من التطرف للإلحاد.. كيف رسم شيوخ الوسطية في مصر طريق العودة إلى الله؟
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
من هو الله وأين؟ هل يرانا؟ وكيف نحُن لا نراه أو نسمعه؟ لماذا لم يوقف الله الحروب والمجاعات؟ كيف يرى جميع المخلوقات بكل مكان في آن واحد؟ ربما هذه الأسئلة طرأت على عقلك منذ الصغِر، فلا يمكن أن تتقبل من والديك نصيحة بالصلاة أو ذكر الله إلا وتساءلت عن وجوده من الأساس، وإما أن تُقنعك إجابتهما، أو تظل الأفكار تراودك حتى تصل أنت لإجابات.
أحيانا تكون الإرادة وحدها كافية للإيمان بالله عز وجل، وأحيانا نحتاج إلى من هو أكثر منا علما، يقدم لنا الحقائق المنطقية كي نقوي بها العلاقة مع الله، فبين الحين والآخر تظهر فئة تنكر الخالق، متسائلين عن الأدلة، كافرين بعلوم الدين، غير مصدقين بالرُسل ليقعوا في ظلام الإلحاد، وهنا يأتي دور شيوخ الوسطية الذين يحب الشعب المصري الاستماع لهم دائما.
ومن جانبها، أطلقت «الوطن» حملة الهوية الدينية المصرية.. الطريق إلى الله، ونقدم في التقرير التالي، كيف حارب الشيوخ الإلحاد بالفكر والعلم والاستناد على الحُجة والبرهان؛ فالدين بحسب الشيخ خالد الجندي، هو الوسطية بين تشدد التكفيرين وتطرف الإلحاد.
الحُجة بالحُجة والفِكر بالفكِر، فليس من الصواب أن يحدثك أحدهم بالعقل وترد عليه بقول الله وقول الرسول، أو تبرهن له الأمر بسرد حكايات من المعجزات الإلهية التي يكفُر بها من الأساس، وهذا هو ما اتبعه قديمًا علماء الدين ومنهم الشيخ محمد متولي الشعراوي، وسار على نهجه شيوخ العصر؛ للرد على الملحدين، ورسم طريق العودة لله عز وجل.
متى بدأ الإلحاد؟وقال الشيخ أسامة الأزهري، أن الإلحاد بدأ بعد قرنين من الهجرة النبوية على يد «ابن الروندي» ومر بأطوار مختلفة، مشيرا إلى أن الإلحاد من الأساس يرد إلى 3 أصول معرفية؛ الفيزياء الكونية (الكوزمولوجي)، والبيولوجي (الدارونية والدارونية الحديثة)، وفلسفة الوعي والذكاء.
وأشار الأزهري في تصريحات تليفزيونية إلى أن الإلحاد ليس نوعًا أو تيارا واحدا، فهناك الملحد المطلق الذي لا يعترف بوجود إله، ثم يأتي الملحد الربوبي الذي يقر بوجود قوة غيبية فقط أوجدت العالم، ثم يتوقف بعد ذلك، والملحد اللا أدري، وهو يرى أن الأدلة التي تنفي وجود الإله أو التي تثبت ذلك شديدة التساوي، وأخيرًا الملحد المنفجر نفسيًا، الذي يصل إلى ذلك بعد بحث طويل ولا ينكر وجود إله ولكنه «زعلان من الإله» بسبب المشكلات التي تحدث له.
أسامة الأزهري يرسم طريق مواجهة الملحدينوقبل رسم طريق العودة إلى الله، وفقا للشيخ أسامة الأزهري، لا بد من وضع أيدينا على السبب المؤدي للإلحاد وهو قبح الخطاب الديني الصادر من تيارات التطرف، التي بدورها قدمت الشرع في صورة دموية ممتلئة بالتلاعب، مشيرا إلى أنه حيثما وُجد التطرف وُجد معه الإلحاد، لذا لا بد من مواجهة الفكرين معًا.
وأكد الأزهري، أنه يجرى رسم طريق العودة إلى الله في مواجهة الملحدين والمشككين بوجود الذات الإلهية من خلال تقديم خطاب يناسب كل شريحة من شرائح الملحدين الأربعة؛ بل ودراسة المدخل النفسي للإلحاد، ونفسية المتطرف والملحد، والمدخل النفسي للإرهاب حتى يسهل مواجهة ذلك بالعلم والبرهان.
كما شدد على ضرورة وجود فرق بحثية تقدم مناقشات جادة، وورش عمل وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي؛ تتناقش بمنتهى العقلانية والدقة، مع أهمية التسلح بالعلم لأنه السبيل الوحيد لمواجهة الإلحاد، وربما الحل الأفضل وفقا لـ«الأزهري» تمثل في تشكيل فرق عمل من علماء الشريعة والفيزياء لدراسة الإلحاد، مع تدشين منصات على السوشيال ميديا لإعادة نشر الشرع وعلوم الدين.
ومن جانبه، لم يهتم الشيخ محمد متولي الشعرواي فقط بتفسير آيات الله؛ بل الرد على قضايا العقيدة والإيمان، إذ وجد أن الأدلة العقلية هي الحل الوحيد لمواجهة الملحدين.
وقال «الشعراوي» إن الإلحاد هو أن يتلقَ المؤمن أمورا تهدد دينه وعقيدته وتشكك فيما يؤمن به، مؤكدا أن الأمر ليس هينًا إذ يصل إلى العقيدة لذلك علينا مواجهة تلك الأفكار بالعقل والحُجة، مثال على ذلك نقول للملحد: «أيها الإنسان الذي ألحد، أنكرت وجود الله، لا تشك في وجود نفسك، ولا تشك في وجود الكوكب الذي تتصل به، أنت مجرد جنس من أجناس هذا الكوكب وأقرب جنس لك هو الحيوان، لكنك مميز عنه بالفكر، ويأتي بعده النباتات، ولكن الحيوان مميز عنه بالحس، ويأتي فيما بعد الجماد، لكن النبات مميزًا عنها بالنمو، وكل جنس يخدم الأعلى منه، ولكن جميعهم يخدمون الإنسان، فالإنسان سيد الأجناس، لكن من هو خالق الإنسان والأجناس جميعًا؟» تاركُا له البحث للوصول للخالق.
غياب الوسطية سبب انتشار الإلحادالحديث عن مواجهة الإلحاد كان دائما على طاولة الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، موضحًا أن الأصل في الإلحاد مشكلة نفسية ولا يمكن التصدي له إلا بعلماء يجمعون العلوم العقلية والإنسانية، ويجيدون الحوار مع الملحد بمجاراته واستدراجه للوصول إلى الهدف من الحوار بالتركيز على المشتركات وليس مواطن الخلاف.
وأرجع الجندي في برنامجه لعلهم يفقهون، سبب انتشار الإلحاد بين الشباب إلى عدم وجود الوسطية: «لازم يكون فيه عالم أزهري وسطي ثقة تطمئن له، لازم يكون لك شيخ ترجعله، فالوسطية هي الاعتدال على سبيل المثال الإسراف، رجل مسرف وآخر بخيل بينهم معتدل فتلك هي الوسطية» مستشهدا بالآية 143 من سورة البقرة «وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا» أي بين كل رذيلتين فضيلة، فلا تكن شديدا فتنكسر ولا لينا فتنعصر.
كما تحدث «الجندي» عن أهمية العقيدة، مؤكدا أن أي إنسان يحتاج إلى عقيدة مثل الماء والهواء، ولا يستطيع العيش دونهما؛ فاحتياج الإنسان للعقيدة يحتم عليه ضرورة أن يدقق فيها ليتبع النهج الصحيح، قائلًا: «النفس إذا لم تشغلها بالحق ستشغلك بالباطل»، مستطردًا: «كفر الملحد بالعقيدة يعتبر عقيدة لكنها خاطئة».
وعن مواجهة الإلحاد، قال إن القرآن الكريم يعتبر حصنا نفسيا للإنسان ويحميه من أي فراغ نفسي حتى يوم القيامة.
وقال الشيخ على جمعة، مفتي الديار المصرية السابق، إن الفتاوى المتشددة كانت سببًا في زيادة أعداد الملحدين الذين قرروا إبراز الجانب المتشدد من الدين، وإخفاء سماحته ووسطيته؛ لإيجاد مبررات لأنفسهم تصل بهم للإلحاد: «الملحدين على موقع التواصل الاجتماعي يأتون بالفتاوى المتشددة ويعرضونها وكأنها عورة للتدين لكي يقنعوا أنفسهم وبقية الناس بأنهم ليسوا على خطأ، ولا يصبحون كذلك بسبب الفتاوى المتشددة، ولكن هناك أسباب أخرى، إما سلوكية أو عقائدية أو لأن الملحد لديه مشكلة نفسية».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حملة الوطن طریق العودة إلى الله
إقرأ أيضاً:
برلين السينمائي ينطلق حاملا شعار مقاومة التطرف
برلين "أ.ف.ب": وضعت الممثلة تيلدا سوينتون الدورة الخامسة والسبعين من مهرجان برلين السينمائي تحت شعار مقاومة التطرف والقرارات الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب، في مستهل الحدث السينمائي العريق الذي انطلق الخميس بعرض فيلم ألماني عن لاجئة سورية.
حصلت الممثلة البريطانية البالغة 64 عاما على جائزة الدب الذهبي الفخرية عن مجمل مسيرتها الفنية، وسط أجواء متوترة تشهدها العاصمة الألمانية.
ونددت تيلدا سوينتون "بعمليات القتل الجماعي التي تنظمها الدول، والتي يُسمح بها على نطاق دولي، والتي تثير الرعب حاليا في أكثر من جزء من عالمنا".
وقالت النجمة السينمائية التي أطلت خصوصا في أعمال بتوقيع ويس أندرسن أو بدرو ألمودوفار أخيرا "نشهد بأمّ العين ارتكابات لا إنسانية. وأنا حرة في أن أقول ذلك، من دون تردد أو شك في ذهني".
وسخرت سوينتون خصوصا من خطة دونالد ترامب لتحويل قطاع غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
ويشكل مهرجان برلين السينمائي أول حدث رئيسي في العام بالنسبة لقطاع السينما، ولطالما اعتبره القائمون عليه مهرجانا تقدميا وسياسيا، لكنه مع ذلك لا يجذب قدرا كبيرا من الأضواء مثل مهرجاني كان أو البندقية، المقرر إقامتهما في وقت لاحق من العام.
وتأمل مديرة المهرجان الجديدة تريشا تاتل ألا تطغى السياسة على الأفلام، لكنها رسمت خريطة طريق للحدث في المؤتمر الصحافي للجنة التحكيم صباح الخميس قائلة إن "مهرجانا كهذا يمثل رفضا لمختلف الأفكار التي تنشرها أحزاب يمينية متطرفة كثيرة".
وقال رئيس لجنة التحكيم، الأميركي تود هاينز المعروف خصوصا بإخراجه "دارك ووترز" و"آيم نات ذير" و"كارول"، "نشهد حاليا أزمة في الولايات المتحدة، ولكن أيضا في العالم أجمع".
وأشار إلى أنه بعد "القلق والصدمة" التي أحدثتها الأسابيع الثلاثة الأولى من إدارة ترامب، فإن "الطريقة التي سنعتمدها للجمع بين مختلف أشكال المقاومة، لا تزال موضع تفكير بين الديموقراطيين".
ويروي فيلم "ذي لايت" للمخرج الألماني توم تيكوير، والذي عُرض في افتتاح المهرجان مساء الخميس، قصة وصول مهاجرة سورية تصبح مدبرة منزل لدى عائلة ألمانية.
19 فيلما في السباق
يعود تيكوير الذي اشتهر بفيلم "ران لولا ران" عام 1998، إلى ألمانيا المعاصرة، بعدما خصص عقدا لمسلسله "بابيلون برلين" الذي كان بمثابة خلفية لجمهورية فايمار وصعود النازية. وأكّد أن فيلم "ذي لايت" "يصوّر أناس اليوم الذين يواجهون صعوبة العصر الحالي".
وأشار المخرج البالغ 59 عاما، في تصريحات لوسائل إعلام ألمانية، إلى أنّ هذه المرحلة تشهد "إعادة نظر بمفهوم الديموقراطية" من القوى السياسية التي ترغب في "الإقصاء والتهميش".
تعيش عائلة إنغلز - تيم وميلينا وابناهما التوأمان المراهقان - كل واحد منهم في فقاعته الخاصة. ولكن عندما تدخل الشابة الغامضة فرح التي وصلت أخيرا من سوريا، إلى حياتهم، يبدأ التواصل بينهم ببطء.
وأوضح المخرج "لقد كانوا يدفنون رؤوسهم تحت الماء، إلى أن جاءت طاقة من الخارج وانتشلتهم من الماء، ما سمح لهم بالنظر إلى بعضهم البعض من جديد. نحن بحاجة إلى الاقتراب من بعضنا البعض مرة أخرى والتوقف عن عزل أنفسنا كثيرا".
وحذر الممثل الألماني لارس إيدينغر الذي يؤدي إحدى الشخصيات الرئيسية في العمل، من الاستقطاب العمودي بين "الخير والشر" و"الأبيض والأسود"، معتبرا أن هذا المنحى الفكري يغذي صعود التطرف.
ويبدأ أعضاء لجنة التحكيم أعمالهم الجمعة، مع عرض أول الأفلام المرشحة لجائزة الدب الذهبي. ويتعين على اللجنة الاختيار بين 19 فيلما لخلافة الفيلم الوثائقي "داهومي" للمخرجة الفرنسية السنغالية ماتي ديوب.
ويتنافس على الجائزة الكبرى للمهرجان هذا العام خصوصا المخرج الأميركي ريتشارد لينكلاتر، والكوري الجنوبي هونغ سانغ سو، والمكسيكي ميشال فرانكو، والروماني رادو جود.
ومن بين النجوم المنتظر حضورهم على السجادة الحمراء تيموتيه شالاميه الذي سيواكب عرض فيلم "ايه كومبليت أنّون" المتمحور على بوب ديلان، والذي بدأ عرضه في عدد كبير من البلدان.
ومن بين النجوم الذين سيحضرون جيسيكا تشاستين وماريون كوتيار وروبرت باتينسون وإيثان هوك. ويشارك باتينسون في المهرجان لمناسبة عرض "ميكي 17" الذي يمثل عودة بونغ جون هو إلى السينما، بعد حصوله على السعفة الذهبية في مهرجان كان وفوزه بجائزة أوسكار عام 2019 عن فيلم "باراسايت".