قال الدكتور حسن الشافعي عضو هيئة كبار العلماء، بالجامع الأزهر، خلال شرحه لكتاب" الفتوحات الإلهية شرح المباحث الأصلية " أن التصوف الحق مبني على الأدب والأخلاق، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين، لذا لديهم اهتمام بأدب النفس ثم الأدب مع الغير، كأدب المريد مع الشيخ.

 

الصوفية الحقيقة 

وتابع الشافعي موضحًا أنه من أهم مراحل التوصف الصحيح  "مرحلة التدلي"، وهي عندهم مأخوذة من قوله تعالى:(ثم دنا فتدلى)، وهي آخر مراحل السلوك كما قلنا مرارًا : التخلي ثم التحلي ثم التجلي ثم التدلي.

والمراد : نزوله من علو الروح إلى مخالطة الخلق، وتسليكهم للطريق الصحيح الذي يصل بهم إلى الله.

وأضاف الشافعي أن أهل التصوف الحق يقولون : قتل النفس هو إحياؤها، يقصدون بذلك قتل شهوات النفس وبواعث ضياعها، حتى تحيا الحياة الروحية، وأن الصوفية الحقيقية- التي لا غلو فيها ولا شطط- هم أوسط الناس، وأعدلهم، يقولون بالخلوة لحرق الشهوات، والعُزلة لمنع أذاك عن الناس، لا كما تفعل الجماعات المنحرفة؛ من انعزالهم عن المجتمع لكفر الناس أو ضلالهم، فالأولى: عزلة تواضع وهضم نفس، والأخرى : عزلة كبر وفخر وعبادة هوى.

هل التصوف يخالف الإسلام 

 

وفي هذا السياق وضحت دار الإفتاء المصرية أن التصوف قد اتُّـهِم بـمخالفته للكتاب والسنة، ولعل من أسباب هذا الاتـهام أن أقوامًا نظروا إلى ما أحدثه بعض مدعي التصوف، وظنوا أن ما يفعلونه هو التصوف، فقاموا في تسرع بغير روية، وبغير اطلاع على مبادئ التصوف وأقوال أئمته بإصدار الأحكام العامة مـما تسبب فيما نحن فيه، لذا كان أهل الله من الصوفية الـمخلصين يعتنون ببيان أن هذه الـمظاهر ليست هي التصوف

وتابعت الغفتاء أن عبارات أئمة الصوفية تؤكد على أنه لا تصوف إلا بـموافقة الكتاب والسنة، ومن ذلك ما قاله إمام الصوفية الإمام الجنيد في "الرسالة القشيرية": [الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا من اقتفى أثر الرسول عليه الصلاة والسلام... وقال: من لم يحفظ القرآن، ولم يكتب الحديث، لا يُقتدى به في هذا الأمر؛ لأن علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة]

وانتهت دار الغفتاء أن التصوف الإسلامي ظاهرة سنية ظهرت بين أهل السنة والجماعة وصدرت عن أسس إسلامية، وهذا لا يمنع -بل لعل هذا هو ما حدث فعلًا- أنها تأثرت في رحلة تطورها الطويلة بمؤثرات خارجية كان لها أثر ملحوظ في صبغ هذه الظاهرة السنية الإسلامية ببعض الألوان الجديدة، مع بقاء الظاهرة مرتبطة بأصولها الأولى.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: التصوف دار الافتاء المصرية الصوفية التيجانية التيجاني حقيقة

إقرأ أيضاً:

الطرق الصوفية ومدح النبي.. هل هي بدعة؟

الطرق الصوفية تهدف فقط إلى التقرب إلى الله عز وجل، عن طريق بعض الطقوس والممارسات، التي تعلم العبد الزهد في الدنيا والتجرد من كل شيء والتركيز فقط مع الله سبحانه وتعالى، وتعزيز حب العبد لربه وحب العبد للنبي صلى الله عليه وسلم وآل البيت، ويقوم متبعو تلك الطرق بالذكر والتأمل حتى يتمكنوا من بلوغ هذه الدرجة.

الطرق الصوفية والمديح 

البعض يشكك في الطرق الصوفية ويتهمها بأنها بدعة وما يتم فيها من ممارسات لا علاقة له بالدين الإسلامي الصحيح، ولكن دار الإفتاء تطرقت للأمر في العديد من فتواها، وأكدت أن الطرق الصوفية صحيحة وليست بدعة، وما هي إلا ظاهرة سُنية مبنية على أسس الإسلام ومبادئه. 

وقالت الإفتاء إن البعض يظن أن المديح من بدع الطرق الصوفية، وهذا الكلام غير حقيقي ولا يجب أن يؤخذ به وما هو إلا تضليل للعباد، حيث إن مدح النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور المستحبة بل وتُعد من أصول الإيمان. 

ما جاء في الكتاب والسنة عن مدح النبي 

وأكدت دار الإفتاء أن مدح النبي لا يقتصر فقط على الطرق الصوفية، فهو من الأمور المشتركة بين المسلمين والمستحبة في الإسلام، مشيرة إلى قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: 24]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ» رواه البخاري. وقال أيضًا: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» رواه مسلم.

وفي فتواها، شددت الإفتاء على أن الطرق الصوفية ليست بدعة، وأن مدح النبي ليس بدعة أيضا، ومن يقول ذلك فلا يؤخذ بكلامه، موضحة أن المدح عبارة عن شعر يذكر كل الصفات الحميدة فيه صلى الله عليه وسلم، بكلمات صادقة بعيدة كل البعد عن التزييف. 

المديح لا يقتصر على الطرق الصوفية 

وأكدت أن مدح النبي لا يقتصر على الطرق الصوفية، وورد في أبيات للعديد من الشعراء على مر التاريخ، ولكنه ازدهر بشكل كبير مع وجود الصوفية، وتحديدا في أواخر القرن السابع وبداية القرن الثامن هجريا. 

وفي فتواها عن مسألة المديح والطرق الصوفية، أكدت دار الإفتاء أن الإمام البوصيري من رواد فن المديح، وقد حذا حذوه الكثير من الشعراء من بعده في مسألة المديح، واقتبسه من شعره، ومن أبرز ما كتب هو «الكواكب الدرية في مدح خير البرية».

مقالات مشابهة

  • د. محمد كمال يكتب: قاطرة التقدم الحقيقية
  • بعد القبض عليه.. القصة الكامة لصلاح الدين التيجاني بين التصوف والتحرش
  • مع إطلاق آيفون 16.. تعرف على السعة الحقيقية لبطاريات الإصدارات الأربعة
  • مصطفي ثابت يكتب.. فن إدارة الاختلاف: دروس من الإمام الشافعي لتجاوز الخلافات بحكمة
  • “سحر خليل” العرفان في مثواها شموخ “2”
  • الطرق الصوفية ومدح النبي.. هل هي بدعة؟
  • لجنه وزراء الصحة والإسكان بأسوان لمعرفة الأسباب الحقيقية لحالات الإعياء والنزلات المعوية
  • بعد جدل الشيخ التيجاني هل اتباع الصوفية حرام ؟.. الإفتاء تجيب
  • التهنئة الأمريكية و”ستارلينك”: ما هي الدوافع الحقيقية وراء إدخال الخدمة إلى اليمن؟