صحيفة الاتحاد:
2024-12-25@08:01:36 GMT

د. عبدالله الغذامي يكتب: هل يربي المرء ذاته

تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT

لمحت مرة منظراً لإحدى المدارس في الرياض وقد كسا واجهتها ما لا يقل عن خمسين لوحةً مزينة بأجمل الخطوط والألوان وتحمل كل لوحة حكمةً نقشت عليها وتمتد اللوحات على ثلاثة طوابق من مبنى العمارة، ومع أني أوقفت سيارتي ونزلت لكي أقرأ الحكم بتمعنٍ وبدافع تأملي لأعرف ما يتلقاه طلاب تلك المدرسة من فوق رؤوسهم كلما دلفوا لباب مدرستهم، ولكني أحاول اليوم تذكر أي واحدة من تلك الحكم الخمسين أو أكثر فلا أجد في رصيدي أياً منها، وصرت أسأل نفسي عن مصير الحكمة مع الطلاب وهل سيحفظونها أولاً، ثم يتعلمون منها بعد حفظهم لها.

..!!
هنا يحضر السؤال التربوي عن دور الحكمة وعن دور الحفظ في صناعة الذهنية التربوية، والحق أن القاعدة العملية هنا هي أن ما يحفظ هو ما ينسى، وكل حفظ فمصيره النسيان، ولا يبقى في دواخلنا شيء إلا ما تدربنا عليه وليس ما حفظناه، وكما يقول فرويد، فإن الجسد لا ينسى، أي أن ما تحول إلى سلوكٍ عملي هو ما يبقى في حين سننسى خمسين حكمة منسوخة على جدران مدرسة أو في كتاب من كتب المطالعة، ولقد ورد عن أبي بكر رضي الله عنه أنه كان يوصي ولاته حين تعيينهم بوصايا منها قوله: ولا تكثرن عليهم الكلام فإن الكلام إذا طال أنسى بعضه بعضاً.
على أن الحكمة في تاريخ الثقافات كلها تكشف عن ملحظ خطير في أننا لا نكون حكماء إلا بعد انكسار الجرة، ولو بلغناها قبل الحدث لكنا في عداد الناجحين وليس الحكماء، وما نسميه ثقافياً بالحكمة ليس سوى خلاصة ذهنية راقية ومغرية ولها مسكن أثير على الألسنة أو لوحات الخطاطين، ويندر أن نستعين بها وقت الأزمة، والثابت أن الإنسان لم ينجح بالحكمة، وأكثر النجاحات تأتي عبر المغامرة التي قد نسميها جنوناً، أو عبر الأخطاء التي سنسميها حماقةً، وما بين جنون المغامرة ودرس الأخطاء تنبثق نجاحات البشر، وتظل الحكمة خطاباً ثقافياً نظن أننا نتعلم منه، لكننا نكتشف باستمرار أننا لن نصل لحكمتنا الخاصة إلا بعد صافرة النهاية.
ويشهد على ذلك ما نراه من تجارب العلم ومختبراته ومكتشفاته ما يشير بوضوح أن الأخطاء هي التي في النهاية تقود إلى التعلم وإلى الكشف، وكلما تعلم المرء من أخطائه فإنه يفتح درجةً في سلم الطريق ويخطو خطوة إلى الأمام.

أخبار ذات صلة د. عبدالله الغذامي يكتب: المكان بوصفه ذاكرة د. عبدالله الغذامي يكتب: الإنسان بوصفه غنياً وفقيراً في آن

المصدر: صحيفة الاتحاد

إقرأ أيضاً:

عرض "سيف الحكمة" لمسرح "يو" التايواني يأسر الجمهور في "الأوبرا السلطانية"

 

مسقط- الرؤية

استضافت دار الأوبرا السلطانية مسقط مسرح (يو) التايواني، الذي قدّم إنتاجه الاستثنائي "سيف الحكمة" يومي الخميس والجمعة الموافقين 19 و20 ديسمبر الجاري.

وقد دمج هذا العرض بين مهارات قرع الطبول، والفنون القتالية، والبراعة في الأداء الأكروباتي، من خلال سرد الرحلة البطولية للمحارب الذي يواجه تحدّيات الحياة، خلال بحثه عن  الحكمة، فتثير هذه التحدّيات المخاوف في أعماقه، فيحفّز شجاعته الداخلية لمواجهة مخاوفه، والانتصار عليها مستخدما السيف كوسيلة لإدراك نقاط ضعفه، متحلّيا بالشجاعة التي مكّنته من مواجهة العقبات، وجاءت تلك الرحلة بعد أن عاش 36 يومًا في عزلة تامة في منزل قديم على جزيرة نائية، وخلال تلك الفترة، كان يتأمل بعمق، إلى أن  ظهرت له رؤيا غيّرت مساره، فانطلق في رحلة مليئة بالمتعة والحكمة .

واشتهر مسرح (يو) التايواني عالميًا بكونه استثنائيا في كلّ ما قدّمه على مدى العقد الماضي، من عروض مذهلة على المسارح العالمية، بما في ذلك مركز باربيكان (المملكة المتحدة)، ومهرجان أفينيون (فرنسا)، ومهرجان الموجة التالية في (نيويورك).

وبالرغم من أن (سيف الحكمة) قوي وصلب إلّا أنه هادئ عند القرع على الطبول والآلات الخشبيّة والمعدنيّة.

ويشتهر فريق مسرح (يو) في جميع أنحاء العالم بانضباطه الشديد، وبراعته في الأداء الإيقاعي، والرقص الاحتفالي، ونهجه الفريد في إنتاج الأعمال، ودقّة الحركات، وقد جسّد هذا الفريق الفنون القتالية الصينية والرقص الإيقاعي المذهل وبرع في أداء قرع الطبول، وجاء ذلك نتيجة للتدريبات العميقة على التأمّل، المستوحاة من الطبيعة.

وقال المدير الفني لـ"سيف الحكمة": "إنه لمن دواعي سروري العودة إلى عُمان وعرض (سيف الحكمة) للجمهور الرائع في مسقط. و أن نطرح رسالتنا حول قوة الطبيعة وأهمية اكتشاف الذات أمام مجتمع من مختلف الأجيال ومتعدّد الثقافات في هذه المدينة الجميلة ".

 بالإضافة إلى ذلك، تواصل دار الأوبرا السلطانية مسقط مبادرتها "الأبواب المفتوحة" لإضفاء البهجة على سائر أفراد المجتمع من خلال تقديم عروض موسيقية شاملة.

وقد أحيت أوركسترا فيلارمونيكا الإيطالية، المعروفة بعروضها المتنوعة بين الأنواع الكلاسيكية والمعاصرة، حفلًا موسيقيًا ملهمًا للأطفال في الخميس الموافق 19 ديسمبر في جمعية التدخّل المبكر للأطفال ذوي الإعاقة لمشاركتهم جمال الإبداع الفنّي من خلال الموسيقى.

كما حضر الأطفال ورشة عمل مع فريق أوركسترا فيلارمونيكا الإيطالية، وتعرّفوا على إيقاعات وموضوعات أغاني ديزني، وتعتبر هذه المبادرة أساسية لالتزام دار الأوبرا السلطانية المستمر بالمنهج الذي أقرّته وهو المنهج القائم على ايصال الفنون إلى مختلف شرائح المجتمع.

وتختتم دار الأوبرا السلطانية مسقط شهر ديسمبر بحفل موسيقي رومانسي في ليلة رأس السنة الجديدة يحييه عازف الباص الباريتون الاستثنائي إروين شروت، إلى جانب أوركسترا شمال سانت بطرسبورغ السيمفونية التابعة لمسرح فيودور إيفانوفيتش شاليابين الوطني للموسيقى في سانت بطرسبورغ بقيادة فابيو ماسترانجيلو وذلك مساء الثلاثاء الموافق 31 ديسمبر.

ويشتمل البرنامج على مختارات أوبرالية كلاسيكية تليها مقطوعات الفالس الخالدة ليوهان شتراوس، التي تعد في نهاية عام 2024 بليلة موسيقية ستبقى ماكثة في الذاكرة. 

وتفخر دار الأوبرا السلطانية مسقط بمنح الجمهور فرصة مقابلة قائد الأوركسترا فابيو ماسترانجيلو في الأحد الموافق 29 ديسمبر، الساعة 7 مساءً في المكتبة الموسيقية بالأوبرا السلطانية دار الفنون الموسيقية، في جلسة (القهوة والتمر) في حوار مفتوح للجميع.

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: "هندسة " النظام المالى الدولى !!
  • بعد العفو عن 54.. الخرافين: أقول للرئيس السيسي أننا مدينون لك
  • د.حماد عبدالله يكتب: " تراجع " حركة التجارة الدولية !!
  • عبدالله بن مساعد يعلن بيع شيفيلد
  • د.حماد عبدالله يكتب: تحديث البنية الثقافية
  • «مصر أكتوبر» ينظم صالونا ثقافيا لتمكين المرأة المهمشة
  • عرض "سيف الحكمة" لمسرح "يو" التايواني يأسر الجمهور في "الأوبرا السلطانية"
  • الموسوي من حورتعلا: ثبات المقاومة مع الجيش والشعب هو الذي يقدم الحماية
  • “بين الكرم العراقي والرفض المقنّع .. تساؤلات تبحث عن إجابة”
  • سيميوني مدرب أتلتيكو يقر بأفضلية برشلونة وفليك يتحسر على النقاط الضائعة