أمريكا تستعد لخفض جنودها في العراق
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
تستعد الولايات المتحدة الأميركية قريباً، للإعلان عن اتفاق لخفض عديد جنودها في العراق، بالتزامن مع أنباء عن نقل معدات للتحالف الدولي من الأنبار وبغداد إلى إقليم كردستان وشمال شرقي سوريا.
وتشكك قوى سياسية شيعية بتحقق الانسحاب الأميركي من العراق، لكن الحكومة أكدت أن ذلك سيتم وفق جدول زمني، دون قطع «العلاقة الأمنية» مع دول التحالف الدولي.
ونقلت صحيفة «بوليتيكو» الأميركية، السبت، أن واشنطن تستعد للإعلان خلال أسبوع عن الاتفاق مع بغداد على تخفيض عديد الجنود الأميركيين في العراق.
تعمل القوات العراقية دون مساعدة
وسيعني الانسحاب أن تعمل القوات العراقية دون مساعدة كاملة ومباشرة من القوات الأميركية، كما أن الغموض يلف قضية محورية في وجود «التحالف الدولي» تتعلق بتأمين الدعم الجوي للقوات العراقية.
مراحل نهائية
قال مسؤولون أميركيون للصحيفة إن مفاوضات الانسحاب مع العراقيين وصلت إلى «المراحل النهائية»، لكنهم أكدوا أن «المعركة ضد تنظيم (داعش) لم تنته بعد».
ويتطابق هذا التلميح مع تقارير سابقة أفادت بأن واشنطن ستبقي على قوة عسكرية صغيرة، ستتمركز لاحقاً في إقليم كردستان العراق.
وكانت المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأميركية، كامالا هاريس، قد قالت في مناظرتها الأخيرة مع دونالد ترمب: «ليس هناك جندي أميركي واحد يخدم في منطقة قتال نشطة في أي مكان حرب حول العالم، وهي المرة الأولى في هذا القرن».
لكن الولايات المتحدة لديها حالياً 2500 جندي في العراق ونحو 900 جندي في سوريا، ويقومون بعمليات عسكرية واستخبارية لمنع عودة ظهور تنظيم «داعش»، كما يقول «التحالف الدولي».
وأعرب بعض النواب الأميركيين عن عدم ارتياحهم لخروج عسكري كامل، قائلين إن ذلك قد يسمح لـ«داعش» بإعادة تنظيم صفوفه أو بزيادة نفوذ الجارة الإيرانية داخل العراق.
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد صرح بأن العراق لم يعد بحاجة لوجود القوات الأميركية في بلاده؛ لأنها نجحت إلى حد بعيد في هزيمة تنظيم «داعش»، وأنه يعتزم الإعلان عن جدول زمني لانسحابها في وقت قريب.
ومن المتوقع أن ينص الاتفاق على «السماح للقوات الأميركية باستخدام قواعد في العراق لتقديم الدعم في سوريا».
إجراءات خاصة
نقلت وكالات أنباء محلية عن قائد عسكري لم يفصح عن هويته، أن قوات التحالف الدولي بدأت إجراءات خاصة استعداداً للانسحاب من العاصمة بغداد.
وأوضح القائد العسكري السبت، أن «هذه الإجراءات تشمل مواقع في المنطقة الخضراء والعمليات المشتركة، ضمن سياق يُتوقع أن ينتهي فعلياً منتصف العام المقبل، مع الانتقال لموقع بديل في إقليم كردستان وفق المعلومات الأولية».
وأشار إلى أن «الإخلاء الفعلي سيكون في منتصف العام المقبل 2025 أو قبله بقليل، ومن المقرر أن يتم الإخلاء من مواقع المنطقة الخضراء والعمليات المشتركة».
إلى ذلك، سُمع دوي انفجارات في قاعدة «عين الأسد» في محافظة الأنبار غربي العراق ومقترباتها، تبين أنها أصوات تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية لقوات التحالف الدولي ضمن القاعدة.
وتعرضت هذه القاعدة خلال السنوات الماضية إلى هجمات صاروخية من قبل فصائل مسلحة موالية لإيران في العراق.
وطبقاً لمصدر أمني عراقي، فإن «التدريبات كانت تهدف إلى فحص منظومة السيروم الدفاعية، ما تسببت بسماع دوي انفجارات».
بالتزامن، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن طائرتين تحملان معدات عسكرية ولوجيستية هبطتا في قاعدة بالحسكة السورية، في إطار تعزيز وجود التحالف الدولي في المنطقة، ورفع التحصينات الدفاعية للقاعدة، تحسباً لأي هجمات محتملة، حسب المصدر.
وقالت المصادر إن الطائرتين كانتا قادمتين من الأجواء العراقية، فيما أشار «المرصد» إلى أن قوات التحالف الدولي تواصل إرسال تعزيزات عسكرية عبر البر والجو من العراق إلى قواعدها في شمال سوريا منذ سنوات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أمريكا تستعد الجنود العراق الأنبار إقليم كردستان التحالف الدولی فی العراق
إقرأ أيضاً:
ماذا وراء حل حراس الدين فرع تنظيم القاعدة في سوريا نفسه؟
في خضم الأحداث المتلاحقة في سوريا، وفي خطوة لافتة أقدم فرع تنظيم القاعدة في سوريا، والمعروف بتنظيم "حراس الدين" على حل نفسه، مرجعا أسباب ذلك إلى "التطورات على الساحة الشامية" ولافتا أن قرار الحل جاء "بقرار أميري من القيادة العامة لتنظيم قاعدة الجهاد".
جاء ذلك في بيان صادر عن مجلس قيادة التنظيم يوم الثلاثاء الفائت، وقد ذكر البيان أن “أبناء تنظيم قاعدة الجهاد هبوا إلى نصرة أهل الشام ومساندتهم في إزاحة الظلم عنهم، حتى أذن الله أن ينتصر هذا الشعب المسلم السني على طاغية من أظلم طواغيت العصر الحديث مما يعلن عن اكتمال مرحلة من مراحل الصراع بين الحق والباطل".
وأضاف "ونظرا لهذه التطورات على الساحة الشامية وبقرار أميري من القيادة العامة لتنظيم قاعدة الجهاد نعلن لأمتنا المسلمة ولأهل السنة في الشام حل تنظيم حراس الدين (فرع تنظيم قاعدة الجهاد في سوريا)".
ونصح البيان أهل السنة في الشام "بعدم ترك سلاحهم، وليجهزوا أنفسهم للمراحل القادمة التي أخبرنا بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فأرض الشام أرض الملاحم الكبرى، ومقبرة للطغاة والمستعمرين، وفسطاط للمسلمين في قتالهم لليهود ومن يلونهم من أعداء الدين".
وتابع "ونعد أمتنا أننا سنبقى من جنودها المستجيبين لأي نداء نصرة واستغاثة في أي بقعة من ديار المسلمين، ولن نكون ـ بإذن الله ـ إلا حيث يريدنا الله سبحانه وتعالى، ونؤكد أننا سنبقى محافظين على ثوابتنا الشرعية دون تغيير أو تبديل أو تمييع، فإقامة الدين ونصرة المظلومين والحفاظ على دماء المسلمين هي من أولى ثوابتنا التي ندين الله بها".
ودعا البيان "وجهاء الشام ومن يتصدرون المشهد اليوم لإقامة الدين وتحكيم شريعة رب العالمين فهذا هو النصر المبين، وننصحهم بإبقاء السلاح بيد أهل السنة في الشام، من أجل أن نبقى أمة تحمل السلاح فلا يستعبدها طاغية، ولا يطمع فيها محتل".
#سوريا
• تنظيم حراس الدين (فرع تنظيم القاعدة في سوريا) ينشر بياناً يعلن فيه حل نفسه بعد سقوط نظام الأسد البائد. pic.twitter.com/UPYRe51ajR
قرار حل تنظيم حراس الدين نفسه جاء قبل يومين من إعلان المتحدث باسم الإدارة العسكرية في سوريا يوم الأربعاء الفائت عن جملة من القرارات، تقضي بحل الجيش والبرلمان وحزب البعث، وتعيين أحمد الشرع رئيسا لسوريا في المرحلة الانتقالية، وتفويضه بـ"تشكيل مجلس تشريعي مؤقت للمرحلة الانتقالية، يتولى مهامه إلى حين إقرار دستور دائم للبلاد ودخوله حيز التنفيذ".
يُذكر أن الإعلان عن تأسيس تنظيم حراس الدين كان في 27 شباط/ فبراير 2018، على خلفية رفضه فكَّ ارتباط جبهة النصرة بقيادة أبو محمد الجولاني بتنظيم القاعدة، وهي الخطوة التي أقدم عليها الجولاني عام 2016، وقد تَكوَّن التنظيم من قيادات وأعضاء جهاديين ينتمون إلى تنظيم القاعدة، وتولى قيادة التنظيم أبو همام الشامي، وأبو القسام الأردني كقائد عسكري.
ووفقا لمراقبين فإن تنظيم حراس الدين كان منذ تأسيسه على خلاف مع هيئة تحرير الشام، وشهدت علاقتهما توترات شديدة، تحولت في بعض الأوقات إلى صدامات عسكرية بين الطرفين، كان من أبرزها المعركة التي وقعت بينهما مطلع سنة 2019، في بلدة "تل حدية" بريف حلب الجنوبي، وتمددت لاحقا في أرياف حماة وإدلب واللاذقية، وهي تعكس وتبرز خلافات التنظيمات الجهادية المختلفة في سوريا.
إقدام تنظيم حراس الدين، الذي يمثل تنظيم القاعدة في سوريا على حل نفسه أثار جملة من التساؤلات حول أسباب ودوافع هذا القرار، والبحث في دلالاته وتداعياته، إن كان التنظيم سيتخلى عن أصوله ورؤاه وأفكاره الجهادية، ويسعى للاندماج في مؤسسات الدولة بتشكيلاتها الجديدة أم أنه لا يعدو أن يكون خطوة تكتيكية ألجأته إليها معطيات الواقع الجديد بعد سقوط نظام آل الأسد؟
في هذا الإطار قال الخبير في الحركات الجهادية، حسن أبو هنية "من المعروف أن جبهة النصرة التي تمثل تنظيم القاعدة في سوريا مرّتَ بعدة تكيفات وتحولات منذ تأسيسها 2012، فبعد أن رفض الجولاني الاندماج مع تنظيم الدولة سنة 2013 إثر خلافات شديدة بينهما، وإعلان بيعته لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، أعلن الجولاني فك ارتباطه بتنظيم القاعدة عام 2016 وغير اسم جماعته إلى جبهة فتح الشام، مؤكدا أنها لا تنتمي لأي جهة أو هيئة خارجية".
وأضاف: "وفي عام 2017 تم تشكيل هيئة تحرير الشام بقيادة الجولاني، بعد اندماج كل من جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)، وعدة فصائل مسلحة أخرى من أبرزها جبهة أنصار الدين، ولواء الحق، وحركة نور الدين الزنكي.. وكردة فعل على إعلان الجولاني فك ارتباط جبهة النصرة بتنظيم القاعدة قامت مجموعة من قيادات وشخصيات جهادية تنتمي للقاعدة سنة 2018 بتأسيس تنظيم جديد لها في سوريا أطلقوا عليه اسم حراس الدين".
وتابع: "ومن المعروف أن أيديولوجية تنظيم القاعدة الجهادية المتمثلة بعولمة الجهاد، تختلف عن أيديولوجية هيئة تحرير الشام بزعامة الجولاني الجهادية والمتمثلة بالجهاد الوطني، والمنحصر بالقتال في سوريا ضد النظام السوري البائد" لافتا إلى أن "حل تنظيم حراس الدين نفسه لا يعني التخلي عن أيديولوجيته تلك وتبني منهجية هيئة تحرير الشام".
حسن أبو هنية خبير في الحركات الجهادية
وردا على سؤال "عربي21" حول أسباب حل تنظيم حراس الدين نفسه، لفت أبو هنية إلى أن "إقدام التنظيم على حل نفسه لا يفهم منها بحال تخلي التنظيم عن أيديولوجيته المعروفة، لا سيما أيديولوجيته الجهادية في مواجهة أمريكا وإسرائيل، بل يمكن قراءته في سياق محاولته التكيف مع الواقع الجديد، وإعطاء الفرصة للإدارة السورية الجديدة لتطبيق ما كانت تدعو إليه من قبل، في حالة من الحذر والترقب وانتظار ما ستسفر عنه المرحلة الجديدة".
وأردف "وتُظهر أدبيات تنظيم القاعدة أن جوهر مشروع التنظيم يتجلى بالاستعداد والعمل للمراحل القادمة في بلاد الشام، بوصفها أرض الملاحم الكبرى، لهذا دعوا أهل السنة في الشام، في بيانهم الأخير الذي أعلنوا فيه حل التنظيم، إلى عدم التخلي عن سلاحهم، وتجهيز أنفسهم للوقائع والملاحم التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث نبوية وفق قراءة التنظيم لها".
ولفت الخبير في الحركات الجهادية أبو هنية إلى أن "الإدارة الجديدة في سوريا ملزمة بمحاربة الإرهاب لتحسين علاقتها مع العالم الغربي، وهو ما يعني أنها لن تسمح بوجود أي تنظيمات تتبنى الفكر المتطرف إذ لا مكان لها في سوريا، ولن تجد فيها ملاذا آمنا".
من جانبه وصف الناشط السياسي السوري، محمد صبرة قرار تنظيم حراس الدين حل نفسه بأنه "شكلي وتكتيكي فيما يبدو ويظهر، ومن الوارد أن يقوم بإعادة تنظيم نفسه إذا ما دعت الظروف إلى ذلك، إذ تضمن البيان الذي أعلن التنظيم فيه حل نفسه، دعوة أهل السنة وحثهم على عدم التخلي عن السلاح، كما تحدث البيان عن أن أتباع التنظيم يعدون الأمة بأنهم سيبقون من جنودها المستجيبين لأي نداء نصرة واستغاثة في أي بقعة من ديار المسلمين..".
وتساءل في حواره مع "عربي21": "كيف لتنظيم يعلن عن حل نفسه، يدعو في الوقت ذاته أهل السنة ويحثهم على عدم التخلي عن أسلحتهم، مع أن الإدارة السورية الجديدة دعت كافة الفصائل المسلحة إلى حل نفسها، وتسليم سلاحها، والانضمام إلى الجيش الوطني السوري الجديد التابع لوزارة الدفاع"؟
محمد صبرة ناشط سياسي سوري
وواصل الناشط السياسي السوري صبرة حديثه بالقول "أما إذا كان التنظيم ينوي بعد حل نفسه الاندماج بمؤسسات الدولة والعمل من خلالها، فثمة إشكال يظهر في طريقة الدعوة إلى إقامة الدين وتحكيم شرع الله التي وجهها البيان إلى وجهاء الشام ومن يتصدرون المشهد، لا سيما في المرحلة الانتقالية الحالية التي تتطلب مزيدا من الحكمة والتروي والتدرج في تطبيق الأحكام الشرعية".
وختم كلامه بالإشارة إلى أن "سوريا تعيش اليوم مرحلة انتقالية، تسعى فيها الإدارة الجديدة لبناء نظام حكم جديد، وإعادة صياغة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية صياغة جديدة، وهي مهمة شاقة وصعبة، تستدعي تضافر جهود كل السوريين، وتراعي مقتضيات الانتقال والتحول السياسي والاجتماعي، بصبر وحكمة ومرونة بعيدا عن كل مظاهر وسلوكيات التشدد، لتسود قيم الحرية والعدالة والمساواة في سوريا الجديدة".