كثّفت القاهرة اتصالاتها الرامية إلى «منع التصعيد»، محذِّرةً من جَرّ منطقة الشرق الأوسط إلى «منعطف خطير»، إثر ما وصفته بـ«تصرّفات أحادية غير مسؤولة»، وعقد وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، خلال زيارته الحالية لواشنطن، لقاءات مع عدد من المبعوثين الأميركيين للسودان وليبيا واليمن ولبنان، شدّد خلالها على رفض التدخلات الخارجية في السودان، ودعا إلى خروج القوات الأجنبية من ليبيا.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير تميم خلاف، في إفادة رسمية، إن عبد العاطي أكّد خلال لقائه، مساء الجمعة، والمبعوث الأميركي للسودان، توم بيريلو، على «محدّدات موقف بلاده تجاه السودان الذي يرتكز على دعم مؤسسات الدولة»، مشدداً على «حرص القاهرة على وحدة السودان وسلامته الإقليمية، ورفض التدخلات الخارجية».

واستعرض وزير الخارجية المصري «جهود بلاده لحل الأزمة، ولا سيما استضافتها لقمة دول جوار السودان في يوليو (تموز) 2023، ومؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية في يوليو من العام الحالي، إضافةً إلى مشاركة القاهرة الفعّالة في مباحثات جنيف أخيراً».

وأشار عبد العاطي إلى «استمرار مصر في فتح أبوابها أمام السودانيين الفارّين من ويلات الحرب»، مؤكداً «أهمية قيام جميع المانحين الدوليين بالاضطلاع بتعهّداتهم تجاه دول الجوار السوداني المستقبِلة للاجئين». كما شدّد على «تكثيف بلاده جهودها لتذليل الصعوبات أمام انتقال شاحنات المساعدات عبر المعابر التي تربطها بالسودان».

عبد العاطي أثناء لقائه مع المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكشتاين (الخارجية المصرية)

وعقد وزير الخارجية المصري لقاءً آخر، الجمعة، مع المبعوث الأميركي للبنان، آموس هوكشتاين، أكّد خلاله «الأهمية القصوى لمواصلة الجهود لاحتواء التصعيد في جنوب لبنان، وتجنّب الانزلاق لسيناريو الحرب الإقليمية الشاملة»، حسب إفادة متحدث «الخارجية المصرية».

وأشار عبد العاطي إلى «جهود مصر الحثيثة للتهدئة في المنطقة بوجه عام، وجنوب لبنان على الأخص». واستعرض «مجمل الاتصالات المكثّفة التي تقوم بها القاهرة مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية بهدف وقف التصعيد»، مشيراً إلى «أهمية مواصلة الجهود المشتركة من أجل التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701، للحفاظ على أمن واستقرار الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، ولضمان عدم انتهاك السيادة اللبنانية».

وحذّر وزير الخارجية المصري «من التطورات الخطيرة والمتسارعة التي يشهدها لبنان على مدى الأيام القليلة الماضية، ما يُعدّ مؤشراً واضحاً على أن المنطقة بصدد منعطف خطير، جرّاء تصرفات أحادية غير مسؤولة، ستؤدي إلى تبعات تُلقي بظلالها على استقرار المنطقة بأسرها».

وسبق وحذّرت مصر مراراً من مخاطر توسيع رقعة الصراع في المنطقة، وسط اتصالات مكثّفة مع الأطراف المعنية بما في ذلك لبنان وإيران لاحتواء الوضع.

الوزير عبد العاطي يلتقي المبعوث الأميركي إلى ليبيا (الخارجية المصرية)

وفي لقائه مع المبعوث الأميركي لليبيا، ريتشارد نورلاند، أكّد عبد العاطي أن «مصر تُواصل اتصالاتها المكثّفة مع الأطراف المعنية كافةً، بهدف الإسهام في تحريك الأزمة الليبية نحو حل مستدام»، مشدّداً على «دعم مسار الحل الليبي – الليبي، واحترام دور المؤسسات الوطنية، وصولاً إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن، على نحو يخدم جهود التوصل لحل للأزمة بملكية وقيادة ليبية خالصة».

وجدّد وزير الخارجية المصري التأكيد على «أهمية احترام مرجعية اتفاق الصخيرات»، مشيراً إلى «ضرورة العمل على إنهاء جميع مظاهر الوجود الأجنبي في ليبيا، وخروج جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا في مدى زمني محدّد، بما يحفظ وحدة واستقرار وسيادة ليبيا، ويُنهي حالة الانقسام، ويكفل صون مقدّرات شعبها، ويُوقف جميع مظاهر التدخلات الخارجية».

وعقد عبد العاطي لقاءً آخر مع المبعوث الأميركي لليمن، تيم ليندركينغ، أكّد خلاله «تأييد مصر لكل الجهود الرامية إلى التوصل لحل سياسي شامل للأزمة اليمنية، وفقاً للمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216، وبما يلبّي طموحات الشعب اليمني، ويُنهي معاناته الإنسانية».

وشدّد وزير الخارجية المصري على «دعم بلاده الراسخ لوحدة الدولة اليمنية واستقلالها وسلامة أراضيها، ولشرعية اليمن واستقلال مؤسساته»، منوهاً بـ«ما يمثّله أمن واستقرار اليمن، وكذا ملف البحر الأحمر وسلامة الملاحة البحرية فيه، من أولوية متقدمة للأمن القومي المصري، وأمن المنطقة العربية، ومنطقة البحر الأحمر»، وأكّد «رفض مصر لأن تكون الأزمة اليمنية مدخلاً لانخراط دول غير مشاطئة للبحر الأحمر في الترتيبات الأمنية المرتبطة به»، موضحاً «الارتباط المباشر بين أمن البحر الأحمر والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي».

وتصاعدت التوترات بمنطقة البحر الأحمر، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية السفنَ المارّة بالممرّ الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة». ودفعت تلك الهجمات شركات شحن عالمية لتغيير مسارها متجنّبة المرورَ في البحر الأحمر، ما كان له تداعيات على الاقتصاد، وحركة التجارة العالمية، وتَسبّب في تراجع عائدات قناة السويس المصرية.

وزير الخارجية خلال لقائه مع المبعوث الأميركي للسودان (الخارجية المصرية)

وعَدّ مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، لقاءات عبد العاطي في واشنطن «جزءاً من الحوار الاستراتيجي المصري – الأميركي، لا سيما وأن الولايات المتحدة قوة عظمى لها تأثير على الساحة العالمية، بينما لا يمكن تجاهُل دور القاهرة في المنطقة».

وقال بيومي لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه اللقاءات تستهدف في المقام الأول، عرضَ وجهة النظر المصرية من القضايا المختلفة، ومحاولة الوصول إلى وجهات نظر مشتركة بشأن حلها».

واتفق معه مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الزيارة مهمة لشرح وجهة النظر المصرية في القضايا الإقليمية، والتأكيد على أهمية الاستقرار في المنطقة، لا سيما وأن التطورات الأخيرة تهدّد عملية السلام». وأضاف بُعداً آخر للزيارة، يتعلق بالعلاقات الثنائية، و«التعارف، لا سيما وأن الوزير عبد العاطي تولى حقيبة (الخارجية) منذ فترة قصيرة، ومن المهم أن يعقد لقاءات مع المسؤولين الأميركيين للحديث عن أوجه التعاون المشترك».


Source link مرتبط

المصدر: الميدان اليمني

كلمات دلالية: د وزیر الخارجیة المصری مع المبعوث الأمیرکی الخارجیة المصریة البحر الأحمر فی المنطقة عبد العاطی لا سیما

إقرأ أيضاً:

أيمن محسب: مصر حذرت مرارا من عواقب التصعيد الإسرائيلي بالمنطقة

أدان الدكتور أيمن محسب، وكيل لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب، التصعيد العسكري الإسرائيلي العسكري في الشرق الأوسط، من خلال قصف مناطق في الأراضي اللبنانية، متجاهلة التحذيرات الدولية والإقليمية من خطورة التصعيد العسكري، الأمر الذي يؤدي إلى تهديد السلم والأمن الدوليين ليس في المنطقة فحسب، ولكن في العالم كله، وهو ما حذرت منه مصر مرارا وتكرارا، مشددا على ضرورة العمل على تجنب اتساع نطاق الصراع في المنطقة نتيجة استمرار الممارسات والسياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

تكاتف الجهود الدولية والإقليمية

ودعا «محسب»، في بيان له، إلى ضرورة تكاتف الجهود الدولية والإقليمية من أجل خفض حدة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، والعمل على إقرار التهدئة واحتواء التصعيد، ووقف نزيف الخسائر التي تتكبدها ليس فقط الدول المتحاربة، ولكن أيضا دول المنطقة نتيجة هذه التوترات والتصعيد العسكري، مشددا على ضرورة الحفاظ على أمن لبنان واستقراره والحفاظ على سيادته من أي تدخلات خارجية، والتصدي لأية محاولات لتصعيد الصراع وتوسعة نطاقه إقليميا، وأن تتحلى كافة الأطراف بالمسؤولية.

إنهاء الصراع في المنطقة

وأكد وكيل لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب، ضرورة انصياع إسرائيل لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، لإنهاء الصراع والأزمة الإنسانية التي يعيشها سكان قطاع غزة والسماح بنفاذ المساعدات الإنسانية بالكميات التي تسمح بتخفيف هذه المعاناة، فضلا عن بدء مسار سياسي جديد لإيجاد حل جذري للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، من خلال تنفيذ حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود الرابع من يونيو 1967.

وأوضح أن التطورات الخطيرة والمتسارعة التي تشهدها جنوب لبنان تعد مؤشرا واضحاً على أن المنطقة بصدد منعطف خطير جراء تصرفات أحادية غير مسؤولة ومتهورة ومن الجانب الإسرائيلي، وإذا لم يتم التصدي لها بشكل جاد وسريع ستؤدي إلى تبعات ستلقي بظلالها على استقرار المنطقة والعالم بأسره، مشددا على ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وسرعة التوصل إلى اتفاق يضمن إطلاق سراح المحتجزين والنفاذ الكامل وغير المشروط للمساعدات الإنسانية والطبية للقطاع من أجل استعادة الاستقرار والهدوء للمنطقة.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية: التصعيد في المنطقة يرتبط بشكل أساسي بالقضية الفلسطينية
  • أيمن محسب: مصر حذرت مرارا من عواقب التصعيد الإسرائيلي بالمنطقة
  • وزير الخارجية: الجهد المصري مع قطر والولايات المتحدة لن يتوقف ونعمل على حقن دماء الفلسطينيين
  • وزير الخارجية المصري: القاهرة حريصة على تحقيق الاستقرار في الصومال من خلال دعم مؤسسات الدولة المركزية
  • وزير الخارجية يؤكد ضرورة احتواء التصعيد في جنوب لبنان وتجنب الانزلاق لحرب شاملة
  • بلينكن يحذر من التصعيد بالمنطقة وأوستن يؤجل زيارة إسرائيل
  • وزير الخارجية الأمريكي: واشنطن وباريس تدعوان إلى خفض التصعيد في الشرق الأوسط
  • مساعد وزير الخارجية الأسبق: لقاء بلينكن مع السيسي يهدف إلى وقف التصعيد بالمنطقة
  • وزير الخارجية المصري يؤكد رفض القاهرة للوجود الإسرائيلي في معبر رفح