العراق بلدٌ غيرُ مستقرٍ ومظاهرِ الدولةِ تتلاشى
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
آخر تحديث: 21 شتنبر 2024 - 9:03 صبقلم:عصام الياسري فيما تمكنت الميليشيات من أن تصبح قوية جدا، على الأقل، بسبب ضعف الدولة العراقية. إلا أنها، أي الدولة، وعلى الرغم من احتياطيات النفط التي تبلغ قيمتها عشرات المليارات، غير قادرة على توفير الإمدادات الكافية لنسبة كبيرة من مواطنيها. وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، يعيش أكثر من ربع العراقيين في حالة فقر، وثلث الشباب عاطلون عن العمل.
أيضا، بدل الاستثمار في البنية التحتية والتعليم أو البرامج الاجتماعية، يتسرب الدخل من تجارة النفط إلى الخدمة المدنية المتضخمة ويتوزع بسبب الفساد بين النخبة السياسية. فأصبح الملايين من الأوساط الشعبية يعتقدون بأن: الناس مقتنعون بأنهم حتى لو أرادوا أن يصدقوا الوعود الرسمية لرئيس الوزراء العراقي، أي رئيس كان، فإنهم يفعلون ذلك من باب شغفهم بحصر المسؤولية المؤسساتية بيد الدولة، وأن تتمكن من تأمين مصالح مواطنيها حقا. إلا أن تقديراتهم تصطدم بواقع حال أقوى مما يتصور. من حيث إن النظام السياسي الذي يعمل بمبدأ المحاصصة التوافقية، هو، من يعمل بالضد ما يطمح إليه المجتمع. منذ سقوط النظام السابق وتأسيس نظام توافقي يهدد بتفكيك الدولة العراقية ويتعامل مع ثنائية “التخندق الطائفي” و “فرض الإرادة”. فالنظام السياسي العراقي يمارس صياغات متشددة تجاه أفراد المجتمع، تنعكس مخاطرها، على مجمل البنية الاجتماعية والحياة المدنية، وتزيد من التشظي السياسي والصراع الطائفي المستمر بين القوى والأحزاب الماسكة بالسلطة. وفي جانب آخر، بدل أن تستمع الدولة إلى مطالب المواطنين المشروعة واحترام حقهم بالتظاهر والاحتجاج المكفول دستوريا، تدفع بقوات مكافحة الشغب والميليشيات المسلحة التابعة لبعض الأحزاب باستخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين. كما حدث من إعتداء “جسدي ولفظي” في أوائل آب على الوقفة النسوية الاحتجاجية في النجف وفي محافظة ذي قار خلال التظاهرات الأخيرة المسجلة للمطالبة بتوفير الماء والكهرباء، وفي تظاهرات الآلاف من طلبة وخريجي الطب بعد عام كامل من المماطلة لتنفيذ مطالبهم المشروعة ومنها حقهم في التعيين المركزي الذي يكفله قانون التدرج الطبي وتعديلاته. مع عدم التوقف عن سياسة المماطلة وإطلاق الوعود المضللة التي باتت ديدن منظومة المحاصصة الطائفية والاثنية. الخطير في الأمر، هناك العشرات من الميليشيات والجماعات المسلحة في العراق، ترتبط قوتهم ارتباطا وثيقا بأطراف متنفذة داخل البلاد وخارجها، تعلمت كيفية استغلال الفراغ. اليوم، تعتبر دمى السادة الفعليين في العراق، كدولة داخل الدولة. على يدها يتم بالقوة المسلحة وبشكل متكرر قمع أصوات المعارضين السياسيين والأشخاص الذين يطالبون بإصلاحات جذرية. وهذا أمر خطير ينظر العراقيون إليه بشكل متزايد من الريبة والقلق على أنه خارج القانون ومن شأنه أن يعرض ـ بالفعل ـ الأمن والاستقرار الهش في البلاد للخطر. فخلال العقدين الأخيرين، قتل أو اختفى آلاف الأشخاص دون أن يتركوا أثرا في العراق. هذا الاستنتاج توصلت إليه العديد من تقارير المنظمات الدولية من بينها لجنة الأمم المتحدة التي حققت في حالات الاختفاء للأشخاص في العراق من بينهم من شارك في تظاهرات الاحتجاج ضد سوء الأوضاع المعيشية والسياسية والمطالبة بالحقوق المدنية. فيما تسببت الميليشيات تحت مرأى جهازي الأمن والشرطة في قتل وإعاقة واختفاء آلاف الأشخاص خلال العشرين سنة الماضية.. تقرير الأمم المتحدة الصادر عن اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري، والذي تم تقديمه في جنيف، يشير أيضا، إلى العديد من الحالات بفترة وجود قوات الاحتلال الأمريكي والبريطاني من عام 2003 إلى عام 2011. وعلى الرغم من مرور عقدين على سقوط النظام السابق، إلا أن ممارسات القمع والقتل والاختفاء السياسي لا تزال مستمرة حتى الوقت الحاضر، فيما قتل أو اختطف العديد من أصحاب الرأي والفكر والنشطاء في مجال حقوق الإنسان من بينهم نساء وشباب وطلبة.وخلال زيارتها للعراق في نوفمبر ـ تشرين الثاني 2023، كشفت اللجنة بحسب التقرير الصادر عنها، أن ظاهرة الاختفاء القسري لم تدون في البيانات الرسمية للسلطات العراقية، ولم يكن من الممكن الحصول على بيانات دقيقة. ولا توجد حتى الآن أرقام موثوقة تكشف عن عدد ضحايا الدفاع عن الحقوق المدنية ومحاسبة من يقف وراء تلك الجرائم؟.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: فی العراق
إقرأ أيضاً:
هل المواجهة القادمة في العراق؟
مارس 2, 2025آخر تحديث: مارس 2, 2025
محمد حسن الساعدي
الدعوات التي أطلقها رئيس الولايات المتحدة الامريكية “دونالد ترامب” بعد توليه الرئاسة أثارت موجة غضب كبيرة في العالم، إذ دعا وبشكل مفاجئ وصادم ان الولايات المتحدة ستتولى ملكية قطاع غزة (طويلة الاجل)في فلسطين وتحويله الى منتجع كبير جديد، والذي تحولت الى مدينة أشباح بعد حرب الابادة الجماعية التي مارسها الكيان الصهيوني ضد هذه المدينة التاريخية، والذي لقى اعتراضات وادانة واسعة من العالم وفي مقدمتها الامم المتحدة والتي اعتبرته تطهيراً عرقياً ضد الفلسطينيين فيما يؤكد ترامب بانتفاء الحاجة لقوات امريكية في غزة، لان أكثر من مليون ونصف فلسطيني سيخرجون طواعية منها، وهو امر لن يمكن تحقيقه وسط هذا الواقع لان أهل غزة لن يغادروا طواعية وهم متشبثون بارضهم ومنازلهم ولا يمكن طردهم الا بالقتل والابادة الكلية لهم.
مثل هذه الخطوات التي تسعى اليها الادارة الامريكية سيخلق لها حالة من التمرد في العالم والشرق الأوسط تحديداً، والتي ربما ينتهي بالمواجهة يوماً ما والتي بالتأكيد ستكون أكبر من حرب العراق ولكن هذه المرة على نطاق اوسع، والتي ستدفع فيها الولايات المتحدة أثمان باهضة عن كل ما ارتكبته من حروب خاضتها القوات الامريكية سابقاً.
الرئيس ترامب لا يريد أن يدخل هذه التجربة مرة أخرى وان استخدام الجيوش تجربة كبدته خسائر كبيرة، إذا ما قارناها بالحرب على العراق والتي كلفت أكثر من 728 مليار دولار وأسفر عن مقتل اكثر من 4500 جندي امريكي وإصابة اكثر من 32 الف آخرين، لذلك هو يلجأ الى خيار آخر وهو السردية في جعل مدينة غزة منتجع سياحي، وهو امر لا يمكن تحقيقه لأنه غير واقعي ولا يمكن تطبيقه على ارض الواقع.
حركة حماس التي تم انتخابها في عام 2006 تحضى بدعم شعبي واضح في غزة وعموم المدن الفلسطينية، وأن المواطن الغزاوي على استعداد للقتال الى جانب مقاتلي حماس، لان الهدف المشترك هو محاربة الابادة التي يمارسها الجيش الاسرائيلي ضد الابرياء العزل في غزة، وهذا الامر راسخ في المجتمع منذ ذلك الحين، وخصوصاً وان الكيان الاسرائيلي قتل اكثر من 64 الف شخص، ودرجة العداء الذي يحمله اهل غزة على الكسان الصهيوني والداعمين له من واشنطن وغيرها من دول كانت تدعم إسرائيل بأسلحة الدمار الشامل، لذلك أصبحت حماس الصوت المنادي بحقوق الشعب الفلسطيني والحامي والمواجه الاول للعدوان الظلام عليهم، وهذا ما انعكس على ارتفاع درجة التعاطف معها.
حرب الابادة الجماعية في غزة قد تخلّف أثاراً كارثية على المشهد الاجتماعي في فلسطين، وتترك أثراً إيجابيا على معادة الصهاينة جيلاً بعد جيل ليس فقط على إسرائيل بل على الولايات المتحدة نفسها، وهذا ما حذر منه قادة الاستخبارات الامريكية ونصحوا به قيادة البيت الابيض، فخطة ترامب من شانها أن تجعل واشنطن العدو الاول في الشرق الاوسط، مما قد يؤدي الى زعزعة استقرار المنطقة ويؤثر على العلاقة مع مصر والاردن خصوصاً بعد اللقاء الذي جمع ملك المملكة الاردنية الهاشمية مع ترامب والذي مثل فشلاً في إدارة الازمة من قبل الادارة الامريكية، وضعف في الموقف العربي عموماً.
الشعب الامريكي مطالب الآن اكثر من أي وقت مضى في رفض مثل هكذا مطالب تؤثر على سمعة الولايات المتحدة في العالم، وتجعل الحرب مفتوحة مع الجميع ،ويصبح الشرق الاوسط ساحة حرب وجنائز اموات متحركة لا يمكن إيقافها، كما على الولايات المتحدة الخروج فوراً من سوريا والعراق بدل ان تكون هدف سهل للمواقف الشعبية فيها.