في وقت سابق من سبتمبر/أيلول الجاري، كشفت الحكومة الصينية في بيان عبر موقعها الرسمي الناطق باللغة الإنجليزية، عن مساعيها حول بناء قاعدة قمرية على سطح القمر وفق خطة شاملة تتكون من مرحلتين أساسيتين، وهي خطوة إستراتيجية تدعم موقع الصين في برنامج استكشاف القمر والفضاء الذي شرعت العمل عليه منذ السنوات القليلة الماضية.

وتعد مبادرة الصين الطموحة لإنشاء محطة أبحاث قمرية دولية  (آي إل آر إس) بداية حقبة جديدة من التعاون الفضائي العالمي، إذ يجذب المشروع الرائد بشكل خاص الدول النامية التي تفتقر إلى برامج فضائية خاصة بها، لتضع بكين نفسها على طليعة قطب آخر من قوى العالم الباحثة عن تعزيز نفوذها في الفضاء.

وجاءت المبادرة بعد أن أطلقت الإدارة الوطنية الصينية للفضاء رسميا مبادرة التعاون في هذا المشروع في عام 2017، داعية المجتمع الدولي للانضمام إلى ركبها، وحتى الآن، وقّعت أكثر من 40 مؤسسة من مختلف أنحاء العالم على اتفاقيات تعاون مع الصين.

محطة قمرية مستدامة

ويصور مشروع "آي إل آر إس" على أنه مرفق علمي تجريبي، مصمم ليكون نظاما قابلا للتوسع والصيانة وقادرا على العمل بشكل آلي لفترات طويلة، كما يسمح المشروع احتواء رواد الفضاء على فترات قصيرة الأمد، وهذا يجعله منصة متعددة الاستخدامات لتعزيز عمليتي البحث والتطوير على سطح القمر.

وعبر التصميم الذكي، تهدف الصين إلى جعل وجود البشر مستداما على سطح القمر، ليجري تنفيذ المشروع على مرحلتين، وتشمل المرحلة الأولى بناء منشأة أساسية بالقرب من القطب الجنوبي، وينتهي العمل عليها بحلول عام 2035، وأما المرحلة الثانية، فتتعلق بتوسيع القاعدة لتصبح شبكة شاملة تربط بين القطب الجنوبي وخط الاستواء والجانب البعيد من القمر، وينتهي العمل عليها بحلول عام 2050.

رائد الفضاء "تانغ هونغبو" بعد الهبوط في صحراء غوبي الواقعة ضمن منطقة منغوليا الداخلية، ذاتية الحكم شمال الصين (أسوشيتد برس)

ويؤكد مدير وكبير العلماء في مختبر استكشاف الفضاء العميق "وو ويرين"، في المؤتمر الفضائي المنعقد في مدينة "هوانغشان" الصينية، أنّ مشروع "آي إل آر إس" يعتمد على مبادئ تبادل الأفكار والبناء المشترك والمنافع المشتركة بين جميع الأطراف المنخرطة على الصعيد الإقليمي والعالمي.

ودعا المصمم الرئيس لمشروع استكشاف الفضاء العميق في الصين "وو يانهوا" الدول من جميع أنحاء العالم إلى المشاركة في هذا المشروع، بمختلف أنواع المساهمات، سواء كان بتطوير المعدات، أو تصميم الأنظمة، أو حتى بالتعاون على مستوى تنفيذ المهام، وذلك لتوحيد الجهود.

وتخطط الصين أيضا لإنشاء عدة منظمات دولية لتسهيل التعاون بينها، بما في ذلك لجنة تعاون عالمية، ولجنة استشارية للخبراء، وتحالف علمي للابتكار في تكنولوجيا الفضاء، وستساعد هذه المنظمات في تنسيق الجهود بين الشركاء العالميين وإنجاز المشروع في وقت قياسي.

مشروع تشانغ آي الفضائي مثال يُحتذى به

يعد نجاح التعاون الواضح في مهمات برنامج "تشانغ آي" بين الصين والدول الأوروبية والآسيوية علامة فارقة يمكن البناء عليها مستقبلا، كما ستعمل المهمتان القادمتان "تشانغ آي-7″ و"تشانغ آي-8" على تعزيز هذا التعاون. ومن المقرر أن تحمل مهمة "تشانغ آي-7" ست أدوات علمية دولية إلى سطح القمر في عام 2026، في حين ستحمل مهمة "تشانغ آي-8" حمولة تزن 200 كيلوغرام من عدة شركاء عالميين.

تأمل عدة دول في العالم بناء محطات قمرية خلال العقد القادم (ناسا)

وقد أعرب المدير التنفيذي لبرنامج الفضاء في وكالة الفضاء المصرية أيمن أحمد عن فخره بالمشاركة في مهمة "تشانغ آي" القادمة، بتقديم كاميرا مدعومة بالذكاء الاصطناعي، وبدعم من معهد "تشانغتشون" للبصريات التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، وتمثل آلة التصوير هذه مثالا على تنوّع مشاركة الدول بمختلف قدراتها على استكشاف الفضاء، في مهمات الصين الفضائية.

كما انضمت مؤخرا السنغال إلى قائمة الشركاء في مبادرة مشروع "آي إل آر إس" في سبتمبر/أيلول الماضي، في مؤشر واضح حول استهداف الصين الدول النامية في القارة الأفريقية لتعزيز حظوتها في سوق الفضاء.

وتهدف بكين أن تمرر علوم الفلك والفضاء إلى الدول التي تطمح إلى تعزيز القدرات العلمية والتقنية، ولسد الفجوة الموجودة بين الطموح والقدرات. كما أشار ممثلون عن السنغال إلى أن الشراكة مع الصين ستساعد في نمو جيل جديد من علماء الفضاء وبناء أساس علمي رصين في القارة الأفريقية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات سطح القمر

إقرأ أيضاً:

تعاون بيني وطني لمواجهة تهديدات الفضاء السيبراني وجرائم المعلوماتية

نظَّم مركز البحوث الجنائية والتدريب وخبراء من الوطنية لأمن وسلامة المعلومات مجموعة أنشطة تدريبية، وذلك في إطار التعاون بين المؤسستين في مواجهة تحديات استخدام التقنيات الإلكترونية الناشئة، وتنفيذا لوثيقة التعاون التي جرى توقيعها في افتتاح معرض النيابة العامة الدولي للكتاب بنسخته الأولى.

وشملت باكورة التعاون، تنفيذ المرحلة الأساسية لبرنامج زيادة معرفة المستفيدين، ورفع مهاراتهم في مواجهة التهديدات المنبثقة عن الفضاء السيبراني والمحيط الرقمي، لتعزيز معالجة الجرائم الإلكترونية، ورفد أمن مشروع هيئة النيابة العامة لرقمنة العدالة.

وأفاد من النسخة الأولى من الأنشطة، التي امتدَّت على مدار خمسة أيام، تسعة وثلاثون وكيلاً للنائب العام من المنسَّبين في دائرتيْ اختصاص محكمتيْ استئناف طرابلس، و جنوب طرابلس.

وأتاحت الأنشطة إحاطة عن المدخل إلى أمن البيانات والمعلومات، وسياساته، بما في ذلك عبر الفضاء الرقمي، وحماية البيانات الشخصية، وتحليل الأدلة الرقمية للممارسات التي تندرج ضمن نماذج تجريمية.

وسيُتابع المركز تنفيذ نسخ من المرحلة الأساسية لبرنامج تنمية المعارف والمهارات الرقمية لمنتسبي هيئة النيابة العامة من الأطر القضائية، والإدارية، والفنية كمرحلة أولى.

مقالات مشابهة

  • لماذا فشل ديليسبس بتكرار نجاح قناة السويس في بنما؟
  • مصر تعلن عن تطور هام بشأن محطة الضبعة النووية بالتعاون مع روسيا
  • أرامكو السعودية تطلق مشروعا جديدا للتكرير والبتروكيميائيات في الصين
  • الصين تطور طوبًا مستوحى من تربة القمر لبناء المحطة العلمية القمرية
  • «خليفة سات» يوثق «مَسقَط» في اليوم الوطني لسلطنة عُمان
  • أرامكو وسينوبك وفوجيان يضعون حجر الأساس لمشروع جديد للتكرير والبتروكيميائيات في الصين
  • تعاون بيني وطني لمواجهة تهديدات الفضاء السيبراني وجرائم المعلوماتية
  • بتقنية مميزة .. إعادة إنتاج صوت الملك البريطاني ريتشارد الثالث
  • الصين تكشف عن نشاط بركاني طويل الأجل على القمر
  • الصين: أزمة البحر الأحمر امتداد لما يحدث في غزة