عربي21:
2025-01-23@09:41:01 GMT

العراقيّون والشحن الطائفيّ!

تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT

تُنافس معضلة "الطائفيّة" محنة "الإرهاب" من حيث الخطورة والأهمّيّة والتأثير؛ وذلك كون "الطائفيّة" تَشحن التعايش السلميّ والمجتمعيّ بالشحنات الهمجية وبالنتيجة يُقْتَل الإنسان إمّا بنيران طائفيّة، أو بهضم الحقوق والظلم في أغلب المجالات، وبموازاة ذلك فإنّ "الإرهاب" يَقْتل الناس بالأسلحة المختلفة، أو الشعارات الطائفيّة والمذهبيّة!

واقعيّا هنالك الطائفيّة الدينيّة والسياسيّة والفكريّة والسياحيّة وغيرها.

ورغم أنّ الطائفيّة بجميع أنواعها من الآفات الضاربة للتعايش والسلم والتلاحم، إلا أنّ "الطائفيّة المذهبيّة والفكريّة" القائمة بين أبناء الدين الواحد، السّنّة والشّيعة، الصوفيّة والسلفيّة، وبقيّة التفرّعات المتباينة، تُعدّ من أبشع أنواع الطائفيّة وأصعبها!

وتعتبر "الطائفيّة الإعلاميّة" حاليّا، من أفظع الأنواع لأنّها قطعا ستكون حائلا دون نشر الوعي، وتطبيق العدالة والمساواة، والتوزيع العادل للثروات، وتساوي فرص العمل بين المواطنين!

لنتّفق بداية على أنّ "الخلافات المذهبيّة العلميّة" شيء، وتطبيقها على الأرض شيء آخر، وقد ابتلي العراق بعد العام 2003 بنيران الطائفيّة السّنّيّة- الشيعيّة وتداعياتها التي سحقت عشرات آلاف البشر!

ومَن يُتابع الشؤون العراقيّة سيُصاب، مع الأسف، بالإحباط الشديد بسبب موجة "الطائفيّة الجديدة" التي توقعنا أنّها انتهت بعد ثورة تشرين الأوّل/ أكتوبر 2019، لكن يبدو أنّها، ومنذ عامين تقريبا، تنامت بشكل مخيف، ولدرجة لا يمكن تغافلها، وهذا يتطلّب العمل الحثيث لمعالجتها والتصدّي لها قبل أن تكون الشرارة لنار هائلة قد تحرق الجميع!

والطائفيّة المُتجدّدة هي "الطائفيّة المذهبيّة" وما تَتضمّنه من التهكم بالمعتقدات، والتلاعب بأسس الدين الإسلاميّ الحنيف، والذمّ لرموز الأمّة ولأمّهات المؤمنين، وغيرها من صور القدح بالأحكام والثوابت الإسلاميّة!

ويمكن تحديد أبرز مراكز الشحن الطائفيّ، ومنها الخطابات الدينيّة المنحرفة، والبرامج السياسيّة والإعلاميّة الحاقدة والهادفة للتغطية على الفشل، وكذلك الجهل في أبسط أبجدّيات الدين الإسلاميّ!

ولاحظنا أنّ "الطائفيّة المذهبيّة" كانت السدّ الأمين والمتين والمتراس الذي لا يُقهر في إيقاف الملاحقات القانونيّة للقتلة والمجرمين والإرهابيّين، وليس لسرّاق المال العامّ فقط! فلا غرابة إن قلنا بأنّ الطائفيّة السياسيّة والقانونيّة هي الخيمة الحاضنة للفساد والإفساد في البلاد!

والطائفيّة المذهبيّة هي المعول الأقوى في كسر إرادة إطلاق منظومة محاسبة السرّاق والمتلاعبين بقوت الناس! وقد سمعنا بتسريبات صوتيّة مؤخّرا تتضمّن بعض الرشاوى الماليّة التي لا يمكن تصديق مقدارها، وهي تقرب من 600 مليون دولار "تُهدى" لشخص واحد من المالكين للسلطات السياسيّة والقضائيّة!

وتغول الطائفيّة في الميادين العراقيّة قد تدفع بعض المالكين للسلطة والسلاح أن يحرقوا الأخضر واليابس للهروب من المساءلة والمحاسبات الماليّة والقانونيّة، وهذا مطبّ خطير يمكن أن يهلك الحرث والنسل!

والطائفيّة السياسيّة تنظر بعين "البطولة والشجاعة" للطائفيّين من أبناء مكون أصحاب القوّة السياسيّة والنفوذ، وبعين "الإرهاب والرعونة" للمطالبين بحقوقهم صراحة أو تلميحا من أبناء الكيانات الدينيّة الأخرى!

وبهذه الازدواجية يساهمون في إحياء أحقاد أو أخطاء الماضي التي نحن في غنى عنها، ويفترض، عقلا ومنطقا، أن ننشغل بواقعنا المليء بالكوارث والآفات المهلكة! ولهذا يسعى أعداء العراق لتعميق الخلافات المذهبيّة الطائفيّة كونهم يجدونها بابا واسعا لاستمرار تحقيق سياساتهم الخبيثة في المنطقة عموما، والعراق خصوصا!

ومن هنا نلاحظ زيارات بعض السفراء والمسؤولين الأجانب لمدن ذات دلالات دينيّة وتصريحاتهم المؤيدة لطرف من "المعادلة المذهبيّة"! وقد تساءلت سابقا إن كانوا فعلا يُجِلّون قادة الأمّة الإسلاميّة ورموزها، فلماذا لا يُعْلنون إسلامهم، أم هي مجرّد رسائل ظاهرها الحبّ والتواضع والاعتزاز، وباطنها الكراهيّة والتعالي والتهكّم؟!

والغريب أنّ بعض "اللا دينيّين" حينما ينحصرون في زوايا قانونيّة أو إعلاميّة أو ثقافيّة يُعلنون تعصّبهم المذهبيّ الطائفيّ! فهل هذه الظاهرة خاصة باللا دينيّين العراقيّين أم هي حالة عامّة؟

والحقيقة إن كان الشحن الطائفيّ من الجهلة والمتخلّفين والذين لا يعرفون كوعهم من بوعهم فيمكن التغاضي عنه وعدم الالتفات إليه، لكن حينما يكون من "النخب" السياسيّة والثقافيّة والعلميّة والفكريّة فلا يمكن تجاوزه وغضّ الطرف عنه؛ كون الأمر يعني وجود معضلة متجذرة أو متنامية بمرور الزمن بين المواطنين!

إنّ التعالي على الواقع وخداع النفس بأنّ "الطائفيّة" في العراق ضعيفة، فهذا الكلام يُعدّ مساهمة جادّة في تغذية الفتنة، ومساهمة ماكرة للتستّر على العيوب المجتمعيّة القاتلة، ومنها "الطائفيّة الدينيّة المذهبيّة"!

ومن هنا علينا أن نفي هذا الموضوع الحسّاس حقّه من التدبّر والبحث عن الحلول الناجعة، وإلا فإنّنا جميعا سنكتوي بنيرانه الضخمة التي ستأتي على البنيان من أساسه!

وقد يقول قائل: وهل يمكن معالجة الطائفيّة رغم الدعوى بأنّها متجذرة، ويصعب الوقوف أمامها؟

أظنّ أنّ القوّة العادلة، والقوانين الرادعة، والوعي المجتمعيّ، والخطابات الإعلاميّة الجامعة والدينيّة الحكيمة يمكنها، مجتمعة، أن تساهم في علاج هذه المعضلة، وتقليل آثارها على الفرد والمجتمع والوطن!

ولكن أعتقد أنّ القضاء لوحده لا يمكنه محاربة الطائفيّة، وبالتالي يفترض معالجة ومحاربة منابع "الطائفيّة السياسيّة" التي تُغذّي الجمهور والحياة السياسيّة على حدّ سواء، وبعدها قد تنجح برامج بثّ روح التعايش والترابط والتلاحم المجتمعيّ!

لنتكاتف لتخليص العراق من "الطائفيّة المذهبيّة" المتنامية قبل أن نصل لمرحلة الانفجار الذي سيطال القريب والبعيد!

x.com/dr_jasemj67

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العراق العراق الفساد الطائفية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ة السیاسی ة الدینی ة لا یمکن

إقرأ أيضاً:

القادري لـ سانا: ندعو جميع الكوادر التعليمية إلى وضع أنفسهم تحت تصرف مديرياتهم الأصلية التي هم على ملاكها، كما يمكن للراغبين بالنقل تقديم طلباتهم عند فتح باب النقل قريباً، بما يضمن تنظيماً قانونياً وإحصائيات دقيقة

2025-01-23sanaسابق القادري لـ سانا: قررنا إلغاء العمل بنظام تحديد مركز العمل لضمان الالتزام بالقوانين وتنظيم العملية بشكل سليم انظر ايضاًالقادري لـ سانا: قررنا إلغاء العمل بنظام تحديد مركز العمل لضمان الالتزام بالقوانين وتنظيم العملية بشكل سليم

آخر الأخبار 2025-01-23وزير التربية والتعليم نذير القادري في تصريحٍ لـ سانا: بعد التقييمات التي أجرتها اللجان الوزارية، تبين وجود حوالي 23 ألف معلم غير ملتزمين بمراكز عملهم المحددة سابقاً، وهو إجراء غير قانوني 2025-01-23وصول أول طائرة ركاب تركية إلى مطار دمشق الدولي بعد انقطاع دام نحو 13 عاماً 2025-01-23بعد توقف 13 عاماً… انطلاق أول رحلة جوية من تركيا إلى سوريا 2025-01-23تركيا تجدد دعمها لسوريا في ضمان سيادتها ووحدة وسلامة أراضيها 2025-01-23وصول طائرتي مساعدات قطرية وسعودية إلى مطار دمشق الدولي 2025-01-23التعليم العالي تعدل التقويم الجامعي للتعليم المفتوح… وبدء الامتحانات 16 ‏آذار القادم ‏ 2025-01-23وزارة الإعلام تدين اغتيال مصور سانا إبراهيم عجاج 2025-01-22جلسة حوارية لعدد من الإعلاميين مع وزير الدفاع 2025-01-22التربية والتعليم: اعتماد نتائج الفصل الدراسي الثاني فقط في تحديد نجاح ‏ورسوب الطلاب في محافظتي الرقة والحسكة للعام الحالي 2025-01-22الاتحاد الأوروبي: نأمل بالتوصل لاتفاق سياسي بشأن تخفيف العقوبات على سوريا

صور من سورية منوعات تيك توك تستأنف خدماتها في الولايات المتحدة بفضل ترامب 2025-01-20 الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية إلى الفضاء 2024-12-05فرص عمل الخارجية تعلن برنامج اختبارات المرحلة الرابعة في مسابقتها لتعيين عاملين ‏دبلوماسيين 2024-12-05 الخارجية تعلن أسماء المقبولين للاشتراك في المرحلة الرابعة في مسابقتها لتعيين عاملين دبلوماسيين 2024-12-03حدث في مثل هذا اليوم 2024-12-077 كانون الأول-اليوم العالمي للطيران المدني 2024-12-066 كانون الأول 2004- اقتحام القنصلية الأمريكية في جدة بالمملكة العربية السعودية 2024-12-05 5 كانون الأول – اليوم الوطني في تايلاند 2024-12-033 كانون الأول 1621- عالم الفلك الإيطالي جاليليو جاليلي يخترع التلسكوب الخاص به 2024-12-022 كانون الأول- اليوم الوطني في الإمارات العربية المتحدة 2024-12-011 كانون الأول 1942 – إمبراطور اليابان هيروهيتو يوقع على قرار إعلان الحرب على الولايات المتحدة
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • القادري لـ سانا: ندعو جميع الكوادر التعليمية إلى وضع أنفسهم تحت تصرف مديرياتهم الأصلية التي هم على ملاكها، كما يمكن للراغبين بالنقل تقديم طلباتهم عند فتح باب النقل قريباً، بما يضمن تنظيماً قانونياً وإحصائيات دقيقة
  • وزير الخارجية العراقي يدعو الشركات البرتغالية إلى الإسهام في مشاريع إعادة الإعمار بالعراق
  • قراءة لدبلوماسية بغداد..جواز السفر العراقي نحو العالمية
  • ميقاتي استقبل وفدا من اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء العراقي للاشراف على تقديم مساعدات عاجلة الى اللبنانيين
  • رغم إقرار القضاء العراقي.. هل ستظل مذكرة القبض ضد ترامب حبر على ورق؟
  • رغم إقرار القضاء العراقي.. هل ستظل مذكرة القبض ضد ترامب حبر على ورق؟- عاجل
  • نائب جمهوري: ترامب سيصلح الوضع العراقي وتخليصه من إيران
  • رئيس الوزراء العراقي لـ ترامب: لن نسمح بالتدخل في شئوننا
  • الطباطبائي: القرار العراقي ” مستقل “عن إيران!
  • بري عرض مع وكيل وزارة التجارة العراقي برامج المساعدات والأوضاع بين البلدين