للعام الثاني على التوالي، انحسرت مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في السودان على مستوى المدن الآمنة ومناطق الحرب على حد سواء.

التغيير: عبد الله برير

درجت مدن وقرى السودان على الاحتفال بالمولد لأسبوعين كاملين ينتهيان باليوم الختامي أو (القفلة) ويبدأ بزفة المولد.

ألقت الحرب الدائرة في البلاد بظلالها على مشاهد الاحتفال بسبب الظروف الأمنية والاقتصادية.

واختفت بعض الملامح الاحتفالية في الشوارع، وانحسرت عادات وضع الماء والعصائر أمام البيوت في الطرق التي يشقها موكب المولد، حيث درج السودانيون على تقديم الطعام والشراب للمحتفلين الذين يمرون أمام المنازل.

ويتخوف الناس في المدن التي تعاني من الحرب من الأعيرة النارية الطائشة أو القصف العشوائي وطلعات الطيران التي تستهدف أماكن التجمعات.

ويلعب العامل الاقتصادي دورًا مهمًا، حيث فقدت معظم العائلات مصادر دخلها بسبب الحرب وتوقف المرتبات والعمل الحر.

وعلى الرغم من ويلات الحرب، شهدت مدينة أم درمان احتفالات بقدوم المولد حضرها رجال الطرق الصوفية وبعض المواطنين.

غياب

وغاب الاحتفال في المناطق الرئيسية مثل منطقة السجانة بالخرطوم وحوش الخليفة عبد الله في أم درمان بعد أكثر من 100 عام اعتاد فيها أهل العاصمة المثلثة على الاحتفال سنويًا بالمناسبة الدينية العظيمة.

وينطبق ذات الأمر على مدينة ودمدني وسط السودان التي تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع.

واحتفل مواطنو حاضرة ولاية الجزيرة بالمولد على استحياء في ميدان بانت بشكل باهت لا يشبه الاحتفالات المعتادة.

وبعد سنوات من المواكب التقليدية المعروفة للمولد، احتفلت المدن الآمنة والتي تقع خارج دائرة الحرب بمراسم احتفالية خجولة تضامنًا مع الحالة العامة في البلاد والظروف الأمنية والاقتصادية.

وتبدلت الأولويات بالنسبة للأسر السودانية مع اشتداد الحرب وارتفاع الأسعار، وبات الحصول على حلوى المولد ترفًا ورفاهية للبعض بسبب الظروف المعيشية القاسية. وتأثرت صناعة حلوى المولد بتوقف المصانع في الخرطوم وبحري وأم درمان التي كان بها حوالي 150 مصنعًا.

ولا تنتج بقية المصانع الأخرى في بقية الولايات الآمنة إنتاجًا كبيرًا، خاصة مع شح الطلب بسبب ظروف الحرب.

عطلة رسمية

أعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء السوداني الأحد 15 سبتمبر 2024 عطلة رسمية في جميع أنحاء البلاد بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، وهنأت المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، سائلة الله تعالى أن يعيدها على السودان وهو ينعم بالسلام والأمن والاستقرار.

اليونسكو

وسبق أن أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) إدراج احتفالات المولد النبوي الشريف في السودان ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي العالمي.

وقدّم المجلس القومي للتراث الثقافي ملف السودان خلال اجتماعات اللجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي لليونسكو.

ووفقًا لوكالة السودان للأنباء، فإنه تم تسجيل عنصرين ثقافيين للسودان في قائمة التراث الثقافي غير المادي العالمي لليونسكو، الأول هو عنصر “النقش على المعادن” بالتعاون مع دول أخرى، فيما سُجّلت الزفة والاحتفالات بالمولد النبوي الشريف بشكل منفصل.

وتم تقديم ملف السودان خلال الدورة الثامنة عشرة للاجتماعات التي عُقدت في مدينة كاسان بجمهورية بوتسوانا.

وأكدت اليونسكو على أهمية هذه العناصر الثقافية السودانية وتسجيلها كجزء من التراث الثقافي العالمي غير المادي.

وجاء هذا القرار في سياق الجهود الدولية للمحافظة على وتوثيق التراث الثقافي الفريد للشعوب، حيث يعزز احتفال المولد النبوي الشريف في السودان مكانة البلاد كواحدة من الدول ذات التراث الثقافي الغني والمتنوع.

الوسومآثار الحرب في السودان احتفالات المولد المولد النبوي الشريف

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان احتفالات المولد المولد النبوي الشريف المولد النبوی الشریف التراث الثقافی غیر المادی فی السودان

إقرأ أيضاً:

الخروج من فقه “إدخار القوة”؟!

 

عين على الحرب

الجميل الفاضل

الخروج من فقه “إدخار القوة”؟!

أستطيع أن أفهم لماذا يقاتل الإسلاميون كل هذا القتال الشرس للاستمرار في السلطة، مهما كان تأثير هذه الحرب وهذا القتال، الذي يجري بضراوة وبلا هوادة، على وجود وبقاء الدولة في السودان.

وبدا على الأرض كأن الحركة الإسلامية قد تجاوزت عمليا وبالفعل، فتوي على عثمان محمد طه، التي أشارت في بدايات هذه الحرب إلي ضرورة أن يلتزم “الإخوان المسلمين” فقه “إدخار القوة”، حفاظا على كوادر التنظيم ربما لمرحلة أخرى من النزال.

ولعل اعترافات الدكتور أمين حسن عمر على شاشة قناة “الجزيرة مباشر” الاسبوع الماضي، التي قال فيها: أن الكتائب التي تقاتل في هذه الحرب، ليست كتيبة “البراء بن مالك” وحدها، وانما هنالك كتائب “البرق الخاطف” و”الفرقان” وغيرها، وأن هناك عشرات الإسلاميين يحاربون، وهم يمثلون السواد الأعظم من المقاتلين، مقرا بفقدان الحركة لألفين من عناصرها سقطوا أثناء القتال في هذه الحرب.

وكشف أمين عن موقف حركته الذي يرى أن هذه الحرب عدوان، وأن العدوان لا يمكن الرد عليه بالتسويات، بل ينبغي أن يرد ويوقف عند حده فقط.

ولعل قول امين حسن عمر يؤكد صدق ما اورده الشيخ عبدالحي يوسف في الندوة التي قال فيها: “ساق الله هذه الحرب من أجل أن يُعيد للحركة الإسلامية ألقها وقوتها، ولا أكتمكم أن عشرات الألوف من الشباب المسلم دربوا على السلاح، من الذين لم يحضروا تجربة الجهاد الأولي (الحرب في جنوب السودان)، الآن يقوم بالأشراف على هذه العملية الجهادية التي تسمي (المقاومة الشعبية)، وهو اسم الدلع كما يُقال، لأن مفردة الجهاد أصبحت منبوذة، يدربهم في المعسكرات من كانوا شبابا في فترة التسعينيات، ومعنا هنا من شارك في العمليات الجهادية وأصيب في يده واجريت له جراحة هنا قبل أيام، والانتصارات التي حصلت لا يرجع الفضل فيها للجيش أبداً، وإنما يرجع الفضل فيها بعد الله إلى المقاومة الشعبية”.

علي أية حال فقد أتاح التاريخ للإخوان المسلمين في السودان سانحة نادرة، قلّ أن جاد بمثلها لأية جماعة أو حزب اخر.

هي فرصة امتدت لأكثر من ثلاثين عاما، أحال الإخوان في غضونها وطناً كاملا، إلى مختبر كبير لتجريب فكرتهم دون أن ينازعهم في ذلك احد.

فقد صار السودان برمته خلال تلك العقود الثلاث، الي ما يشبه المجال الحيوي لممارسة النظرية الإخوانية في الحكم.

حيث اعترت الأخوان بعد نجاحهم السهل في الاستيلاء على السلطة سنة (89)، حالة تضخم للذات ظلت تقودهم دائما إلى طموح غير مشروع، وإلى نوع من الخيلاء الفكرية، التي جعلتهم يتظنون عن يقين باطل بأنه المالكون الحصريون للحقيقة.

وقد وصف الراحل د. منصور خالد هذا النمط من تضخم الذات الذي وقع، بأنه قد تفيّلت معه حتى القواقع اللافقارية.

شارحاً: أن تفيّل اللافقاريات تضاعف عندما أصبح الانتماء العقدي للحزب أو الجماعة جواز مرور لكل موقع مهني عال، سواء كان ذلك في الإدارات الحكومية، أو الجامعات، أو المؤسسات المالية والاقتصادية.

مشيرا إلي أن الظاهرة بلغت حدها الأقصى بحلول نظام الإنقاذ، تحت راية التمكين.

راية التمكين التي ضربت بجذورها في باطن الأرض بعيداً، لتنبت دولة شوكية عميقة لها تجليات، من بينها صورة ما تجري عليه هذه الحرب الآن.

 

الوسومالاخوان المسلمين حرب السودان كتيبة البراء

مقالات مشابهة

  • الخروج من فقه “إدخار القوة”؟!
  • السودان… عام آخر من الحرب!
  • يوم عمل عادي في السودان
  • أجندة!!
  • بيرييلو: استيقظوا من أجل السودانيين
  • ثلث السودانيين يودعون من المنافي «العام الأكثر مأساوية»
  • خطاب مفتوح لوزيري الطاقة والصحة السودانيين حول دفن نفايات نووية في السودان
  • ما هي الرؤى بعد الحرب ؟
  • المدنيون وقدرتهم في إيجاد حل لحرب السودان الضروس
  • بالأرقام.. الحرب على غزة تدفع جنود الاحتلال إلى الانتحار