ما بعد الضربة والرد..حروب بلا حلول
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
الضربة موجعة جداً وأبعد من حدود التوحش الإسرائيلي في غزة. ولا مجال لرؤية مثيل لها إلا في أفلام الخيال العلمي شغل هوليوود، محاولة قتل نحو 7 آلاف من أعضاء حزب الله خلال دقيقة بكبسة زر من بعيد عبر تفجير سيبراني لأجهزة الاتصال لديهم.
لكن الحزب أوحى أنه احتوى الضربة الإسرائيلية التي هزته وهزت لبنان، وأفشل أهدافها كما قال أمينه العام حسن نصر الله.
ومعنى ذلك أنه ليس بعد الضربة سوى مزيد مما كان قبلها، بصرف النظر عن القول الشائع بعد كل تطور من أن ما بعده ليس كما قبله. فلا كلام وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت على "مرحلة جديدة" في الحرب واقعي، ولا ما يراه المتحمسون فرصة لتحرير فلسطين هو على جدول الأعمال حالياً. والضوابط لا تزال فعالة. فليس سهلاً على نتنياهو شن حرب شاملة من دون ضوء أخضر أمريكي هو حالياً أحمر لاعتبارات كثيرة، ولا سيما خلال الأسابيع الفاصلة عن الانتخابات الرئاسية الأميركية. ولا طهران في وارد الانخراط في حرب شاملة ولو عبر وكلائها، إذ هي ترفض الوقوع في فخ نتنياهو. أي فخ؟ سيناريو استفزاز حزب الله لدفعه إلى عمل كبير يعطيه فرصة لتوسيع الحرب، بالتالي دفع إيران إلى دعم الحزب بحيث تضطر أمريكا للانخراط في الحرب ضد الجمهورية الإسلامية بما يهدد أولويات الحفاظ على نظامها ومشروعها الإقليمي وبرنامجها النووي.
أكثر من ذلك، فإن ما تسميه إسرائيل حرب الشمال هي حرب كل الجهات وليست محصورة بالجغرافيا اللبنانية. إذ إن "وحدة الساحات" في إسناد حماس داخل غزة ستعمل لإسناد حزب الله داخل لبنان. وتطورات الحرب قد تدفع إيران إلى دعم مباشر لأهم جماعة أسستها وصارت أقوى الساحات وصاحبة أخطر دور إقليمي ضمن أدوار الحرس الثوري الإيراني. ولا شيء يغري حزب الله بالذهاب إلى حرب إقليمية واسعة، فهو حقق عبر حرب الاستنزاف أهدافاً مهمة في الجليل لا سابق لها في الحروب مع إسرائيل. ولا أحد يجهل أن حرباً في الشمال لا تعيد المستوطنين المهجرين إلى مستوطناتهم بمقدار ما تزيد أعداد المهجرين.
فضلاً عن أن الحرب الواسعة باتت مرتبطة، ليس فقط بأن نتانياهو ويحيى السنوار مستفيدين منها بل أيضاً بتأثيرها في حظوظ المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والمرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية. واللعبة معقدة، أمريكا تكرر بالقول والفعل وعبر رحلات المسؤولين فيها أن الدبلوماسية هي التي تضمن عودة المستوطنين إلى الجليل. ونصر الله يعلن بوضوح أن لا وقف لحرب الإسناد عبر جبهة الجنوب إلا بعد وقف النار في غزة. والواقع حتى إشعار آخر، هو أن لا الحرب، ولا الدبلوماسية تفتح باب العودة للمستوطنين.
أولاً لأن الخيار العسكري يقود إلى عكس ما تحتاج إليه إسرائيل. وثانياً لأن الخيار الدبلوماسي مربوط بمسألة عسكرية بامتياز داخل غزة.صحيح أن جبهة الإسناد في لبنان لم تعد جبهة فرعية بل تكاد تصبح الجبهة المركزية بعدما خفت المعارك الكبيرة داخل غزة، إذ الباقي حرب استنزاف وحرب عصابات ضد المحتل. لكن الصحيح أيضاً أن حرب غزة هي "حرب وجود" بالنسبة إلى كل من إسرائيل وحماس، في حين أن الحرب على جبهات الإسناد هي حرب دعم ونفوذ إقليمي. والعقدة التي تعرقل صفقة وقف النار وتبادل الرهائن والأسرى هي إصرار كل طرف على هزيمة الطرف الآخر. فالانسحاب الإسرائيلي الكامل الذي تطلبه حماس يعني إعلان إسرائيل أن حربها في القطاع انتهت بهزيمتها. والبقاء في نتساريم وفيلادلفي الذي يصر عليه نتانياهو يعني أن إسرائيل لن تخرج من غزة حتى تحقق الأهداف التي فشلت في تحقيقها خلال 11 شهراً من حرب الإبادة، بالتالي إعلان هزيمة حماس.
لكن المفاجآت تبقى واردة. فما تسمى "الخطوط الحمر" ليست شيئاً ثابتاً، ولا هي التي تمنع تجاوزها. وما يمنع أو يسمح بتجاوز الخطوط الحمر هو حسابات الربح والخسارة، الكلفة والمردود، لدى كل طرف. ومن يتصور أن المردود أهم من الكلفة لا يتوقف عند خطوط حمر. فلو حسبت ألمانيا، والإمبراطورية النمساوية المجرية كلفة الحرب ومردودها لما أقدمت على الحرب العالمية الأولى انتقاماً لاغتيال ولي عهد النمسا والتي انتهت بنهاية الإمبراطورية النمساوية المجرية وإذلال ألمانيا.
يقول الرئيس أبراهام لينكولن "إن وجود قادة لا يريدون حرباً لا يكفي. المشكلة إن كانت هناك أشياء يريدونها أكثر من الحرب، ويرغبون في الحصول عليها ولو بقبول الحرب. والحرب الأهلية حدثت مع أن الكل خاف منها وأكد عدم حصولها".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية لبنان حزب الله
إقرأ أيضاً:
بيان الأعضاء التي يجب السجود عليها في الصلاة
قالت دار الإفتاء المصرية إن من رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين أنه يسَّر لهم طريق العبادة، ورفع عنهم كل حرجٍ فيه؛ فما كلفهم إلا بما هو في طاقتهم ووسعهم؛ قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 28]، وقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].
الأعضاء التي يجب السجود عليها في الصلاةقال الإمام البغوي في "معالم التنزيل" (1/ 601، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ﴾: يُسَهِلَ عليكم أحكام الشرع، وقد سَهَّلَ؛ كما قال جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ﴾ [الأعراف: 157]، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ السَّهْلَةِ»] اهـ.
ومن المقرر شرعًا أنه ينبغي للمصلِّي عند سجوده أن يباشر الأرض بسبعة أعضاء مخصوصة؛ منها: اليدان؛ فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الْجَبْهَةِ -وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ-، وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ، وَلَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ» متفق عليه.
قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (4/ 208، ط. دار إحياء التراث العربي): [هذه الأحاديث فيها فوائد؛ منها: أن أعضاء السجود سبعة، وأنه ينبغي للساجد أن يسجد عليها كلها] اهـ.
المقصود باليدين في الحديث باطن الكفين
والمقصود باليدين في الحديث باطن الكفين؛ لما أخرجه الإمام ابن خزيمة في "صحيحه" عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ: عَلَى وَجْهِهِ، وَكَفَّيْهِ، وَرُكْبَتَيْهِ، وَقَدَمَيْهِ، وَنُهِيَ أَنْ يَكُفَّ شَعَرًا أَوْ ثَوْبًا".
قال الإمام الرافعي في "العزيز شرح الوجيز" (1/ 521، ط. دار الكتب العلمية): [والاعتبار في اليدين بباطن الكف] اهـ.
وقال العلامة العدوي في "حاشيته على كفاية الطالب الرباني" (1/ 269، ط. دار الفكر) عقب استدلاله بهذا الحديث: [المراد باليدين: الكفان] اهـ.
حكم صلاة من يصلي بالقفازين "الجوانتي" لشدة البرد
أوضحت الإفتاء أنه إذا شق على المصلي أن يباشر الأرض بكفَّيه وهما مكشوفتان عند سجوده من شدة البرد، فله أن يسجد عليهما مع وجود حائلٍ بينهما وبين الأرض؛ كأن يلبس القفاز الساتر لكفَّيه ونحوه، ولا يمنع ذلك من صحة الصلاة؛ قياسًا على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يتقي -عند سجوده- حرَّ الأرض وبرودتها بفضول ثوبه، وكذلك ما جاء عن الصحابة رضوان الله عليهم أنهم كانوا يصلون وأيديهم داخل أكمامهم دون أن يخرجوها؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَتَّقِي بِفُضُولِهِ حَرَّ الْأَرْضِ وَبَرْدَهَا" أخرجه الإمامان: أحمد في "مسنده"، وابن أبي شيبة في "مصنفه".
وقد بوَّب الإمام البخاري في "صحيحه" بابًا أسماه: (باب السجود على الثوب في شدة الحر)، وقال: قال الحسن: "كَانَ الْقَوْمُ يَسْجُدُونَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقُلُنْسُوَةِ، وَيَدَاهُ فِي كُمِّهِ".
وأخرج فيه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: "كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَيَضَعُ أَحَدُنَا طَرَفَ الثَّوْبِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي مَكَانِ السُّجُودِ".
وبوَّب الإمام ابن خزيمة في "صحيحه" بابًا أسماه: (باب إباحة السجود على الثياب اتقاء الحر والبرد).
وبوَّب الإمام ابن ماجه في "سننه" أيضًا بابًا أسماه: (باب السجود على الثياب في الحر والبرد)، وأخرج فيها عن ثابت بن الصامت رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم "صَلَّى فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ مُتَلَفِّفٌ بِهِ، يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَيْهِ، يَقِيهِ بَرْدَ الْحَصَى".
وكذلك بوَّب الإمام الترمذي في "سننه" أيضًا بابًا أسماه: (باب ما ذكر من الرخصة في السجود على الثوب في الحر والبرد).
وعن إبراهيم النخعي أنه قال: "كَانُوا يُصَلُّونَ فِي مَسَاتِقِهِمْ وَبَرَانِسِهِمْ وَطَيَالِسِهِمْ؛ مَا يُخْرِجُونَ أَيْدِيَهُمْ مِنْهَا"، قلنا له: ما الْمِسْتَقَةُ؟ قال: "هِيَ جُبَّةٌ يَعْمَلُهَا أَهْلُ الشَّامِ، وَلَهَا كُمَّانِ طَوِيلَانِ، وَلَبِنُهَا عَلَى الصَّدْرِ، يَلْبَسُونَهَا، وَيَعْقِدُونَ كُمَّيْهَا إِذَا لَبِسُوهَا" أخرجه الإمامان: عبد الرزاق في "مصنفه" واللفظ له، والبيهقي في "السنن الكبرى".