بالنسبة إلى لبنان فإن القتلى قتلاه، غير أنهم لم يُقُتلوا في واحدة من حروبه، بالرغم من أن حروب لبنان لم تنته بعد.بعد أن حرر لبنان جنوبه عام 2000 قال: "شكراً" كبيرة للمقاومة. كان هناك نوع من سوء الفهم.
انتهى عمل المقاومة وعلى المقاومين أن يذهبوا إلى بيوتهم ويمارسوا أعمالهم من أجل لقمة العيش.كم كانت تلك الفكرة ساذجة.
المقاومة لم تنتظر كلمة “شكرا” على ما قامت به. كانت المكافأة المنتظرة أكبر مما توقعها أحد.
بعد ما يقارب النصف قرن وجد اللبنانيون أنفسهم في مضيق صار يضيق عليهم.
لا يزال البعض منهم لا يصدق أن لبنان هو المكافأة التي خطط حزب الله لنيلها مقابل خدماته في المقاومة.
لطالما سخر حسن نصرالله من حسن نية اللبنانيين وسذاجة وطنيتهم وهم يتمنون عليه أن يتقاعد.
لم تنته حروبه بعد، لذلك فإن على لبنان أن يدفع ثمن تلك الحروب، وهي حروب لا تنتهي إلا إذا قررت إيران ذلك. فالمسألة تقع خارج الإطار الوطني.
ليس حزب الله مَن يقرر. وكم كان اللبنانيون أبرياء حين طالبوا بنزع سلاح الحزب. ليس ذلك السلاح ملكه لكي يتخلى عنه. الحزب مجرد أداة.
بعد هزيمة 2006 التي أخرجت لبنان من العصر الحديث بعد تدمير بنيته التحتية صار اللبنانيون على بينة من أن سلاح الحزب يغير اتجاهاته ولن يكون لبنان استثناء.
كان موقف التضامن الشعبي مع حزب الله بعد هزيمة 2006 خطأ عظيما سيندم عليه اللبنانيون زمنا طويلا.
كان ذلك الخطأ الباب الذي دخلت منه إيران لاحتلال لبنان وتنصيب نصرالله مندوبا لها فيه.
لقد تم وأد الدولة اللبنانية في اللحظة التي صار في إمكان نصرالله أن يلقن سياسييها دروسا في مختلف المجالات.
كانت مشاهد السياسيين اللبنانيين وهم يجلسون في الصفوف الأولى أمام الشاشة الكبيرة التي يلقي من خلالها نصرالله خطاباته مخزية.
تلك مشاهد أكدت أن لبنان صار صغيرا بحيث ينصت سياسيوه إلى رجل متخلف يُلقي عليهم دروسا في إدارة الدولة.
كانت المؤامرة أكبر من أن تكون مجرد استمرار للمرض الطائفي القديم. تلك مؤامرة يكمن سرها في الفساد الذي تفشى بين أفراد الطبقة السياسية التي زحفت إلى الحكم بعد الحرب الأهلية.
وإذا ما كان اللبنانيون بسبب قشعريرة نرجسية صارت لصيقة بهم مصرين على علو شأنهم باعتبارهم أحفاد الفينيقيين فإن الواقع يقول شيئا مختلفا.
لبنان بلد سيء الحظ.
ذلك حكم قدري مضحك.
تحول أكثر من 100 ألف من مواطنيه إلى حملة سلاح ينتظرون في كل لحظة الأوامر لتوجيه الرصاص إلى قلبه. لقد تخلوا عن هويتهم اللبنانية فهم ليسوا طائفيين بقدر ما هم أجراء لدى المستعمر. هم إيرانيون لم تسمح لهم الظروف بالتخلي عن الجنسية اللبنانية.
لقد ابتليت الطائفة الشيعية قبل لبنان بحزب الله. ذلك لأنه وضعها تحت إبطه ونذر شبابها شهداء في سياق المشروع الإيراني بعد أن غسل أدمغتهم فصاروا يرددون دعاء كميل بدلا من أن يحلقوا في سماء لبنانيتهم بقصائد سعيد عقل والأخطل الصغير وإيليا أبوماضي وأنسي الحاج.
كلما قُتل واحد من مقاتلي حزب الله يخسر لبنان واحدا من مواطنيه. تلك معادلة مؤلمة.
يُقتل اللبنانيون في حرب ليس بلدهم طرفا فيها. تلك هي المعادلة الأكثر بشاعة. وهي المعادلة التي تشير إلى أن استيلاء حزب الله على الدولة اللبنانية لن يؤدي إلا إلى مزيد من الخراب. لا يضر ذلك الخراب إيران في شيء.
أما فلسطين التي يختبئ وراءها حزب الله في حروبه فهي كذبة سبق لإيران أن أطلقتها من غير أن تطلق صاروخا واحدا حقيقيا من أراضيها من أجل تحريرها.
وقع لبنان في الفخ. فبدلا من أن تحتل إسرائيل جنوبه صار عليه القبول باحتلال إيراني. وهو احتلال فريد من نوعه. ذلك لأنه يستعمل الأراضي المحتلة درعا لحماية أراضيه وهو يشن حروبه من خلالها.
لبنان إذاً هو دولة حرب من غير أن تقرر الدولة اللبنانية ذلك. ذلك ما تعرفه إسرائيل جيدا. لذلك فإنها لجأت إلى أن تكون حربها هذه المرة أشبه بالألعاب الإلكترونية. غير أنها ألعاب قاتلة. ضحاياها مواطنو دولة هي ليست في حالة حرب معها. وبعد ذلك يأتيك من يقول “إن إسرائيل لم تلتزم بقواعد الاشتباك”.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية لبنان حزب الله غیر أن
إقرأ أيضاً:
تقرير لـForeign Affairs يتحدث عن انتهاء حزب الله.. هذا ما كشفه
ذكرت مجلة "Foreign Affairs" الأميركية أن "حزب الله يعيش أوقات عصيبة. فبعد عقود من كونه الحزب السياسي والعسكري المهيمن في لبنان، فإنه يعاني من صعوبات بالغة. فخلال حرب استمرت عامًا مع إسرائيل، فقد الحزب الكثير من بنيته التحتية العسكرية، وتعرضت صفوف قيادته للتدمير. وفي تشرين الثاني، وقع حزب الله على اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل وسحب عناصره من جنوب لبنان. وبعد فترة وجيزة، سقط نظام بشار الأسد في سوريا، مما أدى إلى قطع خطوط الإمداد بين الحزب وإيران.والآن أصبح حزب الله أيضًا معرضًا لخطر فقدان دعم الشيعة اللبنانيين، الذين يشكلون قاعدته المحلية". وبحسب المجلة، "إن خسارة حزب الله هي مكسب للبنان، والواقع أن تدهوره يمنح المسؤولين اللبنانيين فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في العمر لإعادة تأكيد وجودهم واستعادة دولتهم، ويبدو أن بعض زعماء لبنان على الأقل مستعدون للاستفادة من هذه الفرصة. ولكن على الرغم من تراجع حزب الله، فإنه لم يخرج من اللعبة بعد، إذ يسيطر وحلفاؤه حالياً على 53 مقعداً في المجلس النيابي، وهو عدد كافٍ للتأثير على القرارات المهمة. إن رئيس الجمهورية جوزاف عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة نواف سلام وحلفائهما قادرون على منع حزب الله من اكتساب اليد العليا، ولكنهم سيحتاجون إلى التحرك بسرعة، في حين لا يزال الحزب في حالة ذهول. وسيتعين عليهم التأكد من أن المؤسسات المستقلة في لبنان، وليس حزب الله، مسؤولة عن إعادة بناء جنوب البلاد. وإذا نجحوا، فقد يتلقى حزب الله هزيمة انتخابية في الانتخابات النيابية في أيار 2026، مما يدفعه إلى حالة من الفوضى. ولكن إذا فشلوا، فسوف يعيد الحزب بناء نفسه". رهان سيء بحسب المجلة، "لقد بدأت أحدث حرب لحزب الله مع إسرائيل بعد فترة وجيزة من السابع من تشرين الأول 2023، عندما شنت حماس هجومها. لدعم حليفته في غزة، بدأ الحزب في إطلاق الصواريخ على إسرائيل بمجرد دخول الجيش الإسرائيلي إلى القطاع. في الواقع، لم ير قادة حزب الله أي جانب سلبي في هذه الهجمات، فقد افترضوا أن الجيش الإسرائيلي يريد تجنب التصعيد في الشمال. لكن افتراضهم كان خاطئاً. ففي أيلول، قامت إسرائيل بتفجير آلاف من أجهزة البيجر التي يستخدمها حزب الله للتواصل، ومن ثم اغتالت كبار شخصيات الحزب من إبراهيم القبيسي إلى فؤاد شكر وعلي كركي وإبراهيم عقيل. وفي 27 أيلول، اغتالت إسرائيل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، ما أدى إلى زعزعة الحزب بشكل كبير". وأضافت المجلة، "في نهاية المطاف، اختار حزب الله نائب الأمين العام نعيم قاسم زعيماً جديداً له. ولكن قاسم ليس بنفس الكاريزما أو الشعبية أو الدهاء الذي كان يتمتع به سلفه، كما وليس لديه خطة واضحة لإعادة بناء الحزب. ونتيجة لهذا، تدهورت المعنويات في صفوف الحزب. وفي الحقيقة، إن خسائر حزب الله لا تقتصر على قياداته. فعندما غزت إسرائيل جنوب لبنان، خسر الحزب مئات العناصر وآلاف الأسلحة. وفي غياب الإدارة الذكية والقادة المدربين، سوف يكافح الحزب لتحقيق الكثير على الساحة العالمية. لا شك أن حزب الله سيحاول مرة أخرى أن يصبح قوة إقليمية، ولكن هذا الأمر سيكون صعباً للغاية خاصة بعد سقوط الأسد. وربما تكون إيران أقل ميلاً أيضاً إلى مساعدة حليفها، ذلك أن النكسات العسكرية المحرجة التي مني بها الحزب تجعله أضعف. كما تشعر الجمهورية الإسلامية بالقلق إزاء مدى اختراق عملاء الاستخبارات الإسرائيلية لحزب الله. وفي الواقع، إن حزب الله قد يشكل الآن عبئاً على طهران".
الجبهة الداخلية وبحسب المجلة، "لقد تضاءلت قوة حزب الله الإقليمية إلى حد كبير، ولكنه لا يزال قوياً في الداخل. ومن المرجح أن يبذل كل ما في وسعه لتوسيع نفوذه المحلي في الأشهر المقبلة". إنهاء المهمة وبحسب المجلة، "إن إضعاف حزب الله إلى الأبد سوف يظل عملية محفوفة بالمخاطر، وقد تستغرق سنوات. ولكن هذه المرة، أصبح الهدف قابلاً للتحقيق. فقد أصبح حزب الله معزولاً عن الدعم الدولي، وهو يكافح للحفاظ على الدعم المحلي. والواقع أن الجيش قادر على ضمان النظام بطرق لا يستطيع حزب الله أن يفعلها الآن. وإذا تمكن زعماء لبنان من حشد الإرادة السياسية، فسوف يكون بوسعهم وضع حد للحزب. والسؤال الوحيد هو ما إذا كانوا يمتلكون المؤهلات اللازمة للقيام بذلك". المصدر: خاص "لبنان 24"