عن أولويات العهدة الثانية للرئيس عبد المجيد تبون
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
كما كان متوقعا فاز الرئيس / المترشح عبد المجيد تبون بعهدة ثانية لرئاسة الجزائر في الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم ٧ أيلول / سبتمبر٢٠٢٤، الانتخابات التي أقر المجلس الدستوري نتائجها يوم السبت ١٤ سبتمبر ٢٠٢٤ بعد مد و جزر. فما هي أهم الدروس التي يمكن استخلاصها من رئاسيات سبتمبر ٢٠٢٤؟ وما هي أولويات العهدة الثانية لرئاسة السيد عبد المجيد تبون؟
تعد الانتخابات الرئاسية من بين أهم المحطات في المسيرة السياسية للدول، لذا تنتهز الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات والمثقفون ومختلف مكونات المجتمع المدني لحظة الانتخابات لتكثيف أنشطتها للتعبيرعن مواقفها السياسية ومساءلة المترشحين عن برامجهم وتصوراتهم المستقبلية.
في الجزائر الأمر يختلف كليا فباستثناء بعض اللافتات أو التجمعات او تجمهر بعضهم عند التمثيليات الولائية للمترشحين فلاشيء كان يوحي بإقامة انتخابات رئاسية، إذ لم يسبق رئاسيات ٢٠٢٤ أي حوار أو نقاش سياسي حر بل إن جل الأحزاب السياسية التزمت الصم بما في ذلك الأحزاب الداعمة للمترشح عبد المجيد تبون، فالنقابات كانت بدورها شبه غائة، أما المثقفون فلا صوت ولا وجود لهم، أما وسائل الإعلام العمومية فانفردت بإنتاج خطاب أحادي لا يعبر عن الواقع الجزائري وتحدياته. فالانتخابات الرئاسية بدلا من أن تكون فرصة لخلق حوار جزائري ـ جزائري حول مستقبل البلاد أنتجت الصمت. لتفتقر بذلك الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٢٤ إلى العامل الأساسي الذي أوجدها والمتمثل في المنافسة والنقاش السياسي.
رغم حرص الدولة ومؤسساتها وبعض الأحزاب على إقناع الجزائريين بأهمية المشاركة في رئاسيات ٢٠٢٤، إلا أن الجزائريين قاطعوا مجددا هذه الانتخابات: مهما تضاربت الأرقام حول مستويات مشاركة الجزائريين في الرئاسيات الأخير، إلا أن الملايين من الجزائريين قاطعوا رئاسيات ٧ سبتمبر.في ظل هذا التصحر السياسي برز أثناء الحملة الانتخابية فاعلان: الفاعل الأول مؤسساتي وبرز من خلال وجود السيد عبد القادر بن قرينية (رئيس حركة البناء الوطني) كداعم للمترشح عبد المجيد تبون.. أما الفاعل الثاني فقد تمثل في آراء الشارع الجزائري التي تم التعبير عنها من خلال بث العديد من المقاطع العفوية والساخرة للجزائريين عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، وشملت هذه المقاطع مواضع متعددة تشكل الانتخابات الرئاسية واحدة منها.
ورغم حرص الدولة ومؤسساتها وبعض الأحزاب على إقناع الجزائريين بأهمية المشاركة في رئاسيات ٢٠٢٤، إلا أن الجزائريين قاطعوا مجددا هذه الانتخابات: مهما تضاربت الأرقام حول مستويات مشاركة الجزائريين في الرئاسيات الأخير، إلا أن الملايين من الجزائريين قاطعوا رئاسيات ٧ سبتمبر.
مما لاشك فيه أن المشاركة الشعبية الواسعة هي أحد مؤشرات نجاح كل الانتخابات ولاسيما الرئاسية منها، مما يعطي شرعية وشعبية أكبر للفائزين، لكن جلب المواطنين للمشاركة في الانتخابات لا يرتبط بقرار إداري فوقي بل إنه خيار إرادي يجمع بين خيارات المواطنين وقناعاتهم السياسية بجدوى أصواتهم. يضاف إلى ذلك فإن إنجاح الانتخابات لا يتوقف على توفير الإمكانيات المادية وتكثيف النداءات قبيل الانتخابات فحسب بل إنه يرتبط أكثر بتوفير الظروف السياسية المناسبة التي تسبق الانتخابات.
ولعل ما ساهم كذلك في عدم مشاركة الجزائريين في رئاسيات ٢٠٢٤ هو بؤس المشهد السياسي الذي قدمه بن قرينة الذي أوكلت له مهام تنشيط الحملة الانتخابية للمترشح عبد المجيد تبون: بن قرينية الذي افتقرت حملة مساندته لأساسيات الحملات الانتخابية عجز في معظم الحالات على امتصاص غضب الجزائريين، بل زاد من حدة غضبهم ليزيد أداؤه من تذمر الجزائريين تجاه كل ما هو سياسي بل ورسمي كذلك.
بعد أداء الرئيس عبد المجيد تبون اليمين الدستورية هذا الأسبوع فما هي أولويات عهدته الثانية التي تمتد لغاية ٢٠٢٩؟
يتبع تقليديا انتخاب الرئيس أو إعادة انتخابه بالدعوة إلى إعادة تشكيل الجهاز التنفيذي إيذانا بانطلاق مرحلة جديدة.. في الحالة الجزائرية لا يمكن اعتبار تكليف رئيس الوزراء الحالي أو تكليف رئيس وزراء جديد بتشكيل حكومة جديدة بأولوية العهدة الثانية، بل إن أولويات المرحلة المقبلة تشمل شقين أساسين السياسي والاجتماعي.
تعد ضرورة مراجعة طبيعة العمل السياسي أولى أولويات المرحلة المقبلة، لأن المرحلة المقبلة لا يمكنها أن تتحمل تداعيات الاستمرار على منهج المرحلة التي مضت.. ولعل من بين أهم مرتكزات هذه المراجعة ضرورة الابتعاد عن إنكار وتجاهل الحقيقة في الخطاب السياسي لأن إنكار الحقيقة لا يمثل الحل بل إن الحل يكمن في مواجهة الواقع وتحدياته لأن إنكار الأزمة لا يزيدها إلا تعقيدا.
ويشترط في الشق السياسي على المستوى الداخلي ضرورة إحداث قطيعة في طبيعة الممارسات المؤسساتية والفردية التي تحكم العلاقة بين مؤسسات الدولة والمواطنين لا يمكن إنجاح أي سياسة تنموية أو عمل مؤسساتي في ظل العلاقات الراهنة التي تربط الجزائريين بمختلف مؤسساته، هذه العلاقة غير السوية التي أضرت بمصداقية ونزاهة مؤسسات الدولة تعيق دون شك المسيرة التنموية للجزائر. ومن أجل التوجه نحو بناء علاقات سليمة بين المواطنين ومؤسسات الدولة لا بد من إرادة سياسية تعمل على تطهير مؤسسات الدولة في كل القطاعات الحكومية ولاسيما في القطاعات الحيوية كالعدالة والسكن والعمل والصحة... من مختلف الممارسات الضارة.
ولا تقتصر الأولويات السياسية على البعد المحلي بل تشمل كذلك البعد الخارجي من خلال الدعوة إلى إحداث مراجعات في السياسة الخارجية للجزائر، سواء على الصعيد المغاربي / العربي الإفريقي أوالدولي، دون التركيز على محور واحد أو علاقات ثنائية معينة. المراجعات التي من شأنها أن تخفف من حدة التوترات مع الجوار القريب والبعيد وتساهم في فتح صفحات جديدة في العلاقات الخارجية للجزائر.
إن الموقع الاستراتيجي للجزائر يفرض عليها أكثر من جيرانها أن تبادر من أجل بناء علاقات خارجية جديدة بغية التحكم في المخاطر والتحديات الخارجية التي تحيط بدول المنطقة (المغرب العربي / العالم العربي والجوار الإفريقي) وذلك لوجود تحديات إقليمية متعددة، هذه التحديات تتطلب حلولا إقليمية التي لا يمكن إيجادها دوما من خلال الاستعانة بالبعيد بل إنها تولد من رحم مجتمعات المنطقة حصرا.إن الموقع الاستراتيجي للجزائر يفرض عليها أكثر من جيرانها أن تبادر من أجل بناء علاقات خارجية جديدة بغية التحكم في المخاطر والتحديات الخارجية التي تحيط بدول المنطقة (المغرب العربي / العالم العربي والجوار الإفريقي) وذلك لوجود تحديات إقليمية متعددة، هذه التحديات تتطلب حلولا إقليمية التي لا يمكن إيجادها دوما من خلال الاستعانة بالبعيد بل إنها تولد من رحم مجتمعات المنطقة حصرا.
أما الشق الثاني من أولويات العهدة الثانية والذي لا يقل أهمية عن الشق السياسي فإنه يتعلق بالجانب الاجتماعي/الاقتصادي والمرتبط بتحسين الظروف المعيشية اليومية للجزائريين ولا سيما العمل على رفع قدراتهم الشرائية من أجل تحقيق العيش الكريم واللائق لغالبية الجزائريين.
إن ارتفاع الأسعار يوما بعد يوم أنهك الأسر الجزائرية ذات الدخل المحدود والمتوسط خاصة مع صعوبة تحقيقها لمداخيل تؤهلها لتلبية احتياجاته، أوضاع اقتصادية دفعت الأسر الجزائرية إلى التورط في الديون مما أفضى إلى تكريس الفقر بالمجتمع.
مما لا شك فيه أن الدولة حاولت من خلال تدابير مختلفة مثل منحة البطالة التي استفاد منها مئات الآلاف من الجزائريين تخفيف الأعباء الاقتصادية عن الأسر لكن هذا يبدو غير كاف لتامين مداخيل شهرية للأسر والتي تسمح لها بحفظ ماء الوجه.
ولا يمكن فصل رفع القدرة الشرائية عن توفير فرص عمل جديدة للباحثين عن العمل من مختلف الفئات لأن آليات الدعم وإن تنوعت لا يمكنها أن تكون البديل عن خلق فرص عمل دائمة توفر رواتب تغطي احتياجات الجزائريين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الجزائر الانتخابات أولويات سياسة الجزائر انتخابات سياسة رأي أولويات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات الرئاسیة عبد المجید تبون رئاسیات ٢٠٢٤ لا یمکن من خلال من أجل إلا أن
إقرأ أيضاً:
المؤتمر: كلمة الرئيس السيسي بحفل إفطار القوات المسلحة تعكس عمق الوعي السياسي
أشاد اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر، أستاذ العلوم السياسية بالكلمة التي ألقاها الرئيس عبد الفتاح السيسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، خلال حفل الإفطار السنوي الذي أقامته القوات المسلحة بحضور نخبة من كبار رجال الدولة، وقادة القوات المسلحة والشرطة المدنية، وكبار المسؤولين، وطلبة الأكاديمية العسكرية المصرية مشيرا إلى أن هذه الكلمة جاءت لتعكس عمق وعي القيادة السياسية وإدراكها لأهمية تماسك الشعب المصري وقوة مؤسسات الدولة في مواجهة التحديات الراهنة، سواء على الصعيدين الداخلي أو الإقليمي.
دور الشعب المصري وتماسكهوأشار الدكتور فرحات إلى أن إشادة الرئيس السيسي بدور الشعب المصري وتماسكه، والثناء على دور القوات المسلحة والشرطة المدنية، يعكسان تقدير الدولة للدور الوطني الذي تقوم به هذه المؤسسات في حماية الأمن القومي المصري والحفاظ على الاستقرار الداخلي مشيرا إلى أن هذه المؤسسات تمثل الركيزة الأساسية للدولة المصرية، حيث تحملت على مدار العقود الماضية أعباء جسيمة خلال فترات عصيبة، وكانت دائما في مقدمة الصفوف للدفاع عن الشعب المصري والحفاظ على مكتسبات الدولة الوطنية.
وأكد نائب رئيس حزب المؤتمر أن اللقاء الذي جمع الرئيس السيسي بهذه الكوكبة من القيادات يعكس حالة التلاحم الوطني بين مختلف مؤسسات الدولة والمجتمع، ويبرز الدور المحوري لهذه المؤسسات في حماية الأمن والاستقرار، والعمل من أجل تحقيق التنمية الشاملة مشيرا إلى أن هذا التلاحم يشكل جدارا منيعا أمام أي محاولات لزعزعة الاستقرار أو التشكيك في قدرة الدولة على مواجهة التحديات.
التلاحم الوطني هو جدار منيع أمام محاولات زعزعة استقرار الدولةوأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن الرسائل التي وجهها الرئيس خلال كلمته تعزز مفهوم الوعي المجتمعي وتعميق الانتماء الوطني، لافتا إلى أن مصر استطاعت بفضل هذا التماسك تجاوز العديد من الأزمات الداخلية والإقليمية، وأنها قدمت نموذجا يحتذى به في الصمود والثبات وأكدت التجربة المصرية خلال العقد الماضي أهمية الثقة المتبادلة بين الشعب وقيادته ومؤسساته، وهو ما عزز من قدرة الدولة على مواجهة التحديات والتعامل بحكمة وحزم مع الأزمات.
كما شدد الدكتور رضا فرحات على أهمية الدعم الشعبي لمؤسسات الدولة، مؤكدا أن هذا الدعم يمثل الضمانة الأساسية للحفاظ على استقرار مصر وأمنها، ويعزز مناعة الدولة ضد محاولات التشكيك والتشويه الإعلامي لافتا إلى أن محاولات استهداف مؤسسات الدولة عبر نشر الشائعات أو التحريض الإعلامي المغرض لن تحقق أهدافها طالما أن هناك وعيا شعبيا، وإيمانا حقيقيا بدور الدولة ومؤسساتها.
وأكد أستاذ العلوم السياسية على أهمية استمرار التلاحم الوطني بين مختلف مكونات المجتمع المصري، والحفاظ على مكتسبات الدولة الوطنية، ودعم الجهود الرامية إلى تعزيز الاستقرار والتنمية مؤكدا أن مصر تمضي بخطى ثابتة في مسيرة التنمية، وهو ما يتطلب من الجميع اليقظة والوعي لمواجهة محاولات التشكيك المستمرة و الإنجازات المتحققة على أرض الواقع هي أكبر دليل على نجاح الدولة في التصدي للمؤامرات الخبيثة