صحيفة الاتحاد:
2025-02-04@17:41:01 GMT

د. عبدالله الغذامي يكتب: هل يربي المرء ذاته

تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT

لمحت مرة منظراً لإحدى المدارس في الرياض وقد كسا واجهتها ما لا يقل عن خمسين لوحةً مزينة بأجمل الخطوط والألوان وتحمل كل لوحة حكمةً نقشت عليها وتمتد اللوحات على ثلاثة طوابق من مبنى العمارة، ومع أني أوقفت سيارتي ونزلت لكي أقرأ الحكم بتمعنٍ وبدافع تأملي لأعرف ما يتلقاه طلاب تلك المدرسة من فوق رؤوسهم كلما دلفوا لباب مدرستهم، ولكني أحاول اليوم تذكر أي واحدة من تلك الحكم الخمسين أو أكثر فلا أجد في رصيدي أياً منها، وصرت أسأل نفسي عن مصير الحكمة مع الطلاب وهل سيحفظونها أولاً، ثم يتعلمون منها بعد حفظهم لها.

..!!
هنا يحضر السؤال التربوي عن دور الحكمة وعن دور الحفظ في صناعة الذهنية التربوية، والحق أن القاعدة العملية هنا هي أن ما يحفظ هو ما ينسى، وكل حفظ فمصيره النسيان، ولا يبقى في دواخلنا شيء إلا ما تدربنا عليه وليس ما حفظناه، وكما يقول فرويد، فإن الجسد لا ينسى، أي أن ما تحول إلى سلوكٍ عملي هو ما يبقى في حين سننسى خمسين حكمة منسوخة على جدران مدرسة أو في كتاب من كتب المطالعة، ولقد ورد عن أبي بكر رضي الله عنه أنه كان يوصي ولاته حين تعيينهم بوصايا منها قوله: ولا تكثرن عليهم الكلام فإن الكلام إذا طال أنسى بعضه بعضاً.
على أن الحكمة في تاريخ الثقافات كلها تكشف عن ملحظ خطير في أننا لا نكون حكماء إلا بعد انكسار الجرة، ولو بلغناها قبل الحدث لكنا في عداد الناجحين وليس الحكماء، وما نسميه ثقافياً بالحكمة ليس سوى خلاصة ذهنية راقية ومغرية ولها مسكن أثير على الألسنة أو لوحات الخطاطين، ويندر أن نستعين بها وقت الأزمة، والثابت أن الإنسان لم ينجح بالحكمة، وأكثر النجاحات تأتي عبر المغامرة التي قد نسميها جنوناً، أو عبر الأخطاء التي سنسميها حماقةً، وما بين جنون المغامرة ودرس الأخطاء تنبثق نجاحات البشر، وتظل الحكمة خطاباً ثقافياً نظن أننا نتعلم منه، لكننا نكتشف باستمرار أننا لن نصل لحكمتنا الخاصة إلا بعد صافرة النهاية.
ويشهد على ذلك ما نراه من تجارب العلم ومختبراته ومكتشفاته ما يشير بوضوح أن الأخطاء هي التي في النهاية تقود إلى التعلم وإلى الكشف، وكلما تعلم المرء من أخطائه فإنه يفتح درجةً في سلم الطريق ويخطو خطوة إلى الأمام.

أخبار ذات صلة د. عبدالله الغذامي يكتب: المكان بوصفه ذاكرة د. عبدالله الغذامي يكتب: الإنسان بوصفه غنياً وفقيراً في آن

المصدر: صحيفة الاتحاد

إقرأ أيضاً:

بيت الحكمة يبحث آفاق التعاون مع «مكتبة الإسكندرية»

الإسكندرية (الاتحاد)

أخبار ذات صلة كلباء يحرز لقب «أبطال الامارات» للجودو وصول عدد من القطع البحرية الإيرانية لميناء خالد بالشارقة

زار وفد من بيت الحكمة في الشارقة، برئاسة مروة العقروبي، المديرة التنفيذية، مكتبة الإسكندرية بجمهورية مصر العربية، في إطار سعيه لتعزيز العلاقات الثقافية والمعرفية بين الجانبين، حيث كان في استقبال الوفد دينا يوسف، رئيس قطاع المكتبات بمكتبة الإسكندرية، التي رحبت بالضيوف، وأشادت بدور المؤسسات الثقافية الإماراتية في نشر الثقافة والمعرفة. وجاءت هذه الزيارة على هامش حضور وفد بيت الحكمة فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته الـ56، وفي إطار حرصه على توسيع علاقات الشراكة والتعاون مع الجهات الفاعلة في العمل الثقافي والمعرفي، داخل مصر وخارجها، وتبادل الخبرات مع المسؤولين عن أشهر المكتبات الإقليمية والدولية. وقالت مروة العقروبي: «سعدنا بزيارة مكتبة الإسكندرية، هذا الصرح المعرفي العريق الذي يحمل إرثاً ثقافياً غنياً يضرب في جذور التاريخ، والتعرّف على أقسامها ومتاحفها المتنوعة التي تعكس عمق الحضارة الإنسانية ومسيرتها المعرفية، ونتطلّع لتعزيز التعاون مع المكتبة وتبادل الخبرات مع القائمين عليها، بما يسهم في إثراء المشهد الثقافي العربي، انسجاماً مع رؤية إمارة الشارقة، عاصمة الثقافة العربية، التي تسعى إلى ترسيخ مكانة المعرفة جسراً للتواصل والانفتاح على العالم». وعلى هامش الزيارة، ناقش الجانبان سبل تعزيز التعاون والتبادل المعرفي والثقافي بين بيت الحكمة ومكتبة الإسكندرية، مستعرضين الفرص المتاحة للعمل المشترك في مجالات متعددة، وبخاصة إمكانية تنظيم معارض مشتركة تسلّط الضوء على الإرث الثقافي والمعرفي والإنساني، إضافة إلى تبادل الخبرات في مجال صون التراث الثقافي لضمان الحفاظ عليه للأجيال القادمة. وكان وفد بيت الحكمة قد زار أيضاً المتحف المصري الكبير، والذي يستعد لافتتاح أبوابه بشكل رسمي خلال النصف الثاني من العام الجاري، ليكون موطناً لأعظم كنوز الحضارة المصرية ومركزاً لاستضافة أهم الفعاليات الثقافية، حيث بحث الوفد مع القائمين على المتحف، آفاق التعاون بين الجانبين، خصوصاً من خلال تنظيم معارض مشتركة، والاستفادة من المكتبة الكبيرة التي ستبدأ قريباً باستقبال الزوار في المتحف. وزار الوفد كذلك مقر صحيفة «الأهرام» المصرية، حيث اطلع على الأرشيف الضخم المتوفر في الصحيفة، وسبل التعاون مع المؤسسة الصحفية العريقة من خلال توفير نسخ رقمية من بعض محتويات الأرشيف لصالح أعضاء بيت الحكمة وزواره، بما يخدم المهتمين والباحثين في دولة الإمارات، ويثري المصادر الرقمية التي يحرص بيت الحكمة على تحديثها وتوسيعها باستمرار.

مقالات مشابهة

  • بيت الحكمة يبحث آفاق التعاون مع «مكتبة الإسكندرية»
  • فتح باب التسجيل في اختبارات الرخصة المهنية للوظائف التعليمية غدًا
  • منها «سندات الاستدامة».. المالية: نسعى لاستمرار جهود تنويع مصادر التمويل
  • خروج عبدالله حسين ضربة موجعة ضد المليشيا التي وجدت نفسها محاصرة من كل النواحي
  • د.حماد عبدالله يكتب: خواطر من الزمن الجميل !!
  • د.حماد عبدالله يكتب: سمات المدن الجميلة (الحب ) !!
  • الحكومة: حزمة الحماية الاجتماعية التي يجرى إعدادها تغطي فئات المجتمع (فيديو)
  • «أهم بلد عربي ثقافيا».. الرحبي: سلطنة عمان بصدد إطلاق المختبر الثقافي العماني بمصر
  • سفير سلطنة عمان من معرض الكتاب: إطلاق المختبر الثقافي العماني من أهم بلد عربي ثقافيا
  • د.حماد عبدالله يكتب: ثقافة الأمة فى حوزة (أقدامها) !!