المستقبل اللوجستي في رؤية "عُمان 2040" (4)
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
منصور القاسمي **
تكملة للحلقة الثالثة من هذه السلسلة، ولمعرفة المزيد من التفاصيل من خلال الأطروحة حول الوضع اللوجستي العام بالسلطنة؛ حيث تشير التقارير في إستراتيجة سلطنة عُمان اللوجستية 2040 الصادرة عن وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات التي تهدف إلى تسريع تطوير قطاع الخدمات اللوجستية وتؤكد على مُساهمة الخدمات اللوجستية في الناتج المحلي الإجمالي، وتشغيل الكوادر العُمانية المتخصصة في القطاع اللوجستي.
ويتوقع التقرير أن تنمو مُساهمة قطاع الخدمات اللوجستية من 1.5 مليار ريال عُماني إلى ما يقارب 14 مليار ريال عُماني في السنوات المقبلة، حيث سيُساهم القطاع اللوجستي بتوفير ما يقدر بنحو 300 ألف وظيفة.
وارتفع أداء سلطنة عُمان في مجال الخدمات اللوجستية من المركز 48 إلى المركز 43 في تقرير البنك الدولي لمؤشر أداء الخدمات اللوجستية لعام 2023، مما يشير إلى تحسن كبير في أداء الخدمات اللوجستية التجارية في السلطنة، ولكن هناك تحديات تعوق جهود السلطنة لتكون ضمن العشرة الأوائل في مؤشر الأداء اللوجستي. فمن خلال الأطروحة والدراسات الميدانية يستوجب علينا مقارنة مؤشرات الأداء اللوجستي لسلطنة عُمان مع الدول الرائدة ذات المراكز المتقدمة خلال الأعوام من 2007 وحتى عام 2023؛ حيث اعتمدت الدراسة على بيانات مقطعية لـ10 دول رائدة خلال تلك الفترة، وتم استخراج البيانات من قاعدة بيانات البنك الدولي حسب الجدول التالي:
فمن خلال المعطيات بالجدول أعلاه، تحتل سنغافورة المركز الأول على مستوى العالم بأعلى مؤشر للأداء اللوجستي تليه بقية الدول الأوربية المذكورة بالجدول، أما على صعيد الدول العربية بالجدول أدناه، وتشير البيانات في الجدول إلى أنَّ دولة الإمارات العربية المتحدة تتفوق على جميع الدول العربية الأخرى في جميع المؤشرات، حيث حصلت على تصنيف عالمي في المرتبة 14 ولا نستبعد أن تحقق دولة الإمارات بالتصنيف إحدى المراكز العشرة في المستقبل القريب.
وتحتل قطر أقرب منافس لها المرتبة 30 عالميًا. كما يوضح الجدول أن ترتيب الدول في المؤشر العام ينعكس في أدائها في المؤشرات الفرعية الستة (التخليص الجمركي - البنية التحتية - تنظيم الشحنات الدولية - جودة الخدمات اللوجستية - تتبع وتعقب الشحنات - الالتزام بالجدول الزمني). وتأتي تونس في قاع قائمة الدول قيد الدراسة والمقارنة في الترتيب للمؤشر العام، وهي في قاع الترتيب في أربعة مؤشرات فرعية وتتفوق على المغرب فقط في مُتغيرين، وهما تتبع وتعقب الشحنات والالتزام بالجدول الزمني للشحنات.
وجرى اختيار هذه الدول من بين دول أخرى لأسباب عديدة منها أنَّ دول مثل جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان والمغرب تعتبر من أهم المواقع التجارية في الشرق الأوسط، كما تتميز دول مثل دولة قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بأنها نقاط مهمة في مجالات صناعات النفط والغاز الطبيعي والتي تمثل أهمية عالمية لهذه الدول، وتتنافس العديد من الدول مثل مصر وتونس والمغرب والأردن على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر الموجه إلى أوروبا للاستفادة من مزايا انخفاض الأجور في تلك الدول وتوافر القوى العاملة.
تتميز الدول العربية المختارة (الإمارات- قطر- عُمان- السعودية- البحرين- الكويت- مصر- الأردن- المغرب- تونس) بطبيعة خاصة نتيجة اعتماد بعضها على الصادرات النفطية كمصدر أساسي للصادرات حيث تمثل الصادرات النفطية ما يقارب 55% من إجمالي الصادرات في الدول محل الدراسة (خريطة التجارة، 2020).
إضافة إلى أن الدول محل الدراسة تعتبر من الدول النامية بشكل عام وبالتالي لا تمثل صادراتها الصناعية نسبة كبيرة من اجمالي الصادرات، كما ان واردات هذه الدول متنوعة ومتعددة وتشمل عدد كبير من المنتجات والتصنيفات والبنود الجمركية.
وحققت دول الخليج العربية المصدرة للنفط فائضًا في ميزانها التجاري نتيجة لزيادة صادراتها النفطية، في حين حققت الدول العربية الأفريقية والأردن عجزًا في ميزانها التجاري خلال نفس الفترة. كما أن أغلب دول الخليج العربية تربط عملتها المحلية بالدولار الأميركي وفق سعر صرف ثابت، في حين تترك مصر سعر الصرف متغيرًا وفق العرض والطلب على الدولار، رغم عدم تحرير سعر الصرف بشكل كامل.
إضافة إلى ذلك، هناك تباين كبير بين الدول محل الدراسة فيما يتعلق بحجم التجارة في كل دولة ونسبتها من الناتج المحلي الإجمالي ، كما يوضح الجدول أنَّ الدولة ذات النسبة الأقل في هذه النسبة هي مصر، حيث تصل نسبة التجارة إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 44.86% من الناتج المحلي الإجمالي على الرغم من المزايا المرتبطة بموقع مصر الجغرافي والاتفاقيات التجارية المتعددة التي تكون مصر طرفًا فيها. وهذا لا يرجع فقط إلى انخفاض أرقام التجارة ولكن أيضًا إلى ارتفاع قيمة الناتج المحلي الإجمالي مُقارنة بالدول الأخرى محل الدراسة باستثناء السعودية والإمارات. إلا أنَّ هذه الزيادة في حجم الناتج المحلي الإجمالي لا ترتبط بارتفاع حصة الفرد من الناتج بسبب زيادة عدد السكان في مصر مقارنة ببقية الدول.
** باحث دكتوراه تخصص علم اللوجستيات
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
إعلان مؤتمر المستقبل بالرباط يدعو إلى احترام سيادة الدول
زنقة20ا الرباط
نظم مجلس النواب ومجلس المستشارين في المملكة المغربية، بالتعاون مع مؤسسة “لقاءات المستقبل” ومجلسي النواب والشيوخ في جمهورية الشيلي، بالرباط،يومي 17 و18 دجنبر 2024، أشغال “مؤتمر المستقبل” بمشاركة وزراء، وبرلمانيين وأكاديميين من البلدين وعدد من البلدان الصديقة، وطلبة باحثين مغاربة.
وحسب إعلان الرباط الذي أصدره المشاركون في « مؤتمر المستقبل »، المنظم من طرف مجلسي النواب والمستشارين، أكد المشاركون على أهمية الشراكة الاستراتيجية القائمة بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية من أجل التقدم والتنمية في إطار التعاون جنوب-جنوب، وعلى دور المغرب وجمهورية الشيلي، في المساهمة، من موقعهما، في تعزيزها وإعطائها أبعادا عملية في مواجهة التحديات العالمية من منظور جنوب-جنوب.
ودعا المشاركون في المؤتمر المنظم بالرباط، إلى ضرورة بناء السلم وتحقيق الأمن على أساس احترام القانون الدولي، المرتكز على قاعدة احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية وسلامة أراضيها، تكريسا للشرعية الدولية، والوقاية من الأزمات والنزاعات، التي تقوض الاستقرار والتنمية والعيش المشترك.
وفي ظل تسارع الأحداث وتناسل التوترات العالمية، يؤكد المشاركون في المؤتمر الذي تم بالتعاون مع مؤسسة « لقاءات المستقبل »، ومجلسي النواب والشيوخ في جمهورية الشيلي، على أهمية الحوار بين مختلف مكونات المجتمع الدولي من أجل إيجاد حلول مبتكرة تضمن الحكامة، وتخدم المصالح المشتركة بين مكونات المجموعة الدولية، وتساهم في بناء مستقبل مستدام يستفيد الجميع من الإمكانيات والمعارف والابتكارات والثروات التي يوفرها.
من جانب آخر، حذر المشاركون في مؤتمر المستقبل، المنظم من طرف مجلسي النواب والمستشارين، بالتعاون مع مؤسسة « لقاءات المستقبل » ومجلسي النواب والشيوخ في جمهورية الشيلي، من التهديدات التي بات يشكلها الذكاء الاصطناعي، على اعتبار أنه أصبح غير متحكم فيه، منبهين أيضا إلى الهوة الرقمية الصارخة في هذه التكنولوجيا بين الشمال والجنوب، وإلى مخاطر سوء استعمال التكنولوجيا على النسيج الأسري، وتوارث المعارف وتراكمها، ودور الإنسان ووظائفه.
داعين على هامش أشغال « مؤتمر المستقبل »، الذي تم بمشاركة وزراء، وبرلمانيين وأكاديميين، وطلبة باحثين، إلى الاستعجال في إقرار حكامة دولية لتدبير استعمالات ومحتويات الذكاء الاصطناعي والتطور المعلوماتي.
وفي الوقت الذي ذكر فيه المشاركون بالمآسي التي عاشتها البشرية جراء جائحة « كوفيد 19″، فإنهم في المقابل نادوا بتيسير نقل التكنولوجيا الحيوية، وصناعات الأدوية واللقاحات إلى بلدان الجنوب، خاصة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، ورفع القيود التي تكبح حصول هذه البلدان على التكنولوجيا والمواد المستعملة في إنتاج اللقاحات والأدوية.
كما وجه المشاركون في المؤتمر ذاته، نداءً إلى القوى المعنية بالقرار المناخي الدولي من أجل اتخاذ ما يلزم من تدابير عاجلة لعكس inverser مؤشرات انبعاثات الغازات المسببة لاحترار الأرض، وتيسير حصول بلدان إفريقيا وأمريكا اللاتينية على تكنولوجيا الاقتصاد الأخضر، وإنتاج الطاقة من مصادر متجددة، والتحفيز الدولي على تعبئة المياه، وحسن استعمالها وتحلية مياه البحر، بما يساهم في إقامة مشاريع زراعية كبرى تضمن الأمن الغذائي.
في الاتجاه نفسه، طالب المشاركون بتيسير نقل التكنولوجيا إلى بلدان القارتين، لتمكينها من استغلال مستدام للأراضي الزراعية وتوفير الغذاء والمساهمة بالتالي في ضمان الأمن الغذائي المحلي والعالمي، كما يدعون إلى جعل مكافحة تلوث البحار والمحيطات ضمن أولويات الأجندة الدولية للمناخ.
وبخصوص الهجرة والنزوح، يؤكد المشاركون على ضرورة التشبث بروح الميثاق العالمي للهجرة الذي تم تبنيه بمناسبة انعقاد المؤتمر الحكومي الدولي بمراكش في 10 دجنبر 2018، وصادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 دجنبر 2018، وخاصة في ما يتعلق بضمان هجرة آمنة منظمة ومنتظمة تكفل حقوق المهاجرين.
وإذ يسجلون الإمكانيات الهائلة التي توفرها الاختراعات التكنولوجية وخاصة الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد والخدمات والمعارف والتدبير، فإن المشاركين في مؤتمر المستقبل، يشددون على ضرورة الانتباه إلى التهديدات التي يشكلها الذكاء الاصطناعي، إذا هو أصبح غير متحكم فيه، وإلى الهوة الرقمية الصارخة في هذه التكنولوجيا بين الشمال والجنوب، وإلى مخاطر سوء استعمال التكنولوجيا على النسيج الأسري، وتوارث المعارف وتراكمها، ودور الإنسان ووظائفه. ويدعون في هذا الصدد، إلى الاستعجال في إقرار حكامة دولية لتدبير استعمالات ومحتويات الذكاء الاصطناعي والتطور المعلوماتي.
وإذ يذكرون بالمآسي التي عاشتها البشرية جراء جائحة “كوفيد 19″، ينادون، بتيسير نقل التكنولوجيا الحيوية، وصناعات الأدوية واللقاحات إلى بلدان الجنوب، خاصة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، ورفع القيود التي تكبح حصول هذه البلدان على التكنولوجيا والمواد المستعملة في إنتاج اللقاحات والأدوية. ويثمنون في هذا الصدد مبادرات المغرب، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بإقامة مشاريع لإنتاج اللقاحات لفائدة المغاربة والأفارقة عامة.
ودعا المشاركون في المؤتمر، في الختام، إلى جعل التفكير في المستقبل وفي التحديات المطروحة على البشرية، قضايا التقائية في أجندات مؤتمرات ولقاءات المنظمات متعددة الأطراف، واستحضارها في خطط التنمية الوطنية، وفي التعاون الدولي.