د. عبدالله الغذامي يكتب: هل يربي المرء ذاته
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
لمحت مرة منظراً لإحدى المدارس في الرياض وقد كسا واجهتها ما لا يقل عن خمسين لوحةً مزينة بأجمل الخطوط والألوان وتحمل كل لوحة حكمةً نقشت عليها وتمتد اللوحات على ثلاثة طوابق من مبنى العمارة، ومع أني أوقفت سيارتي ونزلت لكي أقرأ الحكم بتمعنٍ وبدافع تأملي لأعرف ما يتلقاه طلاب تلك المدرسة من فوق رؤوسهم كلما دلفوا لباب مدرستهم، ولكني أحاول اليوم تذكر أي واحدة من تلك الحكم الخمسين أو أكثر فلا أجد في رصيدي أياً منها، وصرت أسأل نفسي عن مصير الحكمة مع الطلاب وهل سيحفظونها أولاً، ثم يتعلمون منها بعد حفظهم لها.
هنا يحضر السؤال التربوي عن دور الحكمة وعن دور الحفظ في صناعة الذهنية التربوية، والحق أن القاعدة العملية هنا هي أن ما يحفظ هو ما ينسى، وكل حفظ فمصيره النسيان، ولا يبقى في دواخلنا شيء إلا ما تدربنا عليه وليس ما حفظناه، وكما يقول فرويد، فإن الجسد لا ينسى، أي أن ما تحول إلى سلوكٍ عملي هو ما يبقى في حين سننسى خمسين حكمة منسوخة على جدران مدرسة أو في كتاب من كتب المطالعة، ولقد ورد عن أبي بكر رضي الله عنه أنه كان يوصي ولاته حين تعيينهم بوصايا منها قوله: ولا تكثرن عليهم الكلام فإن الكلام إذا طال أنسى بعضه بعضاً.
على أن الحكمة في تاريخ الثقافات كلها تكشف عن ملحظ خطير في أننا لا نكون حكماء إلا بعد انكسار الجرة، ولو بلغناها قبل الحدث لكنا في عداد الناجحين وليس الحكماء، وما نسميه ثقافياً بالحكمة ليس سوى خلاصة ذهنية راقية ومغرية ولها مسكن أثير على الألسنة أو لوحات الخطاطين، ويندر أن نستعين بها وقت الأزمة، والثابت أن الإنسان لم ينجح بالحكمة، وأكثر النجاحات تأتي عبر المغامرة التي قد نسميها جنوناً، أو عبر الأخطاء التي سنسميها حماقةً، وما بين جنون المغامرة ودرس الأخطاء تنبثق نجاحات البشر، وتظل الحكمة خطاباً ثقافياً نظن أننا نتعلم منه، لكننا نكتشف باستمرار أننا لن نصل لحكمتنا الخاصة إلا بعد صافرة النهاية.
ويشهد على ذلك ما نراه من تجارب العلم ومختبراته ومكتشفاته ما يشير بوضوح أن الأخطاء هي التي في النهاية تقود إلى التعلم وإلى الكشف، وكلما تعلم المرء من أخطائه فإنه يفتح درجةً في سلم الطريق ويخطو خطوة إلى الأمام. أخبار ذات صلة د. عبدالله الغذامي يكتب: المكان بوصفه ذاكرة د. عبدالله الغذامي يكتب: الإنسان بوصفه غنياً وفقيراً في آن
المصدر: صحيفة الاتحاد
إقرأ أيضاً:
بيان لقيادة حزب الله في البقاع... هذا ما جاء فيه
صدر عن قيادة حزب الله في البقاع بمناسبة "يوم الشهيد" البيان التالي:
يا سيّدنا.
اشتقنا لإطلالتك في مثل هذا اليوم، يوم الشهيـ.ـد، أنت أيُّها الشهيـ.ـد الأعظم والأسمى، سماحة السيّد حسن نصـ.ـراللـ.ـه الذي لطالما دعوت اللـ.ـه للقائه، فكان لك ما أردت، "فإنّ لله رجالٌ إذا أرادوا أراد"، وألحقك بالرفاق والأخوة والأحبّة من الشهـ.ـداء والصدّيقين لتقود قافلتهم نحو النعيم الأبدي.
نردِّد دائمًا يا سيّدنا ما كنت تقوله للشهداء في يومهم، إلى اللقاء أيها الاخوة، " فأنا لا أحب الوداع لأن قدرنا الحتميّ هواللقاء في ساحات النصـ.ـر او في ركب الشهـ.ـداء وفي كليهما خير وسعادة الدنيا والآخرة" .
إننا في هذا اليوم باسم البقاع وكل لبنان، نجدّد ولاءنا لسماحة الامين العام الشيخ نعيم قاسم(حفظه الله) ونوليه ثقتنا التامّة، وهو أهلٌ لها بحكمته وإصراره على التمسّك بنهج السيّد الراحل ومبادئه وصلابة مواقفه،
ونؤكّد على الأمور التالية:
١- معركتنا في لبنان إلى جانب محور المقاومة هي معركة أخلاق وشرف وحق وانتصاراً لغـ.ـزة ودفاعًا عن لبنان بوجه إجرام اسرائـ.ـيل وفي ظل صمتٍ عربيٍّ وإسلاميّ وتواطؤ العالم أو عجـزه عن مواجهة آلة القتل الاميركية.. ليكتب التاريخ أننا لم نخن الأمانة، وليفخر بنا أبناؤنا والأحفاد أننا لم نقصّر في نصـ.ـرة المظلومين والمستضعفين ،ولتشهد لنا الساحات أننا مع خيار السيف نصـ.ـرةً للحق، وليس طريق الذلّة، "يأبى اللـ.ـه لنا ذلك ورسوله والمؤمنون".
٢- إنّ المجازر الصهيونية ضد المدنيين في الجنوب والضاحية والعائلات البقاعية النازحة في علمات جبيل وعلى امتداد البقاع والجغرافيا اللبنانية، بقدر ما تشير إلى دمويّة العـ.ـدو وحجم حقده واجرامه فإنها تدل على إفلاسه وعجـ.ـزه عن المواجهة عند حافة الحدود مع فلسـ.ـطين المحتـ.ـلّة حيث يذيقه رجال المقـ.ـاومة مرارة البطش بجنوده وضباطه وهو يتخبّط في أوحال المعركة دون أن يحقِّق ايّا من اهدافه فلا هو استعاد الأسرى في غـزة، ولا قضى على حمـ.ـاس ولا استطاع التوغّل في الجنوب، ولا قلّل من عزيمة أهلنا الشرفاء، فيما تتّسع دائرة مهجري الشمال لتمتد إلى الوسط وتشمل المزيد منهم، ولا عودة لهم إلا بوقف العـ.ـدوان وعودة أهل الجنوب والبقاع إلى قراهم ومنازلهم بصورة مستقرة وآمنة.
٣- في يوم الشهيـ.ـد الف تحيّة لعوائل الشهـ.ـداء الذين قدّموا أغلى ما يملكون دفاعًا عن الحق وعن الوطن على طريق المبادى التي استشهد من أجلها سماحة أميننا الأسمى والأعظم السيّد حسن نصـرالله (قده) وإخوانه.
نسأل اللـه أن يثبّت قلوبهم بالصبر والإحتساب.
ونعاهد شهـداءنا العظام بالمضي على دربهم حتى نيل إحدى الحسنيين.
وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ".