عربي21:
2024-09-21@01:19:23 GMT

العراقيّون والشحن الطائفيّ!

تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT

تُنافس معضلة "الطائفيّة" محنة "الإرهاب" من حيث الخطورة والأهمّيّة والتأثير؛ وذلك كون "الطائفيّة" تَشحن التعايش السلميّ والمجتمعيّ بالشحنات الهمجية وبالنتيجة يُقْتَل الإنسان إمّا بنيران طائفيّة، أو بهضم الحقوق والظلم في أغلب المجالات، وبموازاة ذلك فإنّ "الإرهاب" يَقْتل الناس بالأسلحة المختلفة، أو الشعارات الطائفيّة والمذهبيّة!

واقعيّا هنالك الطائفيّة الدينيّة والسياسيّة والفكريّة والسياحيّة وغيرها.

ورغم أنّ الطائفيّة بجميع أنواعها من الآفات الضاربة للتعايش والسلم والتلاحم، إلا أنّ "الطائفيّة المذهبيّة والفكريّة" القائمة بين أبناء الدين الواحد، السّنّة والشّيعة، الصوفيّة والسلفيّة، وبقيّة التفرّعات المتباينة، تُعدّ من أبشع أنواع الطائفيّة وأصعبها!

وتعتبر "الطائفيّة الإعلاميّة" حاليّا، من أفظع الأنواع لأنّها قطعا ستكون حائلا دون نشر الوعي، وتطبيق العدالة والمساواة، والتوزيع العادل للثروات، وتساوي فرص العمل بين المواطنين!

لنتّفق بداية على أنّ "الخلافات المذهبيّة العلميّة" شيء، وتطبيقها على الأرض شيء آخر، وقد ابتلي العراق بعد العام 2003 بنيران الطائفيّة السّنّيّة- الشيعيّة وتداعياتها التي سحقت عشرات آلاف البشر!

ومَن يُتابع الشؤون العراقيّة سيُصاب، مع الأسف، بالإحباط الشديد بسبب موجة "الطائفيّة الجديدة" التي توقعنا أنّها انتهت بعد ثورة تشرين الأوّل/ أكتوبر 2019، لكن يبدو أنّها، ومنذ عامين تقريبا، تنامت بشكل مخيف، ولدرجة لا يمكن تغافلها، وهذا يتطلّب العمل الحثيث لمعالجتها والتصدّي لها قبل أن تكون الشرارة لنار هائلة قد تحرق الجميع!

والطائفيّة المُتجدّدة هي "الطائفيّة المذهبيّة" وما تَتضمّنه من التهكم بالمعتقدات، والتلاعب بأسس الدين الإسلاميّ الحنيف، والذمّ لرموز الأمّة ولأمّهات المؤمنين، وغيرها من صور القدح بالأحكام والثوابت الإسلاميّة!

ويمكن تحديد أبرز مراكز الشحن الطائفيّ، ومنها الخطابات الدينيّة المنحرفة، والبرامج السياسيّة والإعلاميّة الحاقدة والهادفة للتغطية على الفشل، وكذلك الجهل في أبسط أبجدّيات الدين الإسلاميّ!

ولاحظنا أنّ "الطائفيّة المذهبيّة" كانت السدّ الأمين والمتين والمتراس الذي لا يُقهر في إيقاف الملاحقات القانونيّة للقتلة والمجرمين والإرهابيّين، وليس لسرّاق المال العامّ فقط! فلا غرابة إن قلنا بأنّ الطائفيّة السياسيّة والقانونيّة هي الخيمة الحاضنة للفساد والإفساد في البلاد!

والطائفيّة المذهبيّة هي المعول الأقوى في كسر إرادة إطلاق منظومة محاسبة السرّاق والمتلاعبين بقوت الناس! وقد سمعنا بتسريبات صوتيّة مؤخّرا تتضمّن بعض الرشاوى الماليّة التي لا يمكن تصديق مقدارها، وهي تقرب من 600 مليون دولار "تُهدى" لشخص واحد من المالكين للسلطات السياسيّة والقضائيّة!

وتغول الطائفيّة في الميادين العراقيّة قد تدفع بعض المالكين للسلطة والسلاح أن يحرقوا الأخضر واليابس للهروب من المساءلة والمحاسبات الماليّة والقانونيّة، وهذا مطبّ خطير يمكن أن يهلك الحرث والنسل!

والطائفيّة السياسيّة تنظر بعين "البطولة والشجاعة" للطائفيّين من أبناء مكون أصحاب القوّة السياسيّة والنفوذ، وبعين "الإرهاب والرعونة" للمطالبين بحقوقهم صراحة أو تلميحا من أبناء الكيانات الدينيّة الأخرى!

وبهذه الازدواجية يساهمون في إحياء أحقاد أو أخطاء الماضي التي نحن في غنى عنها، ويفترض، عقلا ومنطقا، أن ننشغل بواقعنا المليء بالكوارث والآفات المهلكة! ولهذا يسعى أعداء العراق لتعميق الخلافات المذهبيّة الطائفيّة كونهم يجدونها بابا واسعا لاستمرار تحقيق سياساتهم الخبيثة في المنطقة عموما، والعراق خصوصا!

ومن هنا نلاحظ زيارات بعض السفراء والمسؤولين الأجانب لمدن ذات دلالات دينيّة وتصريحاتهم المؤيدة لطرف من "المعادلة المذهبيّة"! وقد تساءلت سابقا إن كانوا فعلا يُجِلّون قادة الأمّة الإسلاميّة ورموزها، فلماذا لا يُعْلنون إسلامهم، أم هي مجرّد رسائل ظاهرها الحبّ والتواضع والاعتزاز، وباطنها الكراهيّة والتعالي والتهكّم؟!

والغريب أنّ بعض "اللا دينيّين" حينما ينحصرون في زوايا قانونيّة أو إعلاميّة أو ثقافيّة يُعلنون تعصّبهم المذهبيّ الطائفيّ! فهل هذه الظاهرة خاصة باللا دينيّين العراقيّين أم هي حالة عامّة؟

والحقيقة إن كان الشحن الطائفيّ من الجهلة والمتخلّفين والذين لا يعرفون كوعهم من بوعهم فيمكن التغاضي عنه وعدم الالتفات إليه، لكن حينما يكون من "النخب" السياسيّة والثقافيّة والعلميّة والفكريّة فلا يمكن تجاوزه وغضّ الطرف عنه؛ كون الأمر يعني وجود معضلة متجذرة أو متنامية بمرور الزمن بين المواطنين!

إنّ التعالي على الواقع وخداع النفس بأنّ "الطائفيّة" في العراق ضعيفة، فهذا الكلام يُعدّ مساهمة جادّة في تغذية الفتنة، ومساهمة ماكرة للتستّر على العيوب المجتمعيّة القاتلة، ومنها "الطائفيّة الدينيّة المذهبيّة"!

ومن هنا علينا أن نفي هذا الموضوع الحسّاس حقّه من التدبّر والبحث عن الحلول الناجعة، وإلا فإنّنا جميعا سنكتوي بنيرانه الضخمة التي ستأتي على البنيان من أساسه!

وقد يقول قائل: وهل يمكن معالجة الطائفيّة رغم الدعوى بأنّها متجذرة، ويصعب الوقوف أمامها؟

أظنّ أنّ القوّة العادلة، والقوانين الرادعة، والوعي المجتمعيّ، والخطابات الإعلاميّة الجامعة والدينيّة الحكيمة يمكنها، مجتمعة، أن تساهم في علاج هذه المعضلة، وتقليل آثارها على الفرد والمجتمع والوطن!

ولكن أعتقد أنّ القضاء لوحده لا يمكنه محاربة الطائفيّة، وبالتالي يفترض معالجة ومحاربة منابع "الطائفيّة السياسيّة" التي تُغذّي الجمهور والحياة السياسيّة على حدّ سواء، وبعدها قد تنجح برامج بثّ روح التعايش والترابط والتلاحم المجتمعيّ!

لنتكاتف لتخليص العراق من "الطائفيّة المذهبيّة" المتنامية قبل أن نصل لمرحلة الانفجار الذي سيطال القريب والبعيد!

x.com/dr_jasemj67

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العراق العراق الفساد الطائفية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ة السیاسی ة الدینی ة لا یمکن

إقرأ أيضاً:

تراث صوفي وفلكلور مصري للإنشاد الديني بأوبرا الإسكندرية.. غدًا

 تنظم دار الأوبرا برئاسة الدكتورة لمياء زايد إحياءً لذكرى المولد النبوى الشريف احتفالية لفرقة الإنشاد الدينى وذلك فى الثامنة والنصف مساء يومى الخميس ١٩ سبتمبر على مسرح أوبرا الإسكندرية والسبت ٢١ سبتمبر على مسرح أوبرا دمنهور.


وتضم أعطر الابتهالات والأناشيد الروحانية منها ولد الهدى و إنى أحب محمداً لحسام صقر ، المسك فاح ،الليلة حلوة ،صلوا على من ذكر الله والنبى غالي من الفلكلور المصرى، يا أيها النبى والنبي صلوا عليه من التراث الصوفى ، ظهر الدين المؤيد لـ صبرى مدلل ، يوم ميلادك يا نبينا لـ أحمد صدقى ، ما شممت الورد لـ عبد الله البياتى ، التعطيرة لـ شيخ على محمود ، سلام على النبى لـ عبد المنعم الحريرى ، الشمعتين ومدد يا رسول الله لـ عبد العظيم عبد الحق ، بحبك وبريدك لـ عباس الديب ، نور النبي هل علينا لـ محمد الكحلاوى ، وختاماً أسماء الله الحسنى للـشيخ سيد مكاوى أداء فارس عبد العال، محمد نشأت، أحمد حسن، محمد حسين، حسام صالح، بلال مختار، وائل سراج، حاتم زايد إعداد وتحفيظ حسام صقر.


جدير بالذكر أن فرقة الإنشاد الدينى قد تأسست على يد الموسيقار الراحل عبدالحليم نويرة فى عام 1972 وبدأت أولى حفلاتها بقيادته عام 1973 بهدف الحفاظ على التراث الغنائى الدينى، وتخصصت فى تقديم الأعمال والألحان الدينية وتدريب وتبنى الأصوات الشابة الواعدة على الأناشيد والابتهالات الدينية حيث شاركت فى إحياء جميع المناسبات الدينية على مدار العام على مسارح دار الأوبرا المختلفة بالقاهرة والإسكندرية ودمنهور.

مقالات مشابهة

  • الطيران العراقي يستهدف 6 إرهابيين بينهم قيادي في “داعش” في كركوك
  • نائب يدعو إلى ” تنويع” أسلحة الجيش العراقي
  • تعزيز التعاون الديني بين الإمارات وموريتانيا
  • وزير تركي: خطط طريق التنمية العراقي اكتملت
  • المستشار خالد گبيان يلتقي السفير العراقي في الكويت
  • الرئيس العراقي اتّصل بميقاتي.. وأدان الاعتداء الذي تعرّض له لبنان
  • انطلاق منتدى رجال الأعمال العراقي-الأذربيجاني في العاصمة باكو
  • تراث صوفي وفلكلور مصري للإنشاد الديني بأوبرا الإسكندرية.. غدًا
  • مولوي في اتصال مع نظيره العراقي: للتكاتف في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان