ظلت قضية التعليم تشكل هاجسا كبيرا لكل الأسر السودانية داخل وخارج السودان منذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من ابريل 2023، اذ ظل الطلاب يعانون من صعوبة استمرار الدراسة في المناطق المتأثرة بالحرب، وايضا المناطق الآمنة داخل البلاد لعدم توفر بيئة مناسبة للدراسة داخل المدن والقرى، مما دفع بعض الأسر للتوجه للخارج أملا في مواصلة ابنائها للدراسة دون انقطاع، اذ توجهت كثير من الأسر الى القاهرة، ولكنها اصطدمت بواقع مرير، خاصة بعد اغلاق السلطات المصرية لعدد من المدارس السودانية بالقاهرة، ووضع شروط جديدة للالتحاق بالمدارس المصرية، مما وضع الطلاب واسرهم في حيرة من امرهم، ووضعت السفارة السودانية بالقاهرة في وجه المدفع.


خارج الفصول
لأكثر من عام ونصف والطلاب السودانيين خارج فصول الدراسة، بسبب الحرب التي عطلت الحياة وشردت ملايين الأسر السودانية، فبين نازح ولاجئ يعيش من كتبت لهم النجاة، في أوضاع قاسية جدا، ولجأت آلاف الأسر السودانية إلى جمهورية مصر العربية بحثا عن مواصلة تعليم أبنائها، ولكن تلك الأمنية لم تتحقق، وأصبح الطلاب يواجهون مصيرا مجهولا، ربما تتبدد معه الآمال باستكمال المسيرة التعليمية وضياع مستقبلهم.
الأمر الذي دفع منصة (المحرر) للوقوف أكثر على معاناة الأسر في القاهرة حول قضية التعليم، واستنطقت عدد منهم بغرض تسليط الضوء على القضية.
تسهيل الإجراءات
تقول الصحفية نازك شمام إن الآلاف الأسر السودانية التي لجأت إلى دولة مصر تواجه اشكالية كبيرة في تعليم أبنائهم والحاقهم بالمدارس المصرية نسبة لإجراءات جديدة اعتمدتها الحكومة المصرية هذا العام للطلاب الوافدين، اذ تشترط وجود اقامة دراسية من العام الماضي، وأضافت ان هذا الشرط جعل كثير من السودانيين لا يستطيعون إلحاق أبنائهم بالمدارس المصرية ،وأشارت الى ان الكارثة في ان المدارس السودانية في مصر ايضاً تعاني من اشكاليات في اجراءات ترخيصها تجعل من الالتحاق بها مغامرة في ظل الظروف التي يعاني منها السودان.

على المحك
واوضحت محدثتي ان الحرب انعكست على السودانيين بشكل سالب في مختلف مجالات الحياة، واردفت بالقول “ولكن يبقى أصعبها هو مستقبل الأجيال القادمة والذي أضحى على المحك”، وقالت “نأمل في ان تسهل الاجراءات لإلحاق ابنائنا بالمدارس حتى لا نفقد العام الدراسي”.”

رحلة البحث
والدة أحد الطلاب تعرف بأم هبة تروي حكايتها لـ(المحرر) وتقول انها حاولت تحويل أبنائها من منهج سوداني الى مصري، وقالت بعد معاناتها مع السفر من السودان الى القاهرة بسبب البحث عن بيئة مدرسية لمواصلة أبنائها في التعليم، فان رحلة البحث ظلت مستمرة يوميا من مدرسة الى مدرسة ولكن رغم ذلك لم تنجز فيها اي شي سوى التعب في “الفاضي” على حد تعبيرها.
وواصلت محدثتي حكايتها بانه تم توجيهها بالذهاب الى مقر الوافدين في “العمرانية”، وأضافت “وصلت لقيت التسجيل انتهى ولا يوجد تسجيل دون إقامة وقالت “نحنا مواعيد إجراءات الإقامة شهر فبراير”، وذادت “عُدت للتعليم الحكومي ذهبت الى مدرسة مصرية وتم التحويل الى أمانة الطلاب وكان التسجيل مستحيل دون إقامة، ثم العودة مجددا الى التعليم الخاص وكان يحتاج لإقامة وتم التحويل الى إدارة شؤون الطلاب وأيضا بدون إقامة لا يمكن التسجيل”.”
وقالت “رغم كل هذه المعاناة التي باءت بالفشل أصبت بالإحباط، وابنائي قرروا العودة الى السودان”، وختمت حديثها بالسؤال الى متى سنفضل في هذا الموال وهذه المعاناة؟؟

إعادة النظر
اما سماح احمد وهي أم لـ3 أبناء، قالت لـ(المحرر) بعد رحلة طويلة أكثر من 15 يوما مع التهريب وتكبد المشاق وصلت الى دولة مصر لتحقيق مستقبل ابنتها التي تجلس لامتحان الشهادة الثانوية لكن بعد القرارات التي صدرت من قبل الحكومة المصرية بإيقاف المدارس السودانية حزنت على الأمر جدا، وأضافت “أولادنا اكثر من سنة ونصف هم خارج المدرسة بسبب الحرب اللعينة”، ووجهت رسالة الى الجهات المختصة بإعادة النظر في هذا القرار.

ضياع وضبابية
فيما تحسرت الاستاذة نفيسة اسماعيل مكي مديرة مدارس (إسماعيل الولي) وقالت بكل أسف مستقبل الطالب السوداني ان كان في السودان او في الخارج يسير في اتجاه (الضياع والضبابية) وقد يكون الوضع في السودان اقل ضبابية لان الوزارة تحاول جاهدة ان تعيد استمرار الدراسة، ولكن في المناطق الآمنة فقط.
وأردفت بالقول “حتى المناطق الأمنة استمرارية الدراسة فيها أصبحت متعثرة نسبة للظروف المناخية المتقلبة”.
وأشارت الى ان النازحين يعانون كثيرا في مواصلة تعليم أبنائهم نسبة لكثرة القرارات وغيابها الى حين تضرر الأسر لعدم معرفة ما هو مصير أولادهم وتأخير صدور قرار لصالح الطلاب حتى الان يقلق الأسر على مستقبل أولادها.
واضافت نفيسة ان اصحاب المدارس يعانون من ارتفاع الإيجارات في غياب معرفة ما هو القرار وما هو مصيرهم في ظل هذه القرارات.
واشارت الى ان هنالك مشكلة كبيرة تعاني منها الأسر والمعلمين هي تفاوت المستويات في الفصل الواحد بسبب اختلاف دخول مع زمن دخول كل طالب للبلد.
مما يجعل المعلم يجتهد ان يلحق كل طالب ما فاته وهذا يؤثر على سير العملية التعليمية.
وختمت حديثها قائله “حتى الان لا يوجد خبر مؤكد بفتح المدارس من قبل الجهات المصرية ولا من السفارة السودانية وكل ما ينشر في الوسائط مجرد اجتهادات لا غير”.

انسداد الأفق
فيما قال الاستاذ عثمان الطيب “كوستا”، صاحب (مدارس كوستا) ان مستقبل الطالب السوداني أينما وجد مرتبط بحال السودان عموماً، وأضاف هناك انسداد للرؤية والأفق، وأضاف لكن تظهر اجتهادات وعمل خاص من بعض أصحاب المدارس.
وقال كوستا لـ(المحرر) ان لديه في القاهرة 8 فروع، موضحا انها اجتهادات فردية، لان كل شخص يحاول توفيق الأوضاع مع الحكومة المصرية و الجهات الأمنية بشرط أساسي وأن يكون لديه ملف أمني، وتابع “لابد أن يكون هناك بيان واضح المعالم لكل الناس ما في مدرسة تفتح في الوقت الراهن”، وزاد “انا صاحب مؤسسة عثمان كوستا وهذا حالنا عموما الوضع أصبح مكشوف للناس”

لا تحرك ساكن
وانتقد كوستا السفارة السودانية والمستشارية الثقافية على وجه الخصوص، ويرى ان هناك قصور من جانبها وأنها لا تستطيع أن تحرك ساكن.
وأوضح كوستا بأنهم طالبوا بإنشاء مكتب فني في اي منطقة بها كثافة سكانية مثل (فيصل او المهندسين) للمساعدة في رفع التقارير، ولفت “نحن كأصحاب مدارس نعمل عمل فردي والان وزارة التربية والتعليم المصرية والجهات الأمنية هي التي توفر لنا الحماية”.

لا جديد ذكر

وقال محدثي انه التقى المستشار الثقافي المسؤول عن المدارس قبل يومين، وانه رد قائلا (لا جديد يذكر)، وأضاف لكن هناك تسريبات من قبل السفير عماد عدوي باحتمالية منح المدارس، مهلة لمدة عام، ولا ندري كيف ذلك في ظل هذا الوضع، مشيرا إلى أن مدرسة الصداقة السودانية المصادقة من قبل وزارة التربية والتعليم السودانية والمصرية تم تشميعها حاليا، مشيرا الى انها تعمل من بيت السودان وهو يعمل وفق اشتراطات معينة، واعتبرها كارثه كبيرة جداً اذا كان هذه الجهة الوحيدة التي تكافح من اجل الطالب السوداني.

عدم دراية
واعتبر كوستا ما يجري في قضية المدارس عدم الدراية ومعرفة بإدارة الملفات، سيما وان الوضع أشبه ما يكون بالكارثي، وأكد أنهم كأصحاب مدارس لديهم تجمعات في المراكز السودانية وفي رابطة المعلمين السودانيين، يجتهدون في حلول للمسألة.

السفارة على الخط
بعد ان استمعت (المحرر) لكل هذه الشكاوي من قبل الأسر وملاك المدارس، طرقت باب السفارة السودانية في القاهرة لمعرفة الحلول التي وصلت اليها مع السلطات المصرية بشأن فتح المدارس التي تم اغلاقها، ولكن اكتفى مسؤول رفيع بالسفارة بالقولـ(المحرر) ان السفارة لازالت تعمل جاهده للوصول الى حلول مع الجانب المصري، وتتابع القضية بشكل مستمر.

المحرر: سارة المنا

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: السفارة السودانیة الأسر السودانیة الى ان من قبل

إقرأ أيضاً:

قوات الدعم السريع السودانية تتفق مع حلفائها على تشكيل حكومة عبر ميثاق جديد

قال السياسيان السودانيان، الهادي إدريس، وإبراهيم الميرغني، إنّ: "قوات الدعم السريع ستوقع ميثاقا مع جماعات سياسية ومسلّحة متحالفة معها، مساء اليوم السبت"، مبرزين أنهم من بين الموقعين على الميثاق.

وأوضح السياسيان، لوكالة "رويترز" أنّ الميثاق يأتي من أجل: "تأسيس حكومة سلام ووحدة في الأراضي التي تسيطر عليها القوات شبه العسكرية".

وقال إدريس إنّ: "من بين الموقعين على الميثاق والدستور التأسيسي، عبد العزيز الحلو الذي يسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي ولديه قوات في ولاية جنوب كردفان. ويطالب الحلو منذ فترة طويلة بأن يعتنق السودان العلمانية".

تجدر الإشارة إلى أن كينيا، قد استضافت المحادثات، خلال الأسبوع الماضي، مما أثار جُملة تنديدات من السودان وانتقادات داخلية في كينيا للرئيس وليام روتو، بسبب ما وصفه بـ"إدخال البلاد في صراع دبلوماسي".

وفي حرب مستمرة منذ ما يقرب من عامين، تسيطر قوات الدعم السريع على معظم منطقة دارفور بغرب البلاد، وعلى مساحات شاسعة من منطقة كردفان؛ فيما يتصدى لها الجيش السوداني في وسط البلاد، مندّدا في الوقت ذاته بتشكيل حكومة موازية.

وبحسب عدد من التقارير الإعلامية، فإنه: "من غير المتوقع أن تحظى مثل هذه الحكومة، والتي أثارت قلق الأمم المتحدة، باعتراف واسع النطاق. إذ يقول مقربون من الحكومة إن تشكيلها سوف يُعلن من داخل البلاد".

وفي السياق نفسه، كانت الولايات المتحدة، قد فرضت في وقت سابق من هذا العام، عقوبات على محمد حمدان دقلو المعروف بلقب "حميدتي"، قائد قوات الدعم السريع المتهمة بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق، بما في ذلك الإبادة الجماعية.

إلى ذلك، اندلعت الحرب في السودان، عقب خلافات بين قوات الدعم السريع والجيش بخصوص ما يرتبط باندماجهما خلال مرحلة انتقالية، كانت تهدف للتحول إلى الحكم الديمقراطي، وهو ما تسبّب في تدمير مساحات شاسعة من البلاد ودفعت نصف السكان إلى أزمة معيشية صعبة، جرّاء المجاعة.

كذلك، تعيش السودان أزمة صحية طارئة، إذ أعلنت شبكة أطباء السودان، السبت، عن تسجيل 1197 إصابة بوباء الكوليرا، بينها 83 حالة وفاة في ولاية النيل الأبيض، المتواجدة في جنوبي السودان، وذلك خلال اليومين الماضيين.


وأوضحت الشبكة الطبية (غير حكومية)، عبر بيان لها: "تسبب الانتشار الواسع لمرض الكوليرا بولاية النيل الأبيض في وفاة 83 شخصا، فيما أصيب 1197 شخصا، تعافى منهم 259 شخصا حتى مساء أمس الجمعة، وغادروا مستشفى كوستي (حكومي) بولاية النيل الأبيض".

وأشار البيان نفسه إلى أن "الوضع الصحي بولاية النيل الأبيض كارثي بسبب تفشي الوباء"؛ فيما دعت شبكة أطباء السودان، السلطات الصحية في البلاد، لفتح عدد من المراكز بسبب ضيق المستشفيات.

وفي سياق متصل، كانت السلطات السودانية، قد أعلنت الأربعاء الماضي، عن مقتل 6 أشخاص من أسرة واحدة، وإصابة 3 آخرين، وذلك بقصف مدفعي نفّذته قوات الدعم السريع على مدينة أم درمان، المتواجدة غربي العاصمة الخرطوم.

وأوضحت وزارة الصحة بولاية الخرطوم، في بيان، أن: "قوات الدعم السريع ارتكبت مجزرة جديدة في حق المدنيين باستهدافها الممنهج والمستمر للمواطنين المدنيين بمنطقة كرري بمدينة أم درمان غربي الخرطوم".

وبحسب البيان نفسه فإن: "القصف المدفعي الذي شنته اليوم أدى إلى وقوع مجزرة باستشهاد 6 أشخاص من أسرة واحدة، وإصابة 3 آخرين جراء وقوع القذائف داخل منزل الأسرة في حي الثورة بمنطقة كرري".

وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة "الدعم السريع" منذ أيام، لصالح الجيش، بكل من ولايتي الوسط (الخرطوم والجزيرة) وولايتي الجنوب (النيل الأبيض وشمال كردفان) المتاخمة غربا لإقليم دارفور (5 ولايات).


إلى ذلك، تسيطر "الدعم السريع" على 4 ولايات فيه، بينما لم تمتد الحرب لشمال البلاد وشرقها. وفي ولاية الخرطوم المكونة من 3 مدن، بات الجيش السوداني يسيطر على 90 في المئة من "مدينة بحري" شمالا، ومعظم أنحاء "مدينة أم درمان" غربا، و60 في المئة من عمق "مدينة الخرطوم" التي تتوسط الولاية وتحوي القصر الرئاسي وكذا المطار الدولي.

وقبل أيام قليلة، أفاد سكان وعاملون في القطاع الطبي بأن قوات الدعم السريع السودانية قد شنّت هجمات على مخيم زمزم للنازحين، الذي يعاني من أزمة مجاعة حادة، وذلك في إطار محاولات القوات العسكرية تعزيز سيطرتها على معقلها في دارفور، بينما تتكبد خسائر أمام الجيش في العاصمة الخرطوم.

ومنذ نيسان/ أبريل من عام 2023 يخوض الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" حربا، خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وذلك بحسب الأمم المتحدة والسلطات المحلية، فيما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

مقالات مشابهة

  • قوات الدعم السريع السودانية تتفق مع حلفائها على تشكيل حكومة عبر ميثاق جديد
  • القوى السياسية والمدنية السودانية خلال اجتماع أديس أبابا: ندين الجرائم التي ارتكبتها ميلشيا الدعم السريع
  • مبادرة الخير.. مستقبل وطن يوزع آلاف الشنط الرمضانية في المنيا| صور
  • مولانا احمد ابراهيم الطاهر يكتب: الجمهورية السودانية الثانية
  • ضمن مبادرة الخير.. «مستقبل وطن» المنيا يوزع آلاف الكراتين الرمضانية
  • انطلاق «مبادرة الخير - رمضان 2025» بحزب مستقبل وطن الأقصر
  • جائحة مؤامرونا التي تجتاح السودانيين
  • بعد حظر قناة الشرق للأخبار.. نقابة الصحفيين السودانيين تحذر من الإستهداف
  • كينيا والأزمة السودانية.. وساطة محايدة أم انخراط في الصراع؟
  • ضبط تشكيل عصابي تخصص في تزوير بطاقات الطلاب الصحية بالقاهرة