آلية تطوير ممارسات الأداء الفني في الإمارات
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
نوف الموسى (دبي)
أخبار ذات صلةيكاد يُنظر إليه، كفعل أحادي قائم على دافع شخصي، تحفزه عزلة يختارها الفنان، ينتج عنه بديهياً ممارسة إبداعية أقرب إلى ما يطلق عليه بالعرض الحيّ الواحد، إذْ لا يُمكن تكراره، مثلما هي لحظات الحياة التي لا تعود، متى ما أجزمت في فعلها على تجاربنا الحسية، وأفكارنا المليئة بالسياقات الاجتماعية، ولكنه بالمقابل يمثل حركة طبيعية جداً، يستخدم فيها الفنان طاقات الجمهور الحيّة ليحرر منها الأسئلة، وبالنسبة للناقد الفني فهو بمثابة «نحت اجتماعي» وحوار مباشر يختار «الجسد» لغةً للتواصل والمواجهة في الممارسة التجريبية، وبذلك يصنف كفعل جماعي بالدرجة الأساسية، إنه «الأداء الفني» وما يسمى بالإنجليزية «Performance art».
في الثمانينيات، عندما بدأ الفنان الإماراتي حسن شريف، أحد أبرز المساهمين في الفن المفاهيمي والممارسة التجريبية في المنطقة، بتوثيق العروض الخاصة للتجارب والأنشطة اليومية، مثل حفر الثقوب في الصحراء، كممارسات عبثية، تطور جزء كبير منها إلى أنظمة حسابية غاية في الدقة، من خلال تحريك جسده في فضاء هندسي مرسوم على الأرض، انطلقت البحوث الفنية المحلية في كيفية توسيع نطاق الفلسفة الإنسانية وممارستها الاجتماعية، مثل التفكير بالمشي اليومي، في حديقة عامة أو للبقالة لشراء الحاجيات، بأنه يُعد عملاً فنياً قائماً بذاته. أن يعود بالإنسان إلى أبسط الممارسات الحياتية اليومية، كما أوضحت فنانة الأداء الشهيرة مارينا ابراموفيتش، في أحد حواراتها حول أسباب تأسيسها لمنصة «MAI» التجريبية، ما يسمح للمتلقي أن يكون جزءاً من تجربة الأداء، مبينة أنه في البداية يتعلم المشارك كيف يشرب كوباً من الماء، ما يجعلنا أمام أبسط الأفعال الحياتية. وكيف أنه عندما يكون العمل لمرة واحدة فقط، فأنت لا تملك سوى الذاكرة لاستشعاره، فليست هناك لوحة أو منحوتة، إنما تمثيل ذهني وجسدي، مضيفة أنه علينا أن ندرك مسألة مهمة أن «الأداء» و«المسرح» مسألتان مختلفتان تماماً، فعندما ننظر إلى فن الأداء نجد أن أدوات العرض حقيقية، بينما في المسرح قد يستخدم المؤدون أدوات غير حقيقية، ما تعنيه الفنانة مارينا ابراموفيتش، أن المشاعر الإنسانية مثل الخوف تكون صادقة جداً.
الأداء والحياة
إدراك المجتمع الفني، للعلاقة بين الأداء والحياة، يجعلنا أمام محاولة معرفية رصينة، لتتبع آلية تطوير ممارسات الأداء الفني في الإمارات، من خلال الاطلاع على جهود الفنانين الشباب أنفسهم، ومناقشة المؤسسات الفنية والثقافية، حول إمكانيتها لتأسيس منصات تستقطب الممارسات التجريبية، وتحولها إلى برامج مستمرة ضمن مواسمها الثقافية السنوية، أن ينتقل من كونه فعلاً لفنان واحد، إلى مشهدية مجتمعية بالكامل مثلما سعت إليه مؤسسة الشارقة للفنون، عندما أطلقت «عروض الشارقة» الذي مثل برنامجاً لتقديم العروض الأدائية. ولأننا أمام تعددية واسعة لممارسات التجريبية، فإن الرجوع لما يقدمه الفنانون الشباب في المجال، مثل الفنان الإماراتي عمّار العطار، الذي قدم معرضاً مسكوناً بأداء فني، وثقه الفنان بكاميرا تسجيلية، يهدينا طبيعية الأسئلة التي يناقشها الفنانون الشباب والوسائل المستخدمة لتعبير عنها، فما قدمه الفنان عمّار عبر معرض «خارج النطاق»، عندما زحف بكامل جسده في ممر مخصص لجريان الماء في الأفلاج، يُشعر المتلقي عبر أنفاسه المسموعة في التسجيل، طبيعة المجهود المبذول لتكرار الممارسات اليومية، وكيف أن «التكرار» يخلق نمطاً يقيد أفكارنا ويعيق تطورنا للمضي قدماً نحو مسار مغاير عما اعتدنا عليه.
العلاقة الجمالية
في تجربة الفنانة الإماراتية موزة المطروشي، يتولد السؤال من الذائقة، من العلاقة الجمالية بين الغذاء والطهي، ففي إحدى ممارساتها التجريبية بعنوان: «أبجديات الخباز - خبزنا اليومي»، الذي قدم في معرض «آرت دبي» في مارس الفائت من هذا العام، أرادت الفنانة موزة، إبراز قيمة الأشخاص، الذين يقفون خلف إعداد الأطعمة الرئيسة للعالم، يوجها في ذلك، اهتمامها المتمركز بتجاه الدلالات التي يقدمها الخبز على الجسد، بحسب توضيحها المسبق حول التجربة، وأثر صنّاع الخبز في جودة حياتنا الشعورية، المرتبط بما يشعرون به هم كذلك طوال صناعتهم وتقديهم للخبز، ومنه نلاحظ كيف يتلاشى الخط الرفيع للمرجعيات الثقافية والاقتصادية بين من يتناول الخبز ومن يصنعه، حيث تقف الفنانة موزة المطروشي في قاعة العرض وتستمر بالعجن طوال فترة العرض، بصمت وسكينة تامة، هادفة إلى إبراز القيمة الجوهرية للخبازين من مختلف دول العالم.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: من خلال
إقرأ أيضاً:
وزير العمل يُشارك في «إديوتك إيجيبت 2025» ويؤكد على أهمية تطوير التعليم الفني
شارك وزير العمل محمد جبران، منذ قليل في فعاليات النسخة الرابعة من المعرض والمنتدى الدولي الرابع للتعليم الفني والتكنولوجي «إديوتك إيجيبت 2025» المنعقد بالقاهرة تحت شعار «اصنع مستقبلك».
وبدأ الوزير مشاركته بجولة في المعرض، ثم قال في كلمة رسمية له أن أهداف المنتدى الدولي الرابع للتعليم الفني التكنولوجي والتعليم المزدوج والتدريب المهني وسوق العمل «إيديوتك إيجيبت 2025»، تتماشى مع رؤية القيادة السياسية، وخطة الدولة الشاملة لإصلاح وتطوير التعليم الفني، وفتح آفاق جديدة لسوق العمل المحلية والدولية.
تطوير منظومة التدريب المهنيوكذلك التركيز على قضايا التعليم الصناعي وآليات مواكبته لاحتياجات قطاع الصناعة والشركات وأولويات الدولة التنموية، أن هذه الرعاية والتواجد من الوزرات ومؤسسات الدولة المختلفة لهذا الملتقى، خير دليل على دعم ومُساندة أهدافه التي ترسخ مبادئ الدولة المصرية وسياساتها نحو تطوير التعليم الفني والتكنولوجي.
وأوضح أن وزارة العمل ،تعمل مع كافة الشركاء المحليين والدوليين على تطوير منظومة التدريب المهني، وتقديم كل أنواع الدعم لتنفيذ خطط تأهيل الشباب على المهن التي يحتاجها سوق العمل في الداخل والخارج، واستشهد ببروتوكلات التعاون مع وزارة التربية والتعليم، وبعض الجامعات المصرية، ومعهد الساليزيان الإيطالي بالقاهرة والإسكندرية، و«مبادرة إبدأ»، وغيرها لتحقيق الأهداف المشتركة في هذا المجال.
إطلاق الاستراتيجية الوطنيةوأضاف أن الوزارء تعمل مع شركاء العمل والتنمية على سُرعة إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل التي تستهدف رصد التحديات التي تواجه سوق العمل، والتعامل مع تلك التحديات بتأهيل الشباب على وظائف المستقبل والمهن ذات الصلة بالذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.