الحرب وتداعياتها تدفع السودانيين لتحجيم مظاهر احتفالاتهم بالمولد النبوي
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
للعام الثاني على التوالي، انحسرت مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في السودان على مستوى المدن الآمنة ومناطق الحرب على حد سواء.
التغيير: عبد الله برير
درجت مدن وقرى السودان على الاحتفال بالمولد لأسبوعين كاملين ينتهيان باليوم الختامي أو (القفلة) ويبدأ بزفة المولد.
ألقت الحرب الدائرة في البلاد بظلالها على مشاهد الاحتفال بسبب الظروف الأمنية والاقتصادية.
واختفت بعض الملامح الاحتفالية في الشوارع، وانحسرت عادات وضع الماء والعصائر أمام البيوت في الطرق التي يشقها موكب المولد، حيث درج السودانيون على تقديم الطعام والشراب للمحتفلين الذين يمرون أمام المنازل.
ويتخوف الناس في المدن التي تعاني من الحرب من الأعيرة النارية الطائشة أو القصف العشوائي وطلعات الطيران التي تستهدف أماكن التجمعات.
ويلعب العامل الاقتصادي دورًا مهمًا، حيث فقدت معظم العائلات مصادر دخلها بسبب الحرب وتوقف المرتبات والعمل الحر.
وعلى الرغم من ويلات الحرب، شهدت مدينة أم درمان احتفالات بقدوم المولد حضرها رجال الطرق الصوفية وبعض المواطنين.
غياب
وغاب الاحتفال في المناطق الرئيسية مثل منطقة السجانة بالخرطوم وحوش الخليفة عبد الله في أم درمان بعد أكثر من 100 عام اعتاد فيها أهل العاصمة المثلثة على الاحتفال سنويًا بالمناسبة الدينية العظيمة.
وينطبق ذات الأمر على مدينة ودمدني وسط السودان التي تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع.
واحتفل مواطنو حاضرة ولاية الجزيرة بالمولد على استحياء في ميدان بانت بشكل باهت لا يشبه الاحتفالات المعتادة.
وبعد سنوات من المواكب التقليدية المعروفة للمولد، احتفلت المدن الآمنة والتي تقع خارج دائرة الحرب بمراسم احتفالية خجولة تضامنًا مع الحالة العامة في البلاد والظروف الأمنية والاقتصادية.
وتبدلت الأولويات بالنسبة للأسر السودانية مع اشتداد الحرب وارتفاع الأسعار، وبات الحصول على حلوى المولد ترفًا ورفاهية للبعض بسبب الظروف المعيشية القاسية. وتأثرت صناعة حلوى المولد بتوقف المصانع في الخرطوم وبحري وأم درمان التي كان بها حوالي 150 مصنعًا.
ولا تنتج بقية المصانع الأخرى في بقية الولايات الآمنة إنتاجًا كبيرًا، خاصة مع شح الطلب بسبب ظروف الحرب.
عطلة رسمية
أعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء السوداني الأحد 15 سبتمبر 2024 عطلة رسمية في جميع أنحاء البلاد بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، وهنأت المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، سائلة الله تعالى أن يعيدها على السودان وهو ينعم بالسلام والأمن والاستقرار.
اليونسكو
وسبق أن أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) إدراج احتفالات المولد النبوي الشريف في السودان ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي العالمي.
وقدّم المجلس القومي للتراث الثقافي ملف السودان خلال اجتماعات اللجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي لليونسكو.
ووفقًا لوكالة السودان للأنباء، فإنه تم تسجيل عنصرين ثقافيين للسودان في قائمة التراث الثقافي غير المادي العالمي لليونسكو، الأول هو عنصر “النقش على المعادن” بالتعاون مع دول أخرى، فيما سُجّلت الزفة والاحتفالات بالمولد النبوي الشريف بشكل منفصل.
وتم تقديم ملف السودان خلال الدورة الثامنة عشرة للاجتماعات التي عُقدت في مدينة كاسان بجمهورية بوتسوانا.
وأكدت اليونسكو على أهمية هذه العناصر الثقافية السودانية وتسجيلها كجزء من التراث الثقافي العالمي غير المادي.
وجاء هذا القرار في سياق الجهود الدولية للمحافظة على وتوثيق التراث الثقافي الفريد للشعوب، حيث يعزز احتفال المولد النبوي الشريف في السودان مكانة البلاد كواحدة من الدول ذات التراث الثقافي الغني والمتنوع.
الوسومآثار الحرب في السودان احتفالات المولد المولد النبوي الشريفالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان احتفالات المولد المولد النبوي الشريف المولد النبوی الشریف التراث الثقافی غیر المادی فی السودان
إقرأ أيضاً:
الحرب ليست قدرًا.. أوقفوا نزيف الوطن!
في زمن القيد والدم
يا رفيقي، وكيف نبكي جراحًا؟ كلُّ جرحٍ على المدى يستغيثُ
أين صوتُ الأحرار؟ هل ماتَ صوتٌ كان يومًا على الدُجى لا يخيفُ؟
في بلادي تُباعُ روحُ الرجالِ ثم يُرمَون في القيودِ صِغارًا
كلُّ حرٍّ متّهمٌ بالخيانةِ والمآسي تُقامُ فيها الديارا
هذه الأرضُ، هل تظلُّ رهينًا؟ بينَ نارٍ، بينَ سيفٍ يُذابُ؟
أيُّ دينٍ يُبَاعُ في سوقِ ظلمٍ؟ أيُّ عدلٍ إذا الرصاصُ يُجابُ؟
إنها فتنةٌ، ترى الناسَ فيها باسمِ ربٍّ يُقتلونَ طوائفْ
كم بريءٍ قد سُمّيَ اليومَ خائنًا؟ وهو في الحقِّ وحدَهُ قد يُنافحْ
يا رفيقي، متى نرى النيلَ يجري ليس يلطُخْ ضفَافَهُ دمُ قاتلْ؟
متى يولدُ النهارُ في أرضِ شمسي حيثُ لا يغربُ الضياءُ العادلْ؟
أيها القاتلونَ، كُفّوا يدَ الحقدِ دعوا النيلَ من دماءِ الذبيحِ
كلُّ جرحٍ سيورقُ الحقُّ فيهِ رغمَ سوطِ الطغاةِ رغمَ الجريحِ
يا بلادي، أما كفاكِ عذابًا؟ أنتِ أمٌّ لكلِّ قلبٍ شريفِ
فلنحيِ القِيَمْ، نعيدُ الضياءَ قبلَ أن يُطفئَ الخنوعُ الخريفَ
بينما تتساقط القذائف على البيوت، ويُدفن الأطفال تحت أنقاض المدن، ويجوع الشيوخ في أرضهم، لا بد أن نقف وقفة صدق مع أنفسنا: إلى متى ستظل الحرب تحكم مصيرنا؟ إلى متى ستبقى القوة الغاشمة هي لغة التعامل بين أبناء الوطن الواحد؟
لقد أدركت الشعوب الحية أن السلاح لا يبني الأوطان، وأن الدم لا يكون أبدًا مدادًا لمستقبلٍ مشرق. فلماذا نختار المسار الذي يقتل حاضرنا ويدمر مستقبلنا؟ لماذا يصرُّ البعض على الزجِّ بالبلاد في نفق الكراهية والدمار بينما الحلول السياسية لم تُستنفد بعد؟
أوقفوا الحرب من أجل أطفالنا!
كل يوم يموت أطفال أبرياء تحت القصف أو من الجوع والعطش والمرض، بينما العالم يكتفي ببيانات الشجب والإدانة. هؤلاء الأطفال ليسوا أرقامًا في نشرات الأخبار، إنهم مستقبل السودان، فإن استمرت الحرب فلن يكون لنا وطن نعود إليه.
النساء في دائرة النار!
الحرب لا ترحم أحدًا، لكنها تكون أكثر قسوة على النساء اللواتي يُجبرن على الفرار، أو يُتركن لمصير مجهول وسط الفوضى. كم من أمٍّ فقدت أبناءها؟ كم من فتاةٍ أصبحت لاجئةً في وطنها؟ هذا الخراب لا يمثّل قيمنا، ولا يمتّ لأخلاق السودانيين بصلة.
شيوخنا الذين صنعوا هذا الوطن يموتون من الجوع والخذلان!
هل يعقل أن يتحول كبارنا – الذين أفنوا أعمارهم في بناء هذه البلاد – إلى متسولين على أبواب الإغاثة؟ أي شرف تبقى لنا إن كنا عاجزين عن توفير أبسط حقوقهم في الحياة الكريمة؟ الحرب لا تحترم شيبة الحكيم، ولا تسأل عن تاريخ من ضحوا من أجل السودان، لكنها تصرُّ على إذلالهم في أواخر أيامهم.
السودان أرض القيم والكرامة، لا أرض العرقية والطائفية!
تاريخ السودان لم يُكتب بالسلاح، بل بعرق الرجال والنساء الذين آمنوا بوحدة ترابه وعدالة قضيته. اليوم يُراد لنا أن نتحول إلى قبائل متناحرة، وإثنيات متصارعة، وطوائف متقاتلة. يُراد لنا أن ننقسم على أساس العرق والدين والولاء السياسي، لكننا أبناء هذه الأرض قبل كل شيء، وعلينا أن نرفع راية الإنسانية فوق كل الرايات.
الحوار هو الحل الوحيد!
لا نحتاج إلى المزيد من الدماء لنصل إلى حقيقة واضحة: لا منتصر في هذه الحرب، الجميع خاسرون. الحلّ الوحيد هو طاولة المفاوضات، حيث يكون السلاح هو العقل، والرصاص هو الكلمة، والمعركة الوحيدة هي معركة البناء والتنمية والسلام.
نناشد الجميع، من قادة سياسيين وعسكريين ومثقفين ورجال دين وشباب، أن يقفوا وقفة وطنية تاريخية، أن يقولوا بصوت واحد: كفى للحرب، كفى للدمار، كفى لقتل السودان بأيدينا!
السودان ليس أرضًا للحرب، السودان وطن الشمس التي لا تغيب، والنيل الذي لا يتوقف عن العطاء. فلنجعل السلام خيارنا، قبل أن نصبح جميعًا مجرد ذكرى في صفحات الحروب المنسية.
مرثية في زمن الحرب#
يا رفيقي، وهل تُرى الليل يمضي؟ أم تُرى باتَ في الدُجى لا يغيبُ؟
كيف نشكو وجُرحُنا غير يُشفى؟ والمآسي كأنها لا تَطيبُ؟
قد سَلبنا العِدى بَريقَ الديارِ ثم ألقوا بنا هُنا نستغيثُ
كلما قلتُ سوف يأتي ربيعٌ **عَصفَ الظُلمُ وانحنى بي خريفُ
أنتَ في السجنِ والقيودُ قيودٌ ليس فيها سوى الأسى والدموعِ
وأنا في الضياعِ أنبشُ صمتًا **فوقَ رملٍ، فوقَ الدمارِ الفظيعِ
أين أضواءُ شارعٍ كان يسري فيه طيفُ الأحبة المستضامِ؟
أين خبزُ الفقير، ماءُ اليتامى؟ كل شيءٍ تطايرَ الآنَ حامِ
أيها الصحفيُّ كيف احتِمالُك؟ هل أتاك المماتُ من غيرِ سيفِ؟
حين جاعَ اليراعُ ماتَ المعاني **وأتى القهرُ بالسوادِ الكثيفِ
إن يكن قد دنا الرحيلُ فإني شاهدٌ أنكم رجالُ الندى
في دروبِ العذابِ كنتمْ ضياءً لم يغيرْ جوعٌ ضياكمْ صدى
يا رفيقي، وإن بَقينا كأشباحٍ ترامت على مفازِ الخرابِ
سوفَ يأتي النهارُ لا شكَّ فيهِ وسنمضي على طريقِ الصوابِ
zuhair.osman@aol.com