سولاف درويش تكتب: الهوية الوطنية المصرية بين التحديات وجهود الدولة
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
الهوية الوطنية تعد من أهم الركائز التي تقوم عليها الدول الحديثة، إذ تشكل عاملًا مهمًا في بناء الشعور بالانتماء والولاء للوطن. في مصر تعتبر الهوية الوطنية جزءًا من تاريخها العريق الذي يمتد لآلاف السنين، متجذرًا في الحضارة الفرعونية والتراث العربي والإسلامي والقبطي.
في ظل التحولات الكبرى على المستويين الإقليمي والعالمي، تواجه الهوية الوطنية المصرية العديد من التحديات.
1. العولمة: مع تسارع وتيرة العولمة والتكنولوجيا، ازدادت عملية التبادل الثقافي، وهو ما ساهم في تداخل الثقافات وظهور تيارات تؤثر على القيم والتقاليد الوطنية.
2. التطرف الفكري والإرهاب: تعد موجات التطرف من أبرز التهديدات التي تواجه الهوية الوطنية، حيث تسعى هذه التيارات لتفتيت النسيج المجتمعي وتعزيز الانقسامات.
3. وسائل الإعلام الحديثة: في ظل الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية العالمية، أصبح الشباب المصري أكثر تعرضًا لمحتوى قد يتعارض مع القيم الوطنية والتقاليد الاجتماعية.
4. الأوضاع الاقتصادية: تؤثر التحديات الاقتصادية أيضًا على الهوية الوطنية من خلال خلق حالة من الاضطراب الاجتماعي والابتعاد عن المشاركة المجتمعية.
وتحاول الدولة المصرية منذ سنوات، ومن خلال عدة برامج ومبادرات، تعزيز الهوية الوطنية والحفاظ على التماسك المجتمعي.
1. التعليم والإعلام: تعمل الحكومة المصرية على إصلاح المناهج الدراسية لتعزيز الهوية الوطنية، بالإضافة إلى إطلاق حملات إعلامية توعوية تهدف إلى ترسيخ القيم الوطنية وتقوية الشعور بالانتماء.
2. الفن والثقافة: تدرك الدولة أهمية الفن والثقافة في تعزيز الهوية الوطنية، ولذلك تركز على دعم المهرجانات الثقافية وإنتاج الأعمال الفنية التي تعكس التراث المصري وتاريخ مصر العريق.
3. الأنشطة الشبابية والمجتمعية: تساهم المبادرات الشبابية، مثل مبادرة حياة كريمة، ومؤتمرات الشباب وكذلك أيضا تمكين الشباب في كل المجالات السياسية والعملية وغيرها وفي إشراك الشباب في المشروعات التنموية وتعزيز دورهم في بناء المجتمع، وهو ما يعزز الشعور بالانتماء ضرورة تعزيز دور الأسرة في غرس القيم الوطنية
تدرك الدولة أهمية مشاركة المجتمع في جهود تعزيز الهوية الوطنية، لهذا تسعى لتعزيز التعاون بين مختلف المؤسسات المجتمعية والدينية لدعم الوحدة الوطنية ومكافحة الأفكار المتطرفة التي تسعى إلى تفتيت المجتمع. وتُعد المبادرات الشبابية والمجتمعية التي تعزز من الشعور بالانتماء والتضامن الوطني عاملًا مهمًا في هذا الاتجاه.
تعزيز الهوية الوطنية والحفاظ على التماسك المجتمعي في مصر يتطلب تكاتفًا بين الدولة بمؤسساتها والمجتمع بمختلف قطاعاته. ورغم التحديات الكبرى، هناك جهود مستمرة لمواجهة هذه التحديات وتعزيز الشعور بالانتماء الوطني، بدءًا من التعليم مرورًا بالإعلام والفن، وصولًا إلى المبادرات الشبابية والمجتمعية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الهوية الوطنية التماسك الوطني الانتماء الوطني تعزیز الهویة الوطنیة
إقرأ أيضاً:
القوة الخفية التي هزمت حميدتي ..!
منذ انطلاق الرصاصة الأولى في الخرطوم يوم 15 أبريل 2023، كان واضحاً أن محمد حمدان دقلو (حميدتي) لم يقرأ المشهد العسكري والسياسي جيداً، أو قرأه بعين الوهم لا ببصيرة الواقع وبواطن الحقائق.
راهن الرجل على انقلاب خاطف وسريع يمكنه من وضع السودان في قبضته، لكنه لم يدرك طبيعة القوة الخفية في الدولة السودانية، تلك الدولة التي تبدو في ظاهرها ضعيفة ومفككة وآيلة للزوال، وذات مؤسسات هشة قابلة للانهيار السريع، لكنها أثبتت مراراً أن لديها عناصر قوة خفية لا تظهر إلا في مواجهة التحديات الكبرى.
عناصر القوة الخفية في الدولة السودانية:
• قوة المجتمع في التناصر والتعاضد ومقاومة الظلم والعدوان.
• قوة المؤسسات العسكرية والأمنية في تراكم خبراتها، وعمق تأهيلها المهني ، وروح الثبات والصبر على تحقيق الأهداف، وهي سمات تميز ضباطها وجنودها.
• قوة وجسارة الشباب بمختلف انتماءاتهم السياسية في مواجهة التحديات والمخاطر، سواء في الحروب أو التظاهرات.
• مستوى الوعي السياسي القادر على فضح النوايا الشريرة المغطاة بالشعارات التجميلية.
• العمق التاريخي لنضالات الشعب السوداني، الممتد منذ الممالك المسيحية، مروراً بمملكة الفونج، والثورة المهدية، واللواء الأبيض.
ما فعلته قوات حميدتي أنها استفزت مكامن القوة الخفية في الدولة السودانية، فوجدت نفسها في مواجهة مختلف الطيف القبلي والجهوي والثقافي والسياسي والعسكري. ونتيجة لذلك، تشكّل تيار وطني عريض وغير مسبوق، عابر للانتماءات.
هذا التيار الوطني ضمّ:
• شيوخ ورجال الدين والطرق الصوفية مثل عبد الحي يوسف، شيخ الزين محمد أحمد، شيخ الكباشي، والمكاشفية، والختمية والجماعات السلفية ، وقساوسة كنيسة ماري جرجس وغيرهم.
• الفنانات مثل ندى القلعة، إيمان الشريف، ميادة قمر الدين وغيرهن.
• المفكرين من مختلف التيارات، من الإسلاميين مثل أمين حسن عمر، عبد الوهاب الأفندي، التجاني عبد القادر، وحسن مكي، إلى اليساريين والليبراليين مثل البروفيسور عبد الله علي إبراهيم، د. محمد جلال هاشم، د. عشاري أحمد محمود، د. معتصم الأقرع، د. صلاح بندر، والروائي عبد العزيز بركة ساكن وغيرهم.
• المقاتلين من الحركات المسلحة في دارفور، وقوات “كيكل”، و”برأوون”، و”غاضبون”، و”المستنفرين”، وشباب الأقباط، و”ميارم الفاشر”، و”مرابطات الشمالية ونهر النيل”، والشيخ موسى هلال.
كل هؤلاء وغيرهم تصدوا لحماية الدولة السودانية والدفاع عن وجودها.
حميدتي، الذي كان بالأمس شريكاً في السلطة، متمتعاً بقوتها ونفوذها، ظن أنه قادر على اختطاف الدولة، لكنه نسي أن القوة وحدها لا تكفي، وأن شرعية البندقية لا تدوم طويلاً. فالرهان على الدعم الخارجي، والتحالفات المصلحية، واستراتيجية “الأرض المحروقة”، لن يحقق له أهدافه، بل سيؤدي إلى عزله وإنهاء وجوده في الفضاء العام.
فشل مشروع انقلاب حميدتي على الدولة السودانية لم يكن مفاجئاً، بل كان حتمياً، لأن أي انقلاب يفتقر إلى عمق سياسي، ورؤية استراتيجية، وحاضنة شعبية، لا يعدو كونه مغامرة متهورة باهظة التكلفة.
منذ اللحظة الأولى، كان واضحاً أن حميدتي يخوض معركة بلا غطاء وطني، وبلا ظهير سياسي يمتلك الخبرة والذكاء، وبلا أفق بعيد. اعتمد على القوة اللحظية العارية، لكنه واجه الحقيقة القاسية: القوة الخفية في المجتمع كانت أكبر من قوته العسكرية.
اليوم، وبعد ما يقارب العامين من الحرب، لم يبقَ لحميدتي سوى أطلال مشروع متهالك، وتحالفات تتآكل، وساحة تتسع لنهاية مأساوية.
فالتاريخ لا يرحم من ظنوا أن البنادق تصنع شرعية، ولا يغفر لمن توهموا أن الدعم الخارجي وحده يمكنهم من حكم الأوطان.
ضياء الدين بلال
إنضم لقناة النيلين على واتساب