تحذيرات من تفاقم التحرش الجنسي في العراق ومخاوف تجبر ضحاياه على الصمت- عاجل
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
بغداد اليوم- متابعة
لا يمكن للكلمات أن تصف شعور الإنسان الذي يقع ضحية للتحرش الجنسي، ولا تتوفر الكثير من المعلومات أو حتى الإحصاءات حول مدى انتشار هذه الظاهرة وخطورتها، خاصة في الدول التي يعتبر التطرق فيها لمثل هذه القضايا أمرا في غاية الحساسية.
ففي العراق، يسلط ما تتناقله وسائل الإعلام الرسمية، الضوء على حالات الابتزاز بصورة عامة، وتنقل عن لسان مسؤولين، الحملات التي تنفذها السلطات للقضاء على التحرش، دون أن تكون هناك صورة واضحة لحجم المعاناة التي يعيشها الضحايا.
تحرش جنسي تعرضت له اللاعبة هبة محمد (22 عاما) جعلها تصمت طويلاً، قبل أن تكسر حاجز الخوف وترفض بشدة المساومة على جسدها، مقابل أن تحظى بفرصة المشاركة في إحدى المنافسات الرياضية خارج العراق.
وطالما رغبت الشابة محمد في أن تحقق حلمها بأن تصبح إحدى بطلات العراق في ألعاب القوى، لكن ما واجهته من تحرش و"مساومة جنسية"، حطم آمالها بالوصول إلى مبتغاها.
وتقول محمد إن "العادات والتقاليد والأعراف المجتمعية ورفض الأسرة"، من أهم العوامل التي كانت تعيق بدء مشوارها ومواصلة تدريباتها بغية الاحتراف.
وبعد جهود طويلة لإقناع عائلتها بإكمال مسيرتها، وقعت الشابة في شباك التحرش الجنسي، ومحاولات لإقناعها بالموافقة على "إشباع الرغبات" مقابل سفرها إلى خارج العراق للمشاركة في بطولة دولية.
لم تتوقع محمد أن يصل الحال إلى هذا "المستوى من تدني الأخلاق" في الوسط الرياضي، كما تقول، معربة عن خيبة أمل كبيرة بعد أن صُدمت بهذا الواقع المؤلم.
المرصد العراقي لحقوق الإنسان حذر في عام 2022، من تزايد حالات التحرش الجنسي واللفظي في كثير من المنشآت الحكومية والخاصة، بما في ذلك المنازل، وفق شهادات لضحايا وشهود عيان.
المرصد استمع للشهادات الشخصية وأجرى مقابلات عديدة، تحدثت خلالها نساء وكذلك رجال عن تفاصيل حوادث تحرش وقعت في مستشفيات وجامعات ومدارس ودوائر حكومية وأخرى خاصة، وكذلك في وسائل إعلام.
وطلب المتحدثون جميعهم عدم ذكر أسمائهم أو كشف معلومات تقود إلى التعرف عليهم أو على مرتكبي حالات التحرش، خشية "الوصمة المجتمعية" والملاحقات العشائرية.
"كبت وشهوات وتربية خاطئة"
تعزو الباحثة الاجتماعية، ندى العابدي، أسباب انتشار حالات التحرش الجنسي، إلى "الكبت المتزايد في مجتمعاتنا الشرقية، والنظرة الدونية للمرأة من قبل الرجل، التي يكتسبها خلال تربيته وسط الذكورية الطاغية في المجتمع".
وأشارت كذلك إلى ما اعتبرتها "الصورة النمطية الخاطئة للمرأة، التي تقول إن مكانها في البيت، وأنها ليست سوى وسيلة للمتعة وإفراغ الشهوات، وتلبية رغبات الرجل والإنجاب" على حد تعبيرها.
وأضافت أن "الفصل بين الجنسين وتفضيل الذكر عن الأنثى، كان نتيجة التربية الخاطئة في المجتمعات الفقيرة، وتلك التي أرهقتها الحروب والأزمات السياسية والاقتصادية، التي شوهت صورة ومكانة المرأة في المجتمع العراقي".
وشددت الباحثة الاجتماعية ندى العابدي، على ضرورة "تغيير هذه المفاهيم، من خلال التوعية، وتطبيق حزمة إجراءات، وتفعيل القانون، لتعزيز مكانة المرأة وتغيير الصورة النمطية غير المنصفة لها في المجتمعات الشرقية".
اللاعبة محمد التي تعرضت لتحرش جنسي، اعتبرت أن من أهم أسباب استمرار هذه الظاهرة هو "عدم خوف الرجل من الردع عندما يقدم على التحرش، خاصة أنه على يقين بأن المرأة لا تتمكن من البوح بتعرضها لمضايقات ومساومات جنسية"، فيبقى الصمت "وسيلتها الوحيدة وسط نظرة المجتمع، التي غالباً تلقي اللوم على المرأة فيما يفلت الجاني من العقاب".
تحرش جنسي في الوسط الرياضي
أكد الخبير الرياضي غزوان العبادي، تراجع الرياضة النسوية الجماعية في العراق، مثل كرة القدم وألعاب أخرى، واقتصار مشاركة النساء على ألعاب فردية، "بسبب تزايد حالات الابتزاز الجنسي" التي تتعرض لها النساء في الوسط الرياضي، وما تخلفه من تبعات تجعل المرأة تتجنب الدخول في هذا المجال.
الإشكالية الأساسية، حسب العبادي، هي "إثبات حالات التحرش، لعدم تمكن النساء من تسجيل شكاوى أو دعاوى رسمية، لأسباب تتعلق بطبيعة المجتمع العشائري، خشية الفضيحة، مما يعيق تطبيق القانون لمحاسبة المبتزين".
وطالب العبادي بـ"تفعيل الدور الرقابي للجهات المعنية، عبر تشكيل لجان مختصة سرية تتيح لضحايا الابتزاز والتحرش تقديم شكاوى في طي الكتمان، لا تكشف عن هوية المرأة وتجنب وقوعها ضحية للتشهير"، مبيناً أن هذا الإجراء "سيحد من جرائم الابتزاز والتحرش"، بعد انتشارها مؤخراً بشكل كبير.
العبادي دعا أيضا إلى إبراز "أهمية توعية وتثقيف العنصر النسوي، بضرورة عدم الرضوخ للمبتز وتقديم شكوى لوزارة الداخلية، التي لديها أقسام مختصة تتابع هذه الحالات وتعمل على مكافحتها".
"تثقيف" وإجراءات "أكثر ردعا"
ويحذر الخبير الرياضي العبادي، من تبعات أخرى للتحرش الجنسي، معتبر أن عدم الحد من هذه الظاهرة "سيحجم دور الرياضة النسوية في العراق، بسبب خوف أولياء الأمور من زج بناتهم في هذا المجال وتعرضهن للابتزاز أو التشهير"، داعياً الجهات المعنية إلى "اتخاذ إجراءات فاعلة، وتطبيق رقابة صارمة، توفر من خلالها الأجواء المناسبة للنهوض بالرياضة النسوية العراقية إلى مستويات متقدمة".
أما أستاذ علم النفس، أحمد الذهبي، فقد طالب من جهته بـ"ضرورة العمل الجدي" لوضع معالجات حقيقية تهدف إلى "تثقيف المجتمع بمكانة المرأة".
وأشار الذهبي إلى أن التحرش الجنسي، له "آثار نفسية خطيرة، قد تدفع بعض الضحايا إلى الانتحار، ويؤدي إلى اضطرابات نفسية سلوكية، يصعب على الضحية التخلص منها".
ودعا الذهبي إلى "تفعيل القوانين" لحماية المرأة من التحرش والابتزاز، وفرض عقوبات رادعة بحق المتورطين، للحد من هذه الظاهرة والقضاء عليها تدريجيا.
المصدر : الحرة
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: التحرش الجنسی حالات التحرش هذه الظاهرة فی المجتمع فی العراق
إقرأ أيضاً:
مستشارة شيخ الأزهر: مؤتمر الحوار الإسلامي خطوة نحو توحيد الأمة
أكدت مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين الدكتورة نهلة الصعيدي، أن أهمية مؤتمر الحوار الإسلامي- الإسلامي تأتي من جوهره، حيث يهدف إلى توحيد الأمة الإسلامية ولمّ شتاتها، مشيرة إلى أن هذا الموضوع يحظى بأهمية قصوى في ظل الأوضاع الراهنة، حيث باتت الأمة تعيش في عالم مليء بالصراعات والحروب التي لم تجرّ عليها سوى الدمار والهلاك والخراب.
وشددت نهلة الصعيدي- في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم، الخميس، على أنه لم يعد هناك خيار أمام المسلمين سوى الحوار الإسلامي الإسلامي، داعية إلى إدراك أن مصير الأمة مشترك، وأنه لا يمكن لأي طرف أن يظن أنه بعيد عن الأزمات التي يعاني منها غيره، فكل جزء من العالم الإسلامي مرتبط بالآخر.
وأشادت بعنوان المؤتمر الذي يعكس فكرة الوحدة والاشتراك في المصير، مؤكدة أن المؤتمر جمع علماء ومفكرين من مختلف أنحاء العالم، وجميعهم لديهم الإرادة الصادقة لتغيير واقع الأمة نحو الأفضل.
وأوضحت أن المؤتمر يكتسب أهمية إضافية من رعاية ملك البحرين حمد بن عيسى وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، معتبرة أن هذه الرعاية تضفي على الحدث ثقلًا كبيرًا وتؤكد أن المؤسسات الكبرى في العالم الإسلامي تدرك خطورة المرحلة وتبذل جهودًا حقيقية لإيجاد حلول فاعلة.
وأشارت إلى ضرورة أن يتم وضع آليات لخطوات عملية على أرض الواقع، من خلال متابعة تنفيذ التوصيات التي ستصدر عن المؤتمر.
كما أثنت مستشار شيخ الأزهر على دعوة الدكتور أحمد الطيب إلى وضع "ميثاق" يكون بمثابة دستور لوحدة الصف الإسلامي، معتبرة أن هذا الميثاق يجب أن يكون مساحة مفتوحة لتجاوز الخلافات الفرعية والتركيز على القواسم المشتركة، مشددة على أن المطلوب من المؤتمرات ليس مجرد التوعية، بل اتخاذ قرارات فعلية من شأنها تحقيق الوحدة والتعاون بين المسلمين.
في سياق آخر.. أكدت الدكتورة نهلة الصعيدي أن المرأة هي المجتمع بأسره، لأنها لا تقتصر على كونها نصفه، بل هي التي تصنع النصف الآخر وتربي الأجيال القادمة.
وأوضحت أن دور المرأة قد غُيب لسنوات طويلة، مما أثر سلبًا على بنية المجتمع وجعله يعاني من اختلالات تربوية وفكرية.
وأضافت أن تغييب دور المرأة تسبب في إفقادها الوعي الحقيقي بمكانتها وأهميتها في بناء الأمة، مشيرة إلى أن بعض المفاهيم الحديثة، مثل "التمكين" و"المساواة"، قد تم استغلالها بشكل غير صحيح، مما جعل المرأة تنشغل بأمور جانبية وتبتعد عن دورها الرئيسي في صناعة الأجيال.
ولفتت إلى أن المرأة تتحمل ضغوطًا نفسية كبيرة نتيجة الجمع بين مسؤولياتها الأسرية والمهنية، وهو ما يتطلب دعمًا حقيقيًا لها حتى تتمكن من تحقيق التوازن بين مختلف أدوارها، مؤكدة أن المجتمع مسؤول عن دعم المرأة وتمكينها بطريقة صحيحة، بحيث لا يكون ذلك على حساب أسرتها أو تربية أبنائها.
كما أشارت إلى أن المرأة كان لها إسهامات متعددة عبر التاريخ الإسلامي، ليس فقط على المستوى الأسري، بل أيضًا في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدينية، حيث تربّى على يدها كبار العلماء والمفكرين الذين أسهموا في نهضة الأمة.
واختتمت حديثها بالتأكيد، أن إعادة الاعتبار لدور المرأة في المجتمع سيسهم بشكل كبير في تحقيق النهضة الإسلامية وترسيخ ثقافة الحوار والتفاهم بين أبناء الأمة.
اقرأ أيضاًشيخ الأزهر: موضوع التقريب بين أبناء الأمة شغل العلماء ردحا من الدهر
حاكم «ولاية بورنو النيجيرية» يشيد بدور شيخ الأزهر في ترسيخ قيم التعايش بين الشعوب
لماذا خلق الله بعضنا فقراء وآخرون أغنياء؟.. الأطفال يسألون شيخ الأزهر بمعرض الكتاب