إلى تلك الفئة بالذات حيث تشرح جوانب مهمة من شعر الصايغ ابن الإمارات  وتضع الخطوط العريضة التي توضح معالم مهمة في قصائده."

وفي فصل "المكان" يقول الكاتب: "في عالم الصايغ الشعري وحضور المكان في شعره فإن من الصعب جدا بقاءك في مكان واحد لأنه سرعان ما يأخذك الشاعر إلى أماكن أخرى في رحلة سفر دائمة، وهذا الذي ما زال يحسّ به الشاعر منذ لحظة ولادته حسب تعبيره الشعري في قصيدته (حماسية):
وُلدتُ، مرة، أذكر في بغداد
وُلدتُ، مرة، في قرية
وأهلها أكراد
وُلدتُ في بيروت
في شارع وكله بيوت
وُلدتُ في مدينة تحب أن تحب
لا تحب أن تموت.
وفي مقطع آخر يقول المؤلف أيضا، ولكن لابد من البوح والتعايش مع الوجع حين لا يجد مهرباً في جهاته التي أصبحت تحاصر الصايغ:
حاصرتني الجهات
وراحت تناولني دمها
قطرة قطرة
فأناولها وجعي
صرخة صرخة
ما انتهينا إلى الاخضرار الصديق.
وقد لا تكون الجهات إلا تعبيراً عن الوجهة التي يتردد الشاعر عليها أو يهرب منها فالجهات رموز تحرك الصورة التي نشأت من أحاسيس حرّكت المشاعر لتظهر في المعاني، فالقيم الشعورية هي أهم ما يطرب لها المتلقي لتكمل مثلث الإدهاش والتأمل والإطراب في القصائد الحديثة التي تتجرد من القافية والأوزان والمعاني بصورها التقليدية.
والصايغ شاعرٌ كلاسيكي يعي أهمية الوزن في تحريك الأحاسيس وإطراب المتلقي لذا وجدنا في المثال السابق وفي قصيدة (الرايات) نجده يستخدم جهة الشرق رمزاً للفقد بصورة غير مباشرة وكأن في الجهات الأخرى عالم يختلف عن جهة الشرق:
شرق بيتي أقاليم منسية
وحدائق آيلة للسقوط
شرق بيتي
شوارع آيلة للسقوط
شرق صوتي
مدارس قد سقطت
أين نكمل درس القراءة
وربما يعود سبب اهتمام الشاعر بالمكان كحيز يحوي جسمه وكفضاء قريب من جسمه وكجهات يتحرك منها جسمه إلى وأحسب أنه عبّر عن أكثر من ذلك في قصيدة (رسم بياني لأسراب الزرافات) حين رمز إلى موت الطبيعة، وهو المكان حول الشاعر بموت جميع أنواع الأشجار حتى وصل إلى أشجار النخيل في هذا المقطع ليبقى الشاعر وحيداً في نهاية القصيدة:
وتموت أشجار النخيل واقفة
كأنما هي تتهيأ لقبورها الواقفة
ويموت الهواء غالباً
من شدة الاختناق
وحين يموت الهواء
تصبح حياة الناس
مملة نوعاً ما
فيمضون إلى الأشجار الميتة بفؤوسهم
ويصنعون من أخشابها
ورق كتابة لإثارة الأحزان
وورق "كلينكس" لتجفيف الدموع.
والرائع في هذه القصيدة أن الأشجار تموت لوحدها والناس يأتون بعد ذلك بفؤوسهم ليقطعوا الأشجار الميتة ويكتبوا على أوراقها أحزانهم ويجففوا بها دموعهم وهنا يترك الشاعر مستمعيه حيارى في نهاية القصيدة مع الأسئلة المفتوحة وهذا أسلوب مبدع حين ينقل الصايغ حيرته إلى الآخرين بأسلوب غير مباشر وتزاوج فني مركّب بين التأمل والدهشة.

وفي فصل "الموت" يلفت محمد نور الدين إلى اقتران ذكر الموت بالمرأة في شعر الصايغ، كما في (قصيدة حب):
تمنيت لو كنت عطرك،
حتى أموت قليلا
تمنيت لو كنت شالك
حتى أعيش قتيلا
تمنيت لو كنت خط الحياة بكفك،
حتى أطولا.
وفي فصل "عوالم الشاعر" يقول المؤلف: "دأب الصايغ على تحويل نصه إلى عالم جديد مختلف، وهذا العالم ليس متاحاً إلا لمن يريد أن يولد من جديد، بلا تجربة سابقة ليتعرف على أبعاد عالمه أو لمن يريد أن يحلم بعالم جديد يستطيع استيعابه، مهما اختلفت فيه الثوابت التي لا يخطر بأذهان بعض المتلقين يوماً أن تتغير، ومن الصعب جداً أن نحوي كل عوالم الشعر في هذا الفصل المختصر كون كل قصيدة من قصائد الصايغ قد تحملك إلى عالم جديد، يختلف عن العوالم التي تطرق إليها سابقا، لذا أترك للقارئ الكريم لذة تذوق تجربة شاعرنا، من خلال أعماله الكاملة".
ويختم الكتاب، "إن هذه القراءة النقدية المختصرة ليست إلا دليلاً على بيان أهمية مرحلة مهمة من الشعر الإماراتي الحديث، ودليلاً على الإضافات المهمة التي قدمها حبيب الصايغ إلى الشعر العربي الحديث".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الإمارات

إقرأ أيضاً:

إصلاح الفهم حول مفهوم الإصلاح.. مشاتل التغيير (4)

يشهد العالم العربي والإسلامي منذ القرن التاسع عشر، على أقل تقدير، دعوات متواصلة إلى الإصلاح تحت شعارات متعددة نحو التجديد والإحياء والنهوض والتحديث والتغيير والتنوير، وقد أصبح الإصلاح وغيره من المصطلحات عنوانا لحركات مجتمعية ومشاريع فكرية عديدة، ظل أصحابها ينشدون الخروج بالمجتمعات العربية والإسلامية من وضع التخلف والانزواء إلى وضع التقدم والارتقاء.

كشف البحث عن قضايا الإصلاح بعمق ودقة الدكتور "محمد بريش" رحمه الله تعالى، فدقق مفهوم الإصلاح مبينا وعيه المفاهيمي بأهمية المسألة المصطلحية عموما وما أصابها من عصف وقصف من جهة كونها مدخل الإصلاح وأساسه وذروة سنامه، فاهتم بناء على ذلك بالنظر في عدد من المصطلحات تدقيقا وتأصيلا لمعانيها، ومن أهم هذه المصطلحات مصطلح الإصلاح، متطرقا الى شروط الإصلاح وأولوياته. كان ذلك في مقاله البديع "مفهوم الإصلاح أو نحو إصلاح لفهم المصطلح".

"الإصلاح" لغة مأخوذ من الجذر "صلح"، فالصاد واللام والحاء أصل واحد، يدل على خلاف الفساد. يقال: صَلُح (بضم اللام) وصَلَح (بفتح اللام) الشيءُ يَصْلَح ويَصْلُح صلاحا وصُلُوحا، لغتان؛ فالصلاح والصُلُوح بمعنى، وهو صالح وصليح، والجمع: صلحاء وصُلُوح. و"الصلاح" الحصول على الحالة المستقيمة النافعة، و"الإصلاح" جعل الشيء على تلك الحالة؛ فـ"الإصلاح" نقيض الفساد، وهو يدل على إزالة الفساد.

المصطلحات إذن تكتسب قوتها ومعانيها من الحقل الدلالي الذي تنبثق وتصدر عنه، وقد يكون هذا السياق حقلا معرفيا كما قد يكون سياقا ثقافيا أو حضاريا أو اجتماعيا
و"الاستصلاح" نقيض الاستفساد، وأصلحه نقيض أفسده، وقد أصلح الشيء بعد فساده: أقامه، و"مصلح" اسم فاعل من أصلح. يقال: رجل صالح في نفسه، ومصلح في أعماله. ويغلب استخدام "الإصلاح" في إصلاح ذات البين؛ يقال: أصلح بينهما، أو ذات بينهما: أزال ما بينهما من عداوة ووحشة. وإصلاح ذات البين يكون برأب ما تصدع منها، وإزالة الفساد الذي دبَّ إليها بسبب الخصام والتنازع على أمر من أمور الدنيا. و"الإصلاح" اصطلاحا؛ شمولا وتكاملا له تعريفات عديدة؛ فعُرِّف بأنه: إزالة الخلل والفساد الطارئ على الشيء، وعُرَّف أيضا بأنه: إرجاع الشيء إلى حالة اعتداله، بإزالة ما طرأ عليه من الفساد. وكل التعريفات الاصطلاحية لـ"الإصلاح" تدور حول معنى إزالة الفساد الذي يطرأ الشيء، وإعادته إلى ما كان عليه من الصلاح والاعتدال والنفع.

في مقال قيم كان عنوانه "مفاهيم ومفردات في منهج الإصلاح المنشود" للمفكر المغربي القدير الأستاذ "محمد يتيم"؛ "لا مشاحة في المصطلح" ليست قاعدة مطلقة؛ هكذا كان يقول علماء المسلمين، لكنهم كانوا يقرونه أيضا بوجود ما يسمى "اللفظ المشترك"، وهو اللفظ الواحد الذي يستخدم للدلالة على معانٍ متعددة بتعدد السياقات التي يتم استخدامه فيها. وهو نفس المعنى الذي قرره علماء اللغة المعاصرون وهم يتحدثون عما سموها "حركيّة الدليل اللغوي"، أي قابليته للاستعمال للدلالة على مدلولات متعددة بتعدد سياقات استخدامه.

ولذلك فقاعدة "لا مشاحة في المصطلح" تنطبق على المصطلحات المتعددة التي تشير إلى شيء واحد ومعنى واحد، ولا تعني أن المصطلح غير متحرك، أو حمّال لأوجه، أو أنه غير قابل للتأويل، وأنه يحتمل أكثر من دلالة. فالمصطلحات إذن تكتسب قوتها ومعانيها من الحقل الدلالي الذي تنبثق وتصدر عنه، وقد يكون هذا السياق حقلا معرفيا كما قد يكون سياقا ثقافيا أو حضاريا أو اجتماعيا.

هذه المقدمة تصلح لتناول مفهوم "الإصلاح" بحمولاته المختلفة انطلاقا من المرجعية الإسلامية، وتمييزه عن مفهوم الإصلاح كما يُستخدم اليوم في القاموس السياسي السائد، ولذلك فإن المشاحة لازمة في مصطلح "الإصلاح".

مفهوم "الإصلاح" بحمولاته المختلفة انطلاقا من المرجعية الإسلامية، وتمييزه عن مفهوم الإصلاح كما يُستخدم اليوم في القاموس السياسي السائد، ولذلك فإن المشاحة لازمة في مصطلح "الإصلاح"
وتعريف الإصلاح يحمل طابعا قدحيا في قاموس اليسار الجذري، وهو في هذه الحالة ليس سوى محاولة "ترقيعية" وتجميلية لصورة الأنظمة الاستبدادية وإضفاء للشرعية عليها، ومن ثم فإن الطريق الأسلم بالنسبة إليه هو الدعوة إلى تغيير كامل وجذري قواعد اللعبة من أساسها، والدعوة إلى تغيير جوهري في بنية السلطة والمجتمع برمته وعلى حد سواء.

المصطلحات إذا على حد ما عبر عنه المفكر المغربي ليست بريئة وينبغي -على العكس من ذلك- الوقوف عند حمولتها الفكرية والثقافية وخلفيتها القيمية وتفكيكها، وحيث إنه في حالة الحركات التي تستلهم المرجعية الإسلامية يجب تحرير هذا المصطلح من حمولات أخرى ناتجة عن التأثر بمناهج في التغيير لها مرجعيات أخرى؛ فمن اللازم العودة إلى تحرير مفهوم الإصلاح في ظل المرجعية الإسلامية وبعده الثقافي والحضاري الأصيل.

ومن ثم، فإن ارتباط مفهوم الإصلاح بمعانيه التدرجية الجزئية؛ وبمعانيه الترقيعية التجميلية؛ أو الإصلاحات الجزئية من داخل منظومة السلطة والنظام والعمل تحت سقف النظام وحدوده وأشكاله، ومن ثم وضع مفهوم الإصلاح في قبالة مفهوم الثورة التي تعني عملا جذريا قد يحمل بعض من الأشكال العنفية؛ إنما يُعد تعسفا نتج من استقرار تلك المفاهيم في معانيها الغربية. استُهدفت الإصلاحية بسرعة من قبل الاشتراكيين الثوريين مع إدانة روزا لوكسمبورغ للاشتراكية التطورية لبرنشتاين في مقالتها "الإصلاح أم الثورة"؟ والأمر الصواب في هذا المقام يجعل من الإصلاح مفهوما شاملا وغائيا مقاصديا؛ كما سنرى هذا المفهوم للإصلاح بشموله ومعنى المسئولية فيه وتعدد مستوياته وأشكاله، فالإصلاح يشتمل على أشكال عدة ومنها الثوري والتدريجي كل بحسبه، ولم يكن أبدا ترقيعيا أو تجميليا.

وعلى الرغم مما يبدو من فرض القضية والعنوان والمجالات ومناهج الرؤية والعمل الخاصة بمسألة "الإصلاح" فرضا أمريكيّا صريحا، تسنده وتسانده الحضارة الغربية وفق سياقات فرض مفاهيم مركزيتها الغربية، فإن المنظور الحضاري الأصيل المصرّ على الاحتفاظ بوعيه الذاتي يرى أن الأمر ليس كذلك بالضرورة، وليس حديثُ "الإصلاح" من منطلق التجدد الحضاري الذاتي، يمثل استجابة أو ردّ فعلٍ على الطروحات الأمريكية والغربية، إنما هو خط متصل، وهمُّ ممتد متأصّل واقع بين إرادة الأمة الواعية واستطاعتها المتغيرة (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت). وما الطرح الأمريكي أو غيره -ساعتها- إلا كالمناسبة أو المجال أو الظرف الرافع للصوت الذاتي، الدافع لكشف الزيف، وبيان الإصلاح الصالح الحق من ألوان الإصلاح الأخرى؛ المعكوس الفاسد، الضال، المخروق، الملبّس، الكاذب.. إلخ.

إعادة الاعتبار لمفهوم الإصلاح عبر بعدين متلازمين ارتبطا بخطاب الإصلاح الخارجي المنطلق من مكنون فلسفته واعتباراته؛ الأول المفهوم الغربي للإصلاح، الذي قد يشوش على مفاهيم ترد في المرجعية التأسيسية مفهوم قد يشوش على الفهم الإسلامي لمفهوم الإصلاح، فنحن لا نأخذ الإصلاح باعتباره "إعادة التشكيل" (reform)، وهو مع التأمل يتلاءم مع أهداف الحضارة الغربية، فالإصلاح الذي نقصده ونسعى إليه يتكون من عمليات تجديدية بأفكار نهضوية وإمكانات وقدرات فاعلية (ارتباط الاصلاح بمفهوم التجديد والإحياء). ومن هنا، إن التباس الترجمة التي تحيزت للفهم الغربي طاردت الدلالة الأصلية لاصطلاح الإصلاح، وأزاحت لغويا المفهوم الأصلي لغة واصطلاحا؛ قرآنا وسنة.

مراعاة هذا المفهوم المتعلق بالإصلاح في سياقات الاهتمام بمشاتل التغيير؛ ضمن هذه الإشارات والتنبيهات، والتعرف من هذا المنطلق؛ منطلق ذاتية الإصلاح مفهوما وتصورا، وعملية أصلية وعملياتٍ متنوعة، ومقاصدَ ووسائل، وقوانين وسُننا، وتاريخا وواقعا ومآلات
أما الثاني فيتعلق بمفهوم الإصلاح المرتبط بالخارج في الخطابات الأخيرة أكثر من ارتباطه بالداخل، وصارت العلاقة بين الداخل والخارج من هذه الزاوية مثار مشاكل إلى الدرجة التي جعلت البعض يرى أن الإصلاح فقط هو الذي يأتي من الخارج، ولكن نحن نؤكد على داخلية الإصلاح، وإمكاناته وقدراته. أما الخارج فهو ضمن الوسط للإصلاح سواء مباشرا أو منداحا (من دوائر الفرد إلى الدائرة النهائية إنسان الإنسانية- النهضة على غير الطريقة الأوروبية)، فشكل ذلك مقدمات الاستتباع الخطيرة.

إن مراعاة هذا المفهوم المتعلق بالإصلاح في سياقات الاهتمام بمشاتل التغيير؛ ضمن هذه الإشارات والتنبيهات، والتعرف من هذا المنطلق؛ منطلق ذاتية الإصلاح مفهوما وتصورا، وعملية أصلية وعملياتٍ متنوعة، ومقاصدَ ووسائل، وقوانين وسُننا، وتاريخا وواقعا ومآلات.. ذاتية المنطلق المعرفي (العقدي) والإرادي (الوجهة) والمنهجي (الصراط المستقيم).. ومن باب مناسبة الحال ومقتضياتها تمضي الأمة العربية والإسلامية في كشف حالة التحول الموّار والتغيرات الحادة التي تمر بها الأمة الإسلامية كُلّا وأجزاء عبر هذه اللحظة، تحت شارات "الإصلاح" باختلاف مفاهيمه وتصوراته، ومقاصده ومجالاته، ودوافعه ومنطلقاته.

التفكير في الإصلاح، الذي صوّره العقل القرآني وعيا وتدبرا، شكّل مقاربة متجددة لسؤالين متلازمين؛ أولهما: كيف يكون فهمنا للإصلاح في القرآن المجيد فهما منهجيا؟ أما الثاني كيف نطبق الإصلاح الذي جاء به القرآن على الأمة في كل زمان وفي كل مكان وفي كل مجتمع من مجتمعات الخلق والأنام على مر القرون والأيام؟ إن الوعي النقدي بالعوائق التي اعترضت وتعترض دائما الإصلاح، يشي بضرورة بناء وعي نقدي سليم لا ينبغي معه أن يسقط المصلح ومخاطبوه في مهاوي القنوط واليأس من إمكانية تحقيق الإصلاح. فهو دائما موجود ومتحقق بقدر حرصنا على اكتساب أسبابه سننا ومقاصد، وعيا وسعيا، وأفق تفكير في الإصلاح وعملياته الانفتاح والأمل والثقة في المستقبل. ولعل ذلك يستحق بيانا في مقال آخر.

x.com/Saif_abdelfatah

مقالات مشابهة

  • اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ينعى الشاعر عبدالاله القدسي
  • لأول مرة في مصر والشرق الأوسط " كونتكت ناو" تطلق نظام " مايسترو".. اختر نسبة الفائدة التي تناسبك
  • لأول مرة في مصر والشرق الأوسط كونتكت ناو تطلق نظام مايسترو .. اختر نسبة الفائدة التي تناسبك
  • لأول مرة.. «كونتكت ناو» تطلق نظام «مايسترو» اختر نسبة الفائدة التي تناسبك
  • كونتكت ناو تطلق نظام مايسترو.. اختر نسبة الفائدة التي تناسبك
  • إصلاح الفهم حول مفهوم الإصلاح.. مشاتل التغيير (4)
  • الكاتب محمد قراطاس: الشعر أكثر كرمًا وإيثارًا من جميع أنواع الكتابات الأدبية
  • البريكي: وقلـتُ لـهُ: يا نيلُ، مصرُ صباحُها معي قهوةٌ أخرى بشعري مزعفَرَة
  • شاهد بالفيديو.. جموع غفيرة خرجت في استقباله.. قائد درع الشمال يخاطب آلاف المواطنين بمحلية الفاو والجمهور: (كيكل حبيب الشعب)
  • "رمضان أحلى كتير مع بسبوسة".. محمد فراج يهنئ زوجته بسنت شوقي لمشاركتها في مسلسل "وتقابل حبيب"