4 نقاط تشرح لماذا لن تلحق أوروبا بأميركا اقتصاديا؟
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
سلط تحليل عميق نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" الضوء على الفجوة الاقتصادية المتزايدة بين أوروبا والولايات المتحدة، مشيرا إلى أن أوروبا على الرغم من جهودها الكبيرة لتحفيز النمو الاقتصادي فإنها لم تتمكن من اللحاق بالنمو الأميركي، الذي لم يكن نتاجًا لتخطيط مفصل بقدر ما كان نتيجة لمزيج من العوامل الثقافية والاقتصادية الفريدة.
ويشير التحليل إلى أن هذه الفجوة آخذة في الاتساع منذ عقدين من الزمن، رغم أن أوروبا كانت أصلا أفقر من الولايات المتحدة.
1- التخطيط الأميركي في مقابل الأوروبيوعلى الرغم من عدم وجود خطة اقتصادية واضحة لدى الولايات المتحدة منذ مطلع الألفية، فإنها تمكنت من التفوق على أوروبا، وفق فايننشال تايمز.
في المقابل، كانت أوروبا تعمل منذ عام 2000 وفقًا لأجندة لشبونة التي تهدف إلى بناء "اقتصاد قائم على المعرفة الأكثر ديناميكية في العالم". ومع ذلك، لم تتمكن من تحقيق هذه الأهداف.
ويشير التقرير إلى أن أوروبا، مع كل تقاريرها وخططها مثل تقرير ماريو دراغي الأخير، لم تستطع مواكبة النمو الاقتصادي الأميركي المتزايد.
2- الجمائية والرفاهية الاجتماعيةوتعرض التحليل للسياسات الاقتصادية الحمائية التي تبناها الرئيس الأميركي جو بايدن مؤخرًا، وهو النهج الذي تعرض لانتقادات من قادة أوروبيين مثل ماريو دراغي.
ووفقًا للصحيفة، فإن دراغي يرى أن السياسات الحمائية الأميركية قد تسهم في تعزيز النمو الاقتصادي على حساب التعاون العالمي، لكن المشكلة الأكبر تكمن في أن أوروبا، حتى لو أرادت تبني النهج نفسه، ستواجه تحديات هيكلية وثقافية كبيرة تحول دون تطبيقها بنجاح.
وتشير الصحيفة إلى أن أوروبا ليست دولة قومية موحدة، وهذا أحد أهم الأسباب التي تجعلها غير قادرة على تبني سياسات اقتصادية تشبه ما يجري في الولايات المتحدة أو الصين. فالاتحاد الأوروبي يضم 27 دولة تختلف لغويًا وثقافيًا، مما يجعل من الصعب عليها تنفيذ سياسات اقتصادية متكاملة.
على سبيل المثال، يشير المقال إلى أن سوق العمل في الولايات المتحدة موحد بشكل كبير بفضل اللغة المشتركة، في حين تفتقر أوروبا إلى هذا العنصر الأساسي.
إضافة إلى ذلك، فإن أوروبا تتمتع بتوقعات أعلى للرفاهية الاجتماعية مقارنة بالولايات المتحدة، حيث يعتمد المواطنون على الدولة لتوفير مستويات عالية من الدعم الاجتماعي. هذا يجعل من الصعب على القادة الأوروبيين اتخاذ قرارات تقشفية أو تخفيض الإنفاق الحكومي دون المخاطرة باندلاع اضطرابات اجتماعية.
ومن الأمثلة على ذلك، ما واجهه كل من مارغريت تاتشر وإيمانويل ماكرون من معارضة شديدة لسياساتهم الاقتصادية.
3-تحديات ديمغرافية وموارد طبيعيةويتطرق التحليل أيضًا إلى الفجوة الديمغرافية بين أوروبا والولايات المتحدة. ففي تسعينيات القرن الماضي، كانت أعمار السكان في الولايات المتحدة وأوروبا متقاربة نسبيًا، ولكن الفجوة ازدادت بشكل ملحوظ خلال العقدين الأخيرين، حيث أصبحت أوروبا تعاني من شيخوخة سكانية أكبر مقارنة بالولايات المتحدة.
وبالإضافة إلى ذلك، تمتعت الولايات المتحدة بميزة جغرافية من خلال اكتشافات النفط والغاز الصخري، مما أسهم في تعزيز اقتصادها بشكل كبير، بينما لم تحظ أوروبا بنفس الحظ الجيولوجي.
4- تحديات تكنولوجيةومن التحديات التي تواجه أوروبا أيضًا -وفق الصحيفة- عدم قدرتها على مواكبة الثورة التكنولوجية بنفس الكفاءة التي تظهرها الولايات المتحدة.
فالتقرير يوضح أن الشركات الناشئة في الولايات المتحدة تتمتع بسهولة في التوسع والنمو بفضل البيئة الاقتصادية المرنة واللغة الموحدة، وهو أمر يصعب تحقيقه في أوروبا التي تفتقر إلى سوق عمل موحد ولغة مشتركة تسهم في دعم رواد الأعمال والمستثمرين.
هل يمكن لأوروبا اللحاق بالولايات المتحدة؟في النهاية، يخلص التحليل إلى أن العوائق الهيكلية والثقافية في أوروبا تجعل من الصعب عليها اللحاق بالولايات المتحدة اقتصاديًا.
ويضيف أن أوروبا قد تواجه تحديات جديدة في المستقبل، مما يجعل تحقيق النمو الاقتصادي على غرار النموذج الأميركي أمرًا غير مرجح.
ومع ذلك، تشير الصحيفة إلى أن القادة الأوروبيين بحاجة إلى التفكير في إستراتيجيات اقتصادية جديدة تتناسب مع الخصوصيات الأوروبية، بدلا من محاولة تقليد النموذج الأميركي الذي قد لا يتناسب مع واقع القارة العجوز.
ورغم كل التحديات التي تواجه أوروبا، يشير التحليل إلى أن ماريو دراغي يحاول من خلال تقريره الأخير وضع إستراتيجيات لتعزيز القدرة التنافسية للقارة. ومع ذلك، فإن هذه الإستراتيجيات قد لا تكون كافية بسبب التحديات الثقافية والسياسية التي تواجه أوروبا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی الولایات المتحدة بالولایات المتحدة النمو الاقتصادی أن أوروبا إلى أن
إقرأ أيضاً:
إلغاء جولة وزير الخارجية الأميركي لكينيا وإثيوبيا
أفاد موقع "أفريكا أنتليجنس" أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ألغى جولته الأفريقية الأولى، التي كانت مقررة أن تشمل كينيا وإثيوبيا.
ورغم عدم الكشف عن الأسباب الدقيقة لهذا الإلغاء، فإن هذا التطور يُعتبر انتكاسة في العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وشرق أفريقيا.
وكانت الزيارة المخطط لها ستتناول قضايا حيوية مثل الأمن الإقليمي والتعاون التجاري ومحاربة الجماعات الجهادية في المنطقة.
وكان من المقرر أن يلتقي ماركو روبيو مع الرئيس الكيني وليام روتو في نيروبي، بعد عودة الأخير من زيارة إلى الصين، لمناقشة قضايا أمنية وأمور تتعلق بمهمة الدعم الأمني المتعدد الجنسيات في هايتي، التي تقودها القوات الكينية.
وكانت الولايات المتحدة خلال إدارة الرئيس بايدن تقدم دعما ماليا لهذه المهمة. كما كان من المتوقع أن تشمل المحادثات قضايا أخرى، مثل تعيين سفير أميركي جديد في نيروبي، وهو المنصب الذي ظل شاغرا منذ استقالة ميغ ويتمن في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
ورغم قوة العلاقات الأميركية الكينية، فإن الإدارة الأميركية الحالية بقيادة دونالد ترامب قد اختارت مسارا مختلفا.
فمنذ بداية عام 2025، قلصت الولايات المتحدة مساعداتها إلى كينيا، حيث تم إلغاء 72 من أصل 83 برنامجا تديرها وكالة المعونة الأميركية.
إعلانويضاف إلى ذلك التأثير الاقتصادي الناتج عن السياسات الجمركية الجديدة، التي تضر بالصادرات الكينية، خاصة في قطاع النسيج.
وفي إطار هذه الجولة الملغاة، أفاد أفريكا أنتليجنس أنه كان من المقرر أن يزور ماركو روبيو العاصمة الإثيوبية أديس أبابا للقاء المسؤولين الحكوميين وقادة الاتحاد الأفريقي.
وكان من المتوقع أن تتناول المحادثات شراكة كبيرة تم توقيعها في 2024 بين شركة جنرال إلكتريك للطيران وخطوط الطيران الإثيوبية، تتعلق بتوريد محركات لطائرات بوينغ.
وأكد الموقع أن هذه الزيارة الملغاة تأتي في وقت تزداد فيه المنافسة الجيوسياسية في شرق أفريقيا، خصوصا مع توسع النفوذ الصيني في المنطقة.
وكانت زيارة الرئيس الكيني وليام روتو إلى الصين قد أثارت تساؤلات حول مستقبل العلاقات الكينية مع الولايات المتحدة، خاصة بعد أن استقبله الرئيس الأميركي جو بايدن بحرارة في 2024.
على الجانب الآخر، تسعى الدبلوماسية الأميركية لمواجهة التوسع الصيني في المنطقة، خصوصا في مشاريع البنية التحتية الكبيرة، مثل الطريق السريع بين نيروبي وحدود أوغندا، الذي ما زال مصيره مجهولا بعد انسحاب التحالف الفرنسي "ميريديام" و"فينسي" من المشروع.
وقد تُسهم زيارة الرئيس روتو للصين في إتمام محادثات مع شركات صينية مملوكة للدولة لإحياء هذه المشاريع.
قد يُظهر إلغاء هذه الجولة الدبلوماسية فراغا في العلاقات بين الولايات المتحدة وكينيا وإثيوبيا في مجالات الأمن والتعاون الاقتصادي.
ورغم إمكانية حدوث لقاءات ثنائية في المستقبل، فإن تأثير هذا القرار على العلاقات الأميركية مع هذين البلدين سيظل موضوعا خاضعا للنقاش في عاصمة إثيوبيا وكينيا.