«الأسبوع» تحاور مساعد وزير الخارجية الأسبق: حرب الظل تتفجر بين لبنان وغزة.. ومصر تتحرك لحماية الأمن القومي العربي من الانفجار
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
الأوضاع الإقليمية.. في ظل تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط واشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل، حدثت تطورات غير مسبوقة في الآونة الأخيرة، أبرزها سلسلة الانفجارات التي استهدفت أجهزة "البيجر" التي يستخدمها عناصر حزب الله. هذه الهجمات أثارت تساؤلات عديدة حول خطط إسرائيل العسكرية والمخابراتية، ومدى تأثير هذه التفجيرات على الحزب في لبنان وعلى المستوى الإقليمي.
وأجرت «الأسبوع» حوارًا خاصًا مع السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، تحليلاً شاملاً للأحداث وتداعياتها على الوضع الأمني والسياسي في لبنان وغزة، والدور الإقليمي في احتواء التوترات.. وإليكم نص الحوار:
كيف تفسر سلسلة الانفجارات المتزامنة لأجهزة "البيجر" التي يستخدمها عناصر حزب الله؟هذه العملية تحمل بصمة مخابراتية بامتياز، ويبدو أن إسرائيل، بالتعاون مع جهات أجنبية، قد وضعت خطة دقيقة منذ عام 2022. يُعتقد أن مصنعًا وهميًا تم إنشاؤه في دول مثل المجر أو بلغاريا، بهدف تصنيع بطاريات تحتوي على مواد متفجرة خفية داخل أجهزة "البيجر". هذه الهجمات لم تستهدف مجموعة صغيرة من القيادات، بل كانت على نطاق واسع، مما يشير إلى خسارة كبيرة لحزب الله، كما وصفها الأمين العام للحزب حسن نصر الله.
انفجارات ضخمة ما مدى تأثير هذه التفجيرات على قدرة حزب الله على العمل والتواصل؟ وهل يمكن أن تؤدي إلى تغيير في استراتيجيته؟التأثير واضح وكبير، خصوصًا مع إصابة آلاف العناصر التي تلعب أدوارًا محورية في العمليات الطارئة للحزب. خسائر بشرية كبيرة وخسارة على المستوى الأمني، لكن الحزب يمتلك وسائل اتصال بديلة أكثر أمانًا يصعب على إسرائيل اختراقها. ومع ذلك، قد يلجأ حزب الله إلى طرق اتصال تقليدية كما تفعل المقاومة في غزة، مثل الاعتماد على الإشارات المباشرة. أما من ناحية الاستراتيجية، فإن الحزب لن يتراجع وفقًا لما أكده نصر الله، الذي أشار إلى أن المقاومة ستستمر رغم كل شيء.
هل يمكن اعتبار هذه الهجمات جزءًا من الحرب الإلكترونية بين إسرائيل وحزب الله؟ وهل يمكن أن تتكرر؟نعم، هذه الهجمات تندرج تحت الحرب الإلكترونية والتكتيكات المتطورة، لكن تكرارها أمر صعب. الأخطاء التي حدثت تكمن في عدم فحص الأجهزة بشكل كافٍ، والاستهانة بالمخاطر، وهذا ما أدى إلى الخسائر الكبيرة. بالتالي، لا أعتقد أن حزب الله سيقع في نفس الفخ مجددًا.
ما هي الرسائل التي تسعى إسرائيل لإيصالها من خلال هذه العملية؟إسرائيل ترى هذه الهجمات كفرصة سانحة لتقليص نفوذ حزب الله واستهداف بنيته التحتية، خاصة في ظل التوترات في غزة. تسعى إلى خلق حالة من الفوضى في شمال لبنان، وتحقيق أكبر قدر من الأمان للإسرائيليين في الشمال. الهدف الأساسي هو تحييد حزب الله لأطول فترة ممكنة.
قوات الجيش الإسرائيلي ما تداعيات هذه التفجيرات على الوضع الأمني والسياسي في لبنان؟ وهل يمكن أن تؤدي إلى تصعيد عسكري مع إسرائيل؟رغم خطورة الوضع، لا أعتقد أننا نتجه نحو حرب شاملة، لأن الأطراف الداعمة لحزب الله، مثل إيران، ليست مستعدة لخوض صراع شامل الآن. لبنان طلب عقد جلسة لمجلس الأمن لبحث الهجمات، لكن في النهاية، حزب الله جزء من التركيبة السياسية اللبنانية، وقد يكون التصعيد محدودًا.
هل تعتقد أن إسرائيل اخترقت سلاسل التوريد الخاصة بحزب الله؟ وكيف يمكن للحزب تعزيز أمنه السيبراني؟من الواضح أن إسرائيل اخترقت سلاسل التوريد من خلال إنشاء مصنع وهمي أو شركة وهمية، وتمكنت من إدخال البطاريات المفخخة إلى أجهزة "البيجر". لتعزيز أمنه السيبراني، يجب على حزب الله فحص الأجهزة بشكل دقيق قبل توزيعها، والاعتماد على مصادر موثوقة لتوريد المعدات الحساسة.
ما هي السيناريوهات المحتملة لرد حزب الله على هذه الهجمات؟ وهل من الممكن أن نشهد تصعيدًا عسكريًا قريبًا؟حزب الله سيحتاج إلى الرد للحفاظ على مصداقيته، خاصة بعد التصريحات القوية للأمين العام حسن نصر الله. لكن الرد قد يكون محدودًا ويقتصر على هجمات متفرقة، لأن الحزب يدرك أن التصعيد الكامل قد يؤدي إلى خسائر أكبر.
كيف ترى التطورات في غزة وما علاقة ذلك بالتوتر في لبنان؟إسرائيل نجحت في تحقيق أهدافها الرئيسية في غزة، حيث دمرت البنية التحتية وأوقعت خسائر بشرية كبيرة. الهجمات على غزة ولبنان مرتبطتان بشكل كبير، فإسرائيل تحاول الضغط على الأطراف الفلسطينية واللبنانية في نفس الوقت لتحقيق أهدافها الإستراتيجية.
ما هو الدور الذي تلعبه مصر وقطر في السعي لتحقيق تهدئة في غزة؟مصر تلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على أمنها القومي وحماية البوابة الشرقية. تحاول القاهرة بشكل مستمر التوسط لوقف إطلاق النار في غزة، في حين أن قطر تعمل على دعم المساعدات الإنسانية والوساطة الدبلوماسية. ولكن الحماية الأمريكية لإسرائيل تعرقل هذه الجهود بشكل كبير.
اقرأ أيضاًدبلوماسي سابق لـ«الأسبوع»: مصر تقود جهود التهدئة في غزة وتحافظ على استقرار المنطقة
خاص لـ«الأسبوع» - قصة الموت والخراب في غزة.. دبلوماسي سابق يفضح المخطط الإسرائيلي الشيطاني
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: منطقة الشرق الأوسط مساعد وزير الخارجية الأسبق الأمن القومي العربي وقف إطلاق النار في غزة عناصر حزب الله التطورات في غزة أجهزة البيجر السفير رخا أحمد حسن حرب الظل لبنان وغزة هذه الهجمات حزب الله فی لبنان فی غزة
إقرأ أيضاً:
ما هو مستقبل السياسة الخارجية لإيران بعد سقوط الأسد؟
تناول د. بهبودي نجاد، خبير مختص بالدراسات الشرق أوسطية والأوراسية، تداعيات سقوط نظام بشار الأسد على النفوذ الإقليمي لإيران، وكيف يعطل هذا التطور الاستراتيجيات الجيوسياسية لإيران، خاصة في سوريا، وتداعياته الأوسع على السياسة الخارجية الإيرانية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
التحولات في سوريا ستعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط
وقال الكاتب في مقاله بموقع "مودرن ديبلوماسي" الإلكتروني الأوروبي: "يمثل انهيار نظام الأسد خسارة عميقة لإيران، التي عدّت سوريا حليفاً محورياً منذ الثورة الإسلامية في عام 1979، وكانت علاقتهما متجذرة في العداء المتبادل تجاه صدام حسين وإسرائيل والولايات المتحدة، وكانت سوريا بمنزلة قناة رئيسة للدعم الإيراني لجماعة حزب الله، مما أدى إلى تعزيز ما يسمى "محور المقاومة" ضد إسرائيل".
ولعبت إيران دوراً حاسماً في دعم الأسد أثناء الثورة السورية من خلال تقديم المساعدات العسكرية والاقتصادية، ومع سقوط النظام، فقد العلويون - القاعدة الطائفية للأسد - نفوذهم السياسي.
وترك هذا إيران بدون حليف مهم في العالم العربي وعرضها لعداء متزايد من الفصائل القومية والإسلامية المهيمنة الآن في سوريا، مثل الجيش السوري الحر وهيئة تحرير الشام.
الخسائر الجيوسياسية لإيرانوأشار الكاتب إلى عدة انتكاسات جيوسياسية تعرضت لها إيران بعد إزاحة الأسد:
1. فقدان الطرق الاستراتيجية:كانت سوريا القناة الرئيسة للدعم العسكري واللوجستي الإيراني لحزب الله في لبنان. وبتعطيل هذا الطريق، يواجه حزب الله صعوبات في إعادة بناء قدراته بعد صراعه المطول مع إسرائيل.
The Future of Iran's Foreign Policy in the Complex Geopolitics of the Post-Assad Middle East - https://t.co/9XnrabBojk Future of Iran's Foreign Policy in the Complex G... pic.twitter.com/iZRANEMMWQ
— Modern Diplomacy (@MDiplomacyWORLD) January 7, 2025 2. ضعف الوجود الإقليمي:تضاءلت قدرة إيران على ممارسة النفوذ في سوريا وفرض قوتها ضد إسرائيل والولايات المتحدة بشكل كبير. وأصبحت جبهة مرتفعات الجولان وخطط تسليح الضفة الغربية عبر سوريا غير قابلة للتطبيق.
3. التهديدات من الحركات السُنّية:أصبحت سوريا ملاذاً للجماعات الجهادية السُنّية، وبعضها له علاقات أيديولوجية مع داعش والقاعدة. وقد تتسلل هذه الجماعات إلى العراق، مما يشكل مخاطر أمنية لكل من العراق وإيران.
القضية الكرديةقد تفكر إيران، في ظل نفوذها المتضائل، في تعزيز العلاقات مع الأكراد السوريين كوسيلة محتملة لإعادة ترسيخ موطئ قدم لها. إن "وحدات حماية الشعب الكردية" السورية متحالفة مع الولايات المتحدة وتعارضها تركيا التي تعدها امتداداً لـ "حزب العمال الكردستاني".
وفي حين أن تحالف الأكراد مع إيران قد يخدم المصالح المتبادلة، فإن اعتمادهم على التعاون السري يعكس الحذر بسبب ردود الفعل العنيفة المحتملة من الولايات المتحدة وإسرائيل.
ولفت الكاتب النظر إلى إمكانية تعامل إيران مع الحكام السُّنة الجدد لدمشق.
ومع ذلك، يواجه هذا النهج عقبات كبيرة. فقد أعربت مجموعات مثل "هيئة تحرير الشام" عن انفتاحها على التعاون مع الولايات المتحدة، مما يشير إلى توجه مؤيد لأمريكا، وهذا يقوض أي تقارب محتمل مع إيران، التي تظل خصماً قوياً للولايات المتحدة.
???????????????????? IRAN SEEKS ALLIES IN POST-ASSAD SYRIA
Following Assad's fall, Iran is racing to establish ties with Syria's new leadership to maintain influence and prevent a "hostile trajectory."
Tehran fears losing its foothold in the region, including Hezbollah's vital supply routes… https://t.co/NWTpl6oYo2 pic.twitter.com/JNyHIYG2ja
وقد تسعى إيران أيضاً إلى التحالف مع العلويين أو الشيعة السوريين. ومع ذلك، فإن هذه المجتمعات ضعيفة سياسياً، ويواجه العديد منها الاضطهاد في ظل النظام الجديد. وقد تلاشت إمكانية إنشاء كانتون علوي في المناطق الساحلية السورية، كما أن احتمال الهجرة الجماعية للعلويين يزيد من تعقيد خيارات إيران.
التأثيرات المتتالية في لبنان والعراقوأوضح الكاتب أنه قد يكون لانهيار نظام الأسد آثار متتالية على حلفاء إيران في لبنان والعراق: ففي لبنان؛ قد يواجه حزب الله، الذي أضعفته بالفعل صراعاته مع إسرائيل، تسلل الحركات السُنيّة من سوريا، وهو ما قد تستغله الولايات المتحدة وإسرائيل والفصائل المناهضة لحزب الله داخل لبنان لتقليص قوة حزب الله.
وفي العراق؛ قد تتدفق الجماعات الجهادية المتطرفة من سوريا، مما يشكل تحديات لـ "قوات الحشد الشعبي" والحكومة العراقية. وقد يؤدي الانسحاب الأمريكي المحتمل من العراق إلى تشجيع هذه الجماعات بشكل أكبر، مما يخلق تهديدات إضافية للجناح الغربي لإيران.
ونظراً لهذه التحديات، يقول الكاتب، تبدو قدرة إيران على استعادة النفوذ في سوريا محدودة. ويشير نجاد إلى أن الخيارات المتبقية أمام إيران تشمل تعزيز العلاقات السرية مع الأكراد السوريين وغيرهم من الفصائل للحفاظ على مستوى معين من النفوذ، فضلاً عن الاستفادة من التنافسات الإقليمية بين الفصائل السنية، لخلق فرص للمشاركة غير المباشرة.
ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجيات محفوفة بعدم اليقين. وتظل القوى الحاكمة في سوريا أكثر انسجاماً مع تركيا مما يترك مجالاً ضئيلاً للتدخل الأجنبي، وفق الكاتب.