شارك عشرات الآلاف من المتظاهرين في مدينة ليفربول البريطانية اليوم في مسيرة وطنية مناهضة للحرب في غزة ومطالبة بوقف إطلاق النار، والضغط على الحكومة البريطانية من أجل وقف تصدير السلاح إلى إسرائيل.

المظاهرة التي نظمها المنتدى الفلسطيني في بريطانيا، وحملة التضامن مع فلسطين، وائتلاف أوقفوا الحرب، وأصدقاء الأقصى، والرابطة الإسلامية البريطانية، وحملة نزع السلاح النووي، طالبت بإنهاء الدعم العسكري البريطاني لإسرائيل على الفور واتخاذ إجراءات ملموسة من حزب العمال للوقوف ضد الإبادة الجماعية المستمرة في غزة.





وتزامنت المسيرة مع المؤتمر السنوي لحزب العمال، مما وفر منصة قوية للمتظاهرين للتعبير عن مخاوفهم مباشرة لقيادة الحزب.

وكان الاحتجاج استجابة مباشرة لسجل التصويت الأخير لحزب العمال في الأمم المتحدة، حيث فشل الحزب في دعم القرار الذي يطالب بانسحاب إسرائيل الفوري من الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد قوبل هذا القرار بغضب من قبل المجتمع الفلسطيني وأنصاره، الذين ينظرون إلى موقف حزب العمال باعتباره تأييدًا ضمنيًا للعدوان الإسرائيلي.

وأكد المتظاهرون أنه من غير المقبول أخلاقياً أن تستمر المملكة المتحدة في تسليح دولة تنتهك القانون الدولي بشكل متكرر وتستمر باحتلال الأراضي الفلسطينية.

وأعرب المتظاهرون عن خيبة أملهم العميقة في فشل حزب العمال في دعم قرار الأمم المتحدة الذي دعا إلى انسحاب إسرائيل الفوري من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحثوا الحزب على إعادة تنظيم سياساته بما يتماشى مع التزامه التاريخي بحقوق الإنسان والعدالة.

كما حملت المسيرة دعوة قوية لحزب العمال للتحرك بشكل عاجل استجابة للأزمة الإنسانية في غزة.

ومع استمرار الإبادة الجماعية التي تهدد ملايين الأرواح، طالب المنتدى الفلسطيني في بريطانيا وأنصاره حزب العمال باستخدام نفوذه السياسي للدعوة إلى وقف فوري للعنف وضمان الحماية للمدنيين الفلسطينيين.



وأكد زاهر بيراوي، رئيس المنتدى الفلسطيني في بريطانيا، أن "الدور العالمي للمملكة المتحدة يجب أن يتحدد من خلال الالتزام بحقوق الإنسان والقانون الدولي. إن الموقف الحالي لحزب العمال، وخاصة فشله في دعم قرار الأمم المتحدة، يهدد بتنفير ليس فقط المجتمع الفلسطيني ولكن أيضًا أنصاره في جميع أنحاء بريطانيا".

وأضاف بيراوي "إننا نسير اليوم برسالة واضحة لحزب العمال: نطالب بوقف كامل للدعم العسكري البريطاني لإسرائيل وموقف أقوى ضد الفظائع المرتكبة في غزة. يجب على حزب العمال أن يدرك الحاجة الملحة للتدخل ووقف الإبادة الجماعية، فضلاً عن إعادة تقييم تصويته المخيب للآمال في الأمم المتحدة. الآن هو الوقت المناسب لحزب العمال للوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ والدفاع عن قيم العدالة والسلام والإنسانية".

تُعتبر مسيرة ليفربول الوطنية الأولى من نوعها التي تُنظم خارج لندن، حيث ساهمت حملة التضامن مع فلسطين (PSC) وشركاؤها في تعزيز الجهود الرامية إلى تحقيق الحرية والعدالة للفلسطينيين على هامش مؤتمر حزب العمال.



وتأتي هذه المسيرة بعد أن صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالأغلبية لصالح تأكيد الحكم التاريخي الصادر عن محكمة العدل الدولية في يوليو/ تموز، والذي يُلزم الدول بإنهاء التواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني ونظام الفصل العنصري، بما في ذلك فرض حظر على الأسلحة.

إلا أن بريطانيا قد امتنعت عن التصويت، ما يُظهر برأي أنصار فلسطين، تواطؤها مع الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي.

على الرغم من تصريحات محكمة العدل الدولية التي اعتبرت الوضع في غزة حالة إبادة جماعية، وطلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات توقيف بحق القادة الإسرائيليين، تستمر الحكومة البريطانية في وصف إسرائيل كحليف رئيس.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أقر وزير الخارجية ديفيد لامي بوجود خطر واضح من استخدام صادرات الأسلحة البريطانية لارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، إلا أن رده المتمثل في تعليق 30 من أصل 350 ترخيصًا لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل وُصف بأنه غير كافٍ.

وتواصل حملة التضامن مع فلسطين (PSC) نشاطها داخل مؤتمر حزب العمال من خلال تنظيم اجتماعين هامشيين مهمين يوم الإثنين الموافق 23 سبتمبر/ أيلول: الأول بعنوان "العمل وفلسطين والإسلاموفوبيا" في الساعة 1 بعد الظهر، والذي يناقش تنحية المسلمين والأقليات عن حزب العمال بسبب موقفهم من غزة.

والثاني، "العدالة لفلسطين: مواجهة الإبادة الجماعية وإنهاء الفصل العنصري" في الساعة 6 مساءً، لحث الحكومة على اتخاذ إجراءات أقوى لإنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة.

ولم يُسمح لمجلس السلم والأمن داخل حزب العمال باستخدام كلمتي "إبادة جماعية" أو "فصل عنصري" في وصف اجتماعهم الهامشي في دليل المؤتمر الرسمي، حيث أُدرِج الاجتماع ببساطة تحت عنوان "العدالة لفلسطين".



ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قصف الجيش الإسرائيلي 181 مركزا للنزوح والإيواء بقطاع غزة، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

ويواجه الفلسطينيون منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة معاناة النزوح المتكرر، إذ يأمر الجيش الإسرائيلي أهالي مناطق وأحياء سكنية بإخلائها استعدادا لقصفها وتدميرها والتوغل داخلها.

ويضطر الفلسطينيون خلال نزوحهم إلى اللجوء للمدارس أو لمنازل أقربائهم أو معارفهم، والبعض يقيم خياما في الشوارع والمدارس أو أماكن أخرى مثل السجون ومدن الألعاب، في ظل ظروف إنسانية صعبة حيث لا تتوفر المياه ولا الأطعمة الكافية، وتنتشر الأمراض.

وحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، بلغ عدد النازحين داخل القطاع منذ بد الحرب، مليوني شخص من أصل 2.3 مليون إجمالي الفلسطينيين فيه.

وبدعم أمريكي مطلق تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر الماضي، حربا مدمرة في غزة خلفت أكثر من 136 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.

وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

إقرأ أيضا: مظاهرة حاشدة في لندن تطالب بوقف الإبادة في غزة وإنصاف الفلسطينيين (شاهد)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية ليفربول الفلسطيني بريطانيا بريطانيا مظاهرات فلسطين ليفربول المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإبادة الجماعیة الأمم المتحدة لحزب العمال حزب العمال فی غزة

إقرأ أيضاً:

إسرائيل.. الاحتماء بالإبادة

كشفت حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على الفلسطينيين في قطاع غزّة، عن عوامل أخرى للاستمرارية الإسرائيلية، أو عن أسباب القدرة الإسرائيلية على تثبيت وضعها الطارئ والشاذ المفتقر للمبررات الذاتية، أو عن أدوات "إسرائيل" لحماية نفسها في وضعها الشاذّ ذاك، وبعض هذه العوامل معلوم بداهة، ولكنّه تكشّف هذه المرّة بنحو فجّ، صادم، لا من حيث هو، ولكن من حيث الدرجة التي بلغها، وهو الدعم الأمريكي المطلق والمفتوح والذي لا تبدو له حدود نهائية. وهذا العامل المعلوم، متصل في درجته بعامل آخر، إسرائيلي ذاتي، ولكنه مندفع بلا كوابح بفعل هذا الدعم الأمريكي، وعوامل أخرى.

العامل الأساس الذي تحمي "إسرائيل" نفسها به هو الإبادة، وعلينا بعد الإبادة التي وقعت على غزّة، أن نعود إلى وصف السياسة الإسرائيلية منذ تأسيسها إلى اليوم، بوصفها سياسة إبادية، بقطع النظر عن التعريفات القانونية المتباينة للإبادة، والكيفيات القضائية الدولية في الحكم بوقوع الإبادة بالفعل. إذ يبدو الأمر مهينا للعقل، ومُهدّدا للاجتماع البشري، حينما تُشترط النوايا المعلنة، للحكم على الإبادة الواقعة بالفعل أنّها إبادة، علاوة على التوظيف السياسيّ لمفهوم الإبادة، لتسهيل إبادة شعب، أو على الضدّ من ذلك لكبح جماعة أخرى، دولة كانت أو غير ذلك، باتهامها بالإبادة حتى لو لم تتوفر المعايير القانونية المُدعاة والمشترطة لاتهام آخرين.

مستوى العنف الذي بلغته "إسرائيل" في غزّة، لا يتعلّق جوهريّا بعملية "طوفان الأقصى"، ولكن بالغريزة الإسرائيلية، أي الوعي الكامن بالشذوذ في الوجود الذاتي، المهدّد بحكم شذوذه بالزوال، بحيث لا يمكنه الاحتفاظ بوجوده الشاذّ إلا بإبادة كلّ ما هو طبيعي من حوله. والطبيعي الأقرب إلى الإسرائيلي هو الفلسطيني، الذي بمحض وجوده يرفع درجة التوتر الوجودي الإسرائيلي، لأنّ أساس الوجود الإسرائيلي، وفق الترتيب الصهيوني، عقيدة ووعيا وبنية، يتناقض فيزيائيّا مع الوجود الفلسطيني
مستوى العنف الذي بلغته "إسرائيل" في غزّة، لا يتعلّق جوهريّا بعملية "طوفان الأقصى"، ولكن بالغريزة الإسرائيلية، أي الوعي الكامن بالشذوذ في الوجود الذاتي، المهدّد بحكم شذوذه بالزوال، بحيث لا يمكنه الاحتفاظ بوجوده الشاذّ إلا بإبادة كلّ ما هو طبيعي من حوله. والطبيعي الأقرب إلى الإسرائيلي هو الفلسطيني، الذي بمحض وجوده يرفع درجة التوتر الوجودي الإسرائيلي، لأنّ أساس الوجود الإسرائيلي، وفق الترتيب الصهيوني، عقيدة ووعيا وبنية، يتناقض فيزيائيّا مع الوجود الفلسطيني، إذ كيف يُمكن أن يُعطى تأسيس "إسرائيل" التفسير الصحيح والوصف الدقيق، دون وصفه بالإبادة في محض ذاتها ووجودها، لأنّها لم تتصوّر لنفسها ذاتا ووجودا إلا بإزاحة السكان الأصليين، وهو ما يوصف بالتطهير العرقي، بيد أن وصف الإبادة هو الأليق به، وهو وصف واقعي، يقصد المعنى الحرفي، لا المجاز الأدبي، فالإبادة، والحالة هذه، إبادة للوجود في المكان، وإبادة للذاكرة الأصلية الناشئة طبيعيّا في المكان، وهنا يصير المحو رديف الإبادة، محو التاريخ الفلسطيني عن فلسطين، ومحو الاجتماع الفلسطيني عن فلسطين، سواء اتخذ هذا المحو شكل القتل الواسع والشامل وبقصدية قتل أكبر عدد ممكن من السكان، أم اتخذ شكل التهجير والتشريد.

"إسرائيل" هنا في الإبادة، تُعبّر عن عقيدة صريحة، يعيها معتنقوها. لا ينبغي أن يوجد فلسطيني في فلسطين، وقد مُحي معنى الوجود الفلسطيني في فلسطين من الوعي الإسرائيلي، فلا مبرر للوجود الفلسطيني في فلسطين، وبالرغم من خرافية هذه العقيدة، أي نفي المبرر للوجود الطبيعي للساكن الأصلي لأرضه التي ظلّ يتوارثها قرونا ممتدة، إلا أنّ الإسرائيلي مؤمن تماما أن وجوده المُتخيّل فيها قبل ثلاثة آلاف عام هو الوجود الطبيعي!

حين قراءة مذكرات وأدبيات الآباء المؤسسين للحركة الصهيونية، بما في ذلك مؤسسو "إسرائيل" وقادة العنف المباشر فيها، يمكن ملاحظة وعيهم بخرافية هذه العقيدة، لكنهم أولا سعوا إلى عقلنتها أخلاقيّا بما يبرّر حلّ "المسألة اليهودية" على حساب السكان الأصليين لفلسطين، ثمّ سعو إلى عقلنتها في أجيال الإسرائيليين المتعاقبة، حتى تصبح "إسرائيل" هي الطبيعية، وفلسطين هي الشاذّة. هذه العقلنة للخرافة، تزيد من توتر عقيدة الإبادة، لأنّه جرى عقلنتها أصلا بالإلحاح على الكثافة العربية من حول "إسرائيل"، وهذا العربي لا يكتفي برفضه استيعاب الفلسطينيين وتذويبهم في وجوده الواسع والممتد، ولكنه دائما يُضمر نيّة لإزالة "إسرائيل".

وهكذا تصبح الإبادة، عقيدة متحفزة، لمجرد الوجودي الفيزيائي الفلسطيني، ولمجرد الرفض المحيط لدعوى طبيعية "إسرائيل"، وكلما ارتفع التحدّي الفلسطيني أو العربي، للدعوى الإسرائيلية، كلما اتخذ العنف الإسرائيلي شكلا أقرب إلى التعريفات القانونية للإبادة، مستوعبا ذاته تماما، أي العنف الإباديّ، لأنّ السردية المُعقلنة للخرافة، وإعطاء معنى تاريخي للوجود الإسرائيلي، تستند أصلا إلى الذاكرة القومية الإسرائيلية المُتخيّلة، التي تُؤكد أنّه ما كان للتأسيس القديم، قبل ثلاثة آلاف عام، أن يتحقّق إلا بالإبادة، وهي ذاكرة يتبناها الجميع في "إسرائيل"، من مواقع مختلفة، فثمّة من يراها نصوصا دينية مُقدّسة تُشرعن الإبادة والحالة هذه، وثمّة من يراها سجلا موثقا لـ"شعب إسرائيل" المتعاقب في التاريخ، وقدرا يلاحقه لا بدّ له أن يُسلّم به، بانتهاج الإبادة لاستعادة التحقّق الذاتي للشعب، في "أرضه الموعودة".

وإذن، فالإبادة هي النهج الإسرائيلي الذاتي للتحقق، وللاستمرار، وللاحتماء من الخطر المحيط. الإبادة ترتفع بحيث تصل تخوم التعريفات القانونية السائدة لها وتتجاوزها، وتنخفض بمستويات عنفية أقلّ، بحسب مستويات القوّة التي يصل إليها أعداء "إسرائيل"، والقوّة هنا ليست فقط من حيث الفعل المادي النافذ في الواقع كما في "طوفان الأقصى"، أو من حيث امتلاك القوّة التسليحية، ولكن أيضا من حيث قوّة الرفض الاعتقادي للوجود الإسرائيلي، قوّة لا بدّ وأن تتجلّى في جدّية الإعداد والعمل. تحتمي "إسرائيل" بالإبادة، وبالدعم الأمريكي، الدعم الذي أطلق الإبادة، وأمدّها بأسباب القتل والتدمير، وغطّاها دعائيّا وبقوّة الإمبراطورية، والدعم الذي يحاول أن يُنجِز لها الآن ما لم تنجزه الحرب، فالحرب التي لم تتمكن من تهجير سكان قطاع غزّة، الحرب التي تتسيّد مشهديتها اليوم عودة النازحين عن شماليّ قطاع غزّة إليه من الجنوب رغما عن الاحتلال، يسعى ترامب الآن، على الأقل ولو في حدود تصريحات دعائية أو استعراضية أو استطلاعية، لإنجاز ما فشلت في إنجازهلا ينبغي أن يكون أعداء "إسرائيل" أقوياء، وكلّما زادت قوّتهم كلما زاد التهديد بإبادتهم. هنا لا بدّ من ظهور سؤال جدليّ، يردّ على من يقول "قوّتنا في ضعفنا"، كيف تكون قوّة عدوّ "إسرائيل" في ضعفه، طالما تحرص هذه الأخيرة على إبقائه ضعيفا؟! لا تريد "إسرائيل" من أعدائها أن يروا شيئا من المواجهة معها، إلا الإبادة.

الإبادة هنا، تأتي كذلك في مواجهة الإمكان الفلسطيني والعربي، الإمكان الذي اجتهدت "إسرائيل" عمرها كلّه، في التأكيد على كونه مستحيلا. الجيش الذي لا يُقهر والقدرات الاستخباراتية العجائبية، دعايات صدّقت نفسها في مجرد الوجود الإسرائيلي الذي يفتقد مبررات الوجود في محيط من العرب وأبناء المنطقة الطبيعيين، وزادتها تأكيدا بانتصاراتها على هذا المحيط، فكيف إذا تبيّن أن هذا الجيش يُقهر واستخباراته تفشل؟ لا بدّ من الإبادة لاستعادة دعاية الإخضاع، ولا بدّ منها لأن تكريس الإنجاز الفلسطيني، كما في "طوفان الأقصى" وتمدّده يعني نهاية "إسرائيل".

إذن تحتمي "إسرائيل" بالإبادة، وبالدعم الأمريكي، الدعم الذي أطلق الإبادة، وأمدّها بأسباب القتل والتدمير، وغطّاها دعائيّا وبقوّة الإمبراطورية، والدعم الذي يحاول أن يُنجِز لها الآن ما لم تنجزه الحرب، فالحرب التي لم تتمكن من تهجير سكان قطاع غزّة، الحرب التي تتسيّد مشهديتها اليوم عودة النازحين عن شماليّ قطاع غزّة إليه من الجنوب رغما عن الاحتلال، يسعى ترامب الآن، على الأقل ولو في حدود تصريحات دعائية أو استعراضية أو استطلاعية، لإنجاز ما فشلت في إنجازه، باستخدام قوّة الإمبراطورية ونفوذها وقدرتها على الترغيب والترهيب، لتهجير سكان قطاع غزّة إلى عدد من الدول، ذكر منها مصر والأردن.

هذه هي "إسرائيل" تستمد استمرارها، وتحمي نفسها بالإبادة وبأمريكا وإرادتهما، كما تبين من الحرب نفسها، ليست قضاء محكما ولا أمرا مبرما، ليستا نافذتين بلا حدّ، ليكون النقاش الواجب، كيف نحمي أنفسنا من الإبادة. ولكن الإجابة الصحيحة لا تكون بأن نحافظ على ضعفنا، لأنّ معنى ذلك في الحدّ الأدنى إبادة من نوع آخر، لأنّ الاستمرارية الإسرائيلية إبادة للمنطق والعقل والأخلاق ولمعنى وجود السكان الطبيعيين للمنطقة.

x.com/sariorabi

مقالات مشابهة

  • “الدولية لدعم فلسطين”: إسرائيل ليس لديها صلاحيات للتحكم في مصير “أونروا”.. مهزلة
  • إسرائيل.. الاحتماء بالإبادة
  • رئيس «الدولية لدعم فلسطين»: الرئيس السيسي له موقف حاسم في إفشال مخططات تهجير الفلسطينيين
  • الأمم المتحدة: استخدام إسرائيل قوة مميتة ضد المدنيين العائدين إلى جنوب لبنان انتهاك للقانون الدولي
  • الأمم المتحدة: استخدام إسرائيل القوة المميتة ضد المدنيين اللبنانيين العائدين لمنازلهم انتهاك للقانون الدولي
  • الأمم المتحدة: استخدام إسرائيل "قوة مميتة" ضد المدنيين في جنوب لبنان انتهاك للقانون الدولي
  • سوريون يتظاهرون في القنيطرة مطالبين بانسحاب إسرائيل
  • سوريون يتظاهرون بالقنيطرة ضد التوغل الإسرائيلي ويطالبون الأمم المتحدة بالتحرك
  • رداً على الاستفزازات..الجيش اللبناني يوقف مؤيدين لحزب الله
  • آلاف يتظاهرون في اليونان للمطالبة بالعدالة لضحايا حادث قطار