لاقى المشروع المستعجل لتعديل قانون الانتخابات بتونس، والمتمثل في نزع صلاحيات المحكمة الإدارية الخاصة بالنزاع الانتخابي ومنحها للقضاء العدلي من خلال المحاكم الاستئنافية، رفضا كبيرا مع  تحذيرات من المس من الأسس الديمقراطية.

واحتجاجا على مشروع القانون الذي تقدم به 34 نائبا ومنحه مكتب البرلمان الصبغة الاستعجالية للنظر فيه قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية؛ قررت أحزاب ومنظمات التظاهر الأحد لأجل إيقاف "العبث".



"العبث الخطير"
وقال أستاذ القانون عبد الوهاب معطر، إن نزع اختصاص القضاء الإداري وتحويله للقضاء العدلي هو "عبث كامل الأوصاف و إهانة موصوفة للشعب التونسي، واستباحة للدولة قبل أيام من انتخابات تدل كل المعطيات أن الرئيس المنتهية ولايته سيهزم فيها".

وأكد الأستاذ معطر لـ"عربي21" أن "الهدف المباشر من نزع اختصاص القضاء الإداري هو الحيلولة دون طعن المرشحين  المقصيين، وهم عماد الدايمي والمنذر الزنايدي وعبد اللطيف المكي في نتائج الانتخابات".

يشار إلى هؤلاء المرشحين قد أعلنوا رسميا أنهم سيطعنون في نتائج الانتخابات واعتبارها "باطلة"، وفي تعليق على ذلك قال الناطق الرسمي باسم هيئة الانتخابات محمد التليلي المنصري، الجمعة، إن "هيئة الانتخابات ملتزمة بتطبيق قرارات المحكمة الإدارية وإنها ستطبق أحكامها لو قضت ببطلان نتائج الانتخابات الرئاسية" على حد تعبيره.

وفي رده عن رفض الهيئة تنفيذ قرارات المحكمة بعودة مرشحين، شدد المنصري على أن "مجلس الهيئة لم يرفض تطبيق أحكام المحكمة الإدارية بل كان أمام استحالة تنفيذ، وليس في قاموس الهيئة ألّا تنفذ الأحكام بل المسألة كانت إجرائية"، على حد وصفه .


واعتبر أستاذ القانون عبد الوهاب معطر أن "الهدف الثاني من نزع اختصاص القضاء الإداري هو الحصول على مصادقة القضاء العدلي على مجزرة إلغاء الأصوات التي سيحصل عليها العياشي الزمال يوم 6 أكتوبر/ تشرين الأول".

والزمال مرشح مقبول نهائيا وهو مسجون بتهمة تزوير تزكيات وصادرة بحقه أكثر من ست بطاقات إيداع وتم رفض جميع مطالب الإفراج عنه.

من جانبه اعتبر القيادي بحركة "النهضة"، محسن السوداني، أن "مشروع القانون الذي يعتزم برلمان الانقلاب التصويت عليه، والذي يهدف إلى نزع اختصاص القضاء الإداري فيما يتعلق بالنزاع الانتخابي ونقله إلى القضاء العدلي، يمثّل خطوة متقدمة في اتجاه اكتمال مشهد العبث الذي دشنه الانقلاب منذ 25 يوليو/ تموز 2021".

وقال السوداني لـ"عربي 21"، إن الانقلاب مسكون بهاجس الخروج من السلطة، ويدرك جيّدا أن المآل الانتخابي سيخرجه نهائيا من موقعه ويجرّده من النفوذ الذي يتحصّن به ويعرّضه للمتابعة القانونية، ولذلك، فإنّه يتصرّف بطريقة تفتقد إلى أي قدر من العقلانية" على حد تعبيره.

من جهتها قالت جبهة الخلاص الوطني إن الدعوة "تنقيح" القانون "يعد تطورا خطيرا واعتداء سافرا على استقلالية السلطة القضائية وتشريعا على المقاس في نزاعات جارية خاضعة لقوانين سابقة الوضع".

واعتبرت الجبهة (مكونة من أحزاب أبرزها النهضة  وشخصيات حقوقية وسياسية)، أن هذا الإجراء "يُلقي بضوء كاشف جديد على انعدام أدنى شروط التكافؤ في المنافسة الانتخابية، وهو شرط جوهري لصحة الانتخابات ولشرعية ما قد تفرزه من نتائج".



ونبهت الجبهة من أن إجراء التنقيح لقانون الانتخابات يأتي  بعد أن "جُرّد التونسيون من حرية التعبير والاجتماع والترشح، وتعرض السياسيون ونشطاء المجتمع المدني والإعلاميون والمدونون إلى القمع والسجن، وتعرض القضاء إلى شتى أنواع الضغط والتهديد" .

يشار إلى أن مشروع القانون الذي تقدم به 34 نائبا بالبرلمان يهدف وفق شرح أسبابه إلى: "ضمان وحدة الإطار القضائي الذي يتعهد بالنظر والبت في النزاعات الانتخابية، وذلك على خلفية ما تمت معاينته من اختلافات وصراعات في القرارات المتخذة والمواقف المعلنة من طرف كل من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والمحكمة الإدارية".

و من بين مقترحات التعديل أن يتم الطعن في قرارات الهيئة من قبل المرشحين المقبولين من قبل هيئة الانتخابات أمام محكمة الاستئناف وأيضا أن تراقب محكمة الاستئناف تمويل الحملة للمترشحين والأحزاب السياسية وقوائم المرشحين".


ويأتي المقترح قبل نحو أسبوعين من الانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من تشرين الأول/ أكتوبر القادم، ومع تواصل الجدل والتنديد الواسع من قبل خبراء القانون والسياسيين برفض هيئة الانتخابات تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية والقاضية نهائيا بعودة مرشحين للسباق الرئاسي .

بدوره قال حزب "العمل والإنجاز" (أمينه العام مرشح للرئاسية وهو عبد اللطيف المكي) ، إن السعي "لإصدار قانون جائر يهدف إلى إقصاء المحكمة الإدارية من البت في النزاعات الانتخابية، هو تحد صارخ لكل المعايير القانونية والديمقراطية"، مؤكدة أنها "ممارسات  استبدادية  تعرض استقرار البلاد ومستقبلها وسمعتها الدولية للخطر".



وحذر الحزب في بيان له ، "كل  من ساهم أو صادق على هذه التجاوزات الخطيرة بأنه لن يفلت من المحاسبة، وأنه  سيواجه المتابعة قانونية الصارمة، عاجلاً أم آجلاً، لأن العدالة ستطالهم مهما حاولوا التهرب من المسؤولية".

"احتجاجات"
وكانت المحكمة الإدارية قد قضت بصفة باتة بعودة مرشحين للسباق الرئاسي وهم عبد اللطيف المكي، وعماد الدايمي والمنذر الزنايدي مقابل رفض هيئة الانتخابات بتعلة استحالة التنفيذ لأن المحكمة الإدارية تجاوزت الآجال القانونية لإعلامها بالقرارات والمحددة بـ 48 ساعة، وهو ما نفته المحكمة.

واكتفت هيئة الانتخابات بإعلان قائمة نهائية تضمنت المرشح العياشي زمال، وزهير المغزاوي، وقيس سعيد، ونشرتها بالجريدة الرسمية، فيما لاقى قرار الهيئة تنديدا حيث قام المرشحون المرفوضون من قبلها بتوجيه تنبيهات لها، مؤكدين أنهم سيطعنون في النتائج واعتبارها باطلة.


ورفضا لمشروع القانون المستعجل، تصاعدت الدعوات المطالبة بتحركات احتجاجية نضالية لأجل إيقاف "العبث" وقد أعلنت الشبكة التونسية للحقوق والحريات عن "الطوارئ الشعبية" والتظاهر الأحد عند الظهر بالعاصمة موجهة الدعوة لكافة القوى بالبلاد دون استثناء.

والشبكة التونسية للحقوق مكونة من منظمات وجمعيات حقوقية وأحزاب وفي تحركها الأخير منذ أسبوعين حشدت الآلاف من المتظاهرين من مختلف القوى حيث نزلوا للشارع تنديدا بقمع الحريات.



وقالت الشبكة في دعوتها للتظاهر، إنه "في سابقة تاريخية مفضوحة قرر رئيس الجمهورية المنتهية ولايته عبر مجلس نوابه تنقيح القانون الانتخابي بعد انطلاق الحملة الانتخابية بأسبوع وقبل أيام قليلة من يوم الاقتراع، وذلك بهدف تجريد المحكمة الادارية من دورها في مراقبة العملية الانتخابية، وهو ما يؤكد إصراره على التلاعب بالعملية الانتخابية والدوس على ما تبقى من مقومات النظام الجمهوري".

كما دعت عدة أحزاب سياسية (مكونات جبهة الخلاص وحزب العمل)، إلى النضال السلمي المدني والتصدي لتلاعب المسار بالانتخابات وضرورة توحد كل القوى الوطنية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية قانون الانتخابات التونسي التعديل سعيد احتجاجات تونس تعديل قانون الانتخابات سعيد المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المحکمة الإداریة هیئة الانتخابات من قبل

إقرأ أيضاً:

مشروع قانون الإنفاق الحكومي.. هل بدأ التصادم بين ترامب وماسك بالفعل؟

نشرت صحيفة "تليغراف" البريطانية تقريرًا تحدثت فيه عن الصراع الأخير بين إيلون ماسك ودونالد ترامب حول مشروع قانون الإنفاق الأمريكي.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أمريكا ليست غريبة عن الخلافات المتعلقة بالإنفاق أو حتى إغلاق الحكومة الفيدرالية من حين لآخر. لذا، من بعض النواحي، فإن المشاحنات الأخيرة بشأن مشروع قانون الإنفاق ليست مقلقة كما قد تبدو في الخارج.

وبينت الصحيفة، أن الخلافات المتعلقة بالإنفاق هي تذكير شبه متكرر للأمريكيين بمدى تساهل الحكومة الفيدرالية في مسألة الأموال، معتبرة أنه  ليس سيئا أن يتم عرض العجز العام للبلاد بين الحين والآخر لأنه يبرز مدى تضخم الدولة، بحسب الصحيفة.

وذكرت الصحيفة، أن هذا النزاع الأخير أكثر إثارة للاهتمام من النزاعات السابقة. فهو لم يكشف فقط عن كيفية تعامل الإدارة القادمة مع الإنفاق الحكومي، بل سلّط أيضًا الضوء على بعض المجالات المحتملة للصراعات الداخلية داخل حركة "ماغا".



وأفادت الصحيفة بأن أكبر معارض لمشروع القانون، ليس الرئيس المنتخب، بل ساعده الأيمن إيلون ماسك، الذي قضى تقريبًا على المحاولة الأولى لتمرير المشروع، عادة ما يكون الصراع بين حزب وآخر حيث تُلقى اتهامات بالإفراط في الإنفاق وسوء الإدارة تقريبًا على أسس حزبية بحتة، لكن الأمر هذه المرة مختلف.

وكان من المقرر أن يمرر مشروع القانون بتأييد من الحزبين، بعد أن تمكن مايك جونسون، رئيس مجلس النواب الجمهوري، من التفاوض على اتفاق يسمح بتمريره عبر مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون.

وأشارت الصحيفة إلى أن المعركة بين النظامين القديم والجديد. وكان ماسك كتب على "إكس" رسالة لمتابعيه قائلا: "أوقفوا سرقة دولارات الضرائب الخاصة بكم".

واستخدم الرجل الذي سيصبح رئيسًا مشاركًا في "وزارة كفاءة الحكومة" الجديدة مشروع القانون كمثال على سبب اعتقاده بأن مهمته في إدارة التكاليف في الإدارة الجديدة هي أمر بالغ الأهمية. وكتب قائلاً: "من دون ذلك، فإن الهدر والفساد لن يتوقفا أبدا".

وهذا موقف صعب للغاية ضد مشروع قانون يُفترض أن يكون حلًا مؤقتًا لمشاكل الميزانية في أمريكا. وبعد أن تقرر في وقت سابق من هذه السنة أن يتم وضع خطط الإنفاق الرئيسية بعد الانتخابات في تشرين الثاني/ نوفمبر، كان من المفترض أن يدفع "قرار الاستمرار" هذا الأسبوع الجدول الزمني مرة أخرى إلى الربيع المقبل.

وذكرت الصحيفة أن أكثر من 1500 صفحة من السياسات والنشرات المرفقة بمشروع القانون هي التي أثارت الجدل الحقيقي. ولم يكن الكونغرس يعتزم فقط إضافة المزيد من الأموال إلى الديون الوطنية، بل كان سيقدم قرارات سياسية كان ماسك قد انتقدها سابقًا، بما في ذلك مركز المشاركة العالمية الذي يعتقد ملياردير ريادة الأعمال أنه يقيد حقوق حرية التعبير. كما تضمن مشروع القانون مجموعة من تمديدات الدعم – وهو النوع الذي من المحتمل أن يستهدفه ماسك في دوره الجديد.

وتابعت الصحيفة أن الأمر انتهى بالرئيس المنتخب إلى دعم من عيّنه، ملقيًا بثقله وراء نسخة مخففة بشدة من مشروع القانون، وهو جزء بسيط من النسخة الأصلية. وفي حين أن ترامب وماسك متحدان في القضاء على معظم مشروع القانون، إلا أن أسبابهما للقيام بذلك تبدو مختلفة بشكل واضح.

وبينت الصحيفة، أن إيلون ماسك يبدو يحارب ضد حكومة تتوسع باستمرار، يبحث ترامب عن فرصة لتنمية رؤيته للدولة بشكل أكبر.

ويتمثل المطلب الرئيسي لترامب، قبل شهر واحد من تنصيبه، في ضرورة تمديد سقف الدين إلى ما بعد فترة رئاسته - أو إلغائه تمامًا قبل دخوله البيت الأبيض مجددا.

وأشارت الصحيفة إلى أن سقف الدين يحدّ من اقتراض الحكومة الفيدرالية دون موافقة الكونغرس، وهو ما لا يفضّله ترامب.

ورغم تعهّده بمعالجة الدين الوطني، أضاف خلال ولايته 8.4 تريليون دولار من القروض الجديدة لعشر سنوات، نصفها مرتبط بجائحة كوفيد، وذلك وفقًا للجنة معنية بالميزانية الفيدرالية.

وقد يكون ذلك مجرد البداية. فقد قدّرت هيئة مراقبة العجز قبل شهر من الانتخابات أن وعود ترامب هذه المرة ستضيف 7.5 تريليون دولار أخرى خلال السنوات العشر القادمة.



وأرجعت الصحيفة ذلك إلى أن ترامب، رغم تعهده بالقضاء على الهدر في النظام، لديه خطط ضخمة لخفض الضرائب وزيادة الإنفاق لتأمين الحدود الأمريكية المكسيسية. وكل ما سينفقه سيضاف إلى الدين القومي للولايات المتحدة البالغ 36 تريليون دولار - وهو رقم وصفه ماسك بأنه "مرعب".

وأوضحت الصحيفة أنه تم التشكيك بالفعل في قدرة دوج على تقليص 2 تريليون دولار من الميزانية الفيدرالية، خاصة أن الرئيس المنتخب استبعد إجراء تخفيضات على البرامج الأكثر تكلفة في أمريكا مثل الرعاية الطبية والضمان الاجتماعي. مع ذلك، إذا تم الإعلان عن خطط إنفاق جديدة فقد تتلاشى المكاسب التي حققها ماسك إذا استُبدلت بإنفاق فيدرالي في مجالات أخرى.

ويتضح من معركة الميزانية هذا الأسبوع أن المواجهات الأولى في السنة المقبلة ستكون على الأرجح بين ترامب والجمهوريين المتمردين الذين لا يدعمون أجندة "ماغا". وما تمثله تلك الأجندة فعليًا على أرض الواقع سيكون على الأرجح معركة بحد ذاتها، بين من يرغبون في تكرار نهج الاقتراض والإنفاق كما حدث بين سنتي 2016 و2020، وبين من يريدون استغلال التفويض الكبير لترامب لخفض الإنفاق فعليًا وإعادة الأمور المالية للبلاد إلى مسارها الصحيح.

مقالات مشابهة

  • السوداني يؤكد دعم الحكومة لعمل المحكمة الاتحادية العليا لترسيخ سيادة القانون- عاجل
  • الجبهة التركمانية تدعو القضاء إلى تثبيت دعائم القانون في كركوك
  • هل يستحق قانون الأحوال الشخصية في العراق كل هذه الضجة الإعلامية لتعديل فقراته؟
  • مشروع قانون الإنفاق الحكومي.. هل بدأ التصادم بين ترامب وماسك بالفعل؟
  • رئيس زراعة الشيوخ يدعو لتعديل اسم قانون المسئولية الطبية ومواجهة ظاهرة التعويضات
  • معزب ينتقد مخرجات بوزنيقة: تجاوزت القضايا الأساسية للعملية الانتخابية
  • القانونية النيابية:مقترحات عديدة بشأن تعديل قانون الانتخابات
  • "ذات.. والرداء الأحمر" تمثل مصر في مهرجان نيابوليس الدولي بتونس
  • تعديل قانون الانتخابات.. خيار 2021 أبرز المقترحات على طاولة البرلمان العراقي
  • مشروع قانون اميركي جديد ضد حزب الله