يعزّز اكتشاف معادن أرضية نادرة ضخمة المنافسة العالمية على إنتاج تلك العناصر الإستراتيجية التي تشتد الحاجة إليها في عديد من الصناعات الحيوية، بما في ذلك السيارات الكهربائية والهواتف الذكية والدفاع والفضاء والطيران، من بين أخرى عديدة.

ويُسهم الكشف الجديد من المعادن الذي أعلنته الصين مؤخرًا في تعزيز هيمنة البلد الآسيوي على السوق العالمية، لتواصل تفوقها على الولايات المتحدة الأميركية.

ووفق بيانات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) تستأثر الصين باحتياطيات إجمالية حجمها 44 مليون طن من المعادن الأرضية النادرة؛ ما يزيد بنحو ضعفين على احتياطيات فيتنام التي بحوزتها 22 مليون طن، كما يتجاوز بكثير احتياطيات الولايات المتحدة التي لا تتعدى 1.8 مليون طن.

ويزيد حجم اكتشاف المعادن الأرضية النادرة الجديد، البالغة احتياطياته 4.96 مليون طن، على ضعف إجمالي احتياطيات الولايات المتحدة؛ ولذا تعوّل عليه بكين في تعزيز دورها الرائد في صناعة المعادن النادرة عالميًا.

اكتشاف ضخم

تراهن الصين على اكتشاف معادن أرضية نادرة باحتياطيات ضخمة قوامها نحو 5 ملايين طن، في تعزيز نفوذها في تلك الصناعة الإستراتيجية لا سيما في ظل منافسةٍ شرسةٍ مع الولايات المتحدة الأميركية، وفق ما نشرته صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست (South China Morning Post).

وتشمل قائمة المعادن الأرضية النادرة 17 عنصرًا بخواص كهربائية ومغناطيسية فريدة: اللانثانوم، والسيريوم، والبراسيوديميوم، والنيوديميوم، والبروميثيوم، والسماريوم، واليوروبيوم، والغادولينيوم، والتيربيوم، والديسبروسيوم، والهولميوم، والإربيوم، والثوليوم، والإيتربيوم، واللوتيتيوم، والسكانديوم، والإيتريوم.

وجاء إعلان اكتشاف معادن أرضية نادرة في مقاطعة سيتشوان جنوب غرب الصين خلال ندوة عُقدت الأسبوع الماضي بوساطة شركة تشاينا رير إيرث غروب (China Rare Earth Group) الصينية الحكومية.

وقالت مجموعة من المتخصصين في المعادن الأرضية النادرة ممن حضروا الندوة إن الكشف الجديد الذي يُعد حاسمًا لتسريع جهود التطوير التقني المتسارعة في الصين، بدءًا من السيارات الكهربائية، ومرورًا بتوربينات الرياح حتى الروبوتات والمعدات الدفاعية، يتركز في محافظة ليانغشان يي ذاتية الحكم، واحدة من أفقر المناطق في الصين.

ووفق تقديرات مركز المسح الجيولوجي الأميركي (US Geological Survey) تُعد الصين أكبر مُنتِج للمعادن الأرضية النادرة في العالم؛ إذ تزوّد أكثر من 80% من إجمالي تلك المعادن عالميًا، وأثارت تلك الهيمنة الصينية، التي ينظر إليها الغرب على أنها احتكار، مخاوف دول عديدة بشأن تعرُّض سلاسل الإمدادات لديها للخطر.

وقالت شركة تشاينا رير إيرث غروب: “في مواجهة الوضع الجديد للمنافسة العالمية، ستسعى المجموعة إلى المحافظة على مصالحها، وتقديم إسهامات كبيرة لحماية أمن موارد المعادن النادرة في الصين”، في بيان منشور على موقعها الرسمي، طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

جانب من الندوة التي شهدت إعلان اكتشاف معادن أرضية نادرة في الصين – الصورة من scmp مخاوف جيوسياسية

من شأن اكتشاف معادن أرضية نادرة جديدة بتلك الاحتياطيات في سيتشوان أن تغذّي المخاوف الجيوسياسية، وسط تصاعد حدة المنافسة بين بكين وواشنطن.

وتحولت هيمنة الصين على سوق المعادن الأرضية النادرة العالمية إلى كابوس يؤرّق الدول الغربية التي تسعى بقوة لإضعاف قبضة الصين على تلك العناصر الإستراتيجية، التي تعدّها مهمة لأمنها الاقتصادي والعسكري.

وتعمل الدولة صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم على تقييد إمداداتها وصادراتها من العناصر الأرضية النادرة، التي حددتها وزارة أمن الدولة في وقت سابق من هذا العام (2024)، بصفتها موارد معدنية إستراتيجية مرتبطة مباشرةً بالأمن القومي.

وقال الخبير الاقتصادي، مستشار وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات في الصين بان هيلين، إن “اكتشاف معادن أرضية نادرة في سيتشوان سيعزّز الميزة التي تتمتع بها بكين بشأن الموارد في سوق المعادن الأرضية العالمية”، في تصريحات أدلى بها إلى صحيفة تشاينا سيكيوريتيز جورنال (China Securities Journal) المملوكة للدولة.

وأضاف هيلين: “بينما تبرز أهمية استغلال الموارد الطبيعية على النحو الأمثل، يتعيّن أن تتوسع الصين -كذلك- في قطاعات معالجة تلك العناصر وتنقيتها، وتحسين كفاءة استعمال الموارد، وتعزيز الميزة التكنولوجية للمشروعات ذات الصلة”، في تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

6 أهداف

مثّلت الصين ما يتراوح بين 80% و90% من إنتاج المعادن الأرضية النادرة عالميًا في أوائل العقد الأول من الألفية الحالية، غير أن تلك الهيمنة تضاءلت إلى نحو 70% بحلول العام الماضي (2023)، وسط زيادة عالمية في إمدادات المعادن الأرضية، بحسب هيئة المسح الجيولوجي.

وتأسّست شركة تشاينا رير إيرث غروب في عام 2021 في أعقاب دمج وحدات تابعة لـ3 شركات حكومية، وهو ما عده محللو الصناعة بأنه خُطوة مهمة نحو تعزيز هيمنة الصين على سوق إنتاج المعادن الأرضية النادرة العالمية.

وقالت الشركة: “ستعزّز المجموعة مهمتها الرئيسة في حماية أمن موارد المعادن الأرضية النادرة، مع التركيز على 6 أهداف رئيسة بشأن تلك المعادن النادرة ممثلةً في التوسع في نطاق استغلال الموارد، وزيادة الاحتياطيات، وتعزيز الإنتاج، واستقرار العرض، وخفض التكاليف وضمان الأمن”.

وخلال أغسطس/آب (2024) حدّدت وزارتا الصناعة وتكنولوجيا المعلومات والموارد الطبيعية بصفة مشتركة الحد الأقصى للدفعة الثانية من إنتاج تعدين المعادن النادرة خلال العام الحالي (2024) عند 135 ألف طن، والصهر عند 127 ألف طن، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويلامس إنتاج الدفعتين الأولى والثاني هذا العام 270 ألف طن و245 ألف طن من المعادن الأرضية النادرة على الترتيب، ما يمثّل زيادةً على أساس سنوي نسبتها 5.9% و4.2% على التوالي، من الدفعتين المناظرتين من الحصص التي كُشِف عنها خلال العام الماضي (2023).

ووفق تقديرات هيئة الجمارك الصينية، صعدت صادرات الصين من المعادن النادرة خلال الأشهر الـ8 الأولى من عام 2024، بنسبة 6.4% على أساس سنوي، لتصل إلى 38 ألفًا و755 طنًا، في حين هبطت قيمة الصادرات ذاتها بنسبة 40.2% إلى 341.2 مليون دولار.


Source link مرتبط

المصدر: الميدان اليمني

كلمات دلالية: المعادن الأرضیة النادرة الولایات المتحدة المعادن النادرة من المعادن الصین على نادرة فی ملیون طن فی الصین ألف طن

إقرأ أيضاً:

الصين تقيم دعوى قضائية لدى منظمة التجارة العالمية بسبب التعريفات الأمريكية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلنت وزارة التجارة الصينية، اليوم الجمعة، إقامة دعوى قضائية ضد الولايات المتحدة أمام آلية تسوية المنازعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية عقب أحدث زيادة في التعريفات الجمركية الأمريكية.

وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت أمس عن زيادة إضافية في ما يسمى "التعريفات الجمركية المتبادلة" المفروضة على المنتجات الصينية.
وقال متحدث باسم الوزارة - في تصريح أوردته وكالة الأنباء الصينية (شينخوا) - إن إجراءات التعريفات الجمركية الأمريكية تعد نموذجا للتنمر والقسر من جانب واحد، إذ أنها تمثل انتهاكا صارخا لقواعد منظمة التجارة العالمية، وتقوّض بشدة النظام التجاري متعدد الأطراف القائم على القواعد، فضلا عن أنها تقوّض النظام الدولي للاقتصاد والتجارة.

وأضاف أن الصين ستحمي حقوقها ومصالحها المشروعة بكل صرامة، وستتمسك بحزم بالنظام التجاري متعدد الأطراف والنظام الدولي للاقتصاد والتجارة.
وأوضح المتحدث أن الصين تحث الجانب الأمريكي على تصحيح أخطائه على الفور، وإلغاء جميع الإجراءات الجمركية أحادية الجانب المفروضة على الصين.

من جهتها أكدت وزارة الخارجية الصينية، أنه إذا كانت الولايات المتحدة ترغب حقا في حل القضايا من خلال الحوار والتفاوض، فيجب عليها أن تتوقف عن تكتيكات "الضغط الأقصى" و"أفعالها المتهورة".

وقال "لين جيان"، المتحدث باسم الوزارة - خلال مؤتمر صحفي، أوردته وكالة الأنباء الصينية (شينخوا)، اليوم الجمعة، إن بلاده أوضحت موقفها الرسمي بشأن قضية التعريفات الجمركية مرات عديدة، وأنه لا يوجد رابح في حروب جمركية أو حروب تجارية. والصين لا ترغب في خوض مثل هذه الحروب، لكنها لا تخشى خوضها.

وأكد جيان، أن أي حوار يجب أن يقوم على أساس المساواة والاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة، مشيرا إلى أنه إذا أصرت الولايات المتحدة على تصعيد الحروب الجمركية والحروب التجارية، فإن الصين سترد بحزم على هذا التحدي حتى النهاية.

وقال المتحدث إن الإجراءات المضادة التي تتخذها الصين، بصفتها دولة مسؤولة، ضد تكتيكات التنمر الأمريكية، لا تهدف فقط إلى حماية حقوقها ومصالحها المشروعة، بل تهدف أيضا إلى التمسك بالقواعد والنظام الدوليين وحماية المصالح المشتركة لجميع الدول، والدفاع عن النزاهة والعدالة على الصعيد العالمي.
وأضاف أنه في مواجهة الهيمنة والقسر الأمريكيين، لا يُعدّ التنازل والتسوية خيارين قابلين للتطبيق.
 

مقالات مشابهة

  • الصين تعلق تصدير معادن مهمة إلى الولايات المتحدة والعالم مع تصاعد الحرب التجارية
  • اتفاقية المعادن النادرة.. هكذا تسعى واشنطن لإخضاع أوكرانيا
  • فايننشال تايمز: ترامب يخطط لتخزين معادن المحيط الهادي لمواجهة الصين
  • ترامب يخطط لتخزين معادن المحيط الهادي لمواجهة الصين
  • بدء محادثات بين أميركا وأوكرانيا بشأن المعادن النادرة
  • من هي أبرز الشركات العالمية التي تصنّع في الصين؟
  • ضربة قاضية لـحلم ترامب .. الصين تفرض قيود صارمة على المعادن النادرة
  • اكتشاف أحفورة عمرها 160 مليون عام في الصين تعكس سر تطور الطفيليات
  • الصين تقيم دعوى قضائية لدى منظمة التجارة العالمية بسبب التعريفات الأمريكية
  • الصين بين طموحات الطاقة النظيفة وإشكالية الفحم والمعادن النادرة