الخرطوم– تواجه مؤسسات التعليم العالي في السودان صدمة الحرب المستعرة في البلاد منذ نحو 17 شهرا، وتسعى لتجاوزها من خلال استئناف غالبية الجامعات الدراسة عن بُعد، وعقد امتحانات طلابها في داخل البلاد وخارجها. ولكن تعاني هذه المؤسسات من تسرّب الطلاب والأساتذة الذين هاجر مئات منهم.

وكشف تقرير رسمي اطلعت عليه الجزيرة نت أن نحو 120 جامعة وكلية حكومية وخاصة خصوصا في ولاية الخرطوم ينتسب إليها نحو نصف مليون طالب، خسرت بنيتها التحتية بصورة شبه كاملة، قبل أن تمتد الحرب إلى ولاية الجزيرة في وسط البلاد وجنوبها الشرقي.

كما تعرضت 6 جامعات في الولايات للتخريب والتدمير منها 3 جامعات في دارفور.

ويتحدث التقرير عن عمليات نهب وتدمير وتخريب الأجهزة والمعدات والمختبرات والمكتبات العريقة بالجامعات، وعن تعرض 4 مستشفيات تعليمية كبيرة للتدمير، بعدما كانت تقدم الخدمة الطبية جنبا إلى جنب مع مهمتها الأكاديمية. وكذلك تخريب المعامل، ومراكز الأبحاث، في المؤسسات التي طالها الدمار.

وحسب التقرير، فإن التخريب والدمار اللذين أصابا الجامعات أدى إلى تعطّل البحوث والنشاط التعليمي في بعض الجامعات، وسيؤثر على تصنيف المؤسسات العلمية السودانية بين نظيراتها في العالم، وإبطاء مسار التطور العلمي والمهني، كما أخّر تخرج دفعات من الطلاب، مما سيعطل التحاقهم بسوق العمل.

طلاب جامعة الخرطوم يؤدون الامتحان في أحد المراكز بالقاهرة (سونا) بداية التعافي

من جانبه، يقول مسؤول في وزارة التعليم العالي للجزيرة نت إن الجامعات الحكومية والخاصة استطاعت تجاوز "محنة" الحرب، واستأنفت الدراسة في الولايات الآمنة رغم صعوبة الأوضاع، كما استضافت بعضها جامعات من الخرطوم وعقدت امتحاناتها بعد دراسة طلابها عن بُعد.

وحسب المسؤول الحكومي، الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته، فإن وزارة التعليم العالي شجعت استضافة الجامعات الحكومية والأهلية بالولايات وعقد شراكات مع مؤسسات غير سودانية في خارج السودان وفتح مراكز أو فروع بالخارج، كما بادرت جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا إلى فتح فرع لها في تنزانيا ثم رواندا، وزارها وفد من الوزارة مؤخرا للتحقق من التزامها بالضوابط العلمية والوقوف على أوضاع طلابها.

ويؤكد المسؤول الحكومي أن الجامعات الخاصة استطاعت تجاوز التحديات وانتظمت فيها الدراسة، واستحدثت بعضها أنواعا جديدة من البرامج والتخصصات لتلبية متطلبات سوق العمل.

وفي الإطار ذاته، يقول المستشار الإعلامي لمدير جامعة الخرطوم، عبد الملك النعيم، إن الجامعة بها 50 ألف طالب ينتسبون إلى 23 كلية و12 معهدا، وعقدت خلال فترة الحرب 3 دورات امتحانية لطلابها في 4 مراكز داخل السودان.

وتستعد الجامعة، بحسب النعيم، لعقد دورة جديدة من الامتحانات في 26 أكتوبر/تشرين الأول المقبل لجميع الطلاب في مراكز بكوستي والقضارف وشندي وعطبرة، و3 مراكز خارجية في القاهرة والرياض وأبوظبي وذلك بعد تحديد مواقع وجود الطلاب.

ووفقا لحديث النعيم للجزيرة نت، فإن الجامعة خرجت عددا كبيرا من الطلاب خلال فترة الحرب التي لم تتوقف فيها "الدراسة أون لاين" وفتحت مكتبا إداريا في مدينة سواكن بولاية البحر الأحمر، وسلّمت أكثر من 4500 خريج شهاداتهم التي يتم التقديم لها إلكترونيا.

والخميس الماضي، تفقد محمد حسن دهب، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، مركز امتحان طلاب كلية الطب في جامعة ابن سينا من الخرطوم في جامعة البحر الأحمر في بورتسودان. وقال إن وزارته تشجع الدراسة في الولايات الآمنة، مع الاهتمام بجودة التعليم العالي، وتجهيز الخريجين لسوق العمل.

هجرة طلاب وأساتذة

وحسب خبراء، فإن التعليم العالي لم يشهد استقرارا في البلاد منذ نهاية عام 2018 مع بدء الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس عمر البشير، الذي أغلق المدارس والجامعات، ثم فترة تفشي مرض كورونا (كوفيد-19). وتعثرت الحكومة في توفير أجور المعلمين وأساتذة الجامعات مما دفعهم للدخول في إضرابات عن العمل فترات طويلة وتراكم الدُفَع في الجامعات.

ويكشف الخبير الأكاديمي الطيب عبد الرحمن أن فترة اضطراب مؤسسات التعليم العالي وعدم الاستقرار السياسي قبل الحرب أدت إلى هجرة أكثر من 20 ألف طالب إلى الجامعات المصرية، وبعد الحرب تجاوز العدد 53 ألفا.

وفي حديث للجزيرة نت، يقول الخبير إن آلافا آخرين من الطلاب انتقلوا للدراسة في تركيا والهند ودول أخرى، وبرزت أيضا هجرة عدد كبير من أساتذة الجامعات إثر تدهور أوضاعهم الاقتصادية وضعف الأجور في الجامعات بعد الحرب بسبب التضخم وتآكل قيمة الجنيه السوداني، مقدرا أن أكثر من 20% من أساتذة الجامعات الذين يزيد عددهم عن 12 ألفا هاجروا أو بحثوا عن خيارات أخرى.

ويرى الأكاديمي أن معاناة الطلاب بسبب الحرب متعددة، لا سيما فيما يتعلق باستكمال السجل الأكاديمي، حيث ترك عدد كبير شهاداتهم في منازلهم التي غادروها قسرا، وواجهوا تحدي البحث عن جامعات خارجية، ومخاطر السفر بين الولايات السودانية.

من جهته، يشكو والد طالبتين في جامعة سودانية بأم درمان (م.س) أن الجامعة أهملتهم ولم تعالج قضايا طلابها وأخطرتهم بأن لها اتفاقا مع جامعة مصرية لاستيعاب أبنائهم، لكن الجامعة المصرية أعادت السودانيين عاميين من المستوى الذي وصلوا إليه في جامعتهم.

ويقول والد الطالبتين للجزيرة نت إن كثيرا من الأسر عجزت عن سداد رسوم الجامعات لأبنائهم في الدول التي لجأت إليها بعدما فقدت مصدر رزقها وتعرضت ممتلكاتها ومقتنياتها للنهب، ونضبت مدخراتها بعد 17 شهرا من الحرب، مما اضطرهم لتجميد الدراسة حتى تتحسن ظروفهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات التعلیم العالی للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

مع عودة الدراسة في رمضان..  التعليم تطلق خدمة “المحسن الصغير”

أعلنت وزارة التعليم بالتعاون مع منصة إحسان عن إطلاق خدمة “المحسن الصغير” مع أول أيام الدراسة اليوم 2 رمضان.
وتهدف هذه المبادرة إلى تمكين الأطفال من التبرع للمشاريع الخيرية بطريقة سهلة ومبسطة، بما يتناسب مع اهتماماتهم ورغباتهم، وتعزيز ثقافة العطاء والإحسان لديهم منذ سن مبكرة، من خلال توفير فرص تبرع تتناسب مع أعمارهم واهتماماتهم الشخصية.


توظيف البيئة المدرسية للإحسان

أخبار متعلقة لأول مرة في المسجد الحرام.. إطلاق خدمة التحلل من النسكصور| انطلاق الفصل الثالث بالتزامن مع رمضان.. وبدء الاختبارات النهائية 19 يونيو

يأتي إطلاق هذه الخدمة بالتزامن مع عودة الطلاب والطالبات إلى مقاعد الدراسة، حيث تسعى وزارة التعليم إلى توظيف البيئة المدرسية في نشر الوعي حول أهمية العمل الخيري وتعزيز روح التكافل الاجتماعي بين الطلاب. تستمر المبادرة حتى 13 مارس، مستهدفة الفئة العمرية من 5 إلى 15 سنة.


كما تشمل المعلمين والمعلمات لدورهم التوجيهي، بالإضافة إلى الموجهين الطلابيين الذين يسهمون في تعزيز الوعي حول أهمية التبرع والعمل الإنساني، إلى جانب أولياء الأمور والمجتمع لدعم مشاركة الأطفال في هذه المبادرة الخيرية.

.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } دعم المنصة الوطنية للعمل الخيري "إحسان" - سدايا

حرصًا على تحقيق أهداف المبادرة سيتم تنفيذ خطة اتصالية شاملة خلال الفترة من اليوم 2 إلى 13 مارس، وتهدف هذه الخطة إلى التعريف بالخدمة المقدمة وآلية التبرع، وتسليط الضوء على المشاريع الخيرية المتاحة عبر منصة إحسان.
سيتم تنفيذ هذه الحملة عبر المدارس، والمنصات الرقمية، ووسائل الإعلام المختلفة، إضافة إلى تنظيم ورش عمل توعوية تستهدف المعلمين والموجهين الطلابيين وأولياء الأمور لضمان تفاعل الأطفال مع المبادرة بشكل إيجابي.


تنمية حس المسؤولية الاجتماعية

تعد خدمة “المحسن الصغير” خطوة مهمة في تنمية حس المسؤولية الاجتماعية لدى الطلاب، حيث تسهم في غرس ثقافة العطاء لديهم وتحفيزهم على الإسهام في الأعمال الخيرية بطرق تتناسب مع أعمارهم.
كما أن هذه الخدمة تأتي ضمن جهود وزارة التعليم المستمرة لتعزيز القيم الإنسانية والأخلاقية في نفوس الطلاب، بالتعاون مع الجهات الفاعلة في العمل الخيري مثل منصة إحسان، التي تتيح للأطفال المشاركة الفعالة في دعم المشاريع الخيرية بسهولة وأمان.

دعت وزارة التعليم جميع الطلاب والطالبات وأولياء الأمور إلى التسجيل في خدمة “المحسن الصغير” ابتداءً من اليوم عبر المنصات الإلكترونية المعتمدة، حيث يمكن للطلاب اختيار المشاريع الخيرية التي يرغبون في دعمها وفق اهتماماتهم.
كما دعت الوزارة كافة أفراد المجتمع إلى دعم هذه المبادرة والمساهمة في تعزيز ثقافة العطاء لدى الأجيال القادمة، بما يسهم في بناء مجتمع أكثر تعاونًا وتكافلًا، وترسيخ القيم الإنسانية النبيلة في نفوس الأطفال منذ الصغر.

مقالات مشابهة

  • وزير التعليم العالي يهنئ جامعة المنصورة لحصول مركز الكلى على الاعتماد كمركز تدريبي إقليمي
  • وزير التعليم العالي يهنئ جامعة المنصورة باعتماد مركز الكلى في التدريب إقليميا
  • جامعة جدة تدشن شعلة الأولمبياد الرياضي للمرة الأولى على مستوى الجامعات السعودية
  • مواصلة الدراسة في الجامعات رهين بوقف الحرب
  • التعليم العالي تعلن نتائج مسابقة معًا للأفلام القصيرة بمشاركة 205 أعمال للطلاب
  • التعليم العالي تعلن نتائج مسابقة «معًا» للأفلام القصيرة بمشاركة 205 أعمال طلابية
  • مع عودة الدراسة في رمضان..  التعليم تطلق خدمة “المحسن الصغير”
  • «التعليم العالي» تُعلن نتائج مسابقة «معًا» للأفلام القصيرة بمشاركة 205 عملاً طلابيًا
  • بشرى سارة لطلاب الثانوية العامة 2025.. 14كلية جديدة بجامعة القاهرة الأهلية
  • رئيس جامعة المنيا: مراكز متقدمة للأنشطة الطلابية على مستوى الجامعات